المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البعد عن القرآن سبب انحطاط المسلمين ما تمسك بالقرآن من اعرض عن العترة الطاهرة



كميل الفضلي
09-01-2007, 05:52 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


ان اختيار الحديث عن هذه الشكوى لم يأت اعتباطاً وليس هو من الترف الفكري بل هو ناشئ عن بصيرة نافذة ونظر ثاقب في تحليل واقع المسلمين وما تردت اليه اوضاعهم حتى صاروا يهدون مقتلهم على طبق من ذهب إلى اعدائهم الذين هم ابليس والنفس الامارة بالسوء وصنيعتها الغرب الكافر الذي جهد على ان يفصل بين المسلمين وعنوان عزهم وشرفهم وكرامتهم وهو القرآن وها هو غريب بينهم، لذا ثارت في قلبي شجون.
ان اسباب انحطاط الأمة وما آلت اليه من ضعف وانحلال هو اعراضها وعدم تمسكها بحبل الله تبارك وتعالى الذي أمرهم بالاعتصام به فقال عز من قائل :}وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ{وقد بين رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) هذا الحبل فقال ((صلى الله عليه وآله)) : ((واني مخلف فيكم الثقلين : الثقل الأكبر القرآن والثقل الأصغر عترتي أهل بيتي هما حبل الله ممدود بينكم وبين الله عز وجل ما ان تمسكتم به لم تضلوا, سبب منه بيد الله وسبب بايديكم . . . الحديث))
ما تمسك بالقرآن من اعرض عن العترة الطاهرة

ولكن الأمة تركت كتاب الله وابتعدت عنه منذ ان اقصت العترة الطاهرة عن مكانها الذي اختارهم الله سبحانه له لعدم امكان الفصل بينهما معرضين عن قوله تعالى :}وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ{ ومن خطل القول وتسويلات الشيطان ونزغات النفس الامارة بالسوء ان يقول قائل (حسبنا كتاب الله) التي لايزال يكررها وينفثها الشيطان على لسان من يريد ان يقوض بناء الاسلام من اسسه بما فيها القرآن الذي يدعي انه حسبه لانه يعلم ان القرآن انما يكتسب فاعليته ويؤدي دوره بالقائم به الواعي لأحكامه ومفاهيمه وهم العترة وهذه الفتنة ـــ الفصل بين القرآن والناطق به ـــ قديمة وممن ابتلي بها امير المؤمنين حينما أجبر على التحكيم وعلى ان يجعل القرآن حكما, قال ((عليه السلام)) : ((هذا القرآن انما هو خط مستور بين الدفتين لاينطق بلسان ولا بد له من ترجمان وإنما ينطق عنه الرجال))فالكتاب والعترة صنوان لا يفترقان ولا يمكن التمسك باحدهما دون الآخر فان أهل البيت ((عليه السلام)) هم باب الله الذي لايؤتى الا منه وقد امرنا باءيتان البيوت من ابوابها.
فما يزعمه غيرنا من اهتمامه بالقرآن أكثر منا باطل جزماً, نعم, اهتموا بمخارج حروفه وتحسين الصوت إلى حد الغناء بقراءته وضبط قواعد التجويد التي وضعوها هم وبعضها مخالف للحكم الشرعي, وهذه كلها اهتمامات قشرية والمهم هو استيعاب المحتوى والمضمون والعمل به فان اللفظ هو قشر والمعنى هو اللب والمتكلم لايلحظ اللفظ بنفسه بل يتخذه وعاءً للمعنى وآلة لايصاله إلى المخاطب والمعنى هو المراد الحقيقي للمتكلم, وقد وردت أحاديث كثيرة في ذم المتشدقين بألفاظ القرآن وحروفه المضيعين لمعاني القرآن وحدوده ففي الحديث المشهور ((كم من قارئ للقرآن والقرآن يلعنه))وهو خصمه لانه غير عامل بما فيه وفي حديث عن ابي جعفر ((عليه السلام)) قال : ((قراء القرآن ثلاثة : رجل قرأ القرآن فاتخذه بضاعة واستر به الملوك واستطال به على الناس فذاك من أهل النار, ورجل قرأ القرآن فحفظ حروفه وضيع حدوده فذاك من أهل النار, ورجل قرأ القرآن فوضع دواء القرآن على داء قلبه فاسهر به ليله وأضمأ به نهاره وقام به في مساجده وتجافى به عن فرشه فبا ولئك يدفع الله العزيز الجبار البلاء, وباولئك يديل الله من الاعداء ـــ أي ينصرهم على الاعداء ـــ وباولئك ينزل الله الغيث من السماء فوالله هؤلاء قراء القرآن اعز من الكبريت الأحمر)) وفي حديث عن الإمام الحسن ((عليه السلام)) : ((وإن احق الناس بالقرآن من عمل به وإن لم يحفظه وابعدهم منه من لم يعمل به وإن كان يقرأه))
فيبدو من هذا ان خطّة الفصل بين الكتاب والعترة وبالتالي تفريغ الكتاب من محتواه ومضمونه والتشجيع على الاهتمام بألفاظه فقط قديماً نبه اليها المعصومين ((عليهم السلام)) فأي اهتمام بالقرآن وهو يقرأ قوله تعالى :}وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ{ثم يعرضون عمن اختارهم الله تبارك وتعالى ويقدمون غيرهم وقد جعل الله تعالى هذا الأمر كله في كفة ورسالة الاسلام كلها في كفة أخرى :}يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ{وأي اتباع للقرآن الذي يقول برفيع صوته :}قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى{ وهم ينصبون العداء لأهل بيت النبوة ويتتبعونهم تحت كل حجر ومدر ولو كان لهم ادنى فهم لكتاب الله لضموا هذه الآية إلى قوله تعالى :}قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلا مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً{ ليحصلوا على حقيقة ان اهل البيت هم السبيل الذي امر الله تعالى باتباعه بقوله :}وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ{ وبه فسر الامام الباقر ((عليه السلام)) الآية فقال ((عليه السلام)) : ((نحن السبيل فمن ابى هذه السبل فقد كفر)) ولا أقول ان كلمة (حسبنا كتاب الله) والابواق التابعة لها التي ترددها إلى الآن وتطلب الدليل من القرآن فقط على أي شيء يقال لهم هي كلمة حق يراد بها باطل بل هي كلمة باطل يراد بها باطل وهؤلاء انما يريدون بذلك هدم اسس الاسلام لان الاكتفاء بالقرآن ـــ كما يزعمون ـــ يعني استغناءهم حتى عن رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) وهو يعني الجهل بكل تفصيلات الشريعة, فان رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) والأئمة المعصومين من آله هم القائمون على أمر الكتاب والمبينون لاحكامه وهذه العلوم كلها بين يديك هل تستطيع ان تكون طبيباً أو مهندساً من دون اخذه على يد المتخصصين العارفين باسراره وفك رموزه ؟ فكيف بالقرآن الذي هو :}تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ{و}مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ{وفيه صلاح البشرية جميعاً ولكل الأزمنة}مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ{ وقد نبه رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) إلى هذا الخطر بقوله : ((لا ألقين أحدكم متكئاً على اريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول : لاندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه))
ولكن اعداء الله سبحانه وأتباع الشيطان علموا ان القرآن هو حصن هذه الأمة الحامي لها من الزيغ والانحراف وان أهل البيت ((عليهم السلام)) هم القّيمون عليه فخططوا لإبعادهم عن الأمة فبقيت الأمة بلا راع والحصن بلا حام, واصبحت فريسة سهلة بيد الأعداء والمتربصين بها السوء, وها أنت تراها تتزعزع لابسط شبهة وتسقط في أول فتنة وتنهار بأول اختبار (وهذه أعظم ثلمة انثلم بها علم القرآن وطريق التفكر والتفكير الذي يندب اليه, ومن الشاهد على هذا الأعراض قلة الأحاديث المنقولة عنهم ((عليهم السلام)) فانك اذا تأملت ما عليه علم الحديث في عهد الخلفاء من المكانة والكرامة وما كان عليه الناس من الولع والحرص الشديد على أخذه ثم احصيت ما نقل في ذلك عن علي والحسن والحسين وخاصة ما نقل من ذلك في تفسير القرآن لرأيت عجباً : اما الصحابة فلم ينقلوا عن علي ((عليه السلام)) شيئا يذكر واما التابعون فلا يبلغ ما نقلوه عنه ((عليه السلام)) ـــ ان احصي ـــ مئة رواية في تمام القرآن, واما الحسن ((عليه السلام)) فلعل المنقول عنه لايبلغ عشراً, واما الحسين ((عليه السلام)) فلم ينقل عنه شيء يذكر ,وقد انهى بعضهم الروايات الواردة في التفسير إلى سبعة عشر الف (ذكره السيوطي في الاتقان) حديث من طريق الجمهور وحده, وهذه النسبة موجودة في روايات الفقه أيضاً)
فماذا كانت خسارة القرآن بابعاد أهل البيت ((عليهم السلام)) عن ممارسة دورهم الذي اختارهم الله تبارك وتعالى له :
1 ـــ غياب الكثير من العلوم الحقيقية التي لايفهمها من الكتاب الا هم ((عليهم السلام)).
2 ـــ تراجع القرآن عن ممارسة دوره في اصلاح النفس والمجتمع لانه والعترة صنوان لايفترقان ولا يستطيع ان يكون فاعلاً في حياة الامة الا بأيديهم .
3 ـــ وقوع القرآن فريسة بأيدي المتلاعبين واصحاب الاهواء والاغراض الشخصية بل والاعداء أيضا,ً فترى كلاً منهم يجد دليلاً على معتقده في كتاب الله حتى الخوارج كانوا يستدلون بالقرآن كما حصل بعد التحكيم بينهم وبين ابن عباس فنهاه علي ((عليه السلام)) عن الاحتجاج بالقرآن لانه ((حمّال ذو وجوه))وراحت معانيه الحقيقية ضحية التأويلات التي حذر القرآن من اتباعها :}فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ{، لكن الجواب واضح وأعطاه القرآن مقدماً :}وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ{ ( واوضح مصاديق الراسخين في العلم هم أهل البيت ((عليهم السلام)).
4 ـــ تشتت الامة وضياعها وتمزيقها لان عصمتها ومحور تجمعها القرآن وأهل البيت بحسب تفسير رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) لقوله تعالى :}وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ{ فقال ((صلى الله عليه وآله)) : انهم الكتاب والعترة, وقد عبرت الزهراء ((عليها السلام)) عن هذه العصمة في خطبتها في مسجد رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) : ((وجعل إمامتنا نظاما للملة)) أي بها تنتظم امورهم وتستقر, فكانت نتيجة ابتعادهم عن أهل البيت فناءهم بيد المتسلطين وعبدة الاهواء الذين استغلوا نفس هذا القرآن ليهلكوا الحرث والنسل وكان من (وعاظ السلاطين) والسائرين في ركابهم من يبرر لهم هذه الافعال المنكرة, كقوله تعالى : }أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ{ فجعلوا اولئك الكفرة الفسقة اولياء لامور المسلمين.

المهدوية
09-03-2007, 12:19 AM
اللهم إجعلني ممن يتلو كتابك الكريم ويتدبر معانيه
ويتعظ بزجره ووعظه

واجعله شفيعا لي يوم الحساب
وان النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم يشكو إلى الله تعالى ان أمته (إتخذوا هذا القرآن مهجورا)

نعوذ بك يا رب من هجر القرآن فهو حياة النفوس وربيع القلوب
وهو مع العترة الطيبين الطاهرين كل منهما يكمل الآخر فهو الكلام المرتب بالأحرف
وآل بيت الرحمة هم التطبيق والقرآن الناطق

اللهم اجمع شملنا بهم في الدنيا والآخرة ولا تفرق بيننا وبينهم طرفة عين أبدا

شكرا لك أخي كميل
مواضيع دينية مميزة لك كل الشكر والتقدير

ودمت بود

ابن الاسلام
09-03-2007, 02:06 PM
جزاك الله خيراً ولا عدمنا جديدك ... دعائي لك بالتسديد .

كميل الفضلي
09-07-2007, 02:11 PM
السلام عليكم
شكرا جزيلا على المرور
اختي المهدوية واخي ابن الاسلام
ودمتم بخير وبركة