نور الولاية
11-13-2007, 03:53 PM
الخرس المنزلي عند الأزواج
هنـاك تهمـة تـوجـه إلى التـليفـزيون – على المسـتـوى العالمـي – و هـي أنـه مـسـئول عـن إصابـة فـن الحـديـث بيـن الزوج و زوجتـه باسـفـكـسـيا الـخـنـق .
فالشكـوى العالمـيـة أن الزوج يـدخـل من باب البيت ، فلا تسمـع مـنـه المـدام غـير كلمـتـيـن و تـكـتـيـن ، الكلمتان همـا : هالـو هـنـي ، و التكـتـان هـما : تـك تـك ، أو صـوت بـوستـيـن سـاقـعـيـن على خـدهـا من باب الواجـب لـيـس إلا ، و بعـدهـا يجـلـس الزوج مخـروسـا أمـام الـتـليـفـزيون و كأن أحـدا قـد دعـا عليـه بـقطـع لسـانـه و جـازت فيـه الدعـوة ، فلا كلمـة حلـوة ، و لا حتى وحشـة ، و لا حاجـة أبـدا !
و سمـعت أن إحـدى الزوجات تـقول إنهـا نـسـيـت صوت زوجـهـا لمده 20 سـنـه هـي عـمـر التليفـزيون في البيت ، و إللي زاد و غطـى الهبـاب إللي إسمـه الدش ... .............! ففكـرت في وسـيلـة تـفـك بهـا أربطـة التـحـنـيط التـي عـقـدت لسـانـه .. فلـم تـجـد وسـيلـة إلا إتـلاف التـلـيفـزيون عـمـدا و مـع سـبق الإصـرار والتـرصـد !
و بعـد عـشـرة شهـور من إتـلاف التلـيفزين ، أحـرز زوجها تـقدمـا مـثيـرا و ملمـوسـا في النطـق و محـاولـة الكـلام ، حـيـث أنـه بـدأ يقـول ( إمـبـو ) عـنـدما يريـد الشـرب و ( ممّـه ) عـنـدمـا يريـد الأكـل و ( دحّــة ) عـندمـا يـريـد اللـبـس ......!
و زوجـة أخـرى تـصـف التليـفـزيون بأنـه وحـش مـفـتـرس ، يفتـرس الحـيـاة الزوجـيـة بيـن الزوجـيـن بسبب إدمان الأزواج عـلى مـشـاهـدتـه في تـعـلـّـق طـفولـي غـريب ! فـالتـلـيفـزيون يوشـك أن يعـصـف بحيـاتهـا الزوجـيـة قـبـل مـضـي سـنـتيـن على زواجهمـا ، فهـي لا تزال تـعـيـش في رومانسيـة أيـام الخـطـوبـة و الغرام و لكـن زوجهـا مـفقـود اللسـان و الدمـاغ بسـبـب التـلـيفزيون ، فهـي تهـمـس لـه : أحـبـك فوق مـا تتـصـور يا بـسـطاويـسي ... فلا يصدر عـن بسطـاويسـي أفندي – و هو يتابـع المسلسـل المدبلـج – غـير صـوت أشبـه بنهـيـق الحمـار : هــع هــع هـع ...
فـتعـود لتـقول لـه تدلعه مع ضحكـة رقـيعـة و ماجنة من إللي هـيّه : بـسـطـسـط ( دلع بسطاويسي ) ساعـة مـا بشـوفـك جـنـبي مـا أقدرش أداري و أخـبي ... فـيصدر منـه نـفـس النهـيـق : هـع هـع هـع .. ، و تلـبس لـه الحـريـر أخـضـر في أخـضـر .. و تمـشـي قـدامه تتـمـخـطـر ، فلا يـفكـر في أن يلـوي رقبتـه نحـوهـا ، و لا حتـى أن يحـيـيـهـا بالكلمـة الوحيدة إللي يعـرفهـا : هـع هـع هـع .. و هنا تـضطـر المـأسـوفه على شبابهـا إلى أن تقول : هـيء هـيء وعيونهـا تـسح في الفراش .......!
و كلما اسـتـيقـظـت في الصباح وجـدت وجههـا غـرقان مـيـة و تكـررت تلك المـسألـة مـرات كثيرة جـدا فخافت على نفسهـا و قررت أن تعـرف ما هـو سبب الماء الذي يبلل وجههـا في الليـل و تصحـو عليـه في النهـار ، فوضعـت كـاميرا فيديو في مكـان خـفـي في حجرتهـا و دون علـم الزوج فلمـا أصبحـت وجدت وجههـا غرقان ميـه برضـه فقامـت بتـشغـيـل شريط الفيديو المـسجـل و هنـا أكتـشـفـت الحـقيقـة المرعـبـة و المتـنـيّــلة بـستـيـن نيلـة ............... !
فقـد كان زوجهـا يتـابـع الفضائيـات في التليفزيون طوال الليـل وهـو يقـول :
- يـا سـلااااام أهـي دي النـسـوان و لا بـلاش ...... ثم ينظـر ناحيـتـهـا قائـلا : إتـفــو عليكـي و على سحنـتـك إللي تقرف يا حـيزبونة يـا أم جلمـبـو . فعرفت ساعتها من أين تأتي المية .
و لا ينـجـو زوج من ذلك الخـرس المنـزلـي إلا في حـالات خاصـه إذ يظـل الزوج ، في تلك الحالات محتـفظا بنـشـاطـه الكـلامـي ، فـلا يكـف طول وجوده في البيت عـن التـعـبير بكـل مشـاعـره و انفـعـالاتـه عـن العـيشـة الزفـت مـع المـدام و اليـوم الأغـبر إللي إتجوزهـا فيـه و يمتـلئ البيت بالحـركـة و النـشـاط دونـا عـن أي بيت يخـيّـم عليـه الخـرس المـنـزلـي ، إذ تبادلـه الزوجـة شـعـورهـا الصـادق بمـيلــة بـختـهـا الإسـود و نـحـسهـا الدكـر إللي لازق فيهـا من يوم ما إتجوزتـه ، فـيزداد لسـانـه السكـر نـشـاطا ، و لا تـمـلك الزوجـة إلا أن تـردد أغـنيـة تـصـف فيهـا لسـان جـوزهـا ( تـقـول مـبرد أقـول أكـتـر.... من المـبرد مـتـيـن مرة ) .
فالتليفزيون إذن برئ ممـا تعـانـيـه الزوجات من خـرس الأزواج فإذا لـم يكـن التـليـفزيون موجودا في البيت دس الزوج رأسـه في الجـريدة و مـارس هـوايتـه الخـرسيـة المفـضلـة ، أو جلـس يتـأمـل الكـون من النـافذة أو خـرج إلى أصدقائه في القهـوة أو النادي إذا وحشـه صوته .
و لا اعـرف زوجة سـعـيـدة بخـرس زوجهـا سـوى زوجـة صديقي حـسـن الفلانـي ، فقـد تـزوجـا بعـد قصـة حـب سـنـيمـائيـة عـنـيفـة ، و مـضـت الأيـام في العـش الوردي و صاحبنـا أبوعلى يهمـس لهـا بكلمة حـب حلـوة ، حتـى وافاه الخـرس المنـزلي المحـتـوم تدريجـيـا .. إذ شـعـر أن أحـبـالـه الصـوتـيـة – داخـل البيت – بدأت تتـحـول إلى شـئ أشـبه بأسـلاك التيفـونات العـطـلانة . إلى أن جـاء اليـوم جـلـس فـيـه كـتـمـثـال بــوذا ، هـي تتكـلـم و هـو يكـتـفـي بدور السـمّـيـع ، و اسـترعى صمتـه انتباهها فـسـألتـه :
ساكت ليـه يـا حـبيبي ؟
فتنهــد و هـو يهـز رأسـه : و الله صـدق أحمـد رامـي لمـا عـبر عـن أعـظـم حـالات الإحـسـاس بالحـب .
- بيـقـول إيـه رامـي يـا حـبيبي ؟
فـقـال حـسـن الفـلانـي الـلئيــم : و لمـا أشـوفك يروح مـنـي الكـلام و أنـسـاه .. من فرحـة القـلب ساعـة مـا يـلاقيك ويـاه .......!
فاحتـضنتـه وهي تهمـس بـنـبرة حالـمـة :
قول كـمـان ....
من يومهـا و مـدام حـسـن الفـلانـي سـعـيـدة بأنـه لمـا يشـوفهـا يروح منـه الكـلام و ينـسـاه ، و مـن يومهـا أيضـا و حـسـن الفـلانـي يجـلـس فـي البيت كـتمـثال بوذا ، لا كلام و لا حـديـث .
و لكـن لمـاذا يصـيب الخـرس المنـزلـي الزوج و لا يصـيب الزوجـة ؟ لعـل ذلك تـفـسيـره أن إنسـان عـصـر الكهـف كان يقضـي نهـاره في الصـيـد و جلب الطعـام ، حتـى إذا أقبـل الليـل ، اتخـذ مكـان نـومـه بالقـرب من باب الكهـف للقيـام بالحـراسـة و التصدي لأي حيوان متوحش يدخـل في ظـلام الليـل من باب الكهـف المـفـتـوح ، و كانت أنثـاه التي تنام بالداخـل تـخـشى أن يـسـتـغـرقـه النـوم العـمـيـق و يغـفـل عـن الحـراسـة ، فكانت تـشاغـلـه بالحـديث لـتـطمـئـن إلى يقـظـتـه :
- خـورش يـا حـبـيـبي .. قوللي ح تصيـد لنـا إيـه بكـره ناكلـه ؟
فـلا تـسمـع إلا صـوت شـخـيـر سـي خـورش
- خخخخخخخخخخخخخخ
- خـورش ....... يـا خـورش .. إنت يـا هباب البرك
- هـه ؟ .. أيـوة .. أيـوة
- إنت نمـت ولا إيـه ؟
- أبـدا .. عـايزة حاجـة ؟
- باقول إيـه يـا خـورش .. نـفـسي بكـرة في أكلـة غـزال ...
- ربنـا يسهــل .
- أمـا جـارنـا شـمـردخ إللي بعـدنـا بكهـفـيـن صـاد النهـارده حـتـة غـزالـة إنمـا إيـه ....
- .......................
- شـفـت الوليـة مـراتـه واقفـة تـشويهـا و الفرحـة مـش سـيعـاهـا
- .........................
- على فكرة يـا خورش .. الأرانب إللي إنت صـدتهـا النهـارده كانت عـجـوزة و لحمهـا بيشـد .
- .........................
- أخـدت سـوا جامـد ع النـار
- .......................
- بالحـق نسيت أقولك .. مش النهـارده شفت زركوكة مرات كنـوخ .. أما كانت لابسـة حتة عـقـد من عـضم الديناصورات إنمـا إيـه يجـنن .
- .......................
- تـلاقي جوزهـا إشتـراه لهـا من كهـف الشـواربي
- خخخخخخخخخخخخخخخخخ
- خــورش......... خــورش
- أيـوة ..
- إنت نمـت و لا إيـه ؟
- وبعـديـن بقى في ليلـة أهلك إللي مـش فايتـه دي ...
بمـثـل هـذا الصـد السخـيف ينهـر خـورش – إنـسـان الكهـف – زوجتـه اللطيفـة الحـبوبـة لميلـه الفطـري إلى الخـرس ، و مـيلهـا الفطـري إلى الإئـتنـاس بصـوت زوجهـا الذي يبعـث في نفسهـا الأمـن و الطمـأنينـة . و لا أعـرف عـلى وجه التحـديد أسـبابا وجيهـة لذلك الخـرس الذي يـصـيـب الأزواج ، و الأرجح إنـه رد فعـل لـذلك المجهـود الكـلامـي الـعـنـيف الذي يبـذلـه الرجـل في مـرحلـة الغـرام و الخـطـوبـة و شهـر العـسـل ، فالمـرأة في تلك الفـتـرة تكـتـفـي – على غير عادتهـا – بقليل الكـلام حتى تتـرك للرجـل أكبر وقـت ممكـن تـسـعـد خـلاله بسمـاع غـزلـه الرقـيـق و حـبـه إللي هـو شكـل تانـي ، و لا يلبـث الرجـل أن يكـتـشـف بعـد تلك المـرحـلـة إنـه قال كـل مـا عـنـده .
مــــــــــــع خالـص تـحـيـتـــــــــــــــــــــــــــــــي
منقول
هنـاك تهمـة تـوجـه إلى التـليفـزيون – على المسـتـوى العالمـي – و هـي أنـه مـسـئول عـن إصابـة فـن الحـديـث بيـن الزوج و زوجتـه باسـفـكـسـيا الـخـنـق .
فالشكـوى العالمـيـة أن الزوج يـدخـل من باب البيت ، فلا تسمـع مـنـه المـدام غـير كلمـتـيـن و تـكـتـيـن ، الكلمتان همـا : هالـو هـنـي ، و التكـتـان هـما : تـك تـك ، أو صـوت بـوستـيـن سـاقـعـيـن على خـدهـا من باب الواجـب لـيـس إلا ، و بعـدهـا يجـلـس الزوج مخـروسـا أمـام الـتـليـفـزيون و كأن أحـدا قـد دعـا عليـه بـقطـع لسـانـه و جـازت فيـه الدعـوة ، فلا كلمـة حلـوة ، و لا حتى وحشـة ، و لا حاجـة أبـدا !
و سمـعت أن إحـدى الزوجات تـقول إنهـا نـسـيـت صوت زوجـهـا لمده 20 سـنـه هـي عـمـر التليفـزيون في البيت ، و إللي زاد و غطـى الهبـاب إللي إسمـه الدش ... .............! ففكـرت في وسـيلـة تـفـك بهـا أربطـة التـحـنـيط التـي عـقـدت لسـانـه .. فلـم تـجـد وسـيلـة إلا إتـلاف التـلـيفـزيون عـمـدا و مـع سـبق الإصـرار والتـرصـد !
و بعـد عـشـرة شهـور من إتـلاف التلـيفزين ، أحـرز زوجها تـقدمـا مـثيـرا و ملمـوسـا في النطـق و محـاولـة الكـلام ، حـيـث أنـه بـدأ يقـول ( إمـبـو ) عـنـدما يريـد الشـرب و ( ممّـه ) عـنـدمـا يريـد الأكـل و ( دحّــة ) عـندمـا يـريـد اللـبـس ......!
و زوجـة أخـرى تـصـف التليـفـزيون بأنـه وحـش مـفـتـرس ، يفتـرس الحـيـاة الزوجـيـة بيـن الزوجـيـن بسبب إدمان الأزواج عـلى مـشـاهـدتـه في تـعـلـّـق طـفولـي غـريب ! فـالتـلـيفـزيون يوشـك أن يعـصـف بحيـاتهـا الزوجـيـة قـبـل مـضـي سـنـتيـن على زواجهمـا ، فهـي لا تزال تـعـيـش في رومانسيـة أيـام الخـطـوبـة و الغرام و لكـن زوجهـا مـفقـود اللسـان و الدمـاغ بسـبـب التـلـيفزيون ، فهـي تهـمـس لـه : أحـبـك فوق مـا تتـصـور يا بـسـطاويـسي ... فلا يصدر عـن بسطـاويسـي أفندي – و هو يتابـع المسلسـل المدبلـج – غـير صـوت أشبـه بنهـيـق الحمـار : هــع هــع هـع ...
فـتعـود لتـقول لـه تدلعه مع ضحكـة رقـيعـة و ماجنة من إللي هـيّه : بـسـطـسـط ( دلع بسطاويسي ) ساعـة مـا بشـوفـك جـنـبي مـا أقدرش أداري و أخـبي ... فـيصدر منـه نـفـس النهـيـق : هـع هـع هـع .. ، و تلـبس لـه الحـريـر أخـضـر في أخـضـر .. و تمـشـي قـدامه تتـمـخـطـر ، فلا يـفكـر في أن يلـوي رقبتـه نحـوهـا ، و لا حتـى أن يحـيـيـهـا بالكلمـة الوحيدة إللي يعـرفهـا : هـع هـع هـع .. و هنا تـضطـر المـأسـوفه على شبابهـا إلى أن تقول : هـيء هـيء وعيونهـا تـسح في الفراش .......!
و كلما اسـتـيقـظـت في الصباح وجـدت وجههـا غـرقان مـيـة و تكـررت تلك المـسألـة مـرات كثيرة جـدا فخافت على نفسهـا و قررت أن تعـرف ما هـو سبب الماء الذي يبلل وجههـا في الليـل و تصحـو عليـه في النهـار ، فوضعـت كـاميرا فيديو في مكـان خـفـي في حجرتهـا و دون علـم الزوج فلمـا أصبحـت وجدت وجههـا غرقان ميـه برضـه فقامـت بتـشغـيـل شريط الفيديو المـسجـل و هنـا أكتـشـفـت الحـقيقـة المرعـبـة و المتـنـيّــلة بـستـيـن نيلـة ............... !
فقـد كان زوجهـا يتـابـع الفضائيـات في التليفزيون طوال الليـل وهـو يقـول :
- يـا سـلااااام أهـي دي النـسـوان و لا بـلاش ...... ثم ينظـر ناحيـتـهـا قائـلا : إتـفــو عليكـي و على سحنـتـك إللي تقرف يا حـيزبونة يـا أم جلمـبـو . فعرفت ساعتها من أين تأتي المية .
و لا ينـجـو زوج من ذلك الخـرس المنـزلـي إلا في حـالات خاصـه إذ يظـل الزوج ، في تلك الحالات محتـفظا بنـشـاطـه الكـلامـي ، فـلا يكـف طول وجوده في البيت عـن التـعـبير بكـل مشـاعـره و انفـعـالاتـه عـن العـيشـة الزفـت مـع المـدام و اليـوم الأغـبر إللي إتجوزهـا فيـه و يمتـلئ البيت بالحـركـة و النـشـاط دونـا عـن أي بيت يخـيّـم عليـه الخـرس المـنـزلـي ، إذ تبادلـه الزوجـة شـعـورهـا الصـادق بمـيلــة بـختـهـا الإسـود و نـحـسهـا الدكـر إللي لازق فيهـا من يوم ما إتجوزتـه ، فـيزداد لسـانـه السكـر نـشـاطا ، و لا تـمـلك الزوجـة إلا أن تـردد أغـنيـة تـصـف فيهـا لسـان جـوزهـا ( تـقـول مـبرد أقـول أكـتـر.... من المـبرد مـتـيـن مرة ) .
فالتليفزيون إذن برئ ممـا تعـانـيـه الزوجات من خـرس الأزواج فإذا لـم يكـن التـليـفزيون موجودا في البيت دس الزوج رأسـه في الجـريدة و مـارس هـوايتـه الخـرسيـة المفـضلـة ، أو جلـس يتـأمـل الكـون من النـافذة أو خـرج إلى أصدقائه في القهـوة أو النادي إذا وحشـه صوته .
و لا اعـرف زوجة سـعـيـدة بخـرس زوجهـا سـوى زوجـة صديقي حـسـن الفلانـي ، فقـد تـزوجـا بعـد قصـة حـب سـنـيمـائيـة عـنـيفـة ، و مـضـت الأيـام في العـش الوردي و صاحبنـا أبوعلى يهمـس لهـا بكلمة حـب حلـوة ، حتـى وافاه الخـرس المنـزلي المحـتـوم تدريجـيـا .. إذ شـعـر أن أحـبـالـه الصـوتـيـة – داخـل البيت – بدأت تتـحـول إلى شـئ أشـبه بأسـلاك التيفـونات العـطـلانة . إلى أن جـاء اليـوم جـلـس فـيـه كـتـمـثـال بــوذا ، هـي تتكـلـم و هـو يكـتـفـي بدور السـمّـيـع ، و اسـترعى صمتـه انتباهها فـسـألتـه :
ساكت ليـه يـا حـبيبي ؟
فتنهــد و هـو يهـز رأسـه : و الله صـدق أحمـد رامـي لمـا عـبر عـن أعـظـم حـالات الإحـسـاس بالحـب .
- بيـقـول إيـه رامـي يـا حـبيبي ؟
فـقـال حـسـن الفـلانـي الـلئيــم : و لمـا أشـوفك يروح مـنـي الكـلام و أنـسـاه .. من فرحـة القـلب ساعـة مـا يـلاقيك ويـاه .......!
فاحتـضنتـه وهي تهمـس بـنـبرة حالـمـة :
قول كـمـان ....
من يومهـا و مـدام حـسـن الفـلانـي سـعـيـدة بأنـه لمـا يشـوفهـا يروح منـه الكـلام و ينـسـاه ، و مـن يومهـا أيضـا و حـسـن الفـلانـي يجـلـس فـي البيت كـتمـثال بوذا ، لا كلام و لا حـديـث .
و لكـن لمـاذا يصـيب الخـرس المنـزلـي الزوج و لا يصـيب الزوجـة ؟ لعـل ذلك تـفـسيـره أن إنسـان عـصـر الكهـف كان يقضـي نهـاره في الصـيـد و جلب الطعـام ، حتـى إذا أقبـل الليـل ، اتخـذ مكـان نـومـه بالقـرب من باب الكهـف للقيـام بالحـراسـة و التصدي لأي حيوان متوحش يدخـل في ظـلام الليـل من باب الكهـف المـفـتـوح ، و كانت أنثـاه التي تنام بالداخـل تـخـشى أن يـسـتـغـرقـه النـوم العـمـيـق و يغـفـل عـن الحـراسـة ، فكانت تـشاغـلـه بالحـديث لـتـطمـئـن إلى يقـظـتـه :
- خـورش يـا حـبـيـبي .. قوللي ح تصيـد لنـا إيـه بكـره ناكلـه ؟
فـلا تـسمـع إلا صـوت شـخـيـر سـي خـورش
- خخخخخخخخخخخخخخ
- خـورش ....... يـا خـورش .. إنت يـا هباب البرك
- هـه ؟ .. أيـوة .. أيـوة
- إنت نمـت ولا إيـه ؟
- أبـدا .. عـايزة حاجـة ؟
- باقول إيـه يـا خـورش .. نـفـسي بكـرة في أكلـة غـزال ...
- ربنـا يسهــل .
- أمـا جـارنـا شـمـردخ إللي بعـدنـا بكهـفـيـن صـاد النهـارده حـتـة غـزالـة إنمـا إيـه ....
- .......................
- شـفـت الوليـة مـراتـه واقفـة تـشويهـا و الفرحـة مـش سـيعـاهـا
- .........................
- على فكرة يـا خورش .. الأرانب إللي إنت صـدتهـا النهـارده كانت عـجـوزة و لحمهـا بيشـد .
- .........................
- أخـدت سـوا جامـد ع النـار
- .......................
- بالحـق نسيت أقولك .. مش النهـارده شفت زركوكة مرات كنـوخ .. أما كانت لابسـة حتة عـقـد من عـضم الديناصورات إنمـا إيـه يجـنن .
- .......................
- تـلاقي جوزهـا إشتـراه لهـا من كهـف الشـواربي
- خخخخخخخخخخخخخخخخخ
- خــورش......... خــورش
- أيـوة ..
- إنت نمـت و لا إيـه ؟
- وبعـديـن بقى في ليلـة أهلك إللي مـش فايتـه دي ...
بمـثـل هـذا الصـد السخـيف ينهـر خـورش – إنـسـان الكهـف – زوجتـه اللطيفـة الحـبوبـة لميلـه الفطـري إلى الخـرس ، و مـيلهـا الفطـري إلى الإئـتنـاس بصـوت زوجهـا الذي يبعـث في نفسهـا الأمـن و الطمـأنينـة . و لا أعـرف عـلى وجه التحـديد أسـبابا وجيهـة لذلك الخـرس الذي يـصـيـب الأزواج ، و الأرجح إنـه رد فعـل لـذلك المجهـود الكـلامـي الـعـنـيف الذي يبـذلـه الرجـل في مـرحلـة الغـرام و الخـطـوبـة و شهـر العـسـل ، فالمـرأة في تلك الفـتـرة تكـتـفـي – على غير عادتهـا – بقليل الكـلام حتى تتـرك للرجـل أكبر وقـت ممكـن تـسـعـد خـلاله بسمـاع غـزلـه الرقـيـق و حـبـه إللي هـو شكـل تانـي ، و لا يلبـث الرجـل أن يكـتـشـف بعـد تلك المـرحـلـة إنـه قال كـل مـا عـنـده .
مــــــــــــع خالـص تـحـيـتـــــــــــــــــــــــــــــــي
منقول