المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العمل والإخلاص



amili
12-13-2003, 08:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين .

قال تعالى في محكم كتابه الكريم في سورة التوبة الآية 105 ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) .

وفي سورة الملك الآية 15 ( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فأمشوا في مناكبها وكلو من رزقه وإليه النشور ) .

العمل هو الجهد الذي يبذله الإنسان من أجل سد حاجاته الطبيعية التي يحتاجها في حياته كونه مضافا إلى حركة جسمانية تساعده على زيادة النشاط في الذهن والمعاناة في النفس ( التعب ) وإن أي عمل مهما كان نوعه فإنه لا يساهم في سعادة المجتمع الإسلامي إلا بقدر الإتقان الذي يتجلى فيه .

عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن الله عز وجل وضع الأيمان على سبعة اسهم :
على البر والصدق واليقين والرضا والوفاء والعلم والحلم ثم قسم ذلك بين الناس فمن جعل فيه هذه السبعة الأسهم فهو كامل محتمل وقسم لبعض الناس السهم ولبعض السهمين ولبعض الثلاثة حتى انتهوا إلى السبعة ثم قال لا تحملوا على صاحب السم سهمين ولا على صاحب السهمين ثلاثة فتبهضوهم ثم قال كذلك حتى ينتهي إلى السبعة .

إذا على العامل بموجب الشريعة الإسلامية المباركة أن يكون باراً صادقا متيقنا من سلامة وصحة عمله راضيا بموقعه حيث هو والنتيجة التي يؤديها في عمله وفيا في تأدية عمله حيث يطلبه ربما بالمشقة من هنا وهناك متنقلاً في بقاع المعمورة من أجل طلبه بالحلال الذي سيسأل عنه أيضا طموحا في تحسينه نحو الأفضل عالما بحدود الله تعالى متذكرا دائما بأن الله تعالى يرى عمله وسيحاسبه عليه وسيعرض على رسوله – ص – يوم اللقاء الأكبر والمؤمنون في الحياة الدنيا والآخرة معا حليما في تعاطيه مع الآخرين , وإذا لم يتوج في هذه الصفات السامية فإنه سيصبح عزيزا عند الإنفاق في سبيل الله بينما إذا أتسم فيها فإنه سيصبح عاملاً يشعر بصلة روحية مميزة لا يعرف لذتها إلا السائرون في هذا النهج وهذه اللذة تبقى فقط بين العمل وإبداع وإتقانه وبين صاحبه فقط وعندها فإن البذل والعطاء في سبيل الله سبحانه يشعران صاحبه بلذة أخرى لا يمكن أن توصف من حيث الصور الجمالية التي تتضمنها وتحملها في طيات الإنفاق في سبيل الله عز وجل وهذا خلاف العمل الدنيوي الممزوج بالكذب والنفاق والفتن والخيانة الذين يؤدون إلى المصالح الشخصية على حساب الآخرين وما هو إلا باب من أ بواب الدنيا وحبل من حبال إبليس الذين يصور لهؤلاء المساكين حسن أعمالكم ويزيدهم تعلقا في هذه الدنيا من حيث لا يشعرون ولا يزيدهم إلا خسرانا وجهلا , وأي عمل أيها الجهلة المساكين الغارقين في حب الدنيا ومفاتنها أولى من حفظ ونجاة نفسك المرهونة بعملك وأن يكون عملا صالحا في سبيل الله تعالى , وزاداً ليوم اللقاء الأكبر يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ؟ !

سئل مولاي أمير المؤمنين عليه السلام عن الأيمان فقال : إن الله عز وجل جعل الأيمان على أربع دعائم : على الصبر واليقين والعدل والجهاد , فالصبر من ذلك على أربع شعب على الشوق والإشفاق والزهد والترقب فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات ومن راقب الموت سارع إلى الخيرات .

إذا الصبر ركيزة من ركائز الأيمان , وعلى الإنسان العاقل المحمدي الأصيل أن يصبر في طلب الحلال , لا أن يرتكب المحرمات بأنواعها من اجل لقمة عيشه حيث يوسوس له الشيطان , كما عليه أن يصبر على عبادة ربه وأن يكون متيقنا في أن الله سبحانه وتعالى هو رازقه دون سواه من بني البشر وعليه أن لا يرتكب أي محرم مهما صغر لأن هذا اليقين إذا لم يكن مطلقاً ومرفقا بحسن الظن بالله صادقا في التوكل عليه فإنه سيبتلى ببلية تحمله ضرورتها على التعود من معاصيه والعياذ بالله من هؤلاء الأشخاص , إن هذا الظن السيئ سيخرجه من طاعة الله إلى معصيته ومن ربقة الإسلام لأن في العلم جنة وفي الصدق العز والأيمان أفضل من الإسلام واليقين أفضل من الأيمان وما من شيء أعز من اليقين كما عبر عنه مولاي أبو عبد الله عليه السلام لكن الجريمة الكبرى عندما يقنع نفسه هذا المسكين المغتر بأنه يحسن عملا من خلال سيره في هذه الطرق المخالفة للشرع المقدس بل لو حاسب نفسه لمرة واحدة أو طالبته بخطئه فإنه مستعد بأن يقنع نفسه رغم يقينه بحرمة عمله هذا وبكل جهل ووقاحة يقول لك أو لنفسه ( الله أعلم ) , وبذلك فإنه سار بغير مرضاة الله سبحانه وتعالى ولم يرحم نفسه ولا عياله الذين سيأكلون من هذا لمال الحرام , ولم يشفق على نفسه من النار التي لا بد من أن يلقى فيها ويتراجع عن المحرمات التي ارتكبها بينه وبين الله تعالى على أقل تقدير , وبذلك فلن ت هون عليه المصائب لا في الدنيا ولا في الآخرة بل سيفاجئه الموت الذي لا بد منه وعندها سيقول ربي أرجعني لعلي أعمل صالحا لكن لا فائدة من منه ولا من عمله ولا من رجعته لأنه كان قبل ذلك ولم يمتثل لأمر الله تعالى .

عن أبى جعفر عليه السلام قال بينا رسول الله - ص- في بعض أسفاره إذ لقيه ركب فقالوا السلام عليك يا رسول الله فقال ما انتم فقالوا نحن مؤمنون يا رسول الله قال فما حقيقة أيمانكم قالوا الرضا بقضاء الله والتفويض إلى الله والتسليم لأمر الله فقال رسول الله - ص - علماء حكماء كادوا أن يكونوا من الحكمة أنبياء فإن كنتم صادقين فلا تبنوا ما لا تسكنون ولا تجمعوا ما لا تأكلون واتقوا الله الذي إليه ترجعون , إذا ليست حقيقة الأيمان إلا كما عبر عنها – ص – فعندما يكون قضاء الله سبحانه وتعالى أن أكون عاملا عند الآخرين عليَّ أن أقبل ذلك كما أقبل هذا القضاء عندما أكون صاحب عمل ما , وأن أفوض أمري إلى الله في السراء والضراء ومهما كانت مقدرات الحياة التي أمتلكها فعلي أن أصبر وأطلب الأفضل في سبل العيش عبر الطرق التي أحلها المولى سبحانه وتعالى , واسلم لأمر الله تعالى سعادتي المطلقة بهذا الوضع الذي أنا فيه كما أسلمه همي المطلق عندما أكون عاجزا أو أقل من غيري , وليس الأيمان بأن أنتمي إلى طائفة تعتبر نفسها أنها الناجية من أمة محمد –ص - , أو أنها صاحبة الحق المطلق وتتعاطى مع الآخرين على هذه القاعدة , وليس الإيمان بالله من أن أنتمي إلى عائلة مالكة أو قبيلة حاكمة أو حزب يقوده أشراف من أهل الأرض إنما المؤمن يجب أن يتصف بصفات أربع ألا وهي الصدق والأمانة والحياء وحسن الخلق ومن يملك هذا الإيمان فقد كمل إيمانه وإن كان مغموسا من قرنه إلى قدمه ذنوبا كما عبر عنه مولانا ابو عبد الله عليه السلام وبغير ذلك فإن أي أيمان يعتبر أيمانا ناقصا أو مخالفا لحقيقة الإيمان الذي يمكننا ان نطلق عليه إيمانا محمديا أصيلاً وإلا فكيف سيكون هذا الإنسان مؤمنا داعيا لهذا المذهب المعتقد الحق بغير لسانه والأهم من ذلك يقول عليه السلام ليروا منكم الاجتهاد والصدق والورع , وعلى الإنسان الرسالي أن يجتهد في العلوم كافة وأن يتعلم الصدق قبل الحديث في هذه العلوم باختلافها وبين هذين الأمرين أن يكون ورعا عن محارم الله سبحانه وتعالى لأن الله سبحانه وتعالى جعل الإخلاص سرا من أسراره وأستودعه قلب من أحب من عباده ولذلك عبر الإمام الجواد عليه السلام بأن الإخلاص من أفضل العبادات .

أيها لمسكين الذي ترى في نفسك أنك على الصراط المستقيم أنظر إلى خفايا نفسك بتجرد عن يقين وإياك أن تظهر نفسك في الدنيا مسكينا , لأنه ستكون حتما في الآخرة مغبونا , إياك أن تبيع الأفضل بالأدنى , إياك أن تعجب بنفسك لحظة ما .

فربما اغتررت بمالك وصحة جسمك لكنك لن تنجو بهم

وربما اغتررت بحالك ومنيتك وإصابتك مأمولك وهواك وظننت أنك صادق ومصيب , لكنك خدعت نفسك ومن حولك .

وربما شكوت حالك إلى الخلق فصدقوك رأفة بهم منك وأنت مخادع جهلت بأنك سيكشف أمرك يوما ما .

وربما شكوت من تقصيرك في العبادة أو عمل جهادي ما لسبب ما تدعيه وتحملهم إياه , والله يعلم من قلبك خلاف ذلك .

وربما أقمت نفسك على العبادة متكلفا , لكنك لست مخلصا في عبادتك ولا متيقنا من عملك بل لأن ذلك طقس من طقوس الدين عودت نفسك على إقامتها والله يريد الإخلاص في العمل .

وربما افتخرت بعلمك وتجرأت من أجل هواك على من وهبك إياه ومن سهل لك تحصيله , ولم يلقى منك إلا المكر والخديعة .

وربما أغتررت بنسبك وعائلتك وقبيلتك وعشيرتك وكل هذا ما ينفعك ولو كنت عبدا قرشيا .
وربما توهمت أنك تدعوا الله سبحانه وتعالى , لكنك في الحقيقة تشكو أمرك إلى من هو دونه .
وربما أظهرت من نفسك أو حسبتها أنك ناصح لغيرك , والله يعلم بأنك تريد نفسك وتريدهم أن يميلوا إليك .

أيها الغافل المسكين

إلى متى ستبقى غافلاً عن مضمرات ما في غيب الله .

إلى متى ستبقى تمدح نفسك وأعمالك وهي عند العقلاء ومن يعلمون حقيقة أمرك مذمومة ولو بنذر يسير .

إرحم نفسك

عد إلى الله

تب إليه توبة نصوحة

أخرج من ظلمات الغرور والتمني بصدق الإنابة إلى الله والإخبات له والتوبة إليه قبل فوات الأوان وقدوم الموت هادم اللذات الذي لا بد منه فإنه ملاقيك .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

عاملي



صلى الله عليه وسلم

شبكة الناصرة
12-13-2003, 08:49 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اخي الكريم فعلا موضوع يسحق القراءة ومشور من خالص قلبي على هذا الموضوع المفيد جدا الى كل غافل

اخي الكريم جعله الله في ميزان اعماك الصالحه

بحق آل بيت الرسول

دمتم سالمين

شجن
12-13-2003, 10:32 PM
مشكور اخي amili على الموضوع المتميز والمفيذ

وصلى الله على محمد وآل محمد

amili
12-14-2003, 11:28 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين
الأخ المشرف العام والأخ شجن

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على مداخلتكم وأطلب من جناب الأخ المشرف لعام البحث عن السبب في عدم ابلاغي عن الرد الكترونيا في الموضوع , وأتمنى أن يتم معالجة المشكلة بابلاغي عن اية مداخلة على اية موضوع كباقي المواقع ولكم الشكر
اخوكم

شبكة الناصرة
12-15-2003, 02:30 PM
اخوي من لوحة التحكم تعديل الخيارات في خانه اسمها
إستخدام الإعلام البريدي
هذه الخاصية تسمح لك بتلقي إعلام بريدي بوجود ردود على موضوع شاركت به .

اضغظ نعم و من موضوع جديد تحت في الخيارات
إعلام بريدي: ستصلك رسالة بريدية عندما يقوم أي عضو بالرد عليك .
اظغط صح وان شاء الله يرسل لك رساله

تحياتي

ahmed
12-15-2003, 05:15 PM
مشكور اخوى على هذا الموضوع الرائع وارجوا منك المزيد(9)