المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الخلـــــــــــــق



amili
12-16-2003, 09:33 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


قال تعالى في محكم كتابه الكريم الآية ( 4 ) من سورة القلم " وَإِنّكَ لَعَلَىَ خُلُقٍ عَظِيمٍ " .

وعن رسول الله – ص - إن أحبكم إليّ وأقربكم مني في الاَخرة محاسنكم أخلاقاً, وإن أبغضكم إليّ وأبعدكم مني في الاَخرة مساويكم أخلاقاً, الثرثارون المتفيهقون المتشدقون وإِنّ من خياركم أحسنَكم أخلاقاً .

وعن أبي عبد الله ( ع ) قَالَ قُلْتُ لَهُ مَا الْعَقْلُ قَالَ مَا عُبِدَ بِهِ الرَّحْمَنُ وَ اكْتُسِبَ بِهِ الْجِنَانُ قَالَ قُلْتُ فَالَّذِي كَانَ فِي مُعَاوِيَةَ فَقَالَ تِلْكَ النَّكْرَاءُ تِلْكَ الشَّيْطَنَةُ وَ هِيَ شَبِيهَةٌ بِالْعَقْلِ وَ لَيْسَتْ بِالْعَقْلِ .

لقد شدد الاسلام المبارك على الالتزام في هذه التعاليم إنطلاقا من كتاب الله تعالى وسنتة نبيه – ص – وأهل بيته - ع - وأدخلها في نظامه التشريعي واعتبرها جزءا لا يتجزأ من كمال الدين واتمام النعمة وجوهرة النجاة وسر النجاح وغاية بعثة النبي – ص – حيث يقول ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق , وفي رواية ثانية صالح الأخلاق ) .

من هنا لا بد لنا من ان نبحث عن الوسائل التي تؤدي بنا إلى مجتمع أفضل يحمل في طياته الوفاء لرسوله وأهل بيته – ع – كوننا ندعي إنتماءنا إليهم وبذلك لا بد لنا من أن نتفحص التعاليم الاخلاقية التي أمروا بها وجاهدوا في سبيل إحقاقها والتي تقسم من حيث المنطق إلى ثلاثة أبواب وهي :

القيم : وهي الاحوال النفسية الراسخة بالذات والتي تتجسم في الخارج افعالاً وسولكاً مثل : البصر والحكمة والعفة والرحمة و…… غير ذلك .

الحقوق : وهي الالتزامات المترتبة على الفرد تجاه الآخرين والنابعة من تلك القيم مثل حسن الجوار وبر الوالدين وصلة الارحام والصداقة و…… غير ذلك.

الآداب : وهي التي تنظم الأفراد عند قضاء حوائجهم الشخصية مثل آداب السفر وتناول الطعام واللباس والحمام و…… غير ذلك .

أما الخُلق فأتفق عليه العلماء لخص بما يلي :

الخلق بالضم عبارة عن الصورة الباطنة , والخَلق – بالفتح – عبارة عن الصورة الظاهرة , يقال فلان حسن الخَـلق والخُلق أي حسن الظاهر والباطن ولكل منهما له صورة إما قبيحة وإما جميلة .

فالخُلق عبارة عن هيئة للنفس راسخة تصدر عن الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة الى فكر وروية فإذا كان الصادر عن تلك الهيئة أفعالا حسنة محمودة عقلا وممدوحة شرعا سميت تلك الهيئة ( خلقا حسنا ) والعكس هو الصحيح , إنما اشترط فيها الرسوخ لأن من يصدر عنه بذل الشيىء لحاجة عارضة لا يقال خُـلقه السخاء ما لم يثبت ذلك في نفسه ثبوت راسخ , كما وليس الخُـلق عبارة عن الفعل فرب شخص خُـلقه السخاء ولا يبذل لفقد المال او لسبب آخر وربما يكون خُـلقه البخل وهو يبذل ليترأس منصب ما أو رياء , ولكي يتحقق حُسن الخُـلق عند شخص ما لا بد له من الالتزام بأربعة أركان إذا استوت واعتدلت وتناسبت حصل له ذلك وهي :

* قوة العلم :

إن حُسن وصلاح قوة العلم يسهل الفرق بين الكذب والصدق في الأقوال , وبين الحق والباطل في الاعتقاد , وبين الحَسن والقبيح في الأفعال , فإذا حُصِّلت هذه القوة صدر عنها ثمرة الحكمة التي هي رأس الأخلاق الحسنة " ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا" , ولا تكتمل الحكمة إلا بأن يعطي الانسان ما فضل من ماله لأصحابه , ولا يُحدث ولا يَعمل إلا بما يرضي الله , وأن يترك كل ما نهى عنه الله ليكون قويا على نفسه ضعيفا مع غيره من المؤمنين , شديداً على الكافرين والظالمين , معظما العلماء لعلمهم ومزاحمهم فيه , مستمعا إليهم , تاركاً منازعتهم , مبتعداً عن الجَّهال لجهلهم , محاولاً أن يقربهم منه , ويعلمهم بما أمر الله , وكما أنه لا يكمل ضوء النهار إلا بالشمس فكذلكَ لا تكمل الحكمة إلا بطاعة الله ، والزرع لا يصلح إلا بالتراب والماء وكذلك الأيمان لا يصلح إلا بالعلم والعمل .

* قوة الغضب والشهوة :

وهي ضبط قوة الغضب والشهوة معا تحت إشارة العقل والشرع وحسنهما في ان يقتصر انقباضهما وانبساطهما على حد ما تقتضيه الحكمة والدين .

* قوة العدل :

هي ضبط قوة الغضب والشهوة تحت اشارة العقل والتسرع لأن العقل منزلته منزلة الناصح المشير وقوته القدرة ومنزلتها منزلة المنَّـفذ الممضي لإشارته والغضب والشهوة تنفذ فيهما الإشارة , وحسن القوة الغضبية واعتدالها يُعبر عنه بالشجاعة وحسن قوة الشهوة واعتدالها يُعبر عنه بالعفة , والعفة تدفع المرء الى ترك الأفعال المحرمة الدنيئة التي تطلبها النفس الخبيثة والتي تتمثل بالشيطان الباطني مصدر كل شر .

إذا فالغضب بحاجة إلى أن يؤدب بحيث يكون استرساله وتوقفه بحسب الإشارة لا بحسب هيجان النفس الشيطانية , وإن مالت قوة الغضب عن الاعتدال إلى حد الزيادة سمي ذلك تهورا وإن مالت الى النقصان سمي خمودا والعدل ليس له طرفان بزيادة او نقصان بل له ضد واحد وهو الجور , أي امهات الأخلاق الحسنة واصولها اربعة : الحكمة والشجاعة والعفة والعدل .

فالأيمان بالله ورسوله من غير ارتياب هو قوة العقيدة وثمرة العقل ومنتهى الحكمة , والمجاهدة بالمال هو السخاء الذي يعود الى ضبط قوة الشهوة , والمجاهدة بالنفس هي الشجاعة التي ترجع الى استعمال قوة الغضب على شرط العقل وحد الاعتدال حيث يقول تعالى في سورة الفتح الآية ( 29) " مّحَمّدٌ رّسُولُ اللّهِ وَالّذِينَ مَعَهُ أَشِدّآءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ …) وهنا يؤكد جل وعلا أن للشدة موضع وللرحمة موضع فليس الكمال بالشدة والرحمة في كل حال .


ثبتنا الله وإياكم على القول الثابت يوم تزل فيه الأقدام

عاملي

شبكة الناصرة
12-16-2003, 11:04 PM
مشكور اخوي وماتقصر على هذا الموضوع

ahmed
12-17-2003, 11:59 AM
مشكورا عاملى على هذا الموضوع الموفيد جعله الله فى ميزان اعمالك ان شاء الله(9)