المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عشرون وصية لحضور مجالس الحسين



اريام الدلوعة
01-12-2008, 12:33 PM
http://www.openiu.com/upload/071007/79635466447081eacb7f6e.JPG



الشيخ المربي الفاضل / حبيب الكاظمي

إن كل حركة يقوم بها المؤمن، لا بد لها من فقهٍ ظاهري وباطني.. وواضح أن حضور مجالس عزاء سيد الشهداء عليه السلام يمثل إقامة لشعيرة من شعائر الدين الحنيف.. إذ لولا دمه الطاهر، لما بقي من الإسلام إلا اسمه، ومن القرآن إلا رسمه.. وهي من مصاديق إحياء الأمر الذي دعا الإمام الصادق عليه السلام لمن أحياه قائلاً : " رحم الله من أحيا أمرنا "..

ولا شك أن الحركة العاشورائية التي قام بها الحسين عليه السلام وصحبه من أبرز محطات التاريخ بحيث يمكن القول بأنها الثالثة بعد خلقة آدم من حيث أصل إقامة المشروع الإلهي المتمثل بجعل الخليفة في الأرض وبعد بعثة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم من حيث تأسيس الرسالة الخاتمة إلى يوم القيامة وكانت الثالثة حركة الحسين عليه السلام من حيث تجديد هذه الرسالة و تخليصها مما علق بها طوال نصف قرن من غياب صاحب الرسالة بحيث أصبح على رأس هرم المسلمين - وهو أعلى قمة في هيكلية الأمة الخاتمة - شخصية تعد في أسفل القائمة خارج نطاق هيكل الأمة ألا وهو يزيد الذي نجل ونكرم الإسلام والإنسانية أن يكون هو أحد أفرادها.. ومن هذا المنطلق، أحببنا التنويه على ملاحظات مهمة في هذا المجال وذلك لان عطاء هذه المواسم كعطاء الشمس، فهي واحدة في أصل العطاء، ومتعددة في أثارها الخارجية، بحسب القابليات، واختلاف درجات المستقبلين لهذا العطاء.. وإليكم بعض ما أنعم الله تعالى علينا من الملاحظات في هذا المجال :

(1) لا بد لأصحاب المجالس من أن يقصدوا القربة الخالصة لله تعالى فإن الناقد كما نعلم بصير، بعيدين عن كل صور الشرك الخفي، ومما لا شك فيه أن البركات التي ذكرت من خلال النصوص الكثيرة مترتبة على مثل هذه النية الخالصة، وعلامة ذلك عدم الاهتمام بعدد الحضور وإطرائهم وما يعود إلى مثل هذه العوالم التي قد تستهوي عامة الخلق، فالأجر مرتبط بما يقوم به هو، لا بما يقوم به الآخرون.. فما عليك إلا أن تفتح بابك، وتنشر بساطك، كما ذكر الصادق عليه السلام في باب المعاملة.

(2) أن مجالس ذكر الحسين عليه السلام إنما هي في واقعها ذكر لله تعالى، فإنه إنما اكتسب الخلود، بتحقيقه أعلى صور العبودية لرب العالمين، وهي الفداء بالنفس، وأية نفس ؟!.. وعليه فلابد من توقير تلك المجالس بالدخول فيها بالتسمية والطهور، واستحضارها كجامعة من اعرق الجامعات الإسلامية الشعبية، والتي تضم في قاعاتها المتعددة - من أكواخ البوادي إلى أفخم الأبنية - مختلف الطبقات الاجتماعية، وهذا أيضاً من أسباب التفوق العلمي في القاعدة الشعبية للموالين نسبة إلى غيرهم، وذلك لتعرضهم لهذا الإشعاع النوري منذ نعومة أظفارهم.

(3) لابد من الاستعداد النفسي قبل دخول المجلس، فيستحسن الاستغفار وذكر الله تعالى كثيراً، والصلوات على النبي وآله الطاهرين، والتهيؤ النفسي لنزول النفحات الإلهية في ذلك المكان، إذ ما من شك أن لله تعالى في أيام دهرنا نفحات، بحسب الأزمنة والأمكنة، ولا شك أن مجلس ذكر الإمام الشهيد في مضان نزول أنواع الرحمة الإلهية التي لا يمكن أن نحصل عليها في غير تلك المجالس، ولا يفوتنا أن ننوه إلى أن الإمام الرضا عليه السلام وعدنا بذلك من خلال قوله عليه السلام : " فإن البكاء عليه يحط الذنوب العظام ".

(4) إذا كان المجلس مقاماً في بيت من بيوت الله تعالى، فلا ننسى تحية المسجد بركعتين مع توجه، بالإضافة إلى مراعاة جميع آداب المساجد المعروفة في الفقه، وخاصة الالتزام بالحجاب الشرعي للنساء، وعدم اختلاط الرجال بالنساء في الطريق العام، فإن موجبات حبط الأجر موجودة دائمة، ولا ينبغي التعويل على قداسة الجو للتفريط ببعض الواجبات الواضحة فقها وأخلاقاً، ولطالما فوتنا على أنفسنا المكاسب الكبيرة بعد تحققها وذلك بالتفريط في التحرز من موانع القبول.

(5) ليكن الهدف من استماع الخطب، هو استخلاص النقاط العملية التي يمكن أن تغير مسيرة الفرد في الحياة، وعليه فانظر إلى ما يقال، ولا تنظر إلى من يقول، وعلى المستمع أن يفترض نفسه أنه هو المعني بالخطاب الذي يتوجه للعموم، ولا ينبغي نسيان هذه الحقيقة المتكررة في حياتنا وهى أن الله تعالى قد يجري معلومة ضرورية للفرد على لسان متكلم غير قاصد لما يقول، ولكن الله تعالى يجعل في ذلك خطابا لمن يريد أن يوقظه من غفلة من الغفلات القاتلة.

(6) لنحاول أن نعيش بأنفسنا الأجواء التي يمكن أن تثير عندنا الدمعة، فإن من أقرب المجالس إلى القبول ما كان في الخلوات كجوف الليل ومن دون إثارة خارجية، ليعيش العبد مرارة ما جرى يوم الطف تلك المرارة التي آلمت قلوب جميع الصديقين حتى الذين سمعوا بمأساة سيد الشهداء عليه السلام قبل أن يولد، وذلك باستذكار ما جرى في واقعة الطف، من دون الاعتماد على ما يذكره الخطيب فحسب.. ومن المعلوم أيضاً أن التوفيق في هذا المجال مرتبط بمطالعة إجمالية لمجمل هذه السيرة العطرة بما فيها الجانب المأساوي، وذلك من المصادر المعتبرة.

(7) إذا لم نوفق للبكاء، فلنحاول أن نتباكى، ونتظاهر بمظهر الحزن والتلهف على ما دهى سيد الشهداء عليه السلام مع عدم الاعتناء بالجالسين حولك، فإن من تلبيس أبليس أن يمنعنا من ذلك بدعوى الرياء.. وليس من الأدب أن يعامل المستمع ساعة النعي كساعة الوعظ حتى في طريقة الاستماع.. ولا يخفى على المتأمل أن رقة القلب حصيلة تفاعلات سابقة، فالذي لا يمتلك منهجاً تربويا لنفسه في حياته، من الطبيعي أن يعيش حالة الذهول الفكري إضافة إلى الجفاف العاطفي.

(8) إذا استمرت قسوة القلب طوال الموسم، فلنبحث عن العوامل الموجبة لهذا الخذلان، فقد ورد عن علي عليه السلام أنه قال : " ما جفت الدموع إلا لقسوة القلوب، وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب ".. وخاصة إذا استمرت هذه الحالة فترة من الزمن، فإنها مشعرة بعلاقة متوترة مع الغيب، إذ كيف لا يتألم الإنسان لما جرى على من يحب، إن كان هنالك حب في البين ؟!.. ولا شك أن الذي يعيش هذا الجفاف المحزن في وقت أحوج ما يكون فيه العبد إلى الرقة العاطفية عليه أن يلتجئ للاستغفار الحقيقي والذي أثره ترك المعصية، وكم من الجميل أن ينتهي موسم الولاية بخاتمة توحيدية بمعنى الإنابة إلى الله تعالى، وهذا بدوره مما سيجعل للمواسم العزائية وقعاً في نفوس الذين قد لا يتفاعلون مع هذه المشاعر في بادئ النظر.

(9) لنستغل ساعة الدعاء بعد انتهاء المجلس، فإنها من ساعات الاستجابة، وحاول أن يكون لك جو من الدعاء الخاص، غير مكتف بما دعا به الخطيب، فالملاحظ أن الدعاء بعد المجلس لا روح فيه بشكل عام، أي بمعنى أن الناس لا ينظرون إلى هذه الفقرة نظرة جد واعتناء، وكأن الحديث مع الرب المتعال أمر هامشي، لا يعطى له ما يستحقه من الالتفات والحال أنه من الممكن أن يحقق العبد حاجاته الكبرى بعد الدموع التي جرت على أحب الخلق إلى الله تعالى في زمانه.

(10) لنحاول أن نبحث عن التنوع في مجالس العزاء، إذ لكل مجلس هيئته الخاصة، ولكل خطيب تأثيره الخاص.. وعلى المستمع أن يبحث عن المجلس الذي يثير فيه العبرة والاعتبار، تاركاً كل الجهات الباطلة الأخرى : كإرضاء أصحاب المجالس، أو التعصب لجهات معينة، أو الميل القلبي الذي لا مبرر له سوى الارتياح الذاتي لا الرسالي.. ونعتقد أن نزول البركات المادية والمعنوية مرتبط بنسبة طردية مع هذه النوايا التي لا يعلمها إلا الله تعالى.

اريام الدلوعة
01-12-2008, 12:34 PM
(11) لنحاول أن نفرغ أنفسنا أيام عاشوراء من جهة : العمل والدراسة والتجارة وذلك إقامة للحداد على سبط النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي كان يؤذيه بكاؤه وهو صغير، وذلك لئلا يكون يومنا في يوم عاشوراء كباقي الأيام مشتغلين بأمور الدنيا، تاركين مشاطرة صاحب الأمر عليه السلام في مصيبته التي يبكى عليها بدل الدموع دماً.. والأمر يعطي ثماره عندما يكون ذلك مقترنا بشيء من المجاهدة في هذا المجال فإن أفضل الأعمال أحمزها أي أشقها على النفس.

(12) إذا كنت في بلد خال من مجالس الحسين عليه السلام فاستعن بالمسموعات والمرئيات والمواقع الهادفة، لئلا تحرم بركات الموسم، بل إن إحياء الذكر في أماكن غير متعارفة له أثره الخاص.. وهذه من المجربات التي لا تخلف لأثرها، إذ أن الذكر في الخلوات، يخلو من كل شوائب الجلوات، ومن هنا كان العمل أقرب للقبول من غيره وخاصة إذا اقترن ذلك بترويج لتلك الأهداف السامية في قلوب الذين يجهلون هذه المعارف فإن الناس لو عرفوا محاسن سيرتهم لاتبعوهم.

(13) أن من الأمور الراجحة - سواء داخل البيت أو خارجه - أن يعيش الأجواء المثيرة للعواطف، بالاستماع إلى ما أمكن من محاضرات، ومجالس عزاء، وقراءة الكتب المتعلقة بالسيرة والمقتل.. وكم من الجدير أن يحول المؤمن هذه الأيام إلى أسبوع شحن فكري وعاطفي، في مختلف المجالات، حتى العبادية منها.. فإن إحياء هذه الذكرى مقدمة لإحياء الدين، بكل حدوده وثغوره، ومن الراجح أيضاً أن لا يقتصر الأمر على مجرد الشحن العاطفي بمعزل عن الشحن الفكري، فإن من أهداف هذه الحركة المباركة هو تحريك العباد إلى المنهج الرباني الذي كادت تضيع معالمه عندما أقصى الظالمون الإمام عن الأمة.

(14) إن علامة قبول العزاء : وعظاً، واستماعاً، وبكاءً، وإبكاءً هو الخروج بالتوبة الصادقة بعد الموسم، إقلاعاً عن الذنوب، وتشديداً للمراقبة فإن الذي كان يعطى الحسين عليه السلام هويته المتميزة هو الذكر الإلهي في كل مراحل حركته المباركة بما في ذلك ساعة عروجه إلى الملكوت الأعلى.. والملاحظة - مع الأسف الشديد - أن الإنسان يفرط بسرعة في المكاسب التي اكتسبها في الموسم، وذلك بمجرد الخروج منه.. وهذا الأمر يتكرر في كل عام مما يعظم لصاحبه الحسرة يوم القيامة.. فالأمر بمثابة إنسان ورد الغدير، ولم يغترف منه إلا لعطش ساعته، من دون أن يتزود لسفره البعيد، في القاحل من الأرض.

(15) حاول أن تصطحب أهلك وأولادك وأصدقائك لمجالس الحسين عليه السلام فإنها مضان التحول الجوهري حتى للنفوس العاصية، ولا شك أنه يترك أثراً لا شعورياً في نفوس الأحداث.. وذلك لأن للمعصوم عليه السلام عنايته وإشرافه بعد وفاته، كما أن الأمر كذلك في حياته، فإذا كان الشهيد حياً مرزوقاً فكيف بإمام الشهداء ؟!.. ومن المعلوم أن الفرق بين المعصوم الحي والمستشهد، كالفارق بين الراكب والراجل، إذ أنه بانتقاله من هذه النشأة الدنيا ترجل عن بدنه الشريف.. فهل تجد فرقاً بينهما ؟!

(16) يغلب على بعض المستمعين - مع الأسف - جو الاسترسال واللغو بعد انتهاء المجلس مباشرة، وفي ذلك خسارة كبرى لما اكتسبه أثناء المجلس، فحاول أن تغادر المجلس إن كنت تخشى من الوقوع في الباطل.. ومن المعروف في هذا المجال، أن الإدبار الاختياري بعد الإقبال العبادي مع رب العالمين أو في مجالس أهل البيت عليهم السلام، من موجبات العقوبة الإلهية.. وقد ورد أنه ما ضرب عبد بعقوبة أشد من قساوة القلب.. وهذا أيضاً يفسر بعض صور الإدبار الشديد، بعد الإقبال الشديد، وذلك لعدم قيام العبد برعاية آداب الإقبال، كما هو حقه.

(17) إن البعض يحضر المجلس طلباً لحاجة من الحوائج، فيدخل في باب المعاملة مع رب العالمين، والحال أن الهدف الأساسي من هذه المجالس هو التذكير بالله تعالى، وبما أراده امراً ونهياً وهي الأهداف التي قدم الإمام نفسه من أجل تحقيقها، فشعارنا : ( تبكيك عيني لا لأجل مثوبة، لكنما عيني لأجلك باكية ).. وما قيمة بعض الحوائج المادية الفانية في مقابل النظرة الإلهية للعبد التي تقلب كيانه رأساً على عقب.

(18) إن المعزى في هذه المواسم بالدرجة الأولى هو بقية الماضين منهم، ألا وهو صاحب الأمر عليه السلام، فحاول استحضار درجة الألم الذي يعتصر قلبه الشريف، وذلك بأنه الخبير بما جرى على جده الحسين عليه السلام في واقعة الطف، إذ أن ما وصل إلينا - رغم فداحته - لا يمثل إلا القليل بالنسبة إلى ما جرى على آل الله تعالى ومن هنا يعد إمامنا المهدي عليه السلام من البكائين ولك أن تتصور حال من يندب جده الشهيد فى هذه القرون المتطاولة.

(19) إن البعض ينظر إلى ما جرى في واقعة الطف وكأنه ملف فتح ليختم والحال أننا مأمورون بالتأسي بالنبي الأكرم وآله عليهم السلام، ومنهم سيد الشهداء عليه السلام : رفضاً للظلم، وذكراً لله تعالى على كل حال، وفناء في العقيدة، واستقامة في جهاد الأعداء، وبصيرة في فهم حدود الشريعة، فإن ضريبة تمني الكون معهم من أجل نصرتهم هو السعي العملي للتشبه بهم في الحدود المتاحة الممكنة في أي موقع من مواقع الجهاد في الحياة.

(20) إن من الملفت حقاً تنوع العناصر التي شاركت في واقعة الطف.. فمنهم الشيخ الكبير كحبيب بن مظاهر الأسدي، ومنهم الطفل الرضيع، ومنهم الشاب في ريعانة شبابه كالقاسم والأكبر، ومنهم العبد الأسود كجون، ومنهم النساء اللواتي شاركن في قسم من المعركة، وما بعد المعركة كعقيلة الهاشميين زينب الكبرى عليها السلام.. أليس في ذلك درس للجميع وأن التكليف لا يختص بفئة دون فئة أخرى، وأن الله تعالى يريد من كل واحد منا أن يكون رافعاً للواء التوحيد أينما كان ؟!







http://live.albachaer.com/aya.gif

http://www.arabiyat.com/forums/images/smilies/wafaq.gif

واحة العالم
01-13-2008, 10:12 PM
موضوع رائع جدا
جعله الله في ميزان أعمالكم

اريام الدلوعة
01-13-2008, 10:44 PM
مشكورة على المرور الجميل
ماجورين

dreams
01-13-2008, 11:16 PM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
مشكورررررررررره جداااااااااااا كلامااااااااااات راااااااااااائعة
الله يجعله فى ميزان اعمالك
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم

اريام الدلوعة
01-13-2008, 11:50 PM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
ويعطيك العافية