المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درهم شطيطة



غونو
11-10-2007, 09:24 PM
منقول


عن عثمان بن سعيد،عن أبي علي بن راشد قال:اجتمعت العصابة بنيسابور في‏أيام الامام ابو عبدالله جعفرالصادق عليه السلام فتذاكروا ما هم فيه من الانتظار للفرج،و قالوا:نحن نحمل في كل سنة إلى مولانا ما يجب علينا،و قد كثرت الكاذبة و من يدعي هذا الأمر،فينبغي لنا أن نختار رجلا ثقة نبعثه إلى الإمام ليتعرف لنا الأمر.
فاختاروا رجلا يعرف بأبي جعفر محمد بن إبراهيم النيسابوري،و دفعوا إليه ما وجب عليهم في السنة من مال و ثياب،و كانت الدنانير ثلاثين ألف دينار،و الدراهم خمسين ألف درهم،و الثياب ألفي شقة،و أثواب مقاربات و مرتفعات.
و جاءت عجوز من عجائز الشيعة الفاضلات اسمها(شطيطة)و معها درهم صحيح،فيه درهم و دانقان،و شقة من غزلها خام تساوي أربعة دراهم،و قالت:ما يستحق علي في مالي غير هذا،فادفعه إلى مولاي،فقال:يا امرأة!أستحي من أبي عبد الله عليه السلام أن أحمل إليه درهما و شقة بطانة .فقالت: إن الله لا يستحي من الحق،هذا الذي يستحق،فاحمل يا فلان !فلئن ألقى الله عز و جل و ما له قبلي حق قل أم كثر أحب إلي من أن ألقاه و في رقبتي لجعفر بن محمد حق.
قال:فعوجت الدرهم،و طرحته في كيس فيه أربع مائة درهم لرجل يعرف بخلف بن موسى اللؤلؤي،و طرحت الشقة في رزمة فيها ثلاثون ثوبا لأخوين بلخيين يعرفان بابني نوح بن إسماعيل،و جاءت الشيعة بالجزء الذي فيه المسائل،و كان سبعين ورقة،و كل مسألة تحتها بياض،و قد أخذوا كل ورقتين فحزموها بحزائم ثلاثة،و ختموا على كل حزام بخاتم،و قالوا:تحمل هذه [الحزائم‏]معك،و تمضي إلى الإمام،فتدفع إليه،و تبيته عنده ليلة،و عد عليه و خذه منه،فإن وجدت الخاتم بحاله لم يكسر و لم يتشعب فاكسر منها ختمه و انظر الجواب،فإن أجاب و لم يكسر الخواتيم فهو الإمام،فادفعه إليه و إلا فرد أموالنا علينا.
قال أبو جعفر:فسرت حتى وصلت إلى الكوفة،و بدأت بزيارة أميرالمؤمنين عليه السلام،و وجدت على باب المسجد شيخا مسنا قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر،و قد تشنج وجهه،متزرا ببرد،متشحا بآخر،و حوله جماعة يسألونه عن الحلال و الحرام،و هو يفتيهم على مذهب أمير المؤمنين عليه السلام،فسألت من حضر عنده،فقالوا:أبو حمزة الثمالي.فسلمت عليه،و جلست إليه،فسألني عن أمري،فعرفته الحال،ففرح بي و جذبني إليه،و قبل بين عيني و كان ذلك أول فائدة لقيتها بالعراق،و جلست معه أتحدث إذ فتح عينيه،و نظر إلى البرية،و قال:هل ترون ما أرى؟فقلنا:و أي شي‏ء رأيت؟قال:أرى شخصا على ناقة.فنظرنا إلى الموضع فرأينا رجلا على جمل،فأقبل،فأناخ البعير،و سلم علينا و جلس،فسأله الشيخ و قال:من أين أقبلت؟قال:من يثرب.قال:ما وراءك؟قال:مات جعفر بن محمد عليهما السلام.فانقطع ظهري نصفين،و قلت لنفسي:إلى أين أمضي؟فقال له أبو حمزة:إلى من أوصى؟قال:إلى ثلاثة،أولهم أبو جعفر المنصور،و إلى ابنه عبد الله،و إلى ابنه موسى.
فضحك أبو حمزة،و التفت إلي و قال:لا تغتم فقد عرفت الإمام.فقلت:و كيف أيها الشيخ؟!
فقال:أما وصيته إلى أبي جعفر المنصور فستر على الإمام،و أما وصيته إلى ابنه الأكبر و الأصغر فقد بين عن عوار الأكبر،و نص على الأصغر.فقلت:و ما فقه ذلك؟فقال:قول النبي صلى الله عليه و آله و سلم:«الإمامة في أكبر ولدك يا علي،ما لم يكن ذاعاهة»فلما رأيناه قد أوصى إلى الأكبر و الأصغر،علمنا أنه قد بين عن عوار كبيره،و نص على صغيره،فسر إلى موسى،فإنه صاحب الأمر.
قال أبو جعفر:فودعت أمير المؤمنين،و ودعت أبا حمزة،و سرت إلى المدينة،و جعلت رحلي في بعض الخانات،و قصدت مسجد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و زرته،وصليت،ثم خرجت و سألت أهل المدينة:إلى من أوصى جعفر بن محمد؟فقالوا:إلى ابنه الأفطح عبد الله،فقلت :هل يفتي؟قالوا:نعم،فقصدته و جئت إلى باب داره،فوجدت عليها من الغلمان ما لم يوجد على باب دار أمير البلد،فأنكرت،ثم قلت:الإمام لا يقال له:لم و كيف،فاستأذنت،فدخل الغلام،و خرج و قال:من أين أنت؟فأنكرت و قلت:و الله!ما هذا بصاحبي.ثم قلت:لعلة من التقية،فقلت :قل:فلان الخراساني،فدخل و أذن لي،فدخلت،فإذا به جالس على منصة عظيمة،و بين يديه غلمان قيام،فقلت في نفسي:ذا أعظم،الإمام لا يقعد هذه الجلسه !ثم قلت:هذاـأيضاـمن الفضول الذي لا يحتاج إليه،يفعل الإمام ما يشاء،فسلمت عليه،فأدناني و صافحني،و أجلسني بالقرب منه،و سألنى فأحفى (123) ،ثم قال:في أي شي‏ء جئت؟قلت:في مسائل أسأل عنها،و أريد الحج.فقال لي:اسأل عما تريد.
فقلت:كم في المائتين من الزكاة؟قال:خمسة دراهم.
قلت:كم في المائة؟قال:درهمان و نصف.
فقلت:حسن يا مولاي،أعيذك بالله،ما تقول في رجل قال لامرأته:أنت طالق عدد نجوم السماء؟قال :يكفيه من رأس الجوزا ثلاثة.
فقلت:الرجل لا يحسن شيئا.فقمت و قلت:أنا أعود إلى سيدنا غدا.فقال:إن كان لك حاجة فإنا لا نقصر.
فانصرفت من عنده،و جئت إلى ضريح النبي صلى الله عليه و آله و سلم فانكببت‏[خ ل:فبكيت‏]على قبره،و شكوت خيبة سفري،و قلت:يا رسول الله!بأبي أنت و أمي،إلى من أمضي في هذه المسائل التي معي؟إلى اليهود،أم إلى النصارى،أم إلى المجوس ؟إلى أين يا رسول الله؟فما زلت أبكي و أستغيث به،فإذا أنا بإنسان يحركني،فرفعت رأسي من فوق القبر،فرأيت عبدا أسودا عليه قميص خلق،و على رأسه عمامة خلق،فقال لي:يا أبا جعفر النيسابوري!يقول لك مولاك موسى بن جعفر عليه السلام:«لا إلى اليهود،و لا إلى النصارى،و لا إلى المجوس ،إلىفأنا حجة الله،قد أجبتك عما في الجزو و بجميع ما تحتاج إليه منذ أمس،فجئني به و بدرهم شطيطة الذي فيه درهم و دانقان،الذي في كيس أربع مائة درهم اللؤلؤي،و شقتها التي في رزمة الأخوين البلخيين.»
قال:فطار عقلي،و جئت إلى رحلي،ففتحت و أخذت الجزو و الكيس و الرزمة،فجئت إليه فوجدته في دار خراب،و بابه مهجور ما عليه أحد،و إذا بذلك الغلام قائم على الباب،فلما رآني دخل بين يدي،و دخلت معه،فإذا بسيدنا عليه السلام جالس على الحصير،و تحته شاذ كونه (124) يمانية،فلما رآني ضحك و قال: «لا تقنط،و لم تفزع؟لا إلى اليهود،و لا إلى النصارى و المجوس،أنا حجة الله و وليه،ألم يعرفك أبو حمزة على باب مسجد الكوفة جري أمري؟!».
قال:فأزاد ذلك في بصيرتى،و تحققت أمره.ثم قال لي:«هات الكيس»فدفعته إليه،فحله و أدخل يده فيه،و أخرج منه درهم شطيطة،و قال لي:هذا درهمها؟»فقلت:نعم،فأخذ الرزمة و حلها و أخرجها[أخرج ظ]منها شقة قطن مقصورة،طولها خمسة و عشرون ذراعا،و قال لي،«اقرأ عليها السلام كثيرا،و قل لها:قد جعلت شقتك في أكفاني،و بعثت إليك بهذه من أكفاننا،من قطن قريتنا صريا،قرية فاطمة عليها السلام،و بذر قطن كانت تزرعه بيدها الشريفة لأكفان ولدها،و غزل أختي حكيمة بنت أبي عبد الله عليه السلام و قصارة (125) يده لكفنه،فاجعليها في كفنك».ثم قال:«يا معتب!جئني بكيس نفقة مؤناتنا»فجاء به،فطرح درهما فيه،و أخرج منه أربعين درهما،و قال:«اقرأها مني السلام،و قل لها:«ستعيشي‏[كذا]تسع عشرة ليلة من دخول أبي جعفر،و وصول هذا الكفن و هذه الدراهم،فانفقي منها ستة عشر درهما،و اجعلي أربعة و عشرين صدقة عنك و ما يلزم عليك،و أنا أتولى الصلاة عليك».فإذا رأيتني فاكتم،فإن ذلك أبقى لنفسك.و افكك هذه الخواتيم و انظر هل أجبناك أم لا؟قبل أن تجي‏ء بدارهمهم كما أوصوك،فإنك رسول».
فتأملت الخواتيم فوجدتها صحاحا،ففككت من وسطها واحدا فوجدت تحتها:ما يقول العالم عليه السلام في رجل قال:نذرت لله عز و جل لاعتقن كل مملوك كان في ملكي قديما.و كان له جماعة من المماليك؟تحته الجواب من موسى بن جعفر عليه السلام:«من كان في ملكه قبل ستة أشهر،و الدليل على صحة ذلك قوله تعالى:/حتى عاد كالعرجون القديم/ (126) و كان بين العرجون القديم و العرجون الجديد في النخلة ستة أشهر».
و فككت الآخر،فوجدت فيه:ما يقول العالم عليه السلام في رجل قال:أتصدق بمال كثير،بما يتصدق؟تحته الجواب بخطه عليه السلام:«إن كان الذي حلف بهذا اليمين من أرباب الدنانير تصدق بأربعة و ثمانين دينارا،و إن كان من أرباب الدراهم تصدق بأربعة و ثمانين درهما،و إن كان من أرباب الغنم فيتصدق بأربعة و ثمانين غنما،و إن كان من أرباب البعير فبأربعة و ثمانين بعيرا،و الدليل على ذلك قوله تعالى:/لقد نصركم الله في مواطن كثيرة و يوم حنين/ (127) فعددت مواطن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قبل نزول الآية فكانت أربعة و ثمانين موطنا».و كسرت الأخرى فوجدت تحته:ما يقول العالم عليه السلام في رجل نبش قبرا و قطع رأس الميت و أخذ كفنه؟
الجواب تحته بخطه عليه السلام:«تقطع يده لأخذ الكفن من وراء الحرز،و يؤخذ منه مائة دينار لقطع رأس الميت،لأنا جعلناه بمنزلة الجنين في بطن أمه من قبل نفخ الروح فيه،فجعلنا في النطفة عشرين دينارا،و في العلقة عشرين دينارا،و في المضغة عشرين دينارا،و في اللحم عشرين دينارا،و في تمام الخلق عشرين دينارا،فلو نفخ فيه الروح لألزمناه ألف دينار،على أن لا يأخذ ورثة الميت منها شيئا،بل يتصدق بها عنه،أو يحج،أو يغزى بها،لأنها أصابته في جسمه بعد الموت».
قال أبو جعفر:فمضيت من فوري إلى الخان و حملت المال و المتاع إليه،و أقمت معه و حج في تلك السنة فخرجت في جملته (128) معادلا له (129) في عماديته (130) في ذهابي يوما و في عمادية أبيه يوما،و رجعت إلى خراسان فاستقبلني الناس،و شطيطة من جملتهم،فسلموا علي،فأقبلت عليها من بينهم و أخبرتها بحضرتهم بما جرى،و دفعت إليها الشقة و الدراهم،و كادت تنشق مرارتها (131) من الفرح،و لم يدخل إلى المدينة من الشيعة إلا حاسد أو متأسف على منزلتها،و دفعت الجزء إليهم،ففتحوا الخواتيم،فوجدوا الجوابات تحت مسائلهم.
و أقامت شطيطة تسعة عشر يوما،و ماتت رحمها الله،فتزاحمت الشيعة على الصلاة عليها،فرأيت أبا الحسن عليه السلام على نجيب،فنزل عنه و أخذ بخطامه،و وقف‏يصلي عليها مع القوم،و حضر نزولها إلى قبرها و نثر[خ ل طرح‏]في قبرها من تراب قبر أبي عبد الله الحسين عليه السلام،فلما فرغ من أمرها ركب البعير و ألوى برأسه نحو البرية،و قال:«عرف أصحابك و اقرأهم عني السلام،و قل لهم:إنني و من جرى مجراي من أهل البيت لا بد لنا من حضور جنائزكم في أي بلد كنتم،فاتقوا الله في أنفسكم،و أحسنوا الأعمال لتعينونا على خلاصكم،و فك رقابكم من النار».

غونو
11-16-2007, 12:48 PM
وينكم يا شباب