المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سيرة الدكتور الوائلي رحمة الله عليه + محظراته + ادبياته



الــــنـــاري
11-03-2007, 06:49 PM
من هو الوائلي ؟ ...




كلنا نعرف إن مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) من المدارس الجامعة التي اهتمت بنشر علومها ومعارفها إلى كل بقاع العالم، وكسب الناس إلى هذا السلمhttp://www.binsalloom.com/1427/waeli/personal/01.jpg
العظيم من الترقي بالشخصية الإنسانية المسلمة.
حتى تخرج العديد من العلماء والأدباء والخطباء الذين ذاع صيتهم وعرفت منزلتهم وخاصة في المنبر الحسيني، حتى تهاوت الناس عليهم لحسن خلقهم وتواضعهم وتوددهم إلى الناس الذي هو ضروري لكسب جماهيرية واسعة تعزز من منزلتهم، وتبتعد عن الغرور والتعالي الذي يعتبر من الحواجز التي تقطع تلك العلاقة فيتحجم فيها الإنسان ويصبح بعيداً عن الناس ولا يحسب علينا.
ومقابل ذلك أن لا ينظر الناس إلى ذلك العالم أو المرتقي إلى السلم المنبري بنظرة من الغلو والمبالغة حتى يضعوه في صورة الرجل الخارق للعادة، لأن ذلك يقود المجتمعات المتخلفة الساذجة في تقيمها لتلك الشخصيات المرموقة والإعلام البارزة إلى تراكم فكري خاطئ والتناقض بين الارتقاء بها إلى السماء أو الهبوط بها إلى الحضيض.
وهكذا ترى أن أهل البيت (عليهم السلام) يرفضون هذا التطرف والمبالغة في التقويم والمغالاة، والصادق (عليه السلام) يقول: ألا لعن الله الغلاة هلا كانوا يهودا، هلا كانوا نصارى؟!!
وبناء على ذلك يعتبر الوائلي من الشخصيات المعروفة وفق المقاييس الموضوعية معرضين عن المبالغات والتهاويل التي تتحدث بها ألسنة العوام والبسطاء والطيبين من الناس بناء على ما يمثل الرجل من موقع خطابي متقدم ومركز ديني متميز وشخصية مثيرة شهيرة ومعروفة، وهو من أبرز رموز المنبر الحسيني، وواجهة في واجهات جامعة النجف الأشرف، ومؤسس المدرسة المعاصرة للخطابة الحسينية، والعميد العظيم للسلك الخطابي.
ويعتبر الوائلي من الشخصيات الاجتماعية البارزة وله علاقات واسعة وكبيرة مع شخصيات علمية وأدبية وسياسية واجتماعية وذلك لما يتمتع به من شهرة عريضة واسعة وحصانة دينية منيعة.
ولادته وتسميته وعمره
(وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة، ومبشراً برسول من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين)[سورة الصف: الآية 6].
بهذه الآية الكريمة افتتح الشيخ الوائلي مسيرة الحياة. وكان والده ينظر إليه وهو متفاؤل بولادته الذي انتزع اسمه من كتاب الله وكان وقعها مطابقاً لمقتضى الحال حيث كانت ولادته في 17 ربيع الأول بذكرى مولد سيد البشر نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) وذكرى مولد حفيده الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) فسماه أحمد بدون تردد وبلا تأمل، وكان هذا في سنة 1347 هـ.
نسبه وأسرته
هو الشيخ أحمد بن الشيخ حسون بن سعيد بن حمود الليثي الوائلي. اشتهرت هذه الأسرة في النجف بأسرة آل حرج، وحرج هو اسم الجد الأعلى لها وهو أول من نزح من الغراف بلدهم الأصلي وهبط في النجف الأشرف على أثر معركة بينه وبين بعض العشائر، ففر إلى النجف واتخذها موطناً ومسكناً وملاذاً ولسان حاله:
بقـــــبرك لـــــذنا والقـــــبور كثيرة ولـــــكن مـــن يــحمي الجوار قليل
وتوزعت هذه الأسرة في مواطن سكناها على أماكن متفرقة ونواح شتى فقطن القسم الأكبر منها في موطنهم الأصلي في الغراف وقطنت طائفة أخرى في ناحية الحمّار من قضاء سوق الشيوخ ويعرفون بآل حطيط، واستوطن جماعة منهم منطقة الحي واشتهروا بآل باش آغا، بينما استقر بعضهم في الفيصلية وكذلك في أبي صخير وهم يمارسون مهنة الزراعة.
وهذه الأسرة من الأسرة العربية العريقة التي امتاز بعض رجالها بالأريحية والنخوة والشهامة بالإضافة إلى بروز بعض الشخصيات العلمية والأدبية كالشاعر إبراهيم الوائلي والدكتور فيصل الوائلي وغيرهم من أعلام الأسرة.
نشأته ودراسته
لقد تميزت البيئة النجفية بأنها موئل العلم والأدب باعتبارها المركز الحيوي للحوزات العلمية والدراسات الدينية، لذلك كانت رافداً مهماً في حياة شيخنا، حيث انبثق من صميم هذه البيئة المملوءة بالمفكرين والعلماء والخطباء، حتى أصبح شيخنا يمتاز بهذه الشخصية الثرية بالعلم والأدب والخطابة.
كان قربه من تلك العقول العظيمة وفي رحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) أعطت ذلك الفتى الصغير أجواء من الولاء والإيمان الزاخر بالنشاط العلمي والحيوية الدينية، حتى كانت خطوته الأولى هو التوجه نحو مكاتب القرآن الكريم ويتعلم مبادئ القراءة والكتابة ويخزن في عقله الآيات، وكان عمره حينذاك سبع سنوات.
وكان أول أستاذ يتعلم على يديه هو الشيخ عبد الكريم قفطان الذي أشرف على تعليمه في مسجد الشيخ (علي نواية)، ثم ولج المدارس الرسمية وانتسب لمدرسة الملك غازي الابتدائية، ثم دخل في مدارس منتدى النشر حتى تخرج منها في عام 1962، وحصل على البكالوريوس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية، ثم أكمل الماجستير في جامعة بغداد.
وكانت رسالته (أحكام السجون) الكتاب المطبوع المتداول اليوم، ثم قدم الدكتوراه في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة حتى نالها بأطروحته المعنونة (استغلال الأجير وموقف الإسلام منه).
وإلى جانب ذلك توغل الوائلي بالدراسة الحوزوية وقرأ مقدمات العلوم العربية والإسلامية وتدرج فيها حتى المراحل المتقدمة على يد نخبة من أساتذة الحوزة المبرزين منهم الشيخ علي ثامر، والشيخ عبد المهدي مطر، والشيخ علي سماكة، والشيخ هادي القرشي، والسيد حسين مكي العاملي، والشيخ علي كاشف الغطاء، والسيد محمد تقي الحكيم، والشيخ محمد حسين المظفر، والشيخ محمد رضا المظفر والشيخ محمد تقي الإيرواني، وهؤلاء الأساتذة هم علية القوم ومفاخر الحوزة، وقطع الأستاذ الوائلي شوطاً من حياته الدراسية التي يعتز بها في ظل هذه الكوكبة اللامعة.
و في ما يلي قائمة موجزة بدراسات الشيخ الحوزوية وشهاداته الأكاديمية: http://www.binsalloom.com/1427/waeli/personal/02.jpg


"دراسات الجوامع " الحوزوية وهي تتكون من ثلاث مراحل


المرحلة الأولى (مرحلة الأوليات).

المرحلة الثانية (مرحلة السطوح).

المرحلة الثالثة (البحث الخارج)، واستهلكت عشرين عاماً.

بكالوريوس لغة عربية وشريعة (جامعة بغداد).

ماجستير الشريعة والتفسير (معهد الدراسات العليا في بغداد).

دبلوم اقتصاد (المعهد العالي – مصر).

دكتوراه في الشريعة – قسم الاقتصاد الإسلامي (دار العلوم في القاهرة).


خطابته
للوائلي تاريخ عريق ومجد أصيل في خدمة المنبر الحسيني الشريف فقد تدرج منذ بواكير حياته في هذا الاتجاه وتبلورت في شخصه إمارات النبوغ وسمات التفوق منذ عهد بعيد حسب ما تنص الوثائق والمستندات التاريخية والاجتماعية حتى أصبح ركناً هاماً من أركان الخطابة الحسينية، وعلماً من أعلامها، إلى أن ألقت إليه زمامها، وسلمته قيادها، بعد أن خلت الساحة من فرسانها، فكان الوريث لميدانها، واستلام عنانها، بحق وجدارة، فهو اليوم أستاذ لجيل من نوابغ الخطباء المعاصرين، ومقياس لمستوى الخطيب الناجح، والعبقرية الفذة في الأسلوب، لذلك اعتبر المؤسس للمدرسة الحديثة لخطابة المنبر الحسيني.
إن أوليات الأستاذ الوائلي في الخطابة وارتقاء المنبر الحسيني هي في العقد الأول أو على مشارف العقد الثاني من عمره وزاول ما يعرف خطابياً بقراءة المقدمة حتى إذا تناصف العقد الثاني من عمره انفرد بنفسه، وكانت مجالسه الابتدائية في النجف والكوفة والحيرة والفيصلية من بداية الأربعينات من هذا القرن.
واستمر يقرأ في مختلف المناطق العراقية كالبصرة والشطرة والناصرية والحلة وبغداد والمجر الكبير والسماوة والنجف وكربلاء وبعض القرى والمدن العراقية الأخرى. حتى عام 1951، وفيها دعي للقراءة في الكويت في الحسينية الخزعلية بمناسبة العشرة الأولى من شهر محرم.
واستمر في مجلسه هذا تسع سنوات بعدها انتقل إلى البحرين في عام 1960 م حتى عام 1965 م في مأتم ابن سلّوم ثم عاد إلى الكويت واستمر حتى منتصف الثمانينات ثم مضى إلى العاصمة البريطانية وقرأ فيها مجالس عاشوراء.
أما في العشرات الأخرى من الشهر فإنه يوزعها على أقطار وأمصار مختلفة عراقية وغير عراقية، أما في شهر رمضان فكانت مجالسه المشهودة في بغداد ثم انتقل إلى مسجد الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة حتى عام 1995 م.
وعرف عن الوائلي انه لا يقرأ في منطقة أكثر من عشر أيام حتى ينتقل إلى أخرى ويبقى الشوق إلى مجالسه، ويبقى تألقه فوق المنبر.
شعره
يتميز شعر الأستاذ الوائلي بفخامة الألفاظ وبريق الكلمات وإشراقه الديباجة، فهو يعني كثيراً بأناقة قصائده، وتلوين أشعاره بريشة مترفة.
لذلك فهو شاعر محترف مجرب ومن الرعيل الأول المتقدم من شعراء العراق. وهو شاعر ذو لسانين فصيح ودارج، وأجاد وأبدع بكليهما، وهي بحق من عيون الشعر الشعبي كقصيدة (حمد) وقصيدة (سيارة السهلاني) وقصيدة (شباك العباس) وقصيدة (سوق ساروجه) وقصيدة (داخل لندن) وقصيدة (وفد النجف) وكلها من القصائد الرائعة. ويجري الشعر على لسانه مجرى السهل الممتنع بل ويرتجله ارتجالاً.
ورسم الأستاذ الوائلي قصائده المنبرية بريشة الفنان المتخصص الخبير بما يحتاجه المنبر الحسيني من مستوى الشعر السلس المقبول جماهيرياً وأدبياً فكانت قصائده في أهل البيت طافحة بالحرارة والتأثير.
وللوائلي دواوين صغيرة مطبوعة تحت عنوان الديوان الأول والديوان الثاني من شعر الشيخ أحمد الوائلي، وقد جمعت بعض قصائده التي تنوعت في مضامينها في ديوانه المسمى باسم (ديوان الوائلي) والتي كانت من غرر أشعاره في المدح والرثاء والسياسة والشعر الأخواني. ومن شعره في أهل البيت قصيدة في رثاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) لم تطبع كغيرها في ديوان شعره مطلعها:
أفيـــــضي فـــبرد الليل مدّ حواشيه وعــبّي فــــؤاد الكرم راقت دواليه
وجاء في أواخرها:
أبـــــا حســـــن والليل مرخٍ سدوله وأنـــــت لـــوجه الله عــان تناجـيه
براك الضنا من خوف باريك في غد وقد أمن المغرور مـــن خوف باريه
وغالتك كـف الرجس فانفجع الهدى وهدّت من الدين الحنــــيف رواسيه
وهي أكثر من أربعين بيتاً طبعت في كتاب شعراء الغري للخاقاني مع مجموعة أخرى من شعره القديم.
وله قصيدة في رثاء علي الأكبر في خمس وأربعين بيتاً لم تطبع كذلك في ديوانه، طبعها السيد المقرّم في كتابه (علي الأكبر) مطلعها:http://www.binsalloom.com/1427/waeli/personal/04.jpg
هــــل مــــن ســـــبيل للرقاد النائي ليداعـــــب الأجــــــفان بــــالإغفاء
أم إن مـــــا بـين المحاجر والكرى ترة فــــلا يــــألفن غـــــير جــــفاء
أرق إذا هــــدأ الســــمير تعوم بي الأشــــواق فـــي لجج من البرحاء
أقسمت إن أرخــــى الظلام سدوله أن لا أفــــارق كــــوكب الخـــرقاء
فـــــإذا تـــــولى الليل أسلمني إلى وضــــح النــــهار محـطم الأعضاء
لا عضــــو لي إلا وفيه من الجوى أثر يـــــجر إلـــــيه عــــين الرائي
قــــلق الوضين أبيت بين جوانحي همـــــم تــــحاول مصــعد الجوزاء
مؤلفاته
لاشك أن التأليف فن قائم بذاته كفن الخطابة وكموهبة الشعر وغيرها من الفنون والمواهب الأخرى.. إلا أن الوائلي يعتبر خطيباً أفضل منه كاتباً. وهذه أهم مؤلفاته والتي تناول فيها جوانب مختلفة وطرق أبواباً شتى:


أحكام السجون في الشريعة الإسلامية.

استغلال الأجير وموقف الإسلام منه.

هوية التشيع.

إيقاع الفكر.

من فقه الجنس في قنواته المذهبية.

جمعيات حماية الحيوان في الشريعة الإسلامية.

الخلفية الحضارية لموقع النجف قبل الإسلام.

تجاربي مع المنبر.

نحو تفسير علمي للقرآن الكريم.

دفاع عن العقيدة.

الأوليات في حياة الإمام علي (ع).

ثلاثة دواوين مطبوعة.

هذا بالإضافة إلى عدة مخطوطات نأمل أن تجد طريقها للنشر.
ملامح من فكره
قد يكون من الصعب الإحاطة بفكر غزير مثل فكر الدكتور الوائلي، لكننا سنحاول وضع ملامح عامة لما خلفه فقيدنا الكبير.

يتبع...

الــــنـــاري
11-03-2007, 06:51 PM
أ ـ المنبر الحسيني: يضع الدكتور الوائلي الإمام الحسين (ع) في وعاء الرسالة الذي يبتعد عن المزايدات والمبالغات، ويستشف من وراء كل تحرك وكل مفردة من مفردات واقعة الطف الهدف الكبير والسر الكامن، وفي الوقت ذاته استجلاء محتويات هذه الواقعة وتقديمها دروساً نستلهمها في مسيرة الحياة.
لذلك سعى مع رفيق دربه الشهيد السيد محمد باقر الصدر(قده) إلى رفع المستوى العام للمنبر بما يليق بصاحبه (ع)، وقالا إن لذلك ثلاث خطوات:


1 ـ تقعيد المنبر: بمعنى أن يصدر عن قواعد وعلم منهجي.
2 ـ إثراء مادة المنبر: بحيث تتنوع مضامين المحاضرات وتلتمس المواد المشوّقة للسامع المفهومة لديه.
3ـ العمل على الارتقاء بالمنبر حتى يصل إلى مستوى مرجع متجول، يرجع إليه الجمهور للتعرف إلى كثير مما يهمه في حياته من عقائد وأحكام شرعية.
ورأى ـ سماحته ـ أن من أخلاقيات المنبر الحسيني ما يأتي:


1 ـ أن يهدف العمل لوجه الله تعالى قبل كل شيء.
2 ـ الارتباط بالمصلحة العامة والنأي بعيداً عن التحول إلى مدية بيد فئة أو فرد ضد فئة أو فرد آخر بدوافع شخصية.
3 ـ ارتفاع ممارسة العمل المنبري عن إرضاء العوام على حساب الحقائق والقيم.
ودعا في كتابه القيّم "تجاربي مع المنبر"، إلى عدم حصر الحسين في نطاق الدمع والمأساة فقط، بينما هو ثورة على الباطل، ومنهج سلك الشهادة لبناء المجتمع.
ب ـ شبهات حول الإسلام: كان الشيخ الوائلي خصماً عنيداً لأعداء الإسلام من مستشرقين وكتاب غربيين، ممن حاولوا تشويه دين الله والإساءة إليه، ونسبة آراء مغلوطة إليه.
فكان ـ العلاّمة ـ يتصدى لهم بالدليل والبرهان، ولا يكتفي بالأدلة الشرعية الإسلامية المأخوذة من الكتاب والسنة، بل كان يقارعهم بحجج عقلية ومنطقية وعلمية نظراً لدراساته الموسعة واطلاعاته الكثيرة. ومن أهم الشبهات التي فندها: شبهة انتشار الإسلام بالسيف، حقوق المرأة في الإسلام، شبهة وثنية بعض الشعائر الإسلامية، حقوق الإنسان، هل الإسلام دين عنف ودم؟!.. وغيرها.
ج ـ شبهات حول التشيع: وكان بسعة اطلاعه على المذاهب الإسلامية كافة، خير مدافع عن مذهب أهل البيت (ع)، فكان يفند الشبهات الملقاة على التشيع من كتب بعض الكتاب من المذاهب الإسلامية الأخرى، مستعيناً بالأحاديث التي ينقلونها وبآراء علمائهم.
ومن أهم الشبهات التي فندها وأبدع في ذلك: قصة عبد الله بن سبأ، مسألة الإمامة، حياة الخلفاء، العصمة، زواج المتعة، الشعوبية، المهدوية.. وغيرها.
د ـ الوحدة الإسلامية: كان من رواد الوحدة الإسلامية، فدعا "فرق المسلمين إلى أن يدرسوا بعضهم بعضاً بروح علمية، وأن يتبينوا الخلفيات المشبوهة التي أدت دوراً كبيراً وما زالت في تمزيق المسلمين. كما دعاهم إلى وعي "وحدة المنبع عند المسلمين.. إن القرآن إمامنا والسنة النبوية رائدنا.. لا ينبغي لنا أن نبقى "متفرجين" دون أن نجند الفكر الشريف والقلم النظيف في ميادين وحدة المسلمين".
هـ ـ البحث عن الحقيقة: كان ـ سماحته ـ دائم البحث عن الحقيقة، ويأخذها أنّى وجدها من دون تعصب أو هوى.. وكان منهجه "الدليل والبرهان". فكان مثلاً يمدح كل مسلم موضوعي حتى لو اختلف معه في المذهب، وكان يذم كل متعصب حتى لو اتفق معه في المذهب. وكان يدرس رواية معينة فيرفضها إذا بان فسادها، حتى لو كانت تنصر مذهبه.. "إن كل رأي أو اتجاه أو استنباط لا ينتهي إلى الكتاب والسنّة فهو إلى النار ومضروب به عرض الجدار كائناً من كان قائله.. وانطلاقاً من ذلك فأي رأي ينتصر على رأي آخر من مسلم على مسلم لا يعتبر ربحاً لأحد وخسارة لآخر، بل هو نصر للإسلام والحقيقة والعلم.. هذا منطق كل من قال لا إله إلا الله.. أما من يستظل براية الهوى والتعصب ويسلك درب العناد واللجاج فليس من الله ولا من العلم في شيء".
و ـ مقارنة الآراء: تمتاز مدرسة الوائلي بعدم اعتمادها "الجزمية الفكرية" التي تشكل أحد المظاهر السلبية في مجتمعنا. ويتجلى ذلك في محاضراته عندما يفسر آية قرآنية معينة، فيقدم كل الآراء المطروحة في تفسيرها، ولا يجزم بصحة أي من تلك التفاسير إلا في حالات نادرة، وذلك عملاً بمبدأ جواز الاختلاف والاجتهاد، وحق كل شخص في أن يعمل بدليله.
ولذلك يكثر سماحته من استعمال الكلمات التي تفتح المجال أمام المستمع للتفكير مثل: أعتقد، أظن، أتصور.. وغيرها.
وقد ربّى هذه الملكة من خلال سعة تبحره واطلاعه على كل المذاهب، فلم يحصر علمه بمذهب دون آخر، فها هو يقول: "(من) الأمور التي عملتها وأكدت التجارب صوابها، الانفتاح على تراث المذاهب الإسلامية الأخرى والتفاعل معها نقداً وتقويماً بأعصاب هادئة وموضوعية تامة واتباع الدليل.. وقد برهنت لي التجارب أن هذا المنهج مثمر وفاعل".
ز ـ العقل والعلم: كان يستخدم الدليل العقلي والعلمي في كثير من الأحيان، سواء في الحكم على حديث أو رواية أو في الحكم على بعض الآراء.
ح ـ مواكبة العصر: كان دائم الدعوة إلى مواكبة حركة المنبر والتجربة الاجتهادية والخطاب الإسلامي، عصرنا الذي نعيش فيه، وما شهده من ثورة علمية ومعرفية.
وفاته
بعد عدة أيام من عودته إلى بلده العراق، وبعد 24 عامًا قضاها في المنفى، وعن عمر ناهز السابعة والسبعين، توفي عميد المنبر الحسيني قبيل صلاة
http://www.binsalloom.com/1427/waeli/personal/03.jpg
الظهر في يوم الاثنين 14/7/2003م الموافق 14/جمادى الاولى/1424هـ، في مدينة بغداد بعد معاناة طويلة مع المرض.
في مساء ذلك اليوم أعلنت مساجد بغداد نبأ وفاته عبر مكبرات الصوت، و في اليوم التالي (الثلاثاء) خرجت حشود هائلة من مريديه لتشييعه حيث أقيمت الصلاة على روحه في وسط العاصمة بغداد، وتوجه بعدها موكب التشييع إلى مدينة النجف الأشرف التي تبعد 180 كيلومترًا جنوب بغداد ترافقه حافلات المشيعين، ودفن رحمه الله في مسقط رأسه النجف كما أراد حيث أنه كان قد أبلغ أتباعه في العراق برغبته في العودة إلى الوطن من أجل أن يدفن في النجف الأشرف في حالة وفاته بعد أن اشتدت معاناته من مرضه العضال.
رحمه الله وأسكنه الفسيح من جناته.




للاستماع لبعض محاضراته رحمة الله عليه
اضغط هنا (http://www.alnassrah.com/showthread.php?p=507676#post507676)
يتبع

الــــنـــاري
11-03-2007, 06:56 PM
أدبيات الشيخ ...
لشعر عند الدكتور الوائلي احد السمات البارزة في شخصيته، فقد تحرك من خلال الشعر على الكثير من القضايا والشؤون السياسية والاجتماعية، وعالجها معالجة إسلامية واعية. وقد تنوعت قصائد الفقيد في أغراضها بين مدح أهل البيت عليهم السلام ومناجاتهم، مرورا بواقعة كربلاء وما حضيت به من عناية بالغة في شعر الوائلي، إلى فلسطين ولبنان والصراع العربي الصهيوني، و وصولا للقضايا الوطنية في العراق وغيرها من القضايا المعاصرة. كلها كانت أغراض تعرض لها الفقيد في شعره الذي يتميز بفخامة الألفاظ وبريق الكلمات وإشراقه الديباجة، فهو يعني كثيراً بأناقة قصائده، وتلوين أشعاره بريشة مترفة.
في ما يلي مختارات متنوعة من شعر المرحوم الدكتور الوائلي:

آخر قصيدة للفقيد الراحل سماحة الدكتور الشيخ أحمد الوائلي قدس الله روحه الطاهرة عند مرضه بمرض في الرئة تحت عنوان (( رسالة للحسين (ع)) -


رسالة للحسين (ع)
أيهـا الرمـلة التي حضـنت جـسم حسينَ ولفعـته رداءا
بلغي عني السلام حسيناً واحمليني استغاثةً ونداءا
واسكبيني دمعأ على رملك الأسمر يجري محبة و ولاءا
وامزجـيني بآهـة نفثتـها زينـب يوم قاسـت الأزراءا
وبآهات نسوة منذ يوم الطف الآن الهبت كربلاءا
واخبريه بأنني لم اعد اقوى على حمل ما اردت اداءا
لم اعد ذلك النعي الذي يحمل ذكراه لوعة وشجاءا
ويناغي بوجده ساجعات كم حملن الحنين والاصداءا
واواسي به النبي واشجي لعلي واسعد الزهراءا
عشرات السنين وهو بثغري نغم عاش يسحر الاجواءا
نغمٌ يحمل البطولة والامجاد في كل ما بها والفداءا
ويحث الدنيا لتزرع اغلى تضحيات وتحصد الآلاءا
رغم ان المصاب شئ يفوق الوصف وقعاً ويعجز الاحصاءا
فثمار السراء لا تتآتى دون ان يحتسي الفتى الضراءا
سيدي، انني إليك انتماء ولو اني لا ابلغ الانتماءا
فطموحات الطين والحمأ المسنون هيهات تبلغ الجوزاءا
غير اني ادعي بكم وأُمني النفس ان تسعد المُنى الادعاءا
فأعدني إلى رحابك يا من يحمل النُبل كُله والوفاءا
واسئل الله يا دماً بارك الأرض وارضى بما توخى السماءا
سَلهُ دفع السُقام عني بلطف منه عم الدنيا ويشفي الداءا
فيداه مبسوطتان لمثلي ينفق الفضل فيهما كيف شاءا
يا حسينُ يا من شدوتُ به صبحاً وناجيته بوجدي مساءا
لك مني رسالة من أنينٍ في تضاعيفه سكبتُ الرجاءا
أتقرّى بها جداكَ مُلحاً وأُرجي من الحضور الدُعاءا
وأنادي أي من تخذت ضحايا سُلّم المجد سادةً شهداءا
إن أجواءنا ظلامٌ فَعلِّمنا بأن نسرج الدماءَ ضياءا
وتقبل منا مواسمَ قامت لتواسي الأئمة الأصفياءا
وأَعدنا للصاعداتِ وأهمنا بأن نحمل الحسين لواءا


في رحاب المصطفى (ص) - 1976م
أتيتُك بالأشـواق.. أطفـو وأرسبُ **** وكُـلّيَ آمـالٌ، وكُلُّـك مـَطلبُ
ملـكتَ على بُعد الـديار مشاعري ***** فأنتَ إلى قـلبي من الفكر أقربُ
إلى أن دنـت مِنّي الدّيارُ وأصبحت ***** قبابُك في عـيني تَهِـلُّ وتُعجِبُ
تلاشت حدودي في حدودِك والهوى ***** تُـوَحَّـد أشـتاتٌ بـه وتُـذَوَّبُ
فعُدتُ ومـا إلاّك عنـد مشـاعري ***** فأنت بها فِكرٌ، ودِيـنٌ ومـذهَبُ
* * *
ولمّا وطأتُ المِسْكَ مِن أرض طِيبةٍ ***** وهَبّ عبـيرٌ مِن شذى الخُلدِ أطيبُ
وأقحمتُ طَرْفي لُجّةَ النـور لَوّحتْ ***** شـمائلُ أشـهى مِن خميلٍ وأعذبُ
تخيّلتُ عشـراً مـِن قرونٍ وأربعـاً ***** ستُبعد طَرفي عن رُؤاك.. وتَحجِبُ
ولكنْ رأيتُ الأمسَ عندي بسـحرهِ ***** ثـريّاً.. كما يهوى الجلال ويطلبُ
كأنّ السنيـن الذاهبـاتِ وبُـعدَهـا ***** مَـرايا بـها تـدنو إليَّ وتـَقربُ
ولملمتُ طَرفي مِن سَـناك ولمعـهِ ***** كذا الشمسُ تعشو العينُ منها وتتعبُ
وراودتُ فكري أن يعيـك.. فـرَدَّه ***** بـأنّك أوفى مِـن مـداه.. وأرحبُ
فآويـتُ للـذكرى يمـسّ سلافَهـا ***** فمي.. فـإذا رِيـقي لهـا يتـحلّبُ
وهوّمـتُ للأصداء تُسكر مسمـعي ***** بأنغامها.. فـالدهرُ هيمانُ مُطـرَبُ
* * *
سماحاً أبـا الزهراءِ أن جئتُ أجتلي ***** سَناك.. وأستهـدي الجلالَ وأطلبُ
إذا لم تُؤمِّلْ فيـضَ نورك ظُلمـتي ***** فمِن أين يرجو جلوةَ النورِ غيهَبُ ؟
وإن لم يَلـجْ ذَنْـبي ببـابك خاشعـاً ***** فمِن أين يرجو رحمةَ اللهِ مُذنبُ ؟!
ومِثْلُك مَن أعطى، ومِثْلي مَنِ اجتدى ***** فـإنّ السما تنهلُّ والأرضُ تشربُ
أهَبْتُ بنـقصي فاستجـار بكـامـلٍ ***** إلى ذاتـه يُنـمى الكمـالُ ويُنسَبُ
وأغرى طِـلابي أنّ فيـضَ مَعيـنهِ ***** مدى الدهر ثَرٌّ.. ما يَجِفُّ ويَنضَبُ
وعفّرت خـدّي في ثرىً مسّ عفرَه ***** لجـبريلَ مِن جنحَيهِ ريشٌ مُزَغَّبُ
وفيـه مـحـاريـبٌ لآل مـحمّـدٍ ***** بـهنّ ضراعـاتٌ إلى الله تُنصَبُ
وآثـارُ أقـدامٍ صغـارٍ ومَهْـجَـعٌ ***** إلى الحسـنَينِ الزاكيـينِ ومَلعبُ
وصوتُ رَحى الزهراء تَطحنُ قُوتَها ***** إلى جِلْدِ كبـشٍ حيث تجلسُ زينبُ
رؤىً سوف يبقى الدهر يروي جلالَها ***** وتبقى على رغم البسـاطة تأشبُ
* * *
عَهِدتُـك والقـرآن نـورٌ وحكـمةٌ ***** يَشـدُّ إليـه التائـهين.. ويَجـلِبُ
وأنت عطاءٌ.. كلّما احتـاجتِ الـدُّنا ***** إلى مكـسبٍ منه تَوَلَّـد مكـسبُ
وأنـت طُمـوحٌ.. نـال كلَّ مُمـنَّعٍ ***** ولم يُرضِه من غاربِ النجم مَنكبُ
وأنت شموخٌ.. في النـوائب مُرقِـلٌ ***** عـلى عَـزَماتٍ كـلُّهُـنّ تـَوَثُّبُ
وأنت إذا مـا التـاثَ رأيٌ إصـابةٌ ***** مُسَدّدةٌ عن صائبٍ الرأي تُعـرِبُ
فمـا بـالُنـا لا نجـتليـك بتَيهـِنا ***** وأنت لنا نبعٌ وروضٌ مخصّـَبُ!
* * *
فَهَبْـنا أبا الـزهراء قُوتـاً، فلم يَعُدْ ***** بمِـزودِنا ما يُستـطابُ ويَعـذُبُ
ورُدَّ لنـا هـذا الأصـيلَ لفجـرِنا ***** إلى النبعِ يَهمي النورُ ثَرّاً ويسكبُ
وسَدِّدْ خُطـانا بالطـريق.. فدربُـنا ***** طـويلٌ على أقـدامنـا مُتَشـعِّبُ


إلى أبي تراب - 1977م
غالى يسارٌ واستخفَّ يمينُ بك يا لكهنك لا يكاد يبين
تُجفى وتُعبد والضغائن تغتلي والدهر يقسو تارةً ويلين
وتظلّ أنت كما عهدتُك نغمة للآن لم يرقى لها تلحين
فرأيت أن أرويك محض رواية للناس لا صور ولا تلوين
فلا أنت أروع إذ تكون مجرداً ولقد يضر برائع تثمين
ولقد يضيق الشكل عن مضمونه ويضيع داخل شكله المضمون
إني أتيتك أجتليك وأبتغي ورداً فعندك للعطاش معين
وأغض عن طرفي أمام شوامخ وقع الزمان وأسهن متين
وأراك أكبر من حديث خلافة يستامها مروان أو هارون
لك بالنفوس إمامةٌ فيهون لو عصفت بك الشورى أو التعيين
فدع المعاول تزبئر قساوةً وضراوةً إن البناء متين
*****
أأبا تراب وللتراب تفاخر إن كان من أمشاجه لك طين
والناس من هذا التراب وكلهم في أصله حمأ به مسنون
لكن من هذا التراب حوافر ومن التراب حواجب وعيون
فإذا استطال بك التراب فعاذرٌ فلأنت من هذا التراب جبين
ولئن رجعت إلى التراب فلم تمت فالجذر ليس يموت وهو دفين
لكنه ينمو ويفترع الثرى وترف منه براعمٌ وغصون
*****
بالأمس عدت وأنت أكبر ما احتوى وعيٌ وأضخمُ ما تخال ظنون
فسألت ذهني عنك هل هو واهم فيما روى أم أن ذاك يقين
وهل الذي ربى أبي ورضعت من أمي بكل تراثها مأمون
أم أنه بعد المدى فتضخمت صور وتخدع بالبعيد عيون
أم أن ذلك حاجة الدنيا إلى متكامل يهفو له التكوين
فطلبت من ذهني يميط ستائراً لعب الغلوُّ بها أو التهوين
حتى أنتهى وعيي إليك مجرداً ما قاده الموروث والمخزون
فإذا المبالغ في علاك مقصر وإذا المبذر في ثناك ظنين
وإذا بك العملاق دون عيانه ما قد روى التاريخ والتدوين
وإذا الذي لك بالنفوس من الصدى نزر وإنك بالأشد قمين
*****
أأبا الحسين وتلك أروع كنيةٍ وكلاكما بالرائعات قمين
لك في خيال الدهر أي رؤى لها يروي السَّنا ويترجم النسرين
هن السوابق شزبا وبشوطها ما نال منها الوهن والتوهين
والشوط مملكة الأصيل وإنما يؤذي الأصائِل أن يسود هجين
فسما زمان أنت في أبعاده وعلا مكان أنت فيه مكين
*****
آلاؤك البيضاء طوقت الدُّنا فلها على ذمم الزمان ديون
أفق من الأبكار كل نجومه ما فيه حتى بالتصور عون
في الحرب أنت المستحم من الدِّما والسلم أن التين والزيتون
والصبح أنت على المنابر نغمة والليل في المحراب أنت أنين
تكسوا وأنت قطيفةٌ مرقوعةٌ وتموت من جوع وأنت بطين
وترق حتى قيل فيك دعابة وتفح حتى يفزع التنين
خلق أقل نعوته وصفاته أن الجلال بمثله مقرون
*****
ماعدت ألحو في هواك متيماً وصفاتك البيضاء حورٌ عين
فبحيث تجتمع الورود فراشة وبحيث ليلى يوجد المجنون
وإذا سئلت العاشقين فعندهم فيما رووه مبرر موزون
قسماً بسحر رؤاك وهي إلية ما مثلها فيما أخال يمين
لو رمت تحرق عاشقيك لما ارعووا ولقد فعلت فما ارعوى المفتون
وعذرتهم فلذى محاريب الهوى صرعى ودين مغلق ورهون
والعيش دون العشق أو لذع الهوى عيش يليق بمثله التأبين
ولقد عشقتك واحتفت بك أضلعي جمراً وتاه بجمره الكانون
وفداء جمرك إن نفسي عندها توق إلى لذعاته وسكون
*****
ورجعت أعذر شانئيك بفعلهم فمتى التقى المذبوح والسكين
بدر وأحد والهراس وخيبر والنهروان ومثلها صفين
رأس يطيح بها ويندر كاهل ويد تجذ ويجذع العرنين
هذا رصيدك بالنفوس فما ترى أيحبك المذبوح والمطعون
ومن البداهة والديون ثقيلة في أن يقاضى دائن ومدين
حقد إلى حسد وخسة معدن مطرت عليك وكلهن هتون
راموا بها أن يدفنوك فهالهم أن عاد سعيهم هو المدفون
وتوهموا أن يغرقوك بشتمهم أتخاف من غرق وأنت سفين
ستظل تحسبك الكواكب كوكباً ويهز سمع الدهر منك رنين
وتعيش من بعد الخلود دلالةً في أن ما تهوى السماء يكون


غرس أبي تراب
في مجالي نهج البلاغة حوُر***شهد الأفق إنهن بدورُ
آخذات باللب مبنى ومعنىً***فالمعاني مضيئة والسطورُ
هي دنيا فكر بها الأرض تزهو***بالبراعات والسماءُ تمورُ
صعدت عندها الروائع فالأنجم***درب بأفقها وعُبورُ
ساحرات الرؤى فليس ببدع***أن من يلتقي بها مسحور
وسُلاف من خالها دون أن يشرب***يغدو وذهنه مخمور
أفهل للملام معنى لأنف***أخذته بما تنث العطور؟
وهل العاشقون إلاّ سبايا***وأخو العشق مرغم مقهور؟
قلت للسائلين والقلم التافه***يَفتّن فيه أفك وزورُ
وضح الانتماء بالنهج فليسكت***زعم يخطه موتور
إنّه ابن القرآن والابن كالأب***وإن لجّ حاقد مأجور
يتمادى فينكر البدهيات***فحجر بوعيه محجور
وغباء أن لا يرى الأصل بالفرع***وبالفرع تستبين الجذور
فوراء الشعاع لا بد شمس***ووراء النهج الشذي زهورُ
غير أن الأنغام يسأل عنها***صادحات الخميل إلاّ اليعفور
قممُ الفكر في كتاب علي***شاهقات تنحط عنها الصقور
نائيات بها الشوارد إلا***لجناح على الصعود صبور
وعروس الأفكار إلاّ على ذهن***حصيف جمالها مستور
فإذا لم يسدُ الذهن إلهام***فلا يجتلي الخفاء ظهور
هو قانون الضوء من دونه***الأعين لا يستجيب فيها النور
فأعني لأجتلي إن طرفي***عنك من شدة السنا محسور
إن يك النهج وهو نحوك دربٌ***فيه ما قد تقلدته النحور
فعلى القطع أنت مقلع در***جانباه المنظوم والمنشور
فكرٌ حرٌ وديباجة غراً***ونبرٌ مموسق وأمورُ
ومعان من خدرها سافرات***ومعان تضمهن خدور
إنّه النهج محض باب إلى حقل***به الخصب والجنى موفورُ
أنت فيما به كتاب وسيف***وهزار يشدو وليث هصور
ونبي البيان مثل نبي الشرع***تشفى بما يقول الصدور
يا خميل الفصحى وروض المعاني***وسط صحراء بالهجير تفورُ
إن يك النهج ما لفظت فماذا***أنت يا فلتة روتها الدهور
يا تسابيح ناسك ما تعاطى***دنس الشرك بيته المعمور
يا صدى راهب يهز حشايا***الليل والنجم في السماء يغور
أنت معنى من وسعه كل لفظ***فيه ضيق عن حجمه وقصور
اغتفر أيّها الوحيد فللإلحاد***حجم تضيق عنه الكسور
سيدي يا أبا تراب يتيه***الغرس فيه وتشرأب الجذور
أنا فيما ينمى إليك وما تحكيه***عن وجهك الرؤى مأسور
هزني أنني المهموم في دنياك***حتى يفيق مني الشعور
وتصلي مشاعري عند محراب***به تدمن الصلاة العصور
أنا ما غبت عنك يوماً ولكن***أثملتني الرؤى فدب الفتور
وبمحراب العشق من عاش يدري***أن من ذاب بالهوى معذور
إنّه ديدن المحبين أدنى***ما يلاقوه أن يغيب الحضور
قد سألتُ الزمان يوماً لماذا***عنك يلوي بوجهه ويحور
يتحاشى النبع المذال ويحسو***وشلاً ما تذوقته الثغور
فكأن العيون ما بين مراءها***وما بين نبيك الثر سور
فتعرفت منه أنك سنخ***ليس من سنخهم فكان النفور
إن كل الرياح جنس ولكن***عُدَّ منها الصبا ومنها الدبور
قد قضى الله أن بالأرض فيروزاً***وفيها جنادلٌ وصخور
وقضى أن معشر الجُعَل المنتن***بالطبع عشقه البعرور
وبأن الفراش يعشق حسنَ***الضوء حتى يموت وهو يدورُ

يتبع . . .

الــــنـــاري
11-03-2007, 07:02 PM
الصديقة الزهراء - 1979م
كيف يدنُو إلى حَشَاي الدَّاءُ *** وبقلبي الصديقة الزهراءُ!
مَن أبوها وبعلُها وبنوها *** صفوةٌ ما لمثلهم قُرناءُ
أفُقٌ ينتمي إلى أُفُق الل *** ه وناهيك ذلك الانتماءُ
وكيانٌ بناهُ أحمدُ خُلقاً *** ورَعَتْهُ خديجةُ الغرَّاءُ
وعليٌّ ضجيعُهُ يا لرُوحٍ *** صنعتهُ وباركتهُ السماءُ
أيّ دهماء جلَّلت أُفُق الإس *** لام حتى تنكَّرَ الخُلصاءُ!
أطعموكِ الهوان من بعد عزٍّ ***وعن الحُبِّ نابتِ البغضاءُ
أأُضِيعَكْ آلاءُ أحمد فيهم *** وضلالٌ أن تُجحد الالاءُ؟
أو لم يعلموا بأنَّكِ حُبّ ال *** مُصطفى حين تُحفظُ الآباءُ؟
أفأجرُ الرسول هذا، وهذا *** لمزيدٍ من العطاء الجزاءُ؟
أيُّها المُوسِعُ البتولة هضماً *** ويك ما هكذا يكُون الوفاء
بُلغةٌ خصَّها النبيُّ لذي القُر *** بى كما صرَّحت به الأنباءُ
لا تُساوي جُزءاً لما في سبيل ال*** له أعطته أمُّك السَّمحاء
ثُمّ فيها إلى مودَّة ذي القُر*** بى سبيلٌ يمشي به الأتقياءُ
لو بها أكرموكِ سُرَّ رسول ال***له يا ويح مَن إليه أساءُ
أيُذادُ السِّبطان عن بُلغة العي***ش ويُعطى تُراثهُ البُعداءُ
وتبيتُ الزهراءُ غرثى ويُغذى***من جناها مروان والبُغَضاءُ
أتروح الزهراءُ تطلُب قوتاً***والذي استرفدُوا بها أغنياءُ
يا لوجد الهُدى أجل وعلى الدُّن***يا وما أوعَبَت عليه العَفَاءُ
نهنهي يا ابنة النبي عن الو***جد فلا برحت بكِ الُبرحاءُ
وأريحي عيناً وإن أذبلتها***دمعة عند جفنها خرساءُ
وانطوي فوق أضلعٍ كسروها***فهي من بعد كسرهم أنضاءُ
وتناسي ذاك الجنين المدمى***وإن استوحشت له الأحشاءُ
وجبين محمدٌ كان يرتا***ح إليه مبارك وضاءُ
لطمته كفٌ عن المجدِ والن **** نخوة فيما عهدتها شلاءُ
وسوار على ذراعيكِ من سوطٍ***تمطت بضربهِ اللؤماءُ
في حشايا الظلام في مخ **** دع الزهراء آهٌ ولوعةٌ وبكاء
وهي فوق الفراش نضوٌ من ال **** أسقام كالغصن جف عنه الماء
الرزايا السوداء لم تُبق منها *** غير روح ألوى بها الإعياء
ومسجى من جسمها وسمته *** بالندوب السياط كيف تشاء
وكسيرٌ من الضلوع تحامت *** أن يراه ابن عمها فيُساءُ
فاستجارت بالموت والموت للروح التي أدَها العذاب شفاء
وبجفن الزهراء طيفٌ تبدى *** فيه وجه الحبيب والسيَماء
فتمشت بجمسها خلجاتٌ *** ومشى في جفونها إغماءُ
وبدت في شفاهها همهماتٌ *** لعليٍ في بعضها إيصاءُ
بيتيمين وابنتين ويا للأم *** نبضٌ بقلبها الأبناءُ
ووصايا نمت عن الهضم والعتب روتها من بعدها أسماءُ
ثم ماتت ولهى فما أقبح الخضراء مما جنوه والغبراءُ
سُجيت في فراشها وعليٌ *** وبنوه على الفراش انحناءُ
وتلاقت دموعهم فوق صدرٍ *** كان للمصطفى عليه ارتماءُ
وعليٌ بمدمعٍ يقتضيه الحزنُ سكبا وتمنعُ الكبرياءُ
فاحتوى فاطما إليه ونادى *** عزَ يا بضعة النبي العزاءُ
وتولى تجهيزها مثل ما أوصته من حين مدت الظلماء
وعلى القبر ذاب حزنا وندت *** دمعة من عيونه وكفاء
ثم نادى وديعةٌ يا رسول الله ردت وعينها حمراء


في ذكرى الحسين (ع) - 1959م
لم لا يلذ على ألحــــاني السمر ***** وأنت لي فـــي نشيد حالم وتر
غنيت باسمك فاهتـــز الوجود إلى ***** دنيا يمتع فيهــــا السمع والبصر
إلى فتى ليس مجد الــــواهبين سوى ***** قدر ضئيل إلى جــدواه يفتقر
إلى البطولة يستضرى بها وهج ***** وعي الشعوب إذا استشـرى بها الخور
إلى الصلابة من أجــل الحياة ترى ***** حرب المقاديــر أو يستسلم القدر
إلى وريف من الأفيــاء رف على ***** الضاحيــن حيث هجير البغي يستعر
إلى الحسين وهل غيــــر الحسين إذا ***** ما التاث فكر وضــاع الورد والصدر
آمنت أنك حقــــل ما تمنع إذ ***** يستاف عطـر وإذ يستقطف الثمر
يممت يومك أستجلــى وروائعه ***** فأشبعت ناظـــري موارة صور
ما رمت رائعة إلا وجـــدت به ***** كأن كل سمـــو يه منحصر
هو المدى ميز الشــــوط البعيد به ***** أعنة الركب من جدوا ومـن قصروا
يؤذيه أنا دأبنــا أن نطالعه ***** من عبرة وهو فيما يحتــوي عبر
لو شئت قلت ، وما زهـــو الفتوح سوى ***** دنياك ، إنـــك دنيا ملؤها ظفر
لقد رأيتك فيــها ألف قادمة ***** تهوى الشواهق إذ تــستوبا الحفر
وماردا زحم الأعصـار منكبه ***** حتى لواه ، ومــــا ألوت به الغير
وفكرة تستشف الغيــــب ، ما وهبت ***** إلا لتخلد ، والـــطغيان ينتحر
ما ضرها وهي ترجــــو كل عاقبة ***** إذا تجعل مـــــن لذاته أشر
قد يخدع الوهم سكــرانا فيجعله ***** يظن أن الذي فــي كأس قمر
أنبئك أن دما أهـــــرقت ألوية ***** شم إذا ما استحر الخـــطب تنتشر
ولوعة في رضيـع أثكلوك به ***** وجبهة وسموا أو خـنصرا بتروا
قذائف قد أدلت مــن عروشهم ***** ورحت وحدك في الميــدان تنتصر
فارو الخلود فما كــان الخلود سوى ***** وثيقة وقعتها باســمك العصر
مولاي عاد إلى سمـار مجلسهم ***** وعاد يبعث فينا اللـــذة الخدر
وعاد يزأر في النــــادي الوديع فتى ***** مفهيق صوته كالصخر ينحــدر
يحكي البطولات كالـصبيان إن ركبوا ***** عصيهم حسبوها الخــيل تبتدر
وحوله نفر يــــروون من خدع ***** له الهدير ليروي أنهم هـدروا
وهو الذي كــان لا يســطيع من هلع ***** أن تستقر على أعطــافه الأزر
أيام لا نحـــن في سلم فيمنعنا ***** ولا بحرب فندري كـيف نعتجر
أغراب لا نحن مـــن قيس فتمنعنا ***** ولا قريش فيحمي رحــلنا مضر
مشى لنا غرمــاء ، لو بساعدهم ***** لهان ، لكنهم ظــل لمن أمروا
تقسمونا فإغراء لمن رقصوا ***** رقص القرود وضــغط للذي صبروا
حتى تداركنا كالـ‎رعد منطلقا ***** صوت الفتـاوى على أفواه ومن زأروا
دوى بها نفر من خيـر قادتنا ***** عند الخطوب ، فــــمرحى أيها النفر
فانجاب ليل وولـــــت ظلمة ومشى ***** ضوء ورفـــرف فتح أبلج نضر
لكنني ، وبقـايا الأس ما برحت ***** تغري النـشاوى أرى أن يؤخذ الحذر
فإن ذبذبة (الأنــــواء) ما برحت ***** والبــوق للنفخ ما ينفك ينتظر
وشيمة النفر المسـعور تخبرنا ***** بأنهم يهلكـــون الحرث لو قدروا
فأججوا الدم عازمـــ‎ا في ترائبنا ***** باسم الحســين ليوم الهول يدخر
يا أيها النشء يا نـــــبعا تبرعم من ***** أكبادنا وربيـعا نبته عطر
إنا نراك الغذ المــرجو نطلعه ***** صبحا إذا ما ظلام الخـطب يعتكر
لا تخدعن بأحـلام مزوقة ***** كذوبة لـيس في أخلافها درر
كعاجز لم ينل في يقــــظة وطرا ***** فيستجيب له في حلمه الوطر
في كل يوم تلاقي مــــن سرابهم ***** خـوادعا فلماذا ليس تعتبر
صبوك في ألف شكــل من قلوبهم ***** حتى كأنــك للتزييف مختبر
وأشرعوك سلاحـا لا تجذ به ***** إلا يداك وجـسرا فوقه عبروا
كم واعدوك (وحادي العـــيس طال به) ***** حدوا ولــــيس لما يحدوا به أثر
ما زلت تطوي الضلوع الخافقات طوى ***** في حين تـنحت من أضلاعك السرر
فرحت تخبط حينـــا هاهنا وهنا ***** حينها كتـائهة يعشو لها نظر
يا نشء عد للحمى الأسمى فأرضك من ***** خصب زهت وسماك الثر ينهمر
ألست من وهب الليــــــــل الشروق فما ***** تنمى لغير سناه الأنجم الزهر
فالروح جامع والأفـــكار جامعة ***** والعدل مــجتمع ينمو فيزدهر
مشى ربيعك سمحـا في غوادقه ***** يفيض بالبــشر حتى ببسم الزهر
أيام أسكرت الدنيـــا الفتوح لنا ***** في كل دالـــية للمجد معتصر
واليوم تهدى إلــى تشريعنا فكر ***** يا واهب التمــر لا تحتاجه هجر
متى افترقنا وقد اغنـى موائدنا ***** محمد واهـتدى من وحينا البشر
سقيت ذكراك والصــــهباء قافية ***** هذي الوفود فما ذنبـي إذا سكروا
وطالعتهم وما أسمى الجـــلال بها ***** رؤاك في جنبات الحــــفل تنتشر
هنا يلألئ (يا للنـــــجم) منتصبا ***** من الشموخ جبين شجــه الحجر
وها هنا يشجب الظــلماء منبلجا ***** ثغر تشظى عليه العـــود ينكسر
وها هنا قدم سارت ومـا عثرت ***** في حين عاف السرى بالدرب من عثروا
وها هنا وعليه النبل أوسمة ***** صدر يحلي الـعوالي منه مشتجر
وها هنا أشرعت مخضــوبة بدم ***** كفاك تلطم خـــدا كله صعر
وها هنا وهنا من جنـاحيك مشت ***** روح توثب كالـبركان ينفجر
منها نسجت فلم لا يزدهــي نغمي ***** (وأنت في نشيــد حالم وتر)


حديث الجراح - 1973م
مقتطف من القصيدة:
الجراحات والدَّم المطلول أينعت فالزَّمان منها خميل
ومضت تنشئ الفتوح وبعض الدم فيما يعطيه فتح جليل
والدَّم الحرّ مارد يُنبئ الأحرارَ والثائرين هذا السبيل
وحديث الجراح مجدٌ وأسمى سِير المجد ما روته النّصول
ثم عذراً إن تهتُ يا دم يا جرح فقد أسكر البيان الشَّمول
يا أبا الطَّف يا نجيعاً إلى الآن تهادى على شذاه الرُّمول
توَّج الأرض بالفتوح فللرَّمل على كلِّ حبَّةٍ إكليل
ئأرجفوا أنَّك القتيل المدمَّى أوَمَن ينشئ الحياة قتيل
كذبوا ليس يُقتل المبدأ الحرّ ولا يخدع النُّهى التَّضليل
كذبوا لن يموت رأيٌ لنور الشَّمس من بعض نوره تعليل
كذبوا كلُّ ومضة من سيوف الحق في فاحم الدُّجى قنديل
كلُّ عرق فرَوه لهو بوجه الظُّلم والبغي صارمٌ مسلول
ويموت الرسول جسماً ولكن في الرسالات لن يموت الرسول
يا أبَا الطَّف ساحة الطَّف تبقى وعليها مَشاهدٌ لا تزول
فهنا والنبيُّ يرقب شلواً مزَّقته قناً وداست خيول
يزدهيه بأنَّه وحسين قصة الأمس والغد الموصول
وبأنَّ الرُّوح الذي حمل السِّبط تراث من النبي أصيل
وهنا حشد آل حرب وللخسَّة في كلِّ ما به تدليل
يتهادى كأنَّه أحرز النصر ولم يدرِ أنه المخذول
وعليه من الجدود بقاياً هي لؤم وحطَّة ونزول
وهنا حشد هاشم وهو جذر ينتمي للشذى وطبع نبيل
وستبقَى الدُّنيا وللوضر النَّتن قبيل وللسموِّ قبيل


علي الأكبر
ندب تحدّر من سلالة فتية *** ملأوا رباع الأرض بالآلاء
بدر تتوّجه خلائق أحمد *** بفصاحة وسماحة ومضاءِ
متجلبب من حيدر بشجاعة *** ومن الحسين موشّح بإباءِ
سل عنه أكناف الطفوف فكم بها *** تركت صفيحته من الأشلاءِ
وسل القواضب والقنا عن نثره *** والنظم فهي به من الخبراءِ
ملك الوغى بحسامه فأحالها *** دهماء أعيت السن البلغاءِ
خرست مقاولها فلا متكلّم *** وغدت تشير إليه بالإيماءِ
سيّان عند سنانه وحسامه *** يوم الهياج قريبها والنائي
بطلُ تخب به ربيبة سبسب *** يهتز صلواها من الخيلاءِ
غرّاء تستبق النواظر ان سرت *** أوحت لذهنك ليلة الاسراء
غيران يفتك بالألوف وعمره *** ما جاوز العقدين في الاحصاءِ
والسبط يرصده وفوق جبينه *** للناظرين بوادر السرّاءِ
وأصاخ يسمع رجزه ويجيبه *** الميدان عند الرجز بالأصداءِ
وإذا به يدعوه أدركني فقد *** دارت عليّ بجمعها أعدائي
فانقض مثل الصقر شام فريسته *** وجلا الصفوف وجال في الأرجاءِ
حتّى إذا دفع العدى عن شبله *** آوى اليه بلوعة وبكاءِ
ألفاه منعفر الجبين تمازجت *** حمر الدماء بوجنة بيضاءِ
ورأى شفار المرهفات تلاعبت *** بجمال تلك القامة الهيفاءِ
فجثا وأقنع للسماء بشيبة *** مغمورة بمدامع و دماءِ
يا عدل قد قتلوا شبيه محمّد *** أنزل بساحتهم عظيم بلاءِ
وأحلّ رأس وليده في حجره *** وانصاع يمسح عثير الغبراءِ
يا نبعة غذيتها بدم الحشا *** وغرستها في روضة غنّاءِ
ووقيتها لفح الهجير وحطتا *** بأضالعي بدلاَ عن الاحناءِ
حتّى إذا بسقت لدان فروعها *** وتفتّحت عن بهجة ورِواءِ
وتضوّعت نفحاتها عبّاقة *** وتماوجت في رونق وسناءِ
وذهبت أرقب ما رجوت من الجنى *** ثمراً يعوّضني كبير عنائي
أودى بها الحدثان وهي فتية *** فأحال قفرا من خصيب رجائي
أبنيّ أقصدني الزمان وفتّ في *** عضدي فلا أسطيع حمل ردائي
لم أنس إذ حملته فتية هاشم *** لحرائر يندبن وسط خباءِ
فحنت عليه الثاكلات لواطما *** حر الوجوه بلوعة وشجاءِ
لهفي لزينب إذ رأت وفراته *** مخضوبة بدم عن الحنّاءِ
عقد الأسى منها اللسان فأعولت *** لفقيدها بالدمعة الخرساءِ
أبنيّ كنت لي الأنيس إذا دجى *** الليل البهيم وكنت بدر سمائي
يا صرح آمال ألوذ بجنبه *** عند الخطوب فهدّ صرح بنائي
فإلى اللقا يوم المعاد فلا أرى *** الأيام تسعد قبله بلقاء

عقيلة الطالبيين

أسفر الصّبح يا شآم فقولي **** لبقايا الظلام في الأفق زولي
لنسيج الأصنام وابن الزّبعري **** صادحاً في نشيده المنقول
خبّريه أنّ الخبايا تجلّت **** وتبدى ما كان من مجهول
جولة الباطل انتهت واستقرّت **** دولة الحقّ في مداها الطويل
أين عرش القلوب فيما بناه **** من عريش مزور منحول
* * *
مرحين والحق بدر ولكن **** نظروا نحوه بطرف كليل
ليس ذنب العيون بل ذنب ليل **** لم تبن فيه روضة من حول
غير أنّ المقياس هب ليخطو **** في مسار الصحيح والمعلول
وانتهى للجفاف نبع افتراء **** وتناهى نباته للذّبول
وقليل باق وعندي يقين **** سوف تمضي حتّى بقايا القليل
* * *
أيها الدّهر هل بوعيك ذكر **** لعديل الكتاب رهط الرسول
شدّه الله للسماء وثيقاً **** ونماه بحبله الموصول
حمل النبع من تراث رسول **** الله ثراً في طعمه السلسبيل
كان من فرط ما تكلّل مجداً **** ما به حاجة إلى إكليل
فأكاليل الزّور تفنى وتبقى **** عمّة الصدق موضع التّبجيل
هو حبر في جوف ليل وسيف **** في جهاد وسيد في قبيل
وشهيد بالأفق لون وعطر **** عابق من نجيعه المطلول
إنه اشتقّ من نسيج علي **** ودم الأب في عروق السليل
* * *
أسرته ديون بدر وأحد **** وأحاطت زنوده بالكبول
وروته بأنه خارجي **** يا لهذا الإمعان بالتّضليل
أبنوا الوحي مارقون وأهل **** اللاّت أهل الكتاب والتنزيل
أيها السادرون هل بظلام **** الليل عن أنجم السما من بديل
إنّ هذا الزمان لابدّ يصحو **** ذات يوم من بعد نوم ثقيل
* * *
هوّني فالظلام طارده الصبح **** فوّلى إلاّ بقايا فلول
واقرئي يا شآم ملحمة الحقِّ **** كتاباً يخطّ فوق الرمول
بدم ثائر ودمع بجنب **** الدم خطا ملاحماً في فصول
ومن الدّمع ما يكون سلاحاً **** يصنع النصر كالحسام الصّقيل
إنها كربلاء تمتدّ للشام **** لتروي عدل السما للعقول
حيث يهوي للقائلين لواء **** ويرفّ اللواء للمقتول
* * *
يا ابنة المجد في مدى آل فهر **** وابنة الوحي في مدى جبرئيل
وابنة الطّهر فارق الجاهليات **** وأعراقها بجذر أصيل
يا مزاجاً به جهاد علي **** وهدى أحمد وصبر البتول
وشموخاً ما أركعته الرّزايا **** يوم صُبَّت مصائب كالسيول
وفماً أبلج البيان ورأساً **** علوياً لم ينحني للذيول
لست أنسى عينيك وهي ذهول **** بين رزء غمر وصبر جميل
بين أسرى تقسو السياط عليها **** وزغاليل روّعت وعليل
كصغار القطا ذوت من هجير **** ردّها بعد نضرة لذبول
يترشّفن أرؤساً ووجوهاً **** أمطرتها الشّفاه بالتّقبيل
كلّما صحن صاح فيهنّ سوط **** فحذقن النّشيج دون عويل
أنت قلب تناهبته الرّزايا **** فهو خفق وآه بجسم نحيل
* * *
غير أنّ الذي رواك شموخاً **** عزمات رغم المصاب الجليل
ورزايا بلا مثيل ولكن **** عندك الصبر ما له من مثيل
تقرعين الخصوم بالمنطق الفصل **** فيأتي الدليل تلو الدليل
إزئري فالزّئير عندك إرث **** ومزاج الأسود إرث الشّبول
يا لها من مواقف كشفت عند **** ك طبع الحسام عند الصّليل
* * *
يا نبي الهدى يسمعك صوت **** يوم مرّت قوافل بالحمول
من فم حاقد تمنّى لو الأشياخ **** عادوا إليه بعد الرّحيل
ليروا كيف هند عادت مع الأ **** بناء ثأراً لأمسها المخذول
تستردّ الدّيون من خفرات **** وعليل مقيّد مغلول
ورعابيب أثكلت ويكل **** الوصف عن لوعة بعين الثكول
وعلى سرحة نعيب غراب **** هاج ما كان كامناً من غليل
صور وقعها بقلبك مما **** حملت من أذى كوقع النُّصول
عاش منها الزمان يبكي ولما **** ينضب الدّمع رغم طول همول
وسيبقى يبكي لقتلى وأسرى **** وقبور ملاء الرُّبى والسُّهول
* * *
أيها المرمّل في مشارف جير **** ون عليه إجابة للسّئول
أنت فيما وعيت تشهد بالعدل **** وماذا بعد الشهود العدول
قد سمعت الإيمان عند رعيل **** وسمعت الإلحاد عند رعيل
من ثغور معّبأة بذكر **** وثغور تعبّأت بالشمول
وتبيّنت كيف ينكشف الزُّور **** برغم الإغراق بالتّأويل
يوم عاد الدّوي والترف الفاجر **** والعرش كلّها لأفول
وتهاوت زعامة شيّدوها **** بكذوب الثنا وقرعٍ الطّبول
وبنا الدم والشهادة والموقف **** صرح الخلود عرضاً بطول
* * *
اسكبي للأثير يا قبّة الإبريز **** أحلى شعاعك المطلول
اسبحي في بحيرة الأفق الأزرق **** جولي من نجمة بحقول
وانشري في السماء تبراً شفيفاً **** ذائباً في عناق همس الأصيل
واخشعي بالضّريح في صلوات **** عامرات بالذّكر والتهليل
باركي رملة غدت حين ضمّت **** بنت خير الأنام خير مقيل
* * *
إنها زينب العقيلة نجم **** من سماء وزهرة من خميل
ضاعفي الأجر في خطى زائريها **** في مسير مشوا به أو مثول
إنها ينشدون ودّ ذوي القربى **** وعقد الولا لآل الرسول
وتقبّل يا ربِّ منّا دموعا **** عند أزكى فرع لخير أصول
ربِّ هذي رحاب بنت نبي **** ويعزّ الرحاب قدر النزيل

يتبع . . .

لحن الخلود
11-03-2007, 07:03 PM
اللهم صلي على محمد وآل محمد
مشكور اخوي الناري على المجهود الرائع
وجعله الله في ميزان حسناتك
مرحوم الوالدين
تقبل مروري اختك لحــنـ الخلود

الــــنـــاري
11-03-2007, 07:09 PM
مناجاة الإمام الرضا (ع)

سيدى يا ابا الجواد و يابن ***** الخير و يا مناط الرجاء
يا مقيما بقلب كل محب ***** رغم أن المدى بعيد نائي
يابن اصلاب من اعز رجال ***** و ابن ارحام من اعف نساء
يابن بيت به مهابط جبريل ***** و محراب سيد الأنبياء
يا اماما من الأئمة فى عقد ***** زهي في فرائد عصماء
حملتني الآمال نحوك أرجو ***** أن تذاد الضراء بالسراء
و الثرى إن ألح جدب عليه ***** وجه الوجه ضارعا للسماء
سيدى إننى إبنكم و لو انى ***** لست أرقى لمستوى الإنتماء
بيد أن الأبناء لن يعدموا ***** العطف برغم العقوق للآباء
مد كفيك يابن فاطم و امسح ***** عنقي بالشفاء من شر داء
و لتكن هذه يد من أياد ***** غمرتني بالفضل و الآلاء
سيدى إنكم مزاج تلاقى ***** عنده الأنبياء بالأوصياء
فتسامى الإبداع في نطفة ***** أمشاج أهدت للكون أهل الكساء
الميامين و الذين إليهم ***** تأدى غايتى و ابتدائى



أسرار الحج

يا أُم براق عليك السلام ***** دام لكِ الايمان والالتزام
السعي مشكور لوادي منى ***** والحج مبرور لبيتٍ حرام
نزلتِ بيتَ الله ضيفاً على ***** أغنى خوانٍ حاشدٍ بالطعام
وذقتِ للنبع المُذال الذي ***** من ذاقه يبرد منه الأوام
وجُلتِ في رحاب ربّ بها ***** مغفرة ل كلّ هذي الأنام
يا أُم برّاق وبالحج من ***** أسراره مالا يحدُّ الكلام
فهل رأيتِ الله في بيته ***** وهل لمحت الغيث خلف الغمام
وهل تسمَّمعتِ إِلى نغمة ***** لم تسبِ إِلا أُذُنَ المستهام
هل ذقتِ صهباءً حسى صفوها ***** الفارض والخيَّام وابن الهمام
غابوا بما ذاقوه من نشوةٍ ***** فيها فهم لللآن صرعى نيام
ولامست أوتارهم فالتفت ***** أرواحهم بألف عودٍ وجام
هذا هو الحج وما بعده ***** أغمار ترتاد مِنى في زحام
تحسب أنَّ الحج طوفٌ على مربَّع أو جولة في مقام
وأنتِ قيثار سمعناه في ***** ألحانه يسكر شدوَ الحمام
فترجمي ما سكب الحج في ***** روحك من مَوسقةٍ أو مدام


فأجابت السيدة نازك الملائكة بالابيات الاتية:
مولاي شكراً وعليك السلام ***** شعرك ورد وسواقي غمام
ندّيت حقلي من شذى ساقياً ***** لي قلماً عطشان صلّى وصام
هنّأتني بالحج حجي رؤىً ***** روحيّة ونجمة في ظلام
والله في قلبي تعريشة ***** ***** والله نبع مغدق وابتسام
لا أنا مم ن قدّسوا صخرة ***** ولا أنا ممّن جثوا للرُخام
إنّي لمست في منى دفقةً ***** من مطِ الله ترشُّ الخيام
أحسست وجه الله أغماءةً ***** أغيب فيها ويغيب الزُحام
فلا أعي إلا ذرى فمة ***** ***** مذاقها سعي شذاها أستلام
صلّيت ناجيتُ سرت رعشة ***** في أدمعي في شفتي في العظام
ناديت ربّ الورد إنّ الشذى ***** يرعاه فلاحون غرقى نيام
فالورد مجروح وألوانه ***** دم يسيل والروابي حطام
والوحش حزّت قدماه الرُبى ***** غمّس قيثارتنا في الرّغام
أبا سمير حقلنا غاضب ***** شفاهه عصف وجوع أنتقام
ألوانه منفجرات لظى ; ***** أشجاره زوبعة وأضطرام
والمسجد الاقصى صدى شاحب ***** مخلخل المنبر خاوي المقام
نما على محرابه طحلب ***** وأنغرست في جانحيه السهام
خاوٍ ويعوي في حماه الصدى ***** لا راكع لا خطبة لا إمام
إن لم نقاتل حجّنا باهت ***** وجمعنا في السعي محض أزدحام
وقوفنا في عرفات سدّى ***** وشعرنا الحلو كلام كلام


فلسطين

فلسطينُ لا ذكرتنا الحياةُ إذا ما نسينا رؤىً تألقُ
رؤىً هي إن خطرت بالخيالِ أضاءَ الخيال بها رونقُ
تفجّر خيراتها لليهود ومِنْ حولها أهلها ترمقُ
مشرّدةً للطى والذبولِ وللنائباتِ وما تطرقُ
ونطقُ الأسى في عيونِ الصغارِ وإن لم يقولوا ، ولم ينطقوا
وأسئلةٌ في شفاه الصبي لأمٍّ بعبرتها تخنقُ
تلهّب أضلاعها إذ يقول اُمّاه ، أينَ أبي المشفقُ ؟
وأين أخي ؟ ووالداتي ؟ وأينَ ملاعبُ داري ؟ التي أعشقُ
لماذا أنامُ بهذي الخيام وخدّي على الترب لا يرفقُ
واُمّي بجَنْبي تنثّ الدماءُ من صدرها ، وأخي يشهقُ
وأأكل من كسر المحسنينَ وأرضِيَ خيراتُها تغدقُ
لماذا يسموننا اللاجئين أليسَ لنا وطَنٌ مسبقُ
أبي كم نشدت الكرى أن أراك ولكن عَيني أبي تأرقُ
تعال أبي ويذوب الصبي وعيناهُ بالدمعِ تغرورقُ


أمتي

أُمّتي أرستِ الخطوبُ السودُ *** فأقرعيها ، ولا يلنْ لكِ عودُ
وانتشي باللظى فما برحَ الكأس *** خلياً من اللظى يستزيدُ
وانْشِقي من دخانِهِ فدخانُ *** النار في رحمةِ المعامعِ عودُ
إنّه الأثمدُ المحبّبُ لم تكحل *** من مثله العيونُ السودُ
إنّه والحرابُ محمومة الطعن *** خضوبٌ من الدما تغريدُ
والجباهُ السمراءُ تستشرف الطعن*** كما استشرف الهوى معمودُ
أنت بين اثنتين إمّا وجودٌ *** يتحدّى الفنا وإمّا لحودُ


معلقة بغداد

لغد سخيِّ الفتح ما نتجمعُ .....ومدى كريم العيش ما نتوقع
يامهرجان الشعر عبئك مجهد.....فإذا نهضتَ به فإنك اروع
أنا نريدك والأماني جسدت ..... بك رائدا يبني وفكرا يبدع
أنا إن شدا بك مزهري فلأنك.....اللحن المحبب والنشيد الأروع
ولأن اهدافا توحد أو دما ..... غمر العروق قرابة لا تقطع
بالأمس والحقد اللئيم يسومنا .....فيجف في يده الأغض الأينع
فابعث بروح منك في تلعاتنا .....لترف مجدبة ويورق بلقع
لسنا بمعهود على أبعادنا ..... يبس فدنيانا الربيع الممرع
.....
قدنا الفتوح فما تشكى وطأنا ..... فكر ولا دين ولا من يتبع
حتى الرقيق تواضعت احسابنا .....كرما فأوليناه ما لا يطمع
عفوا إذا جمح الخيال فلم أجيء ..... للأمس أمري الضرع او استرضع
لكنها صور جلوت ليرسم ال ..... فجر المشرف والأصيل المفجع
..........
بغداد يازهو الربيع على الربى.....بالعطر تعبق والسنا تتلفع
يا ألف ليلة ما تزال طيوفها ..... سمرا على شطآن دجلة يمتع
يالحن معبد والقيان عيونها.....وصل كما شاء الهوى وتمنع
بغداد يومك لا يزال كأمسه ..... صورا على طرفي نقيض تجمع
يطغى النعيم بجانب وبجانب..... يطغى الشقا فمرفَّهٌ ومضيَّع
في القصر اغنية على شفة الهوى.....والكوخ دمع في المحاجر يلذع
ومن الطوى جنب البيادر صرَّع ..... وبجنب زق ابي نواس صرع
ويد تكبَّل وهي مما يفتدى ..... ويد تقبَّل وهي مما يقطع
ويصان ذاك لأنه من معشر..... ويضام ذاك لأنه لا يركع
كبرت مفارقة يمثل دورها .....باسم العروبة والعروبة ارفع
عدنا وبعض للسفين حباله ..... والبعض حصته السفينة اجمع
ومشت تصنفنا يد مسمومة ..... متسنن هذا وذا متشيع
ياقاصدي قتل الأخوة بيننا ..... لموا الشباك فطيرنا لا يخدع
فتبيني هذي المهازل واحذري ..... من مثلها فوراء ذلك اصبع
وإذا لمحت على طريقك عتمة ..... وستلمحين لأن دربك أسفع
شدّي وهزّي الليل في جبروته ..... وبعهدتي ان الكواكب تطلع
لا تشتمن الخطب او تبكي له ..... فالخطب ليس بمثل ذلك يدفع
فالمجد يحتقر الجبان لأنه .....شرب الصدا وعلى يديه المنبع
وتوق ارقمها فلست بواجد ..... صلا على طول المدى لا يلسع


عاشق الظلام

عشقتُ الدجى لا كافراً بضيائي ***** ولا لاعدَّ النجم من ندمائي
ولا اُنشدُ الإلهام فيه فلم تعد ***** مجال الخيال الخِصب ذات عطاء
ولكن عشقت الليل يُؤنس وحشتي ***** ويستر أحزاني عن الرقباء
وأرسل أحزاناً وِضاءاً طليقةً ***** تحررن من قيد وضغط وعاءِ
تعودن يشربن الاباء بشاهق ***** وما اعتدن غير النجم من قرناءِ
أقافلتي قد أوحشَ الدرب والتوى ***** ولم يبقَ عندي فيهِ من رفقاءِ
وعهدي به درب الكرام إذا به ***** ويا لشجوني مسلكُ السفهاءِ
من الحاسبين المجد أن يأكلوا على ***** موائد سحت في حمى الاُمراءِ
وأن يتقنوا رقص القرود ويُحسنوا ***** نشيد الثنا في جوقة الأجواء
إذا عادَ فنّ الزيف فنّاً وحنكةً ***** فماذا يكون الصدق غير هراء
أعاذلتي هل في الحياة بقيةٌ ***** تُمدُّ إليها العين دونَ قذاء
وهل من طموح الكبرياء بأنّها ***** تزاحم تجار الخنوع بماء
حلالٌ له كلّ الحرام لغيره ***** ومن لم يُطعه فهو من عملاءِ
يرى أنّه الفذّ العظيم وأنّه ***** لرعي نعاج لا يليق وشاءِ
وكيف يسوس الناس أرعنُ تافهٌ ***** وكيف يُداوى الجهل بالجهلاء


مأساة بلاد

قالوا بأنّ الشعر لهو مرفَّه ***** وسبيل مرتزق به يتذرّع
وإذا تسامينا به فهو الصدى ***** للنفس يلبس ما تريد ويخلع
أن تطرب الأرواح فهو غناؤها ***** وإذا شجاها الحزن فهو الأدمع
فذروه حيث يعيش غريداً على ***** فَنَن وملتاعاً يئنّ فيوجع
لا تطلبوا منه فما هو بالذي ***** يبني ويهدم أو يضرُّ وينفع
أكبرت دور الشعر عمّا صوّروا ***** وعرفت رزء الفكر في من لم يعوا
فالشعر أجّج الف نار وانبرى ***** يلوي اُنوف الظالمين ويجدع
لو شاء صاغ النجم عقداً ناصعاً ***** يزهو به عنق أرقّ وأنصع
أو شاءَ ردَّ الرمل من نفحاته ***** خضلاً بأنفاس الشذى يتضوّع
أو شاء ردَّ الليل في أسماره ***** واحات نور تستشفّ وتلمع
أو شاء قاد من الشعوب كتائباً ***** يعنو لها من كلّ اُفق مطلع
أنا لا اُريد الشعر إنجدَّت بنا ***** نوبٌ يخلّى ما عناه ويقبع
أو أن يوش الكأس في سمر الهوى ***** ليضاء ليل المترفين فيسطع
بغداد يا زهو الربيع على الرُّبى ***** بالعطر تعبق والسَّنا تتلفَّع
يا ألف ليلة ما تزال طيوفها ***** سَمَراً على شطآن دجلة يمتع
يا لحن ( معبد ) والقيان عيونها ***** وصلٌ كما شاء الهوء وتمنُّع
بغداد يومك لا يزال كأمسه ***** صوَرٌ على طرفَي نقيض تُجمع
يطغى النَّعيم بجانب وبجانب ***** يطغَى الشِّقا فمرفَّهٌ ومضيّع
في القصر اُغنية على شفةِ الهوى ***** والكوخ دمعٌ في المحاجر يلذع
ومن الطّوى جنب البيادر صرَّع ***** وبجنب زق أبي نؤاس صرَّع
ويد تُكبَّل وهي ممّا يُفتدى ***** ويد تُقبَّل وهي ممّا يُقطع
وبراءة بيد الطّغاة مهانة ***** ودناءة بيد المبرِّر تصنع
ويصان ذاك لأنّه من معشر ***** ويضام ذاك لأنّه لا يركع
كبرت مفارقة يمثّل دورُها ***** باسم العروبةِ والعروبةُ أرفع


سماسرة الحرب

ملأتم رباع الأرض بالنوح والندب ***** كفاكم دماءً يا سماسرة الحرب
فأين عصور هذبت من غرائز وسارت مع الإنسان من أوّل الدرب
كفاكم دماءً يا سماسرة الحرب ***** دعوها لردّ الحقّ والوطن المسبي
وليست دمانا سلعة تشترونها ***** وما للدما أثمان عند ذوي اللب
لقد بعتم قدس الدماء وطهرها ***** ببخس من الأثمان يا أخوة الذئب
وألقيتم من أجل دنياً خسيسة ***** وحفنة نقط الفَ يوسف في الجب
كفاكم دماءً يا سماسرة الحرب ***** أفيكم قلوب أم خلقتم بلا قلب
ومن أجل ماذا ؟ هل هناك ( قضيّة ) ***** تراد ويضرى دونها المرء للذب
كفاكم دماءً يا سماسرة الحرب ***** ففي السلم ما يغني عن المركب الصعب
وفي السلم كسب من حلال فجرّبوا ***** بأن تتركوا من لعبةِ الدَّم والغصب
إذا كان عمر المرء رحلة عابر ***** ويحوي جناه غيره فلمن يجبي
ملأتم رباع الأرض من علق الدِّما ***** وأوْلى بكم أن تغمروها من الخصب
زرعتم بأشلاء الشباب حقولنا ***** وكان المنى أن تزرعوهنّ بالحَبّ
سلبتم من الأطفال ضحك ثغورهم ***** فأحزنتم من كان طهراً بلا ذهب
أفيضوا على الأطفال دفئاً وهدهدوا ***** نفوسهم بالحلو والسائغ العذب
فياربِّ ألهمنا السلام وأمنه ***** ويا ربّ ذد عنّا دهاقنة الرعب


على كذا خلصت وسالكم الدعاء

نور الهدى
11-05-2007, 07:49 AM
الله يعطيك العافية

وتسلم الايادي

وجزاك الله خير الجزاء

ام الحلوين
11-06-2007, 07:37 PM
الله يعطيك الف عافيه خيي

وتسلم الايادي يارب

ورحم الله والديك في الدنيا والاخره بحق الصلاة على محمد وال محمد

عاشقة الرسول
11-06-2007, 07:48 PM
مشكور الناري وجزاك الله خيرا

الــــنـــاري
11-07-2007, 01:23 AM
مشكورين جميعاً على المرور الرائع
ورحم الله والديكم في الدنيا والاخره بحق
الصلاة على محمد وآل محمد