عفاف الهدى
02-18-2008, 10:09 AM
تعريف النوم وبيان حقيقته
اعلم أن للنوم مراتب نذكرها قبل أن نشرع في تعريف النوم لانتفاع بها في المقام وزيادة تبصرة في الشروع:
قال الثعالبي في سر الأدب أول النوم النعاس وهو أن نحتاج إلى النوم ثم الوسن وهو ثقل النوم ثم الترنيق وهو مخالطة النعاس العين ثم الكرى والغمض وهو أن يكون الإنسان بين النائم واليقظان ثم الإغفاء وهو النّوم الخفيف ثم التهويم والعرار والتهجاع وهو النّوم القليل ثم الرّقاد وهو النوم الطويل ثم الهجود والهبوغ وهو النّوم الغَرِق ثم قال: وفسّر بعضهم النعاس بالسِّنَة وخص الرقود بالنّوم في اللّيل وينفيه قوله تعالى (وتحسبهمً أيقاظاً وهمْ رقودُ) إنتهى.
وقال المولى أبو الحسن بن محمد طاهر بن عبد الحميد ( ره ) لا يخفى أنّ النّوم يشتمل على الإستراحة وعلى الغفلة عن الخير والشّر ولهذا ورد ( النّاسُ نيامٌ فإذا ماتوا أنتبهوا ) وفي الحديث أنّه الموت الأصغر فعلى هذا ربّما أمكن تأويله مهما ناسب بالغفلة عن الولاية والدّين وعن شرور المنافقين أو بما يرجع إلى الإستراحة في هذه الوقعة ونحو ذلك إنتهى.
ثم اعلم انّه ليس للإرادة البشرية قدرة على دفع السّنة ومنع النّوم متى ما بدرت مقدماته لأنّه من الأمور القهرية الخارجة عن طريق قدرة المخلوقين ويدلّ على ذلك من الأخبار ما رواه ثقة الإسلام في الكافي والصدوق في التوحيد عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : ستة أشياء ليس للعباد فيها صنع المعرفة والجهل والرّضا والغضب والنوم واليقظة. وإذا عرفت ذلك نقول: قد فسرت حقيقة النوم بتعاريف مختلفة يحسن معرفتها ويجمل الإطّلاع عليها:
( أوّلها ) الأثر الناشئ من تصاعد الأبخرة إلى الدماغ وإحتباسها فيه وقد عبّر عنه بتعبيرات مختلفة:
( فمنها ) ما ذكره النكَري في الدستور حيث قال: النّوم حالة تعرض للحيوان من إسترخاء أعصاب الدّماغ من رطوبات الأبخرة المتصاعدة بحيث تقف الحواس الظاهرة عن الإحساس رأساً ثم قال وبعبارة أخرى هو حالة طبيعية تتعطل بها القوى بسبب ترقي البخارات.
( ومنها ) ما ذكره الطريحي في مجمعه حيث قال النّوم ريح تَقْدِمُ من أغشية الدماع فإذا وصل إلى العين فترتْ وإذا وصل إلى القلب نام.
( الثَّانِي ) الأثر الناشئ من الأخلاط البدنية وقد ذكره الفيومي بقوله النوم غشية ثقيلة تهجم على القلب فتقطعه عن المعرفة. وجرى على منواله الدكتور خليل الجرّ في معجمه حيث قال النّوم غشية ثقيلة تصيب البدن والعقل فتبطل عمل الحواس.
( الثَّالِث ) ما قيل من أنّه الموت الخفيف والموت النوم الثقيل وتصديق ذلك في كتاب الله العزيز قوله عزّ وجلّ (وهوَ الّذي يتوفّيكمْ بِالليلِ ويعلمُ ما جرحتمْ بالنّهارِ ثمَّ يبعثكمْ فيهِ) فجعل جلّ جلاله النّوم وفاةً واليقظة بعثاً وحياةً. والفرق بين قبض النوم وقبض الموت أنّ قبض النّوم يضادّ اليقظة وقبض الموت يضاد الحياة وقبض النّوم يكون الروح معه وقبض الموت يخرج الرّوح من البدن وأنّ الرؤيا للنائم صادقها وكاذبها عبارة عما تراه بعد خروجها من البدن كما سيأتي مزيد من التحقيق بشأنه.
( الرّابع ) ما قيل على ما حكاه الراغب في مفرادته : هو أن يتوفى الله النفس من غير موت ومثّل له بقوله عزّ وجلّ (اللهُ يتوفّى الأنفسَ) وهو قريب من الوجه الثالث كما لا يخفى إن لم يكن نفسه كما هو الأقرب.
( الخامِس ) ما حكى عن إبن مسكوية من أنّه تعطيل النّفس لبعض الآتها إِجماماً لها – أي لآلات الحس.
وقد ورد في جملة من الأخبار أنّ نوم الأنبياء والأئمة عليهم السّلام على خلاف سائر النّاس وأنّه تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم وهذا الأمر وإن كان لا يطابق ما عرفت إلاّ أنّه خارج عنه بالنص فتنبّه.
:amazed::smile1::sleep:
اعلم أن للنوم مراتب نذكرها قبل أن نشرع في تعريف النوم لانتفاع بها في المقام وزيادة تبصرة في الشروع:
قال الثعالبي في سر الأدب أول النوم النعاس وهو أن نحتاج إلى النوم ثم الوسن وهو ثقل النوم ثم الترنيق وهو مخالطة النعاس العين ثم الكرى والغمض وهو أن يكون الإنسان بين النائم واليقظان ثم الإغفاء وهو النّوم الخفيف ثم التهويم والعرار والتهجاع وهو النّوم القليل ثم الرّقاد وهو النوم الطويل ثم الهجود والهبوغ وهو النّوم الغَرِق ثم قال: وفسّر بعضهم النعاس بالسِّنَة وخص الرقود بالنّوم في اللّيل وينفيه قوله تعالى (وتحسبهمً أيقاظاً وهمْ رقودُ) إنتهى.
وقال المولى أبو الحسن بن محمد طاهر بن عبد الحميد ( ره ) لا يخفى أنّ النّوم يشتمل على الإستراحة وعلى الغفلة عن الخير والشّر ولهذا ورد ( النّاسُ نيامٌ فإذا ماتوا أنتبهوا ) وفي الحديث أنّه الموت الأصغر فعلى هذا ربّما أمكن تأويله مهما ناسب بالغفلة عن الولاية والدّين وعن شرور المنافقين أو بما يرجع إلى الإستراحة في هذه الوقعة ونحو ذلك إنتهى.
ثم اعلم انّه ليس للإرادة البشرية قدرة على دفع السّنة ومنع النّوم متى ما بدرت مقدماته لأنّه من الأمور القهرية الخارجة عن طريق قدرة المخلوقين ويدلّ على ذلك من الأخبار ما رواه ثقة الإسلام في الكافي والصدوق في التوحيد عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : ستة أشياء ليس للعباد فيها صنع المعرفة والجهل والرّضا والغضب والنوم واليقظة. وإذا عرفت ذلك نقول: قد فسرت حقيقة النوم بتعاريف مختلفة يحسن معرفتها ويجمل الإطّلاع عليها:
( أوّلها ) الأثر الناشئ من تصاعد الأبخرة إلى الدماغ وإحتباسها فيه وقد عبّر عنه بتعبيرات مختلفة:
( فمنها ) ما ذكره النكَري في الدستور حيث قال: النّوم حالة تعرض للحيوان من إسترخاء أعصاب الدّماغ من رطوبات الأبخرة المتصاعدة بحيث تقف الحواس الظاهرة عن الإحساس رأساً ثم قال وبعبارة أخرى هو حالة طبيعية تتعطل بها القوى بسبب ترقي البخارات.
( ومنها ) ما ذكره الطريحي في مجمعه حيث قال النّوم ريح تَقْدِمُ من أغشية الدماع فإذا وصل إلى العين فترتْ وإذا وصل إلى القلب نام.
( الثَّانِي ) الأثر الناشئ من الأخلاط البدنية وقد ذكره الفيومي بقوله النوم غشية ثقيلة تهجم على القلب فتقطعه عن المعرفة. وجرى على منواله الدكتور خليل الجرّ في معجمه حيث قال النّوم غشية ثقيلة تصيب البدن والعقل فتبطل عمل الحواس.
( الثَّالِث ) ما قيل من أنّه الموت الخفيف والموت النوم الثقيل وتصديق ذلك في كتاب الله العزيز قوله عزّ وجلّ (وهوَ الّذي يتوفّيكمْ بِالليلِ ويعلمُ ما جرحتمْ بالنّهارِ ثمَّ يبعثكمْ فيهِ) فجعل جلّ جلاله النّوم وفاةً واليقظة بعثاً وحياةً. والفرق بين قبض النوم وقبض الموت أنّ قبض النّوم يضادّ اليقظة وقبض الموت يضاد الحياة وقبض النّوم يكون الروح معه وقبض الموت يخرج الرّوح من البدن وأنّ الرؤيا للنائم صادقها وكاذبها عبارة عما تراه بعد خروجها من البدن كما سيأتي مزيد من التحقيق بشأنه.
( الرّابع ) ما قيل على ما حكاه الراغب في مفرادته : هو أن يتوفى الله النفس من غير موت ومثّل له بقوله عزّ وجلّ (اللهُ يتوفّى الأنفسَ) وهو قريب من الوجه الثالث كما لا يخفى إن لم يكن نفسه كما هو الأقرب.
( الخامِس ) ما حكى عن إبن مسكوية من أنّه تعطيل النّفس لبعض الآتها إِجماماً لها – أي لآلات الحس.
وقد ورد في جملة من الأخبار أنّ نوم الأنبياء والأئمة عليهم السّلام على خلاف سائر النّاس وأنّه تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم وهذا الأمر وإن كان لا يطابق ما عرفت إلاّ أنّه خارج عنه بالنص فتنبّه.
:amazed::smile1::sleep: