نور الهدى
10-27-2007, 03:09 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف الخلق محمد وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين المنتجبين وعجل فرجهم واهلك اعدائهم والعن اعدائهم لقيام يوم الدين
العفاف عن المحارم
ممّا يقوله الإمام الحسن(ع) يقول: "يابن آدم، عفّ عن محارم الله تكن عابداً". إنَّ عبادة الله هي الخضوع لله، وأعظم درجات الخضوع له، أن يترك الإنسان كل ما حرّم عليه في كلِّ شؤونه، فإذا غضَّ عن محارم الله يكن عابداً في قمة العبادة، لأنه يحارب كلَّ غرائزه السيئة وكل شهواته قربةً إلى الله تعالى، "وارض بما قسم الله تكن غنياً"، فليقنع بما قسمه الله له، مما انطلق فيه في عمله وفي ظروفه، لأن "القناعة كنز لا يفنى"، "والطمع هو الفقر الحاضر"، كما ورد في الحديث، لأن غنى النفس هو الغنى، وقد ورد في الدعاء: "واجعل غناي في نفسي"، "وأحسن جوار من جاورك تكن مسلماً
القمَّة في القيم والفضائل العفاف عن المحارم
وقد حدّث الإمام زين العابدين (ع) عن عمّه الإمام الحسن (ع) فقال: "كان أعبد الناس في زمانه، وكان أزهدهم وأصدقهم"، فكان بذلك يمثِّل القمَّة في العبادة والزهد والصدق والأمانة، لأنَّ تلك هي العناصر الأصيلة في شخصيته التي أفاضها عليه رسول الله وعليّ وفاطمة. كان ينطلق في حياته ليتواضع لله في حجّه، فكان يذهب في بعض سفره إلى الحج ماشياً، وربما مشى حافياً، ولشدة تواضعه، جعل الصحابة الكبار ينزلون من نجائبهم ودوابّهم تهيباً وإجلالاً له، وكان (ع) إذا دخل باب المسجد يرفع رأسه إلى السماء ويقول: "إلهي ضيفك ببابك ـ لأننا إذا دخلنا إلى المسجد، فكأننا دخلنا في ضيافة الله لنأكل من مائدته؛ مائدة الروح والقرب إليه سبحانه والانفتاح عليه ـ يا محسن قد أتاك المسيء"، وهذه الكلمات هي ككلِّ كلمات المعصومين في الاستغفار، هي كلمات الإخلاص والتواضع أمام الله تعالى الذي عصمهم في فكرهم وكل سلوكياتهم.
كان الإمام الحسن (ع) يمثِّل القمَّة في العفو والسُّلوك الأخلاقي، ويُنقل عنه أنه كان في المدينة راكباً على فرسه، ويسير معه أولاده وأهل بيته، فجاءه شيخ شامي ممن ربَّاهم معاوية على بغض أهل البيت (ع) وسبّ عليّ (ع) وأبنائه، ووقف هذا الشيخ يسأل: من هذا؟ قالوا له: هذا الحسن بن علي بن أبي طالب، فراح هذا الشيخ يشتم عليّاً وأهل بيته، وهو (ع) ينظر إليه بكل حنان ووداعة، ولم يقبل لمن حوله أن ينالوه بسوء، وعندما انتهى الشيخ الشامي من كلامه، قال له (ع): "أيها الشيخ، أظنك غريباً، ولعلّك شبهت، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا أحملناك، فلو استعتبنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، وإن كنت جائعاً أشبعناك، وإن كنت عرياناً كسوناك، وإن كنت محتاجاً أغنيناك، وإن كنت طريداً آويناك، وإن كان لك حاجة قضيناها لك، فلو حرّكت رحلك إلينا وكنت ضيفنا إلى ارتحالك، كان أعود عليك... فلمّا سمع الرجل كلامه، بكى ثم قال: أشهد أنك خليفة الله في أرضه" .
لماذا فعل الإمام الحسن (ع) ذلك؟ من الطّبيعي أنَّ أخلاقه هي التي دفعته إلى القيام بذلك. ولذلك، علينا أن نتعلّم من هذه الأخلاق، ونأخذ بالمنهج الذي يجب أن نسير عليه ونفهم عمقه، لنتمكَّن من مواجهة الأجهزة التي ـ منذ التاريخ وحتى الآن ـ تحاول أن تغيّر للناس أفكارهم، سواء كان ذلك بما يتصل بالدِّين أو المذهب أو السياسة أو الشّخص، بحيث تنطلق هذه الأجهزة في كلِّ عناصرها البشرية وآلياتها الإعلامية، في تشويه صورة شخصٍ ما، بأن تنسب إليه الكثير من الباطل أو السوء أو الشر مما ليس فيه وليس من أخلاقه، حتّى يأخذ الناس هذه الصورة المشوّهة عنه، فيعيشوا السلبية تجاهه، ليسبّوه ويلعنوه ويكفّروه ويضلّلوه. كان معاوية يقول لأهل الشام، إن عليّاً لا يصلّي، وإننا نقاتله لنأمره بالمعروف وننهاه عن المنكر، وعندما استشهد أمير المؤمنين، سأله ابن عباس: لماذا تصرّ على سبّ عليّ؟ فقال معاوية: حتى يشبّ عليه الصغار، ويشيب عليه الكبار. وبقي الناس يسبّون عليّاً سبعين سنة، حتى جاء عمر بن عبد العزيز ورفع السبّ عن أمير المؤمنين
كانت الخطة أن يغسل معاوية دماغ المسلمين بتأكيد بغض عليّ (ع) وأهل بيته، حتى لا يأتي بعده من يحمل رسالته وينطلق بالقيادة. ولذا أراد الإمام الحسن (ع)، أن يغيّر منهجية هذا الشيخ من خلال التفكير بالواقع بعد أن غُسل دماغه بالباطل، واستطاع الإمام (ع) أن يربح صديقاً بعد أن كان عدوّاً، تأكيداً للمنهج القرآني: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليّ حميم}(فصّلت/34)، ولكن مشكلة الأسلوب الذي يتّبعه حتى بعض المؤمنين والمتديّنين، أنهم يحوّلون أصدقاءهم إلى أعداء، لأنهم لا يعرفون كيف يديرون الأمور في المشاكل التي يواجهونها، فيحطمون بذلك رموز الإصلاح، وهذا ما يخالف نهج عليّ (ع)، ولذلك فنحن معه خفقة قلب، ولكننا لسنا معه حركة وعي وخط رسالة وطلاب علم منه
والصلاة والسلام على اشرف الخلق محمد وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين المنتجبين وعجل فرجهم واهلك اعدائهم والعن اعدائهم لقيام يوم الدين
العفاف عن المحارم
ممّا يقوله الإمام الحسن(ع) يقول: "يابن آدم، عفّ عن محارم الله تكن عابداً". إنَّ عبادة الله هي الخضوع لله، وأعظم درجات الخضوع له، أن يترك الإنسان كل ما حرّم عليه في كلِّ شؤونه، فإذا غضَّ عن محارم الله يكن عابداً في قمة العبادة، لأنه يحارب كلَّ غرائزه السيئة وكل شهواته قربةً إلى الله تعالى، "وارض بما قسم الله تكن غنياً"، فليقنع بما قسمه الله له، مما انطلق فيه في عمله وفي ظروفه، لأن "القناعة كنز لا يفنى"، "والطمع هو الفقر الحاضر"، كما ورد في الحديث، لأن غنى النفس هو الغنى، وقد ورد في الدعاء: "واجعل غناي في نفسي"، "وأحسن جوار من جاورك تكن مسلماً
القمَّة في القيم والفضائل العفاف عن المحارم
وقد حدّث الإمام زين العابدين (ع) عن عمّه الإمام الحسن (ع) فقال: "كان أعبد الناس في زمانه، وكان أزهدهم وأصدقهم"، فكان بذلك يمثِّل القمَّة في العبادة والزهد والصدق والأمانة، لأنَّ تلك هي العناصر الأصيلة في شخصيته التي أفاضها عليه رسول الله وعليّ وفاطمة. كان ينطلق في حياته ليتواضع لله في حجّه، فكان يذهب في بعض سفره إلى الحج ماشياً، وربما مشى حافياً، ولشدة تواضعه، جعل الصحابة الكبار ينزلون من نجائبهم ودوابّهم تهيباً وإجلالاً له، وكان (ع) إذا دخل باب المسجد يرفع رأسه إلى السماء ويقول: "إلهي ضيفك ببابك ـ لأننا إذا دخلنا إلى المسجد، فكأننا دخلنا في ضيافة الله لنأكل من مائدته؛ مائدة الروح والقرب إليه سبحانه والانفتاح عليه ـ يا محسن قد أتاك المسيء"، وهذه الكلمات هي ككلِّ كلمات المعصومين في الاستغفار، هي كلمات الإخلاص والتواضع أمام الله تعالى الذي عصمهم في فكرهم وكل سلوكياتهم.
كان الإمام الحسن (ع) يمثِّل القمَّة في العفو والسُّلوك الأخلاقي، ويُنقل عنه أنه كان في المدينة راكباً على فرسه، ويسير معه أولاده وأهل بيته، فجاءه شيخ شامي ممن ربَّاهم معاوية على بغض أهل البيت (ع) وسبّ عليّ (ع) وأبنائه، ووقف هذا الشيخ يسأل: من هذا؟ قالوا له: هذا الحسن بن علي بن أبي طالب، فراح هذا الشيخ يشتم عليّاً وأهل بيته، وهو (ع) ينظر إليه بكل حنان ووداعة، ولم يقبل لمن حوله أن ينالوه بسوء، وعندما انتهى الشيخ الشامي من كلامه، قال له (ع): "أيها الشيخ، أظنك غريباً، ولعلّك شبهت، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا أحملناك، فلو استعتبنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، وإن كنت جائعاً أشبعناك، وإن كنت عرياناً كسوناك، وإن كنت محتاجاً أغنيناك، وإن كنت طريداً آويناك، وإن كان لك حاجة قضيناها لك، فلو حرّكت رحلك إلينا وكنت ضيفنا إلى ارتحالك، كان أعود عليك... فلمّا سمع الرجل كلامه، بكى ثم قال: أشهد أنك خليفة الله في أرضه" .
لماذا فعل الإمام الحسن (ع) ذلك؟ من الطّبيعي أنَّ أخلاقه هي التي دفعته إلى القيام بذلك. ولذلك، علينا أن نتعلّم من هذه الأخلاق، ونأخذ بالمنهج الذي يجب أن نسير عليه ونفهم عمقه، لنتمكَّن من مواجهة الأجهزة التي ـ منذ التاريخ وحتى الآن ـ تحاول أن تغيّر للناس أفكارهم، سواء كان ذلك بما يتصل بالدِّين أو المذهب أو السياسة أو الشّخص، بحيث تنطلق هذه الأجهزة في كلِّ عناصرها البشرية وآلياتها الإعلامية، في تشويه صورة شخصٍ ما، بأن تنسب إليه الكثير من الباطل أو السوء أو الشر مما ليس فيه وليس من أخلاقه، حتّى يأخذ الناس هذه الصورة المشوّهة عنه، فيعيشوا السلبية تجاهه، ليسبّوه ويلعنوه ويكفّروه ويضلّلوه. كان معاوية يقول لأهل الشام، إن عليّاً لا يصلّي، وإننا نقاتله لنأمره بالمعروف وننهاه عن المنكر، وعندما استشهد أمير المؤمنين، سأله ابن عباس: لماذا تصرّ على سبّ عليّ؟ فقال معاوية: حتى يشبّ عليه الصغار، ويشيب عليه الكبار. وبقي الناس يسبّون عليّاً سبعين سنة، حتى جاء عمر بن عبد العزيز ورفع السبّ عن أمير المؤمنين
كانت الخطة أن يغسل معاوية دماغ المسلمين بتأكيد بغض عليّ (ع) وأهل بيته، حتى لا يأتي بعده من يحمل رسالته وينطلق بالقيادة. ولذا أراد الإمام الحسن (ع)، أن يغيّر منهجية هذا الشيخ من خلال التفكير بالواقع بعد أن غُسل دماغه بالباطل، واستطاع الإمام (ع) أن يربح صديقاً بعد أن كان عدوّاً، تأكيداً للمنهج القرآني: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليّ حميم}(فصّلت/34)، ولكن مشكلة الأسلوب الذي يتّبعه حتى بعض المؤمنين والمتديّنين، أنهم يحوّلون أصدقاءهم إلى أعداء، لأنهم لا يعرفون كيف يديرون الأمور في المشاكل التي يواجهونها، فيحطمون بذلك رموز الإصلاح، وهذا ما يخالف نهج عليّ (ع)، ولذلك فنحن معه خفقة قلب، ولكننا لسنا معه حركة وعي وخط رسالة وطلاب علم منه