abo ahmad
09-28-2007, 02:13 AM
المصدر: http://64.246.58.165/artc.php?id=17939
مركز الإدراك والتعقل
http://64.246.58.165/media/lib/pics/thumbs/1189456673.jpg (http://64.246.58.165/media/lib/pics/1189456673.jpg) شفيق محمد المغاسلة (http://64.246.58.165/writers.php?id=2059) * (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#writer_desc) - 27 / 8 / 2007م - 11:24 ص
http://64.246.58.165/images/icons/b.gif الفطرة
يقول الله تعالى في محكم كتابه الكريم: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾«الروم - آية:30»
يمر الإنسان بمراحل ليحصل معلوماته، فأول العلم ومنشئه ومادته الأولى هو الحس، ألا تلاحظ أن الطفل عند ولادته، لم يحصل له أي علم، لأن إدراكاته لم تعمل بعد، وإن وجدت بعض الحواس في أول الأمر. ويقال ـ ونحن نلاحظ ذلك ـ أن الطفل يولد أصم وأعمى، فتعمل الحاسة السامعة أولاً بعد أسبوعين من ولادته على ما قيل، ثم بعدها بأسبوعين تعمل الباصرة وكلاهما بالتدرج.
http://64.246.58.165/images/icons/b.gif العلم الحضوري
تعمل باقي الحواس اللامسة والشامة والذائقة من أول يوم من ولادة الطفل إن لم يكن قبلها، ألا تنظر إلى الوليد حين وخزه بالإبر يبكي، وحين ختانه يبكي، فلم بكائه إن لم تكن الحاسة اللامسة تخبره بذلك.
وعند إطعامه العلاج المر أو شمه روائح الدواء المقززة، نرى تقبيطات وجهه، أليس هذا دليل على الحاستين الشامة والذائقة.
ربما أن تلك الحواس الثلاث «اللامسة والشامة والذائقة» هي من بعض الفطرة المقصودة في الآية، إذ أن ثمة علم حاضر مع الوليد عند ولادته. ويتبادر إلى ذهني بأن ذلك العلم لا يمر بالحواس، أو لا يحتاج إلى حواس، فالله تعالى قذفه في مركز الإدراك والتعقل، فيدرك الطفل ألم الوخز ويدرك الطعم المر ويدرك الرائحة المقززة، وكل هذه الأمور لم يمر بتجربتها من قبل، ولم يحصل له علم بها، فهي فطرة الله التي فطر الناس عليها، ولذلك في الآية دلالة على أن ﴿ لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ﴾.
وربما فسر لنا هذا الكلام عدم تطرق كثير من الآيات إلى هذه الحواس الثلاث «اللامسة والشامة والذائقة» بالرغم من ذكرها حاستي السمع والبصر.
يقول الله تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً ﴾ «الإسراء -آية:36»، ويقول أيضا:﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾«النحل - آية:78».
ويقول أيضا:﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ ﴾ الأعراف «آية:179»، ويقول أيضا: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ ﴾ «الانعام - آية:46»
http://64.246.58.165/images/icons/b.gif العلم الحصولي
تقوم التجربة بدور كبير في تحصيل العلوم، وخصوصاً العلوم التجريبية التي تقوم على التجربة، كعلم الطب مثلاً، فكيف بالعلم الأولي لدى الكائن الحي، لولا لمسه للحار والبارد لما ميز بينهما، ولولا تذوقه المر والحلو لما أدرك التفاوت بينهما، ولولا سماعه الأصوات المختلفة لما ميز صوت الرجل من صوت المرأة، ولولا.. ولولا.. ولولا. وكل تجربة تمر بالمراحل ذاتها، من إحساس، ثم خيال أو وهم، ثم إدراك.
http://64.246.58.165/images/icons/b.gif عضو الإدراك والتعقل
قلنا أن الإدراك هو عقل «أو عقد» الأحاسيس والخيالات والوهم على أنها علم، وتصديق النفس واطمئنانها أن تلك الأحاسيس جزئيات علمية، فحينها يستطيع الإنسان بها إدراك أمور كلية.
والسؤال هو: أي عضوٍ في الإنسان مسئول عن الإدراك؟ أهو الدماغ؟ أم المخ؟ أهو القلب؟ أم الفؤاد؟
وللإجابة على هذه التساؤلات لا بد من تعريف كل منهم.
http://64.246.58.165/images/icons/b.gif التعاريف اللغوية
الدِّماغُ: حَشْوُ الرأْسِ، والجمع أَدْمِغةٌ ودُمُغٌ. وأُمّ الدِّماغِ: الهامةُ، وقيل: الجلدة الرَّقِيقةُ المشتملة عليه[1] (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#a1) .
ونحن نقول بالعامية «رجل مدمغ« ونقصد به قليل الفهم.
المُخُّ: نِقْيُ العظم؛ وفي التهذيب: نِقْيُ عظام القصب؛ وقال ابن دريد: المُخُّ ما أُخرج من عظم، والجمع مَخَخة ومخاخ، والمُخَّة: الطائفة منه، وإذا قلت مُخَّة فجمعها المُخُّ. ومخ كل شيء: خالصه[2] (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#a2) .
القَلْبُ: مُضْغةٌ من الفُؤَاد مُعَلَّقةٌ بالنِّياطِ.
والقَلْبُ الفُؤَاد، مُذَكَّر، والجمع: أَقْلُبٌ وقُلوبٌ.
وقد يعبر بالقَلْبِ عن العَقْل، قال الفراءُ في قوله تعالى: إِن في ذلك لَذِكْرى لمن كان له قَلْبٌ؛ أَي عَقْلٌ.
قال الفراءُ: وجائزٌ في العربية أَن تقولَ: ما لَكَ قَلْبٌ، وما قَلْبُك معك؛ تقول: ما عَقْلُكَ معكَ، وأَين ذَهَبَ قَلْبُك؟ أَي أَين ذهب عَقْلُكَ؟ وقال غيره: لمن كان له قَلْبٌ أَي تَفَهُّمٌ وتَدَبُّرٌ.
وقيل: القُلُوبُ والأَفْئِدَةُ قريبانِ من السواءِ، وكَرَّرَ ذِكْرَهما، لاختلاف اللفظين تأْكيداً. وقال بعضهم: سُمِّي القَلْبُ قَلْباً لتَقَلُّبِه؛ وأَنشد[3] (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#a3) :
مـا سُمِّـيَ القَلْـبُ إِلاَّ مِـنْ تَقَلُّبـه، والرَّأْيُ يَصْرِفُ بالإِنْسان أَطْوارا
أقول ذلك دليل على أنه لم يرد القلب النابض، ولكن أراد العقل.
وفي الدعاء المأثور: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، هل القصد ثبات العاطفة أم ثبات العقل؟ ـ إن صدق القول بأن القلب مركز للعاطفةـ. بل القصد ثبات الاعتقاد وليس ثبات نبض القلب.
الفؤاد: القلبُ لِتَفَوُّدِه وتوقُّدِه، مذكر لا غير.
وقيل: وسَطُه، وقيل: الفؤاد غِشاءُ القلبِ، والقلبُ حبته وسُوَيْداؤُه[4] (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#a4) .
خلاصة القول في التعاريف اللغوية أن الدماغ: حَشْوُ الرأْسِ والمخ: مخ كل شيء: خالصه، أي ما بداخله، وهو حشو العظم.
أما القلب والفؤاد: سواءان تقريباً، وتطلقان على العقل أيضا.
ولكن، ما حقيقة ذات الصدور، المذكورة في القرآن؟
يقول الله تعالى: ﴿ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ «ال عمران - آية:119». ويقول: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ ﴾ «يونس - آية:57». ويقول: ﴿ فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ «الحج - آية:46».
هل هي القلوب النابضة؟ أم الأنفس وعبر عنها القرآن بمركزها الحياتي؟ أم ماذا؟
http://64.246.58.165/images/icons/b.gif ماذا يقول الطب؟
يسيطر الدماغ[5] (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#a5) والمراكز العصبية في جسم الإنسان على الدورة الدموية حيث يتم ضخ الدم الأحمر المليء بالأكسجين من القلب عبر الشرايين إلى كافة أجزاء الجسم ليصل الأكسجين والغذاء لكل أنسجة الجسم كما يأخذ الدم النفايات من الأنسجة ويعود عبر الأوردة إلى الأذين الأيمن ومنه إلى البطين الأيمن ليتم ضخه إلى الرئة عبر الشريان الرئوي الأيسر والشريان الرئوي الأيمن لتتم تنقيته من غاز ثاني أكسيد الكربون وبعض الغازات الأخرى وإشباعه بالأكسجين ليرجع الدم عبر الأوردة الرئوية إلى الأذين الأيسر ومنه إلى البطين الأيسر للقلب حيث يتم ضخه مرة أخرى عبر الأبهر ومنه إلى جميع أجزاء الجسم وهكذا[6] (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#a6) .
إذاً، هذه المضخة الصغيرة ليست إلا ناقلة للدماء المحملة بالأكسجين إلى جميع أنحاء الجسم، بينما حشو الجمجمة «الدماغ» هو المسيطر على هذه المضخة.
لو سألنا أنفسنا عند تعرضنا للخوف، لِمَ ينبض القلب أكثر من عادته، هل رأى القلب المنظر المرعب أم رأته العين؟ أو سمع القلب الصوت المفزع أم سمعته الآذان؟ ولو سألنا أنفسنا عند تعرضنا لموقف مخجل، لِمَ احمر الوجه وتبدلت ألوانه وتصبب العرق؟ أهو الوجه كجلد وعصب، هو الذي شعر بالخجل، أم العقل هو الذي أدرك معنى ذلك الموقف وذلك المؤثر؟
ذلك يعني أن الإحساسات التي يحس بها العقل الذي بالدماغ هو المركز المترجم والمدرك والمتعقل لمدلولاتها ونتائجها، فتارة يسيطر إذا أردنا، كتحريكنا لليد والرجل والرقبة وما أشبه، وتارة يسيطر من غير إرادتنا، فيبدي ما لا نريد إظهاره، كحمرة الوجه عند الخجل أو الزيادة في نبض القلب عند الخوف.
نعم، «عقلك في راسك تعرف خلاصك».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
[1] (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#b1) ابن منظور، لسان العرب.
[2] (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#b2) المصدر السابق.
[3] (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#b3) المصدر السابق.
[4] (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#b4) المصدر السابق.
[5] (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#b5) يقصد به حشو الرأس.
[6] (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#b6) موقع أمراض القلوب: http://www.heartsdiseases.com/
مركز الإدراك والتعقل
http://64.246.58.165/media/lib/pics/thumbs/1189456673.jpg (http://64.246.58.165/media/lib/pics/1189456673.jpg) شفيق محمد المغاسلة (http://64.246.58.165/writers.php?id=2059) * (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#writer_desc) - 27 / 8 / 2007م - 11:24 ص
http://64.246.58.165/images/icons/b.gif الفطرة
يقول الله تعالى في محكم كتابه الكريم: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾«الروم - آية:30»
يمر الإنسان بمراحل ليحصل معلوماته، فأول العلم ومنشئه ومادته الأولى هو الحس، ألا تلاحظ أن الطفل عند ولادته، لم يحصل له أي علم، لأن إدراكاته لم تعمل بعد، وإن وجدت بعض الحواس في أول الأمر. ويقال ـ ونحن نلاحظ ذلك ـ أن الطفل يولد أصم وأعمى، فتعمل الحاسة السامعة أولاً بعد أسبوعين من ولادته على ما قيل، ثم بعدها بأسبوعين تعمل الباصرة وكلاهما بالتدرج.
http://64.246.58.165/images/icons/b.gif العلم الحضوري
تعمل باقي الحواس اللامسة والشامة والذائقة من أول يوم من ولادة الطفل إن لم يكن قبلها، ألا تنظر إلى الوليد حين وخزه بالإبر يبكي، وحين ختانه يبكي، فلم بكائه إن لم تكن الحاسة اللامسة تخبره بذلك.
وعند إطعامه العلاج المر أو شمه روائح الدواء المقززة، نرى تقبيطات وجهه، أليس هذا دليل على الحاستين الشامة والذائقة.
ربما أن تلك الحواس الثلاث «اللامسة والشامة والذائقة» هي من بعض الفطرة المقصودة في الآية، إذ أن ثمة علم حاضر مع الوليد عند ولادته. ويتبادر إلى ذهني بأن ذلك العلم لا يمر بالحواس، أو لا يحتاج إلى حواس، فالله تعالى قذفه في مركز الإدراك والتعقل، فيدرك الطفل ألم الوخز ويدرك الطعم المر ويدرك الرائحة المقززة، وكل هذه الأمور لم يمر بتجربتها من قبل، ولم يحصل له علم بها، فهي فطرة الله التي فطر الناس عليها، ولذلك في الآية دلالة على أن ﴿ لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ﴾.
وربما فسر لنا هذا الكلام عدم تطرق كثير من الآيات إلى هذه الحواس الثلاث «اللامسة والشامة والذائقة» بالرغم من ذكرها حاستي السمع والبصر.
يقول الله تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً ﴾ «الإسراء -آية:36»، ويقول أيضا:﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾«النحل - آية:78».
ويقول أيضا:﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ ﴾ الأعراف «آية:179»، ويقول أيضا: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ ﴾ «الانعام - آية:46»
http://64.246.58.165/images/icons/b.gif العلم الحصولي
تقوم التجربة بدور كبير في تحصيل العلوم، وخصوصاً العلوم التجريبية التي تقوم على التجربة، كعلم الطب مثلاً، فكيف بالعلم الأولي لدى الكائن الحي، لولا لمسه للحار والبارد لما ميز بينهما، ولولا تذوقه المر والحلو لما أدرك التفاوت بينهما، ولولا سماعه الأصوات المختلفة لما ميز صوت الرجل من صوت المرأة، ولولا.. ولولا.. ولولا. وكل تجربة تمر بالمراحل ذاتها، من إحساس، ثم خيال أو وهم، ثم إدراك.
http://64.246.58.165/images/icons/b.gif عضو الإدراك والتعقل
قلنا أن الإدراك هو عقل «أو عقد» الأحاسيس والخيالات والوهم على أنها علم، وتصديق النفس واطمئنانها أن تلك الأحاسيس جزئيات علمية، فحينها يستطيع الإنسان بها إدراك أمور كلية.
والسؤال هو: أي عضوٍ في الإنسان مسئول عن الإدراك؟ أهو الدماغ؟ أم المخ؟ أهو القلب؟ أم الفؤاد؟
وللإجابة على هذه التساؤلات لا بد من تعريف كل منهم.
http://64.246.58.165/images/icons/b.gif التعاريف اللغوية
الدِّماغُ: حَشْوُ الرأْسِ، والجمع أَدْمِغةٌ ودُمُغٌ. وأُمّ الدِّماغِ: الهامةُ، وقيل: الجلدة الرَّقِيقةُ المشتملة عليه[1] (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#a1) .
ونحن نقول بالعامية «رجل مدمغ« ونقصد به قليل الفهم.
المُخُّ: نِقْيُ العظم؛ وفي التهذيب: نِقْيُ عظام القصب؛ وقال ابن دريد: المُخُّ ما أُخرج من عظم، والجمع مَخَخة ومخاخ، والمُخَّة: الطائفة منه، وإذا قلت مُخَّة فجمعها المُخُّ. ومخ كل شيء: خالصه[2] (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#a2) .
القَلْبُ: مُضْغةٌ من الفُؤَاد مُعَلَّقةٌ بالنِّياطِ.
والقَلْبُ الفُؤَاد، مُذَكَّر، والجمع: أَقْلُبٌ وقُلوبٌ.
وقد يعبر بالقَلْبِ عن العَقْل، قال الفراءُ في قوله تعالى: إِن في ذلك لَذِكْرى لمن كان له قَلْبٌ؛ أَي عَقْلٌ.
قال الفراءُ: وجائزٌ في العربية أَن تقولَ: ما لَكَ قَلْبٌ، وما قَلْبُك معك؛ تقول: ما عَقْلُكَ معكَ، وأَين ذَهَبَ قَلْبُك؟ أَي أَين ذهب عَقْلُكَ؟ وقال غيره: لمن كان له قَلْبٌ أَي تَفَهُّمٌ وتَدَبُّرٌ.
وقيل: القُلُوبُ والأَفْئِدَةُ قريبانِ من السواءِ، وكَرَّرَ ذِكْرَهما، لاختلاف اللفظين تأْكيداً. وقال بعضهم: سُمِّي القَلْبُ قَلْباً لتَقَلُّبِه؛ وأَنشد[3] (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#a3) :
مـا سُمِّـيَ القَلْـبُ إِلاَّ مِـنْ تَقَلُّبـه، والرَّأْيُ يَصْرِفُ بالإِنْسان أَطْوارا
أقول ذلك دليل على أنه لم يرد القلب النابض، ولكن أراد العقل.
وفي الدعاء المأثور: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، هل القصد ثبات العاطفة أم ثبات العقل؟ ـ إن صدق القول بأن القلب مركز للعاطفةـ. بل القصد ثبات الاعتقاد وليس ثبات نبض القلب.
الفؤاد: القلبُ لِتَفَوُّدِه وتوقُّدِه، مذكر لا غير.
وقيل: وسَطُه، وقيل: الفؤاد غِشاءُ القلبِ، والقلبُ حبته وسُوَيْداؤُه[4] (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#a4) .
خلاصة القول في التعاريف اللغوية أن الدماغ: حَشْوُ الرأْسِ والمخ: مخ كل شيء: خالصه، أي ما بداخله، وهو حشو العظم.
أما القلب والفؤاد: سواءان تقريباً، وتطلقان على العقل أيضا.
ولكن، ما حقيقة ذات الصدور، المذكورة في القرآن؟
يقول الله تعالى: ﴿ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ «ال عمران - آية:119». ويقول: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ ﴾ «يونس - آية:57». ويقول: ﴿ فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ «الحج - آية:46».
هل هي القلوب النابضة؟ أم الأنفس وعبر عنها القرآن بمركزها الحياتي؟ أم ماذا؟
http://64.246.58.165/images/icons/b.gif ماذا يقول الطب؟
يسيطر الدماغ[5] (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#a5) والمراكز العصبية في جسم الإنسان على الدورة الدموية حيث يتم ضخ الدم الأحمر المليء بالأكسجين من القلب عبر الشرايين إلى كافة أجزاء الجسم ليصل الأكسجين والغذاء لكل أنسجة الجسم كما يأخذ الدم النفايات من الأنسجة ويعود عبر الأوردة إلى الأذين الأيمن ومنه إلى البطين الأيمن ليتم ضخه إلى الرئة عبر الشريان الرئوي الأيسر والشريان الرئوي الأيمن لتتم تنقيته من غاز ثاني أكسيد الكربون وبعض الغازات الأخرى وإشباعه بالأكسجين ليرجع الدم عبر الأوردة الرئوية إلى الأذين الأيسر ومنه إلى البطين الأيسر للقلب حيث يتم ضخه مرة أخرى عبر الأبهر ومنه إلى جميع أجزاء الجسم وهكذا[6] (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#a6) .
إذاً، هذه المضخة الصغيرة ليست إلا ناقلة للدماء المحملة بالأكسجين إلى جميع أنحاء الجسم، بينما حشو الجمجمة «الدماغ» هو المسيطر على هذه المضخة.
لو سألنا أنفسنا عند تعرضنا للخوف، لِمَ ينبض القلب أكثر من عادته، هل رأى القلب المنظر المرعب أم رأته العين؟ أو سمع القلب الصوت المفزع أم سمعته الآذان؟ ولو سألنا أنفسنا عند تعرضنا لموقف مخجل، لِمَ احمر الوجه وتبدلت ألوانه وتصبب العرق؟ أهو الوجه كجلد وعصب، هو الذي شعر بالخجل، أم العقل هو الذي أدرك معنى ذلك الموقف وذلك المؤثر؟
ذلك يعني أن الإحساسات التي يحس بها العقل الذي بالدماغ هو المركز المترجم والمدرك والمتعقل لمدلولاتها ونتائجها، فتارة يسيطر إذا أردنا، كتحريكنا لليد والرجل والرقبة وما أشبه، وتارة يسيطر من غير إرادتنا، فيبدي ما لا نريد إظهاره، كحمرة الوجه عند الخجل أو الزيادة في نبض القلب عند الخوف.
نعم، «عقلك في راسك تعرف خلاصك».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
[1] (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#b1) ابن منظور، لسان العرب.
[2] (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#b2) المصدر السابق.
[3] (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#b3) المصدر السابق.
[4] (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#b4) المصدر السابق.
[5] (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#b5) يقصد به حشو الرأس.
[6] (http://64.246.58.165/artc.php?id=17939#b6) موقع أمراض القلوب: http://www.heartsdiseases.com/