المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أين أنت من هذا الجمال؟



بنوتة توتة
03-05-2005, 09:33 PM
http://y1y1.com/hd5/albums/ffoo/503.gif

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد


قال الله تعالى في كتابه الحكيم : { لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم } (التين:4).
لا يقتصر الجمال الإنساني على الجانب الجسمي فقط، بل يشمل كلا الجانبين : الجسمي والروحي.

لقد أثر عن الرسول الأعظم (ص) أنه حينما كان يقف أمام المرآة كان يقرأ هذا الدعاء : " اللهم حسّن خُلقي كما أحسنت خَلقي ".

إذن ليس الجمال - الذي هو مركز دائرة العشق، والشمعة التي تحوم حولها فراشة عالم الوجود - جمال الصورة وتناسق الهندام فقط ! وأنه لا يقتصر على الحاجب المقوس، والعيون الفاتنة، والشفاه العقيقية، والثغر الباسم، والقد الممشوق، والخد المتوهج..

أجل، فكل صفة حميدة وخصلة جيدة تبعث على الابتهاج والسرور، إنما هي أشعة من شمس الجمال.

إن المعرفة، والعدالة، والسخاء، والشجاعة، والعطف، والحنان، والصدق، والاستقامة، والكرم، والعفة للفتاة مظاهر للجمال المعنوي.

ورد عن أمير المؤمنين (ع) : " زينة البواطن أجمل من زينة الظواهر ".

وإذا لم يقترن جمال الفاتنات بالتعرف على عالم الخصال الحميدة الرحب، إن قوة الجاذبية فيهن تكون ضعيفة، وإن قوة التأثير في المفتونين بهن تكون مؤقتة ومحدودة.

وأما أصحاب الأخلاق الحميدة، فهم وإن لم يتمتعوا بجمال الصورة، فبهاء المعنى وجمال السيرة عندهم يغطي على هذا الجانب.

فإذا لم يمن عليكم الخالق عز وجل بجمال الجسم والطاقة والمنظر، عليكم باكتساب الحلاوة الناتجة من الحكمة والنشاط المتجلي في سمو الروح.

أيها الشاب الكريم / الشابة المحترمة :

إن البارئ سبحانه يحب الأخلاق الفاضلة والخصال الحميدة، ولذلك فإنه لن يحرق كلاً من كسرى : ملك الفرس العادل لعدله وهو قبيح الشكل، وحاتم الطائي : ذلك العربي الذي كان يقطر جوداً وسخاء لكرمه. في حين لم يكونا مسلمين، وأمر النار أن تكون برداً وسلاماً عليهما..

هل سمعتم بأن الأرض رؤفت في بطنها بشاب جميل أو فتاة حسناء بعد الموت ؟ هل لم تعمل على تفتيت جسميهما ؟! هل تخلت عن حذل أهدابهما ؟ هل أبت عن ضغطة ذلك الجسم الحسن الفتّان في ذلك القفص الضيق المسمى باللحد ؟

في حين احترمت هذه الأرض السلطان الإيراني العادل، ولم تمد يدها لتنال من جسده شيئاً.

ذلك الإمام المدفون في المدائن عندما أراد المأمون العباسي أن يرى القبر من الداخل ليصدّق ما أخبره به أبو العتاهية عن النبي (ص) أن النار أو الأرض لا تمس جسد شخص عادل بسوء.

وعندما أقدم أصحابه على شق اللحد، أي لحد كسرى أنوشيروان، رأوا ذلك الملك الإيراني العادل جالساً على سريره بطلعته النورانية البهية، وكأنه أسلم نفسه لنوم هانئ، وما كان من المأمون من شدة انبهاره من الموقف إلا أن انحنى من دون اختيار، وقبّل وجه ذلك الملك السلطان العادل.

أيها الشاب العزيز :

الذي تقف كل يوم عدة مرات أمام المرآة لتزين نفسك، وتمشط شعرك، وتثنيه في خيلاء وغرور معتزاً بنفسك، ليكن اهتمامك بتحسين السيرة أشد من اهتمامك بتحسين الصورة، واجعل زينتك في مقابل الأصدقاء المعنويين الذين هم بمنزلة المرآة. ولا تنسَ مطالعة كتاب الأخلاق لتدارك نقائص شخصيتك وإنسانيتك.

إن عشاق الجمال الظاهري منساقون بدافع الشهوة والغريزة الجنسية، أما عشاق الجمال المعنوي فهم مدفوعون بدافع الكمال والسمو الروحي.

وإذا ورد في بعض النصوص أن الله جميل يحب الجمال فليس المقصود من ذلك الجمال من مظاهر خارجية وبياض فتّان. بل المراد به هو العلم والقدرة والرحمة وستر العيوب والعفو والعدل، هذه هي الصفات الجمالية، وإذا تحلى العبد بها اقترب من الله.

ولذا ورد في دعاء السحر : " اللهم إني أسألك من جمالك بأجمله، وكل جمالك جميل، اللهم إني أسألك بجمالك كله ".





مقالة للكاتبة: فتحية قريش




موفقين لكل خير ان شاء الله


http://y1y1.com/hd5/albums/ffoo/503.gif