المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحـــســـــــــن الـــقــــــــصــص ...... أرجوا التثبيــــت !



الأمل البعيد
08-07-2007, 08:40 PM
http://fsfs.***********/9.gif

قصص عن رسل الله الى الإنسانية . . . قصص الأنبياء الذين بعثهم الله ليعلّموا الإنسان كيف يحيا وكيف يعيش وكيف يموت فهم قدوة الإنسانية ، والشموع التي أضاءت طريق البشرية .

ولولا أولئك النخبة من البشر ، ما صنعت الإنسانية حضاراتها عبر الزمن .

يسرني أن اقـــدمـ لكمــ هذه القصص التي تنيـــر دربــنــــا نحن الجيل الإسلامي


أرجوا المشاركه للتشجيــــــع

الأمل البعيد
08-07-2007, 08:44 PM
أبونا آدم و أمُّنا حوّاء


قبل ملايين السنين خلق الله العالم . . الكواكب و النجوم و السماوات . . و خلق الله الملائكة من نور . . و خلق الجنّ من نار . . و خلق الله الأرض .


لم تكن الأرض مثلما هي عليه اليوم . . كانت مليئة بالبحار ، و كانت الأمواج ثائرة ، و الرياح تعصف بشدّة . .


و البراكين مشتعلة ، و النيازك الضخمة و الشهب تهاجم الأرض .


و لم تكن هناك من حياة على الأرض . . لا في البحار و لا في البراري .


وقبل ملايين السنين ، ظهرت في البحر أنواع صغيرة من الأسماك ، و ظهرت في البر نباتات بسيطة .


ثم تطوّرت الحياة شيئاً فشيئاً ، و ظهرت على سطح الأرض حيوانات كالزواحف ، والبرمائيات ، و ظهرت الدنياصورات بأشكالها المتعددة و أنواعها المختلفة .


بين فترة و أخرى كانت الثلوج تغطّي الأرض فتموت النباتات و تموت الحيوانات و تنقرض ، و تظهر بدلها أنواع جديدة . . و بين فترة و أخرى تذوب الثلوج و تعود الحياة في الأرض مرّة أخرى .


في تلك الأزمنة السحيقة . . و ما تزال الأرض لم تهدأ بعد من البراكين و الزلازل . . و العواصف العاتية ، و الأمواج الثائرة . . و لم تكن الثلوج قد ذابت بعد . . في تلك الأزمنة البعيدة أخذ الله من الأرض تراباً . . من المرتفعات و من السهول ، و من الأرض السبخة المالحة ، و من الأرض الخصبة العذبة . . مُزجت التربة بالماء و أصبحت طيناً متماسك الجزئيات .


خلق الله سبحانه من ذلك الطين ما يشبه هيئة الإنسان ، رأس و عينان و لسان و شفتان و أنف و أذنان و قلب و يدان و صدر و قدمان .


تبخّر الماء و جمد التمثال البشري ، اصبح الطين حجراً صلداً يابساً إذا هبّت الريح يسمع منه صوت ينُّم عن تماسكه .


و على هذه الحالة ظلّ التمثال نائماً إلى أمد طويل لا يعلم مداه إلاّ الله سبحانه .


الأرض :


و في تلك الفترة من الزمن هدأت الأرض ، هدأت الأمواج في البحار ، و هدأت العواصف ، و انطفأ كثير من البراكين . . .


ونمت الغابات أصبحت كثيفة و امتلأت بالحيوانات و الطيور ، و تفجّرت ينابيع المياه العذبة ، و جرت الأنهار .


اما المناطق التي انعدم فيها الماء فقد كانت الرياح الطيبة تحمل لها الغيوم ، و هناك تهطل الأمطار لتحيي الصحراء الخالية من الأنهار و النبات .


و عندما يسافر المرء في الفضاء يشاهد الأرض من بعيد كرةً تدور في الفضاء حول الشمس فتنشأ الفصول .


صيف يعقبه خريف ، و خريف يعقبه شتاء و بعد الشتاء يأتي الربيع .


فتزداد الأرض خُضرةً و تصبح النباتات و الغابات أكثر بهجةً .


و تتدفق الأنهار بالمياه العذبة ، و تفور الينابيع بالمياه الصافية الباردة .


و تدور الأرض حول نفسها ، فينشأ الليل والنهار .


في النهار تستيقظ الطيور فتطير باحثة عن رزقها ، و تستيقظ الحيوانات تبحث عن طعامها .


الغزلان تركض في الغابات و الوعول فوق سفوح الجبال ، و الفراشات تدور في الحدائق تبحث عن الأزهار و الرحيق ، و الحيوانات المفترسة تزأر في الغابات .


كل شيء في الأرض ينمو و يتكاثر ، فالأرض تمتلئ بالحياة و البهجة .


الأشجار تحمل الثمار ، و الخراف و الماعز تأوي إلى الكهوف تبحث عن مأوى يحميها من الحيوانات الكاسرة .


كل شيء يمضي في طريقه كما خلقه الله سبحان و تعالى .


أصبحت الأرض جميلة جدّاً . . . أصبحت ملوّنة . . زرقة البحار . . و خضرة الغابات و التلال التي تكسوها الأعشاب ، و سمرة الصحاري . . و بياض الثلوج . . و أشعة الشمس الحمراء في الشروق .


امتلأت الأرض بالحياة . . طيور و حيوانات ، و غابات و نباتات و أزهار و فراشات . . . أمّا الإنسان فلم يكن له وجود بعد .


آدم . . الإنسان الأول :


و في لحظة من لحظات الرحمة و اللطف الإلهي ، نفخ الله في تمثال الصلصال من روحه ، عطس وقال : الحمد لله .


نهض آدم دبّت فيه الروح و أصبح بشراً سويّاً ، يتنفس و يجيل نظره . . أصبح إنساناً يفكّر و يتأمّل . . يحرّك يديه و يمشي يعرف الجميل و يدرك القبيح . . يعرف الحق و يدرك الباطل . . الخير والشر ، السعادة و الشقاء .


أمر الله الملائكة أن تسجد لآدم . . ان تسجد لما خلقه الله بيده .


سجد الملائكة جميعاً . .


الملائكة لا تعرف شيئاً سوى طاعة الله . . انها تسبح الله دائماً . . . خاشعة لله في كل وقت . . . سجدت للإنسان لأن الله اختاره خليفة له في الأرض . .


لأن الله جعله خليفة . . انه أرفع منزلة من الملائكة .


و لكن هناك مخلوق آخر لم يسجد ! ! كان هناك جنّي خلقه الله قبل ان يخلق أبانا آدم بستة آلاف عام . . لا يعلم أحد أهذه الأعوام كانت من أعوام الأرض أم من أعوام كواكب أخرى لا نعرفها .


الجنّ خلقه الله من النار . . إبليس لم يسجد لآدم . . لم يطع الله قال في نفسه : انه أفضل من آدم . لأن اصله من النار . . تكبّر إبليس . . و استنكف ان يسجد لآدم المخلوق من الطين . .


كان الملائكة جميعاً ساجدين . . الملائكة جميعاً يطيعون الله يسبّحون اسمه و يقدّسون ذاته . . امّا إبليس فقد كان من الجن فعصى أمر الله و لم يسجد لآدم .


قال الله سبحانه : لماذا لا تسجد لآدم يا إبليس ؟


قال إبليس : أنا أفضل منه . . لقد خلقتني من النار أما آدم فمخلوق من الطين . . النار أفضل من الطين .


طرد الله إبليس المتكبّر من حضرته . . طرده من رحمته . . و من ذلك الوقت حقد إبليس على آدم . .


حسده أولاً ثم حقد عليه . . إبليس مخلوق متكبّر حسود و حاقد . . لا يحبّ أحداً سوى نفسه .


أصبح شغله و همّه كيف يقضي على آدم . . كيف يغرّه ليضلّه .


طرد الله إبليس من رحمته . . قال له أخرج فإنك رجيم . . و إنّ عليك لعنتي إلى يوم الدين .


قال : إبليس : أمهلني يا ربّ إلى يوم الدين . . قال الله سبحانه : إنك من المنظرين إلى يوم الدين . . إلى وقت معلوم .


قال إبليس : رب بما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ، لأغوينهم أجمعين . .


كم هو ملعون إبليس . . كم هو مكابر وكذّاب . . انه يتهم الله سبحانه بانه هو الذي أغواه . . لم يلق اللوم على نفسه لمعصيته . . لم يقل أنه حسد آدم و حقد عليه و انه تكبّر فلم يسجد و لم يطع الله !


و هكذا كفر إبليس . . استكبر ثم كفر . . ظنّ نفسه أفضل من آدم لأنه مخلوق من نار و آدم اصله طين و تراب .


إبليس أناني . . نسي أن الله خلقه و هو يأمره و عليه أن يطيع الله . .


حوّاء :


خلق الله آدم وحيداً . . ثم خلق من أجله حواء ، فرح آدم بزوجه ، وهي أيضاً فرحت بلقائه .


اسكن الله سبحانه أبانا آدم و أمّنا حواء الجنّة .


الجنة مكان جميل . . جميل جداً . . انهار كثيرة . . و أشجار خضراء خالدة .


ربيع دائم . . ليس في الجنّة حرّ و لا برد . . نفحات طيبة .


عندما يملأ المرء صدره منها يشعر بالسعادة . .


قال الله ربّنا لآدم : اسكن أنت و زوجك الجنّة و كلا منها حيث شئتما . . اسكن فيها حيث تحبّ و كل فيها ما تحبّ . .


ستكون سعيداً فيها فليس في الجنّة تعب و لا جوع و لا عري . .


و لكن ايّاك أن تقترب من هذه الشجرة . . ايّاك أن تسمع كلام إبليس ، فيخدعك انه عدوّ لك و لزوجك . . انه يحسدك يا آدم ، يضمر لك الشرّ .


انطلق آدم و زوجه حواء في الجنّة ينعمان بظلالها ، و يأكلان من ثمارها . . كان آدم سعيداً و كانت حواء سعيدة . .


كانا سعيدين جداً . . لقد خلقهما الله بيده . . و رزقهما من كل شيء و كانت الملائكة تحبهما ، لأن الله خلقهما و يحبّها . .


آدم و حواء ينطلقان في الجنّة هنا و هناك ، يقتطفان من ثمارها و يجلسان على شواطئ أنهارها .


شواطئ ساحرة جميلة من الياقوت و العقيق ، و المياه الصافية العذبة تغسل اقدامهما . . و هناك انهار من عسل طيب و لذيذ ، و انهار من لبن ، و طيور و زهور . . لا حدود لسعادة آدم و حواء كل شيء في الجنّة لهما . . أشجارها و ثمارها . .


كانا يأكلان من كل الثمار . . ثمار مختلفة الشكل و اللون و الرائحة و لكنها جميعاً شهية . .


و في كل مرّة كانا يصادفان شجرة في وسط الجنّة . . شجرة جميلة المنظر تتدلى ثمارها . . كانا ينظران إليها فقط . . لأن الله نهاهما عن الاقتراب منها و تناول ثمارها .


إبليس عدوّ الإنسان :


طّرد ابليس من صفوف الملائكة . . لقد ظهرت حقيقته في أول امتحان . . ظهرت أنانيته . . و تكبّره . . أصبح ملعوناً رجيماً . . لم يعد له مكان بين الملائكة . .


إبليس يمتلأ حقداً و حسداً لآدم و زوجه . . أصبح شغله الشاغل كيف يخدع آدم و حواء و يخرجهما من الجنّة ؟ .


قال في نفسه : أنا أعرف كيف أخدعهما أنا أعرف أنهما سيصغيان إلى وسوستي . . سأدعوهما لأن يأكلأ من تلك الشجرة . . و عندها سيشقى آدم . . سيصبح شقيأً مثلي . . سوف يطرده الله من الجنّة ، حوّاء هي الآخرى ستشقى .


الشجرة :


جاء إبليس إلى آدم و حوّاء . . جاء ليوسوس لهما . . ليخدعهما قال لهما : هل رأيتما أشجار الجنّة كلها ؟


قال آدم : نعم لقد رأيناها جميعاً . . و أكلنا ثمارها .


قال إبليس : ما فائدة ذلك . . و أنتما لم تأكلا من شجرة الخلد . . انها شجرة الملك الدائم و الحياة الخالدة . . عندما تأكلان من ثمارها تصبحان ملكين في الجنّة . . قالت حواء : تعال لنأكل من شجرة الخلود .


قال آدم : لقد نهانا ربّنا عن الاقتراب منها . . قال إبليس و هو يخدعهما : لو لم تكن شجرة الخلود لما نهاكما عنها . . لو لم تصبحا ملكين لما قال لكما ربّكما : لا تقربا هذه الشجرة انني أنصحكما أن تأكلاها . . و عندها سوف تصيرا ملكين و لن تموتا أبداً . . ستصيرا خالدين تنعمان في هذه الجنّة إلى الأبد .


قال آدم لزوجه : كيف اعصي ربّي . . لا . . لا .


قال إبليس : هيّا لأدلّكما عليها انها هناك في وسط الجنّة ، ذهب إبليس و تبعه آدم و حوّاء . . كان إبليس يمشي متكبّراً مغروراً .


قال و هو يشير إلى الشجرة . . هذه هي الشجرة . . انظرا كم هي جميلة . . انظرا إلى ثمارها كم هي شهية .


نظرت حوّاء . . و نظر آدم . . حقّاً انها جذّابة . . شهية الثمار . . شجرة تشبه شجرة القمح . . و لكن فيها ثمار مختلفة و تفاح و عنب . .


قال إبليس : لماذا لا تأكلان منها . . اقسم لكما باني ناصح . . انصحكما أن تتناولا ثمارها . .


أقسم إبليس أمام آدم و حواء أنه يريد لهما الخير و الخلود !


و في تلك اللحظة الرهيبة نسي آدم ربّه نسي الميثاق الذي أخذه الله عليه . . فكّر في نفسه انه يستطيع أن يبقى ذاكراً لله و في نفس الوقت يعيش حياة الخلود . .


في تلك اللحظات المثيرة . . مدّت حوّاء يدها و اقتطفت من ثمار الشجرة أكلت منها . . انها حقّاً شهية أعطت آدم منها . . نسي آدم الميثاق فأكل منها . .


و هنا فرّ إبليس . . راح يقهقه بصوت شيطاني . . لقد نجح في إغواء آدم و حواء .


الهبوط على الأرض


و في تلك اللحظة التي أكل فيها آدم و حواء من ثمار الشجرة حدث شيء عجيب . . تساقطت عنهما ثياب الجنّة اصبحا عريانين . . بدت لهما سوء آتهما . .


كانت هناك شجرة تين و شجرة موز عريضة الأوراق لجأ إليها آدم و حواء . .


كانا يشعران بالخجل من نفسيهما . . راحا يخصفان من ورق التين و الموز ليصنعا لهما ثوباً يستر ما بدا من سوء اتهما .


شعرا بالندم و الخوف و الخجل . . لقد ارتكبا المعصية . . لم يسمعا كلام الله سمعا كلام الشيطان . . الذي فرّ بعيداً و تركهما لوحدهما . .


سمع آدم و حوّاء صوتاً يناديهما . . كان صوت الله سبحانه قال : ألم انهكما عن هذه الشجرة . . ألم أقل لكما ان الشيطان عدو لكما فلا يخدعكما . .


بكى آدم بسبب خطيئته . . و بكت حواء .. ليتهما لم يسمعا كلام الشيطان . .


قالا و هما يركعان لله في ندم : نتوب إليك يا ربّنا . . فاقبل توبتنا .. . تجاوز عن خطيئتنا ربّنا ظلمنا انفسنا و إن لم تغفر لنا و ترحمنا لنكونن من الخاسرين .


كان آدم قد تعلم من قبل ان المغفرة و التوبة و الندم تغسل الخطايا . . لهذا تاب . . و أناب إلى الله . .


ربّنا رحيم بمخلوقاته فتاب عليه ، ولكن من يأكل من هذه الشجرة ومن يعصي الله ، عليه أن يخرج من الجنّة عليه أن يتطهّر من خطيئته . .


قال الله سبحانه : اهبطوا إلى الأرض . . اهبطا انتما و ابليس إلى الأرض . . ستستمر العداوة بينكما و بينه . . سوف يستمر في خداعه لكما . .و لكن من يتّبع أمري . . من يتّبع كلماتي فسأعيده إلى الجنّة . . امّا من يكذّب ويكفر فسيكون مصيره مثل مصير الشيطان .


قال الله : اهبطوا بعضكم لبعض عدو ، و لكم في الأرض مستقر و متاع إلى حين . . و فيها تحيون و فيها تموتون و منها تخرجون .


اهبطا منها جميعاً ، فامّا يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا يضل و لا يشقى ، و من أعرض عن ذكري ، فإن له معيشة ضنكا و نحشره يوم القيامة أعمى .


اصبح آدم و حوّاء مؤهلين للحياة في كوكب الأرض . . لقد اكتشف آدم سوء اته . . اصبح جاهزاً لأن يكون خليفة الله في الأرض يعمّرها . . و يسكنها . . و لا يفسد فيها .


لهذا سجدت له الملائكة . . تصورت الملائكة أن آدم سوف يفسد في الأرض و يسفك الدماء . . و لكن آدم يعرف اشياء لا تعرفها الملائكة يعرف الأسماء كلها ، الملائكة لا تعرف الحرّية و الإدارة و لا تعرف التوبة . . لا تعرف الخطيئة . لا تعرف أن الذي يخطئ يعرف كيف يصحّح خطأه و يتوب .


من أجل هذا خلق الله آدم ليكون له خليفة في الأرض .


فجأة و بقدرة الله المطلقة هبط آدم و حواء . . و هبط إبليس .


كل واحد منهم هبط في مكان من الأرض .


هبط آدم فوق قمّة جبل في جزيرة سرنديب[1]، و هبطت حواء فوق جبل المروة في ارض مكّة . . امّا إبليس فهبط في اخفض نقطة من اليابسة . . هبط في واد مالح في البصرة قريباً من مياه الخليج .


و هكذا بدأت الحياة الإنسانية فوق سطح الأرض ، و بدأ الصراع . . الصراع بين الشيطان و الإنسان . .


عندما هبط أبونا آدم و أمّنا حواء على سطح الأرض كانت هناك حيوانات كثيرة تعيش . . غير أنها لم تقاوم الثلج المتراكم منذ آلاف السنين فماتت و انقرضت . . كان حيوان يدعى " الماموث " و هو يشبه الفيل و لكن جلده كان مغطّى بالصوف .


كان هذا الحيوان يجوب سيبريا . . و كان حيوان آخر يشبه وحيد القرن و لكنه كان مغطّى بالصوف أيضاً . . هو الأخر لم يقاوم الثلوج و البرد ، فماتت أنواعه و انقرضت . .


و كانت هناك طيور عجيبة .. طيور عملاقة ماتت و لم يبق لها من أثر .


و شاء الله سبحانه أن تذوب الثلوج و ينتهي البرد الشديد في الأرض و يعود الدفء شيئاً فشيئاً .


و شاء الله أن يهبط آدم و حواء ليكون الإنسان خليفة في الأرض . . يزرع و يبني ويعمّر هذا الكوكب الجميل .


اللقاء


الملائكة كانت تحبّ آدم . . تحبّه لأن الله خلقه بيده . . و تحبّه لأنه خلقه و جعله اسمى مرتبة من الملائكة . .


الملائكة سجدت لأدم لأن الله أمرها بالسجود له . . و عندما عصى آدم ربّه و اكل من تلك الشجرة . . ندم و تاب و أناب إلى الله . .


الله ربّنا رحيم ، قبل توبته . . و اهبطه إلى الأرض ليكون خليفته . .


الأرض إمتحان للإنسان هل يعبد الله أم يتبع الشيطان ؟


الملائكة تحب آدم و تحب له الخير و السعادة . .


تريد له أن يعود إلى الجنّة ، أمّا الشيطان فهو يكره آدم هو يكره الإنسان و يحقد عليه لهذا حسده و لم يسجد له . . استكبر على الله . .


لهذا أغوى آدم و أزلّه فأكل من الشجرة . .


الشيطان يكره الإنسان يضمر له العداوة يريد له الشقاء . . يريد له الذهاب إلى الجحيم .


هبط آدم على الأرض . . و ظلّ ساجداً لله كان يشعر بالندم العميق لخطيئته . . تاب الله عليه . . و اجتباه . . و اصبح آدم طاهراً من الخطيئة . .


تذكر آدم زوجته حواء . . آدم يحبها كثيراً .


كان سعيداً بها ولكن لا يدري أين هي الآن . . عليه أن يبحث لعلّه يعثر عليها .


راح آدم يضرب في الأرض وحيداً يبحث عن زوجته حواء .


جاء أحد الملائكة أخبره أن حواء في مكان بعيد من هذه الأرض . . انها تنتظرك . . هي خائفة و تبحث عنك . . قال له إذا سرت في هذا الاتجاه فإنك ستعثر عليها . .


شعر آدم بالأمل و انطلق يبحث عن حواء . . قطع مسافات شاسعة و هو يمشي . .


كان يمشي حافي القدمين .


إذا جاع تناول شيئاً من النباتات البرّية ، و عندما تغيب الشمس و يغمر الظلام الأرض ، كان يشعر بالوحشة فينام في مكان مناسب . . و كان يسمع أصوات الحيوانات تأتي من بعيد . .


سار آدم أياماً و ليالي إلى أن وصل أرض " مكّة " ، في قلبه شعور أنه سيجد حواء في هذا المكان . . ربما خلف هذا الجبل أو ذاك . .


كانت حواء تنتظر ، تصعد هذا الجبل و تنظر في الأفاق . . و لكن لا شيء . . و تذهب إلى ذلك الجبل و تصعده لتنظر . .


ذات يوم رأت حواء و هي تنظر رأت شبحاً . . قادماً من بعيد . . عرفت أنه آدم انه يشبهها . . هبطت حواء من الجبل . . ركضت إليه كانت تشعر بالفرحة و الأمل . .


آدم لمحها من بعيد . . أسرع إليها ركض باتجاه حواء و حواء ، هي الأخرى كانت تركض باتجاه آدم .


و في ظلال جبل يدعى " عرفات " حدث اللقاء . . بكت حواء من فرحتها و بكى آدم أيضاً . . و نظرا جميعاً إلى السماء الصافية . . و شكرا الله سبحانه الذي جمع شملهما مرة أخرى .


تابع >>

الأمل البعيد
08-07-2007, 08:45 PM
العمل و الحياة


لم تكن الحياة في الأرض سهلة انها ليست مثل الجنّة . .


الأرض كوكب يدور في الفضاء .. تتغير فيه الفصول . . شتاء بارد حيث تنهمر الثلوج فتغطّي السهول و الجبال . .


و صيف لاهب حارّ . . و خريف . . تتساقط فيه الأوراق . . وتصبح الاشجار مثل الأعواد الجافّة . .


ثم يأتي الربيع . . فتبتهج الأرض ، و تغدو خضراء . . و يتذكر آدم حياة الجنّة الطيبة فيبكي . . يحنّ إلى العودة إلى الجنّة و إلى الحياة الطيّبة هناك .


اختار آدم و زوجته بقعةً جميلة من الأرض ليعيشا فيها .


كانت بعض النباتات البرّية قد نبتت فيها ، و اشجار مختلفة الشكل و الثمر . .


مضت أيام السعادة في الجنّة . . لا حرّ و لا برد و لا جوع و لا تعب .


عليهما الآن أن يكدّا و يعملا . . عليهما أن يستعدّا للشتاء القادم و الرياح الباردة . . أن يناما في الغار قبل أن ينتهيا من بناء كوخ لهما من خشب الأشجار .


كان آدم يعمل و يعمل و يشقى . . كان يتصبّب عرقاً كل يوم و هو يعمل .


فحتى لا يموت جوعاً ، عليهما أن يزرعا و يحصدا و يطحنا و يعجنا ثم يخبزا لهما رغيفين .


كانا يتذكران ايام السعادة و يحنّان للعودة إلى الجنّة قرب الله الذي خلقهما .


و كانا يتذكران خطيئتهما فيبكيان و يستغفران .


و هكذا مضت حياتهما بين العمل و العبادة و بين التفكير في مستقبل أولادهما .



و تمضي الأيام تلو الأيام . . و انجبت حواء ولداً و بنتاً . . ثم انجبت ولداً وبنتا .


اصبح عدد سكان الأرض من البشر ستة أفراد .


فرح آدم و حواء بابنائهما ، كانوا يكبرون يوماً بعد يوم . . اصبحوا شباناً . . قابيل و أخوه هابيل كانا يذهبان مع ابيهما آدم يتعلمان منه العمل ، حراثة الأرض و رعي الماشية . .


اما اقليما و لوزا فكانتا تساعدان امهما في أعمال المنزل . . الطبخ الكنس الحياكة .


الحياة تتطلب العمل و النشاط و السعي . . و تمرّ الأيام والأعوام .




قابيل وهابيل


نشأ قابيل قاسياً شرس الأخلاق عنيف الطباع ، بعكس هابيل الهادئ الوديع المسالم .


كان قابيل يؤذي أخاه دائماً . . يريد منه أن يصبح له عبداً يخدمه من الصباح إلى المساء . .


يحرث له الأرض ، إضافة إلى عمله في رعي الماشية . . حتى ينصرف هو إلى كسله و إمضاء و قته في اللهو و اللعب كم ضرب قابيل أخاه ! !


و كان هابيل يتحمّل و يصبر لأن قابيل أخاه و شقيقه . .


كان يدعو الله أن يهدي أخاه قابيل و يصبح إنساناً طيباً .


كان آدم يتألم . . و ربّما نصح ابنه قابيل إلاّ يكون شريراً . . قال له مرّة :


كن طيباً يا قابيل . . مثل اخيك . .


و مرّة قال له :


لا تكن شريراً يا قابيل . . إن الله لا يحب الأشرار .


كان قابيل لا يسمع نصائح والده . . كان يظن أنه أفضل من هابيل . . فهو أقوى بكثير من أخيه . . عضلاته قوّية جداً و رأسه أكبر من رأس هابيل . . و أطول منه قدّاً . .


و كان آدم يقول لابنه :


ان التقي هو الأفضل . . أن الله ينظر إلى القلوب يا قابيل . . الإنسان الأفضل . . هو الإنسان الاتقى .


كان قابيل عنيداً . . كان يصرخ :


لا . . لا . . لا أنا أفضل منه . . أنا الأقوى . . و الأضخم .


ذات يوم صفع قابيل أخاه هابيل . . صفعه بقسوة .


لم يفعل هابيل شيئاً كان يتحمّل أخاه . . هابيل قلبه طيب يحب أخاه . . يعرف أنه جاهل .. هابيل يخاف الله . . لا يريد أن يكون شريراً مثل أخيه .


أراد الأب أن يضع حدّاً لشرور قابيل . . أراد أن يفهمه أن الله يحبّ الطيبين . . ان الله لا يحب الأشرار ، قال لهما :


ليقدّم كل منكما قرباناً إلى الله . . فمن يتقبل الله قربانه فهو الأفضل .. لأنّ الله يتقبل من المتقين .


انطلق قابيل إلى حقول القمح . . جمع كوماً من السنابل كانت ما تزال طرية لم تنضج بعد . .


و مضى هابيل إلى قطيع الماشية . . فاختار كبشاً سليماً من كل عيب . . اختار كبشاً جميلاً و سميناً .. لأنه سيهديه إلى الربّ . .


قال آدم لابنيه :


إذهبا إلى هذه التلال . .


وضع قابيل كوم القمح تحت ابطه و مضى إلى التلال .


و راح هابيل يسوق كبشه الجميل إلى هناك . . ترك هابيل كبشه فوق التلّ و القى قابيل كوم القمح قريباً منه . . سجد هابيل لله . . بكى خشية منه . . نظر إلى السماء الصافية و دعا الله أن يتقبل قربانه .


أما قابيل فكان عصبياً جداً ينظر هنا وهناك كأنه يبحث . . كان يريد أن يرى الله . . ترى ماذا سيكون شكله !


مضت ساعات طويلة .. لم يحدث شيء . .


هابيل جالس بوداعة ينظر إلى السماء و قد ظهرت بعض الغيوم . . امتلأت السماء بالسحب .. سكن الهواء . . كان هابيل يدعو الله . . و كان قابيل يمسك بصخرة و يقذفها بعصبية فتتكسر فوق الصخور . . كان عصيباً لا يدري ماذا يفعل . .


فجأة لمع البرق في السماء . . و دوّى الرعد . . شعر قابيل بالخوف . . اما هابيل فكان يدعو الله . . انهمر المطر غسل وجه هابيل . . غسل دموعه . . اختبأ قابيل تحت سن صخري . .


لمع البرق مرّة أخرى و أخرى . . فجأة انقضت صاعقة كالأعصار . . أصابت الكبش و حملته بعيداً ابتهج قلب هابيل . . بكى فرحاً . . لقد تُقبّل قربانه . . ان الله يحب هابيل لأن هابيل يحبّ الله . .


امّا قابيل فقد امتلأ قلبه بالحقد و الحسد . . لم يتحمّل منظر كوم القمح و قد بعثرته الريح . . امسك بحجر صخري و صرخ باخيه :


لأقتلنك . .


قال هابيل بهدوء :


يا قابيل يا أخي . . انما يتقبّل الله من المتقين .


صرخ قابيل مرّة أخرى و هو يلوّح بقبضته :


سأقتلك . . انني أكرهك .


شعر هابيل بالحزن لماذا يكرهه أخوه ؟ ! ماذا فعل لكي يحقد عليه ؟ !


قال بمرارة و ألم :


لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لاقتلك . . إني أخاف الله ربّ العالمين . . انت تظلمني يا قابيل . . و إذا ما قتلتني فسوف يكون مصيرك النار .


قابيل يفكر بطريقة وحشية . . فمادام هو الأقوى فمن حقّه أن يسيطر على أخيه . . أن يستعبده . . أن يسخره كما يسخر الحيوانات الأخرى . .


انصرف هابيل إلى عمله يرعى ماشيته . . نسي تهديدات أخيه . . كان يرعى الماشية في التلال و الوديان الخضراء الفسيحة يتأمل ما حوله بحب . .


يملأ الايمان قلبه بالسلام .. ينظر إلى خرافه و هي ترعى في المروج . .


كل شيء هادئ .. منظر الشمس في الأصيل جميل . . الأفق الأزرق الصافي . . و خرير الجدول و هو يجري في الوادي الفسيح . . و الطيور البيضاء و هي تحلق في الفضاء الأزرق . . كل شيء جميل . . و محبوب . .


و هناك خلف التلال كان قابيل يسرع نحو أرضه . . كان عصبياً و زاد من عصبيته أنه كان جائعاً . . رأى من بعيد أرنباً فركض فطارده . . قذفه بحجر تعثر الأرنب انكسرت رجله . . لم يعد قادراً على الفرار و النجاة . . أمسك قابيل به . . قتله و أكله . . رمى بالباقي فوق الأرض . .


هبطت بعض النسور و راحت تتناول من الفريسة . . قابيل فكر في نفسه . . لو كان ضعيفاً . . لأكلته النسور . . لماذا لا تأكلني هذه الطيور المخيفة . . لأنني قوي . . القوّي هو الذي يستحق الحياة . . و على الضعفاء ان يموتوا . .


مرّة أخرى فكر قابيل بطريقة وحشية . . انه لا يعرف الحق و الباطل أن يكون الإنسان طيّباً أفضل من أن يكون شريرّاً . . مرّة أخرى شعر بالحقد و الحسد لأخيه . . ترك أرضه و حقوله و مضى نحو التلال . .


راح ينظر إلى أخيه هابيل في السفوح الخضراء . . و الماشية ترعى بسلام . .


كان هابيل مستلقياً فوق العشب الأخضر . . ربّما كان نائماً . . هكذا خطر في بال قابيل اشتعل الحقد في نفسه أكثر . . اشتعل الغدر في قلبه . . انحنى ليلتقط حجراً مسنّناً .


ربّما فكّر انها فرصة لقتل هابيل . . للتخلّص من أخيه إلى الأبد .


انحدر قابيل من التلّ . . اقترب من أخيه . . كان حذراً جداً مثل نمر شرس . . عيناه تبرقان بالجريمة و الغدر . .


كان هابيل غافياً . . شعر بالتعب من كثرة ما دار في المراعي . . لهذا وضع رأسه على صخرة ملساء و تمدّد فوق العشب و نام . . في وجهه ابتسامة و أمل . .


كان نومه هادئاً لأنه يعرف ان هذا الوادي لا ترتاده الذئاب و لا الخنازير لهذا ترك ماشيته ترعى بسلام .


لم يخطر في باله أن هناك مخلوقاً آخر أكثر فتكاً من الذئاب . .


قابيل شقيقه الوحيد في هذه الدنيا الواسعة !


أصبح قابيل قريباً منه . . وقع ظله على وجه أخيه النائم . . فتح هابيل عينيه ابتسم لأخيه . . و لكن قابيل كان قد تحوّل إلى وحش . . أصبح مثل الذئب ، بل أكثر قسوة . .


انقض على أخيه بالحجر و ضرب جبهته . . سالت الدماء على عيني هابيل . . فقد وعيه . . و كان قابيل يواصل الضرب . . إلى أن سكنت حركة هابيل تماماً .


لم يعد هابيل يتحرك . . لم يعد يفتح عينيه الواسعتين . . لم يعد يتحدّث و لا يبتسم . . انه لا يستطيع العودة إلى كوخه . . بقيت ماشيته دون راع . . ستتيه في هذه التلال و الوديان . . ستفترسها الذئاب . .
كان قابيل ينظر إلى أخيه . . و كانت الدماء ما تزال تنزف من جبهته .


توقف نزف الدم . . ظهرت في السماء نسور راحت تحوم . .


حار قابيل ماذا يفعل ؟ . . حمل جسد أخيه وراح يمشي . . لا يدري أين يذهب به كيف يبعده عن هذا النسور الجائعة ؟ !


شعر بالتعب . . الشمس تجنح نحو الغروب . . وضع جسد أخيه فوق الأرض . . وجلس ليستريح . .


فجأة حطّ غراب بالقرب منه . . كان ينعب بشدّة يصيح : غاق . . غاق . . غاق . . ربما كان يقول له : ماذا فعلت باخيك يا قابيل ! ! لماذا قتلت أخاك يا قابيل ؟ !


راح قابيل يراقب حركات الغراب . . الغراب كان يبحث في الأرض . . ينبش التراب . . صنع فيها حفرة صغيرة . . التقط بمنقاره ثمرة من الثمار الجافّة و القاها في الحفرة . . راح يهيل عليها التراب . .


شعر قابيل بانه اكتشف شيئاً مهمّاً . . عرف كيف يواري أخاه . . يحفظه من النسور و الذئاب . . أمسك بعظم ربّما كان فك حمار ميت أو حصان أو حيوان آخر .


راح يحفر في الأرض . . كان يتصبب عرقاً صنع حفرة مناسبة . . لا يمكن للنسور ولا للحيوانات أن تنبشها حمل جسد أخيه و وضعه في الحفرة و راح يهيل عليه التراب . .


بكى قابيل كثيراً . . بكى لأنه قتل أخاه . . و بكى لأنه كان عاجزاً عن فعل شيء . .


الغراب هو الذي علّمه كيف يواري سوءة أخيه . . انه مخلوق جاهل لا يعرف شيئاً يتعلّم من الغراب . . نظر قابيل إلى كفيه نفض منهما التراب ماذا فعلت بنفسك يا قابيل ؟ !


كيف طوّعت لك نفسك قتل أخيك . . ماذا كسبت ؟ !


ماذا حصدت من عملك سوى الندم والألم . . غابت الشمس . . خيّم المساء . . و ملأ الظلام الوادي و عاد قابيل إلى كوخه . .


من بعيد و قبل أن يصل الكوخ رأى ناراً . . ناراً متأججة . . خاف قابيل . . اصبح يخشى النار .. النار التي اخذت قربان اخيه و رفضت قربانه . . اراد أن يفرّ . . و لكن إلى أين ؟


رأى أباه آدم ينتظر . . كان ينتظر عودة ابنيه . . عاد قابيل وحيداً . .


شعر آدم بالحزن و القلق . . سأل ابنه :


أين أخوك يا قابيل ؟


قال قابيل بعصبية :


و هل أرسلتني راعياً لابنك ؟


أدرك الأب أن شيئاً ما قد حصل .


قال لقابيل :


أين فقدته ؟


قال قابيل :


هناك في تلك التلال .


قال الأب :


خذني إلى ذلك المكان .


قابيل أشار إلى المكان . . و راح يمشي و أبوه يمشي وراءه . . سمعا من بعيد ثغاء الأغنام و الماعز و رأى آدم الماشية مبعثرة في الوادي . . صاح :


هابيل . . أين أنت يا هابيل . .


لكن أحداً لم يجب . . تحت ضوء القمر رأى آدم شيئاً يلمع فوق الصخور . . فوق الأرض . . شم رائحة غريبة . . أدرك آدم كل شيء . . عرف أن قابيل قد قتل أخاه ، هتف بغضب :


اللعنة عليك يا قابيل . . لماذا قتلت أخاك ؟ لم يخلقك الله لتفسد في الأرض و تسفك الدماء . . اللعنة عليك . .


فرّ قابيل . . تاه في الأرض . . راح يعدو مثل المجنون . . ينام في المغارات ، و يركع للنار . . يسجد لها اصبح يخاف منها . . اصبحت حياته عذاباً و ندماً .


و عاد آدم إلى الكوخ حزيناً يبكي من أجل ابنه هابيل . . هابيل الطيب التقيّ . . هابيل المظلوم . .


بكى آدم أربعين يوماً . . و بكت حوّاء من أجل ولديها . . و أوحى الله إلى آدم أنه سيرزقه ولداً آخر . . ولداً طيباً مثل هابيل . . و مضت تسعة اشهر . . و انجبت حوّاء ولداً جميلاً وجهه يضيء كالقمر . .


فرح آدم ملأت البهجة قلبه لقد عوّضه الله عن هابيل بولد مثله . . سبعة أيام و آدم يفكر في اسم لولده . . و في اليوم السابع قال لزوجته :


نسمّيه شيث . . هبة الله . . لأن الله قد أهداه لنا . .


و تمضي الأيام و الأعوام . . و كبر شيث ، و أصبح آدم شيخاً كبيراً . . و أصبحت حوّاء إمرأةً عجوزاً . .


و كان آدم راضياً . . لقد كبر أبناؤه و أصبح له أحفاد و ذرّية . . يعملون و يزرعون . . و يبنون . . ويعبدون الله . . و هناك في مكان ما يعيش قابيل . . هو الأخر أصبح له ذرّية في الأرض .


و ذات يوم قال آدم لولده شيث :


اشتهي عنباً يا ولدي . .


نهض شيث و انطلق إلى البساتين الواسعة حيث تنبت الكروم . . اقتطف بعض العناقيد الناضجة و عاد إلى أبيه . . و لكن آدم قد مات . . توفي . . عاد إلى الجنّة . . بعد أن عاش في الأرض ألف سنة . .


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ * فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ * فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ }[2] .


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ * وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ * وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ * فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }[3]



--------------------------------------------------------------------------------


[1] جزيرة سيلان التي تسمى اليوم سريلانكا .


[2] سورة المائدة ( 5 ) ، الآيات : 27 ـ 31 .


[3] سورة البقرة ( 2 ) ، الآيات : 30 ـ 38

الأمل البعيد
08-08-2007, 05:52 AM
سفينة الإنقاذ


نتسلق الجبال والتلال ونرى في قممها وسفوحها أصداف البحر ، فنعرف ان الماء غطى هذه المناطق في زمن قديم . . .


في مناطق واسعة من العالم يرى الناس ومتسلقو الجبال الأصداف في المرتفعات . . . في العراق وايران والهند ومصر والشام وفي الصين وأمريكا أيضاً .


ويعثر العلماء في جبال " أرارات " على ألواح خشبية تعود إلى 2500 قبل ميلاد سيدنا المسيح عليه السلام ، ويعتقد بعضهم انها تعود إلى سفينة الإنقاذ التي صنعها سيدنا نوح عليه السلام .


وفي سنة 1951 م عثر فريق علمي في جبل " قاف " على لوح خشبي عليه كتابات قديمة [1]، وبعد دراسة استمرت حوالي عام . . خرجت اللجنة العلمية بنتائج مذهلة ! هي أن اللوح الخشبي الصغير يعود إلى سفينة نوح عليه السلام .


فما هي قصة تلك السفينة وما هي قصة الطوفان وقصة سيدنا نوح عليه السلام ؟


كان الناس يعيشون امّة واحدة . . حياتهم بسيطة جدّاً . . يزرعون الأرض ويصطادون الحيوانات . . .


وتمرّ الأيام والأعوام . . ويستغل الأقوياء قوّتهم ، ويقهروا إخوانهم الضعفاء . .


الضعفاء كانوا يخافون الأقوياء . . لهذا خضعوا لهم ورضوا بحياة الذلّ والعبودية . .


شاعت الوثنية في زمن سيدنا نوح عليه السلام . . وشاع الفساد . . الناس البسطاء كانوا يخافون الأقوياء ، والأقوياء كانوا يعبدون الاوثان . . .


في ذلك الزمن رُبما قبل أكثر من أربعة آلاف سنة عاش سيدنا نوح في أرض النهرين [2]..


رأى سيدنا نوح قومه غارقين في الفساد والانحراف يأكل القوي منهم حقّ الضعيف . . الاثرياء كانوا يضطهدون الفقراء يجبرونهم على العمل ليل نهار .. فإذا عجز الفقير أو فكر أن يعمل حرّاً لنفسه واسرته . . ضربوه وعذبوه حتى يخضع لهم وينفّذ أوامرهم ويصبح عبداً ذليلاً .


نسي الناس عبادة الله الواحد وراحوا يعبدون اصناماً منحوتة من الصخر . . كانوا يعتقدون أنها هي التي ترزقهم وترسل لهم المطر . . وتحميهم من خطر الصواعق . . وهي التي تهبهم الخير وتدفع عنهم الشرور . .


الاصنام نحتوها بايديهم و وضعوها على شاطىء نهر الفرات . . وراحوا يعبدونها ويركعون لها . .


كان سيدنا نوح يتألم لمنظر الناس وهم يسجدون لتلك الاصنام والاوثان الحجرية . . يتألم للناس وهم لا يسجدون لله سبحانه ، يسجدون ل " ودٍّ " و " وسواعٍ " و " يعوق ونسر " !!


كان نوح ينظر الى السماء يدعو الله أن ينقذ قومه من هذا الجهل والظلام .


الله ربنّا اختار نوحاً نبيّاً وأرسله إلى الناس .


بعثه اليهم ليعلّمهم عبادة الله الواحد الأحد . .



الدعوة إلى توحيد الله


ذات يوم رأى الناس نوحاً يهتف :


يا قومي . . أنا رسول الله اليكم . . الله هو الذي خلقكم وهو الذي يرزقكم . . اطلبوا المغفرة من الله . . يغفر لكم . . الله هو الذي يرسل لكم المطر والخصب ويجعل ارضكم خضراء . . هو الذي يرزقكم ويهبكم الأولاد البنات . . لماذا تعرضون عن عبادة الله الواحد و تعبدون الحجارة ؟!


انظروا إلى السماء الواسعة وما فيها من نجوم . . وانظروا إلى الشمس وإلى القمر . . وانظروا كيف يعيش الناس ويموتون جيلاً بعد آخر . . .


هل يعقل ان تكون هذه الحجارة البكماء التي تسمّونها ودّاً وسواعاً ويغوث ويعوق ونسراً . . هي التي ترزقكم وتهبكم البنين وترسل لكم المطر . . وهي التي تحميكم من الصواعق والسيول . . ما لكم لا ترجون لله وقاراً .


تعجّب الناس من نوح . . كيف يجرؤ هذا النجار على شتم الآلهة يشتم ودّاً وسواعاً ويغوث ويعوق ونسراً ؟!


الاقوياء كانوا يحقدون على نوح . . يكرهون دعوته وكلماته . . انه يدعو إلى المساواة والاخوّة . . انه يريد للناس أن يعيشوا أحراراً ، ليس للغني والقويّ سلطته على الفقير المستضعف .


من أجل هذا حاربوه . . قالوا عنه أنه مجنون . . قالوا عنه انه مجرّد نجّار فقير . . لو كان رسولاً من الاله ، لكانت عنده خزائن الارض . . لماذا لا يرسل الاله ملاكاً . . لماذا يرسل انساناً مثلنا ؟!!


ان نوحاً أقل منزلة منّا . . نحن أكثر منه مالاً وأولاداً وأكثر سطوة . .


الناس البسطاء كانوا يخافون من الاقوياء . . ظنّوا أن الحق معهم . . وان الالهة معهم وهي التي منحتهم هذه القوّة و السطوة .


من أجل هذا أعرضوا عن نوح ودعوته . . كانوا يضعون اصابعهم في آذانهم حتى لا يسمعوا كلماته لأنهم إذا اتبعوا نوحا فان الالهة ستغضب عليهم والاقوياء سوف ينتقمون منهم . . وما فائدة نوح الفقير النجار . .


هكذا كان الناس يفكرون . . قليلون جداً الذين آمنوا بنوح وصدّقوا كلماته .


كان بعض الرجال الفقراء ، والنساء يأتون إلى منزل نوح ويستمعون إلى وعظه . . فتمتلأ قلوبهم ايماناً بالله الواحد الأحد . . .


كانوا فقراء جداً وكانوا مضطهدين . . يخشون انتقام السادة الآثرياء والجبابرة القساة .


من أجل هذا ظلّ نوح يدعو قومه إلى عبادة الله الواحد ونبذ الاوثان والاصنام . . كان يدعوهم ليل نهار . . في السرّ وفي العلن . . لكنّ أحداً لم يؤمن بنوح إلا القليلون . . القليلون جداً . . وكان هؤلاء فقراء مستضعفون .


كان سيدنا نوح يتألم من أجلهم . . كان يحبّ ان يهتدي قومه أن يعيشوا بسلام ، لا يعتدي القوي فيهم على الضعيف . . كان يحبّ لهم أن يعيشوا طيّبين . . يحترم الصغير الكبير ، ويعطف الكبير على الصغير . . ولا يظلم بعضهم بعضاً .


الوثنيون الذين كانوا يعبدون الاوثان رفضوا دعوة سيدنا نوح . . رفضوا التوحيد . . كانوا يسخرون من نوح الرجل النّجار الفقير .


الاثرياء من قوم نوح يعتقدون انهم أفضل من نوح . . لانهم أكثر أموالاً وأولاداً وأكثر قوّة . .


ذات يوم جاء الكافرون إلى سيدنا نوح قالوا له :


كيف تريدنا أن نؤمن بك . . ولم يتبّعك سوى هؤلاء الفقراء الذين لا شأن لهم ؟!


قالوا له :


إذا طردتهم سوف نؤمن بك ونتبعك . .


قال سيدنا نوح : كيف اطردهم . . كيف اطرد المؤمنين . . ان الله لا يحبّ ذلك . . انه عمل شائن . .


وقال سيدنا نوح لهم :


لماذا تعتقدون أنهم اراذل ؟! انهم اخوة لنا . . الناس جميعاً إخوة متساوون .


قال الوثنيون لسيدنا نوح عليه السلام :


أنت رجل كذّاب . . ونحن لا نؤمن بك . . لو كنت رسولاً من الله لكنت الآن من أكثرنا ثراءً . . لكانت في يدك خزائن الارض . .


وقالوا له :


الم يجد الله أحداً غيرك ليرسله الينا . . انت الرجل الفقير ؟!


قال سيدنا نوح :


يا قومي لا تكذبوا رسالة الله . . ان الله سيعاقبكم . .


قالوا له قومه :


أنت تجادلنا كثيراً . . إذا كنت صادقاً فائتنا بالعذاب . . نحن لا نخاف تهديداتك . . لأنّك رجل كاذب


استمر سيدنا نوح يدعو قومه إلى عبادة التوحيد . . مرّت مئات من السنين . . وكان الناس يموتون . . وأطفال يولدون . . يكبرون ويكبرون ، وكان سيدنا نوح يدعوهم إلى عبادة الله . . ولكن الاطفال الذين اصبحوا شبّاناً كانوا يكفرون . . كانوا يسجدون للأصنام ويتركون عبادة الله .


هل تعلم كم سنة استمرّت دعوة سيدنا نوح عله السلام ؟ لقد استمرّ يدعو قومه مدّة 950 سنة !!


أصبح سيدنا نوح شيخاً كبيراً طاعنا في السنّ ولكنه ظلّ قويّاً لا يخاف الكافرين .


كم مرّة ضربوه حتى كاد يموت . . كم مرّة تآمروا على قتله .


حتى زوجته كانت مع الكافرين . . كانت تخبرهم عن الناس المؤمنين الذين يأتون لزيارة سيدنا نوح .


في كل مرّة كان نوح يدعو قومه وينصحهم . . يعظهم ، ولكن لا فائدة .


كانوا يسخرون منه . . وكان سيدنا يحبّ قومه يريد لهم الهداية . . لهذا كان يبكي من أجلهم . . يبكي مصيرهم التعس . . لانهم سيموتون كفّاراً . .


ذات يوم كان سيدنا نوح في منزله جاء رجل عجوز يتوكا على عصا . . كان معه حفيده الصغير . . قال العجوز لحفيده :


انظر يا ولدي إلى هذا الشيخ . . انه رجل مجنون . . عندما تكبر وتصبح شابّاً فاحذر أن يخدعك . . فتترك عبادة ودّ وسواع . . ويغوث ويعوق ونسر .


الصبي أمسك بعصا جدّه وتقدّم إلى سيدنا نوح وضربه على رأسه !!


شعر سيدنا نوح بالألم وفي كل مرّة كان يتحمل ويصبر . . ربّما ينتبهون ذات يوم ويؤمنون بالله الواحد الأحد خالق الحياة والناس والأشجار والأنهار . . خالق كل شيء .


هكذا كان يعيش سيدنا نوح . . حتى إمرأته كانت ضده وقفت إلى جانب الكفّار . .


وكان لسيدنا أولاد كلهم آمنوا به إلاّ واحد كان يتظاهر بالايمان ، ولكنه في الحقيقة كان وثنياً . . لا يؤمن بالله سبحانه .


اللعنة


جاء الملاك من السماء وقال لسيدنا نوح :


مهما تدعو فلن يؤمن أحد منهم . . لا تتعب نفسك معهم أنهم أناس ملعونون . .


هنالك رفع سيدنا نوح يديه السماء وراح يدعو الله أن يطهر الأرض من شرور الكفّار :


{ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا }[3].



سفينة الإنقاذ


أوحى الله سبحانه إلى سيدنا نوح عليه السلام أن يصنع سفينة كبيرة .


كفّ سيدنا نوح عليه السلام عن دعوة قومه . . في البداية تعجّب الكفّار لماذا سكت نوح بعد 950 سنة لماذا لا يدعوهم ؟ لم يعد يراه أحد .


سيدنا نوح انتخب مكاناً خارج القرية لبناء سفينة كبيرة .


كان نوح نجاراً حاذقاً في عمله . . وكان عليه أن يجمع الواح كثيرة وكبيرة من الخشب . .


الناس المؤمنون جاءوا لمساعدة النبي في عمله . . راحوا يجمعون جذوع النخيل والأشجار ويصنعون منها ألواحاً باحجام مختلفة .


لم يكن بناء السفينة سهلاً لأنها كانت سفينة كبيرة جداً .


السفينة التي يريد أن يصنعها سيدنا نوح تتألف من ثلاث طوابق كان طول السفينة أكثر من 200 م في عرض 70 م وارتفاع 25 م .


لم يترك الوثنيون سيدنا نوح وشأنه . . كانوا يأتون إلى مكان العمل ويسخرون من النبي والذين آمنوا . .


كان سيدنا نوح يعمل في صناعة السفينة ، وكان المؤمنون يحملون الواح الخشب وبعضهم يدق المسامير وآخرون يزفتون الأخشاب بالقار .


الوثنيون كانو يسخرون قال بعضهم :


انظروا إلى هؤلاء المجانين يصنعون سفينة في الصحراء .


وقال أحدهم :


أن نوح قد خرف وفقد عقله .


وقال آخر : انه لا يحسن سوى النجارة . . انه نجار حاذق في عمله . . ولكن يا للأسف أنه مجنون .


انه مخادع ربّما يريد أن يبني قصراً كبيراً .


صاح رجل وثني :


يا نوح ماذا تفعل ؟ أين البحر الذي ستمخر فيه سفينتك ضحك الوثنيون وصاح بعضهم :


يا نوح لا تنس الاشرعة . . فالأمواج عنيفة والرياح شديدة


كان الوثنيون يضحكون ويسخرون . .


لم يقل سيدنا نوح شيئاً قال لهم :


سيأتي يوم نسخر فيه منكم كما تسخرون منّا


كان العمل في السفينة شاقاً جداً يتطلّب صبراً طويلاً ..


صبراً على أذى الوثنيين وسخريتهم ، وصبراً على العمل المتواصل والمستمر .


السفينة التي سيصنعها سيدنا نوح سفينة كبيرة . . سفينة لانقاذ النوع البشري . . وانقاذ مختلف الحيوانات من خطر الانقراض .


الله ربّنا اراد أن يطهر الأرض من الشرور والظلم . . يغسلها من كل الاثام . . لهذا أوحى إلى رسوله نوح عله السلام أن يصنع الفلك . . أن يصنع السفينة من أجل انقاذ الناس المؤمنين . . الناس الطيبين . .


اما الظالمين الذين لا يريدون العدالة ولا يحبّون المساواة فيكون مصيرهم الفناء .


استمرّ العمل في صنع السفينة سنين طويلة . . استمرّ سيدنا نوح والمؤمنون يعملون بهمّة ونشاط مدّة ثمانين سنة .


كانت سفينة كبرى . . ومهمتها كبرى فهي سفينة لانقاذ النوع البشري والحيواني من خطر الفناء .


لهذا بذل سيدنا نوح والمؤمنون كل جهودهم في اتمام سفينة الانقاذ .


الوثنيون كانوا يسخرون من النبي والذين آمنوا . . قالوا عنهم ، مجانين وأراذل . . حاربوهم . . اضطهدوهم . . ولكن الأمل في نفوس المؤمنين كان يكبر يوماً بعد آخر .. لأن الله سبحانه سوف يطهّر الأرض من الظلم والعدوان ومن شرور الظالمين . .


سوف تغسل المياه الأرض من الذنوب والآثام . . تصبح نظيفة جداً و طاهرة وعندها سيعيشون في طمأنينة وسلام . . ويحيا أبناؤهم في مجتمع آمن مستقر .


هكذا كان المؤمنون يتحمّلون اذى الوثنيين . . ويتحملون مشاق العمل في صنع أكبر سفينة للإنقاذ .


الانتظار


بعد ثمانين سنة من العمل المتواصل . فرغ سيدنا نوح والمؤمنون من صنع السفينة


أصبحت جاهزة تماماً فقد طليت بالقار . . . ونصبت فيها الاشرعة . . .


كان المؤمنون يأتون اليها وينظرون . . أصبحت السفينة أملهم في حياة افضل . . اصبحت أملهم في الخلاص من الظلم واللامساواة .


كانت السفينة تتألف من ثلاث طوابق طابق سفلي وطابق في الوسط وطابق علويّ .


الطوابق جميعاً كانت مجهزة بنوافذ صغيرة . . في مقدّمة السفينة وفي الطابق الأوسط مقصورة للقيادة . . وهداية السفينة . .


كل شيء كان جاهزاً . . وكان سيدنا نوح والمؤمنون ينتظرون أمر الله سبحانه . .


كان أذى الوثنيين يزداد . . وسخريتهم تزداد . . وتعذيبهم للمؤمنين يزداد .


جاءت امرأة عجوز مع ابنتها الصغيرة إلى سيدنا نوح . . سألته عن يوم الخلاص قالت له :


متى ينقذنا الله من شرّ هؤلاء الكفّار ؟ . .


سيدنا نوح لا يدري متى . . لهذا نظر إلى السماء . . ان الله وحده هو العالم . .


في هذه اللحظة هبط الملاك واخبر سيدنا نوح قال له :


عندما يفور التنور في بيت هذه المرأة . . فاعلم أن موعد الطوفان قد دنا . .


قال سيدنا نوح للمرأة :


ان الله قد جعل لذلك آية وعلامة . . لقد أوحى إليّ الله أن التنور في بيتك سيفور سيخرج منه الماء مثل النافورة . . وهذه علامة ليوم الخلاص .


المرأة العجوز فرحت لهذه الكرامة . . والبنت الصغيرة ابتسمت لهذا الأمل . .


كل يوم كان المؤمنون يأتون إلى منزل المرأة العجوز . .


ينظرون إلى التنور ولكن لا شيء . . وكان سيدنا نوح ينظر إليه أيضاً ولكن لم يخرج منه الماء . .


وفار التنور


وذات يوم كانت السماء تزدحم بالغيوم السوداء ، أصبح الفضاء مظلماً جداً . .


كان سيدنا نوح ينظر إلى السماء وينتظر أمر الله .


الوثنيون كانوا يزدادون ظلما وفساداً يقتلون ويسرقون . . يعملون الفواحش . . وكان الشرّ يزداد كل يوم .


جاءت الفتاة الصغيرة إلى نوح . . جاءت تركض قالت له :


لقد فار التنور . .


أسرع سيدنا نوح إلى التنور . . لقد صدق الله وعده التنور تحول إلى نافورة . الماء يتدفق بقوّة . . والمرأة العجوز كانت حائرة لا تدري ماذا تفعل . .


جاء المؤمنون لينظروا إلى آية الله سبحانه . . كان بعضهم ينظر إلى التنور بدهشة وبعضهم ينظر إلى السماء وكان الجميع يبكون من الفرح .


السماء كانت مثقلة بالغيوم . . مليئة بالسحب السوداء .


أصبح النهار مثل الليل . .


هتف سيدنا نوح باتباعه :


هيّا إلى السفينة . .


انطلق الجميع إلىخارج القرية . . كانت السفينة في مكانها كأنها تنتظر المؤمنين . .


وقف سيدنا نوح يشرف على ركوب المؤمنين . .
فجأة لمعت الصواعق في السماء ودوّى الرعد بشدّة . . وهطلت الامطار بغزارة كان المؤمنون يركبون في السفينة الواحد بعد الاخر النساء والرجال . . جاء أولاد نوح كلّهم إلاّ ابن واحد لم يحضر . .


امرأة نوح لم تحضر . . كانت وثنية لم تؤمن برسالة زوجها . .


وحتى لا تنقرض الحيوانات أوعز الله إلى سيدنا نوح ان يدخل من كل حيوان زوجين اثنين . .


لهذا أمر سيدنا نوح أن يخصص الطابق السفلي للحيوانات الكبيرة . . أمّا الطيور فيكون مكانها الطابق العلوي .


الطوفان


انفجرت الارض بالعيون . . في الوديان وفي الجبال وكان المطر يزداد غزارة . . والرياح تعصف بشدّة . . والصواعق تسطع في الفضاء والرعود تدوّي في السماء .


الارض تحولت إلى ينابيع فوّارة . . السماء تصبّ الماء مثل الانهار .


أدخلت جميع الحيوانات والطيور . . ووقف المؤمنون في الطابق الأوسط ينظرون من النوافذ إلى الطوفان الهائل .


المياه تنحدر من أعالي الجبال . . الوديان تحولت إلى انهار تتدفق بالماء ، والمطر يهطل بغزارة عجيبة والرياح تعصف . .


وفرّ الوثنيون من القرية . . فرّوا باتجاه الجبال . . لم يصدّقوا بعد كلمات سيدنا نوح .


الإبن الغريق


كان سيدنا نوح ما يزال ينتظر عودة إبنه . . كان يظنه مؤمناً .


أصبحت الارض بحراً كبيراً متلاطم الامواج . .


سيدنا نوح ينظر إلى جهة القرية لعلّه يشاهد ابنه . . لاح ابنه من بعيد كان يسبح باتجاه الجبال .


هتف سيدنا نوح بابنه :


يا بني : تعال أليّ تعال إلى السفينة يا ولدي .


صاح الابن :


كلاّ سوف الجأ إلى الجبل . . انه يحميني من الماء والغرق .


هتف سيدنا نوح وسط العواصف والأمواج والمطر .


يا بني اركب معنا . . ليس هناك من يحميك من المصير الأسود . .


أراد سيدنا نوح أن يفهم ابنه انه لا عاصم اليوم من أمر الله . . سوف تغرق الأرض التلال والجبال وكل المرتفعات لان الله يريد أن يطهر الأرض من الشرور . .


أراد سيدنا نوح أن يهتف بابنه مرّة أخرى ولكن موجة عالية وعنيفة حالت دون ذلك ، قذفت الأمواج الابن بعيداً . . ليغرق في الطوفان .


كان سيدنا نوح يظن ان ابنه مؤمناً . . وقد وعد الله سبحانه نوحاً انّه سينقذ أهله إلا امرأته . . لهذا رفع نوح رأسه إلى السماء ونادى


يارب انّه ابني من أهلي . وان وعدك الحق وانت احكم الحاكمين .


وأوحى الله سبحانه إلى سيدنا نوح وقال له :


يا نوح ! انه ليس من أهلك انه عمل غير صالح .. فلا تسألنِ ما ليس لك بعلم .


ادرك نوح أن ابنه كان وثنياً لم يؤمن بالله ولم يصدّق رسالة والده النبي عليه السلام لهذا استغفر سيدنا نوح ربّه وقال :


يا ربّ اعوذ بك أن اسألك ما ليس لي به علم . والاّ تغفر لي وترحمني اكن من الخاسرين .


ابتلعت الأمواج كل شيء . . غرق كل الشيء في الطوفان المدمّر . . وتحركت السفينة عامت فوق الماء وهتف سيدنا نوح :


بسم الله مجريها ومرسيها !


سفينة الإنقاذ تشق طريقها وسط الأمواج . . اصبحت الأرض بحراً كبيراً لم يعد هناك شيء سوى الماء وسوى رؤوس الجبال . .


ما يزال المطر يهطل ويهطل . . والأرض تفور بالمياه وتمرّ الأيام والسماء تنهمر بمطر غزير والرياح تعصف بعنف . . أصبحت الأمواج أكثر عنفاً كانت مثل الجبال . .


مرّ أربعون يوماً والسماء تمطر بغزارة والسفينة تشق طريقها وسط الأمواج الهائلة التي تشبه الجبال .


كان سيدنا نوح والمؤمنون يدعون الله ويتضرّعون إليه بالرحمة والنجاة .


تابع>>>.

الأمل البعيد
08-08-2007, 05:54 AM
الكلمات المقدسة


وجاء الملاك ليعلِّم النبي والمؤمنين الكلمات المقدسة . . كتب تلك الكلمات على لوح صغير . . لتكون حرزاً يحرس السفينة ويحميها من الغرق في الطوفان . .


في ذلك الزمان كان الناس يكتبون باللغة السامانية القديمة كتب نوح الكلمات المقدسة على اللوح :


يا إلهي ويا معيني . . برحمتك وكرمك ساعدني


ولأجل هذه النفوس المقدسة ،


محمد ، ايليا ، شبر ، شبير ، فاطمة


الذين هم جميعاً عظماء ومكرمون


العالم قائم لاجلهم .


ساعدني لأجل أسمائهم


أنت فقط تستطيع أن توجهني نحو الطريق المستقيم


علّق سيدنا نوح اللوح في مقدمة السفينة ، وكان المؤمنون يتأمّلون في تلك الأسماء المقدّسة لأشخاص لم يولدوا بعد . . انّهم من ذرّية نوح عليه السلام وسلالته وتمضي السفينة تشق أمواج البحر الثائرة باتجاه الشمال .


المطر ما يزال ينهمر بغزارة ، والمؤمنون يتضرّعون إلى الله من أجل أن ينقذهم من الطوفان الهائل .


بعد أربعين يوم توقف المطر . . وشيئاً فشيئاً انقشعت السحب ، وأشرقت الشمس ، وظهر في الأفق قوس قزح الجميل . . قوس ملوّن فيه الأخضر والأزرق والأحمر والبرتقالي والبنفسجي ألوان جميلة ترسم الأمل في الحياة .


أطلق سيدنا نوح غراباً طار الغراب في السماء . . دار في الفضاء ثم عاد . . عاد لأنه لم يجد أرضاً يابسة .


في المرّة الثانية اطلق سيدنا حمامة بيضاء . . انطلقت الحمامة راحت تطير فوق المياه إلى ان اختفت .


بعد مدّة عادت الحمامة وهي تحمل في منقارها الوردي غصن زيتون .


فرح سيدنا نوح وفرح معه المؤمنون .. لقد انتهى الطوفان وقد انقذ الله النوع البشري من الفناء . . بعد أن أغرق الأرض ليغسلها من الشرور .


في المرّة الثالثة اطلق سيدنا الحمامة نفسها .طارت الحمامة في السماء ولم تعد . .


عرف سيدنا نوح ان الحمامة قد وجدت ارضاً يابسة لتبني عشها . . وتستأنف حياتها .


سارت السفينة باتجاه الشمال إلى أن رست فوق قمة جبل " جودي "


الله سبحانه أوحى إلى السماء والأرض ، أن يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي وغيض الماء . .


توقفت السماء عن المطر والأرض بدأت تشرب المياه ، وكان منسوب الماء يتضاءل يوماً بعد آخر .


ظهرت الجبال . . وظهرت التلال والهضاب وظلّت بعض الوديان مليئة بمياه المطر .


أوحى الله إلى سيدنا نوح : أن اهبط بسلام منّا وبركات عليك على أمم ممن معك .


غادر سيدنا نوح السفينة ومعه المؤمنون . . هبطوا من فوق الجبل . .


أصبحت الأرض نظيفة طاهرة . . عاد المؤمنون إلى حياتهم كانوا مجتمعاً صغيراً ولكنه كان نظيفاً مؤمناً بالله ورسوله .


بدأت الحياة البشرية تعود إلى الأرض ، والمجتمع المؤمن يحيا بسلام . . لم يكن هناك ظالم ولا مظلوم .


ليس فيهم من يسرق أو يفعل الشرور . . وهكذا عاش سيدنا نوح والمؤمنون بسلام .


عاش سيدنا نوح حياة طويلة . . كان عمره طويلا جداً لأنه لبث في قومه يدعوهم إلى التوحيد 950 سنة .


ولكن كم كان عمره عندما بعثه الله رسولاً إلى قومه ؟ وكم عاش سيدنا نوح بعد الطوفان ؟ لا أحد يدري ولكن من المؤكد أن سيدنا نوح عاش طويلاً جداً .


وعندما جاءه ملك الموت كان سيدنا نوح جالساً تحت اشعة الشمس ، سأله ملك الموت ما هو رأيك في الحياة ؟ وقد عمّرت طويلاً . . ؟


نهض سيدنا نوح وجلس في الظل وقال :


رأيتها هكذا . . كما لو كنت جالساً في ضوء الشمس فتحوّلت إلى الظل .


وأغمض سيدنا نوح عينيه . . لقد أدّى رسالته وقام بمهمته بانقاذ الجنس البشري من خطر الفناء ..


من أجل هذا خصّه الله سبحانه بالسلام الأبدي قائلاً :


" سلام على نوح في العالمين " .


أسماء مباركة


توسل بها نوح ( عليه السلام )


في تموز عام 1951 م حينما كان جماعة من العلماء السوفيت المختصين بالآثار القديمة ينقبون في منطقة بوادي قاف عثروا على قطع متناثرة من أخشاب قديمة متسوسة وبالية مما دعاهم إلى التنقيب والحفر أكثر وأعمق فوقفوا على أخشاب أخرى متحجرة وكثيرة كانت بعيدة في أعماق الأرض !!


ومن بين تلك الأخشاب التي توصلوا اليها نتيجة التنقيب خشبة على شكل مستطيل طولها 14 عقداً وعرضها 10 عقود سببت دهشتهم واستغرابهم حيث لم تتغير فلم تتسوس ولم تتناثر كغيرها من الأخشاب الأخرى .


وفي أواخر سنة 1952 أكمل التحقيق حول هذه الأثار فظهر أن اللوحة المشار اليها كانت ضمن سفينة النبي نوح عليه السلام ، وأن الخشاب الأخرى هي أخشاب جسم سفينة نوح .


ومما يذكره المؤرخون أن سفينة نوح عليه السلام استوت على قمة جبل قاف . وشوهد أن هذه اللوحة قد نقشت عليها بعض الحروف التي تعود إلى أقدم لغة .


وهنا ألفت الحكومة السوفيتية لجنة بعد الإنتهاء من الحفر عام 1953 قوامها سبعة من علماء اللغات القديمة ومن أهم علماء الآثار هم :


1. سوله نوف استاذ الألسن في جامعة موسكو .


2. ايفاهان خنيو عالم الألسان القديمة في كلية لولوهان بالصين .


3. ميشانن لو مدير الآثار القديمة .


4. تانمول كوف أستاذ اللغات في كلية كيفزو .


5. دي راكن أستاذ الأثار القديمة في معهد لينين .


6. ايم أحمد كولاد مدير التنقيب والاكتشافات العام .


7. ميجر كولتوف رئيس جامعة سالين .


وبعد ثمانية أشهر من دراسة تلك اللوحة والحروف المنقوشة عليها : اتفقوا على أن هذه اللوحة كانت مصنوعة من نفس الخشب الذي صنعت منه سفينة نوح عليه السلام وان النبي نوح عليه السلام كان قد وضع هذه اللوحة في سفينته للتبرك والحفظ .


وكانت حروف هذه اللوحة باللغة السامانية وقد ترجمها إلى الانجليزية العالم البريطاني ايف ماكس أستاذ الألسن القديمة في جامعة مانجستر وهذا نصها مع تعريبها :


يا إلهي ويا معيني o my god helper


برحمتك وكرمك ساعدني KEEP MY HANDS WITH MERCY


ولاجل هذه النفوس المقدسة AND WITH YOUR HOLY


BODIES


محمد-----mohammed


ايليا------ALIA


شبر------SHABBAR


شبير------SHABBIR


فاطمة-----FATMA


الذين هم جميعهم عظماء ومكرمونTHAY ARE ALL BIGGEST AND HONOURABLES .


العالم قائم لأجلهمTHE WORLD ESTABLIAHED FOR THEM .


ساعدني لأجل أسمائهم HELP ME BY THEIR NAMES .


أنت فقط تستطيع أن توجهني نحو الطريق المستقيم YOU CAN REFORM TO RIGHT .


وأخيراً بقي هؤلاء العلماء في دهشة كبرى امام عظمة هذه الأسماء الخمسة ومنزلة اصحابها عند الله تعالى حيث توسل بها نوح عليه السلام إليه تعالى .


واللغز الأهم الذي لم يستطع تفسير أي واحد منهم هو عدم تفسخ هذه اللوحة رغم مرور آلاف السنين عليها . وهذه اللوحة موجودة الآن في متحف الآثار القديمة في موسكو [4].


" إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق " ( سيدنا محمد صلى الله عليه وآله ) .



سورة نوح (71)



بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {71/1} قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ {71/2} أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ {71/3} يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاء لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {71/4} قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا {71/5} فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا {71/6} وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا {71/7} ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا {71/8} ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا {71/9} فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا {71/10} يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا {71/11} وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا {71/12} مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا {71/13} وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا {71/14} أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا {71/15} وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا {71/16} وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا {71/17} ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا {71/18} وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا {71/19} لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا {71/20} قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا {71/21} وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا {71/22} وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا {71/23} وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا {71/24} مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَارًا {71/25} وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا {71/26} إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا {71/27} رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا {71/28}


----------------------------------------------------------------------------


[1] راجع الملحق في آخر الكتاب .


[2] دجلة والفرات .


[3] سورة نوح ( 71 ) : الآيتان ، 26 و 27 .


[4] التكامل في الإسلام الجزء السابع

Princess
08-08-2007, 04:30 PM
هلا حبابه الأمل البعيد
طرح جدا جميل ويعطيش الف عافيه غاليتي

وفعلا يستحق التثبيت
جاري المتابعه معش
تسلمي
دمتي بحفظ الرحمن

الأمل البعيد
08-09-2007, 11:01 AM
مشكورة امورة على المشاركة الحلوة منك
لاكن وين الأعضاء الباقيين مافي ردود ؟؟؟
تحياتي

الأمل البعيد
08-10-2007, 01:32 PM
عاصفة الغضب



تأمل في خارطة شبه الجزيرة العربية تجد منطقة صحراوية واسعة في الشرق انها منطقة الربع الخالي . . . منطقة خالية من كل آثار الحياة فلا نبات و لا مياه . . .


و لكن هل كانت هذه المنطقة صحراء قبل آلاف السنين ؟


كلاّ كانت في هذه الأرض الموحشة مناطق خصبة و خضراء ، و قد وجد علماء الآثار أطلال مدينة مطمورة تحت الرمال .


في هذه المنطقة و في عصور ما قبل التاريخ عاشت قبائل " عاد " القوية و هي قبائل من العرب البائدة . . لم يذكر عنها التاريخ شيئاً الاّ ما ورد في القرآن الكريم .


عاشت قبائل عاد في تلك المنطقة المعشبة الخضراء . . و كانت السماء تمطر في المواسم . فتخصب الأرض و تمتلأ السواقي و الغدران و تزداد الحقول بهجة .


و هكذا امتلأت أرضهم بالنخيل و العنب و الحقول و توسعت بساتينهم .


اهتم الناس آنذاك بالبناء فكانوا يتفنّنون في العمارة و بناء القصور و القلاع و الحصون .


كانوا أقوياء مغرورين . . أبطرتهم النعمة . . لم يعودوا يستمعون لصوت العقل . .


كانوا وثنيين يعبدون التماثيل . . ينحتونها بأنفسهم ثم يعبدونها .


و هم يبنون معابدهم فوق التلال ثم يضعون فيها تمثالاً و يقولون هذا إله الخصب ، و هذا إله البحر ، و ذاك إله البر ، و هناك إله الحرب .


لهذا كانوا يتجهون إلى تلك الأصنام في كل حاجة تعرض لهم .


كانت أرض الاحقاف خضراء مليئة بالمراعي فكثرت ماشيتهم و أصبحوا اكثر ترفاً و بذخاً و غروراً .


تصوّروا ان كل هذا الخير هو من بركات الآلهة . . لهذا انغمسوا في وثنيتهم اكثر .


ازداد ظلمهم للأبرياء ، و ازداد بطشهم بمن لا يسايرهم في عقائدهم و حياتهم .


الناس الطيبون كانوا يعيشون خائفين . . كانوا أقليّة ضعيفة و كانت أسباب القوّة في أيدي الأغنياء . . و الأغنياء كانوا جميعاً من الأقوياء . . فهم طوال القامة عضلاتهم مفتولة ، و قلوبهم قاسية كأنها منحوتة من الصخر .


في ذلك الزمن و في تلك البقعة من دنيا الله الواسعة عاش سيّدنا " هُود " .


كان انساناً صالحاً طيب القلب محبّاً الخير . . الله سبحانه اختاره نبياً و بعثه رسولاً إلى قومه .


أعلن سيدّنا " هُود " دعوته إلى عبادة الله الواحد الأحد و نبذ الأصنام و الأوثان و الآلهة لأنها مجرّد حجارة لا تضر و لا تنفع .


كان سيّدنا هود شجاعاً لم يخف من الوثنيين . . كانوا أقوياء في الجسم و لكن هوداً كان قويّاً في إرادته و روحه . . انه مع الله و الله معه . . و الله أقوى من كل شيء .


الناس الطيبون آمنوا برسالة هود كانوا قليلين جداً .


الأقوياء المترفون سخروا من هود و من رسالته و قالوا انّه رجل سفيه مجنون ، و راح أهل عاد يؤذون النبي و يهدّدونه .


استمر سيّدنا هود في دعوته و كان يعظ قومه دائماً يذكّرهم بنعمة الله و بركاته و لكن لا فائدة . .


كانوا يتصوّرون ان الآلهة هي التي ترزقهم . . هي ترسل المطر ، و تنبت العشب و تبارك في ماشيتهم فتتكاثر و تزداد و تنمو . .


لهذا قالوا ان هوداً مجنوناً و أن الآلهة فد لعنته – كانوا هم أيضاً يخوفون هود من سوء العواقب اذا ما استمر في دعوته .


قالوا له :


ـ : ان الآلهة ستعاقبك .


سيّدنا هود كان يتحدّى جبابرة عاد و يتحدّى آلهتهم أيضاً .


ظلّ هود مستمراً في رسالته ، و عجز الجبابرة من فعل شيء تجاه سيّدنا هود .


أصبح أهل " عاد " قسمين ، قسم آمن بالله و اليوم الآخر و هم افراد قلائل جداً . . و قسم كفروا برسالة هود و ظلّوا على بغيهم و فسادهم و ضلالهم .


لم يعد هناك أمل في اصلاحهم ظلّوا سادرين في ضلالهم .


القحط و الجفاف :


جاء موسم المطر . . و لكن السماء لم تمطر . . كانت الغيوم تمرّ في سماء الاحقاف و ترحل بعيداً . . أو كانت تتجمع ثم تتبدد . . كان أهل عاد يعيشون على المراعي و الزراعة و ما تهبهه البساتين من الفاكهة .


مرّ ذلك العام دون مطر .


نقصت محاصيلهم . . و بعض الماشية نفقت بسبب الجوع و ماتت بعض الأشجار . .


أهل عاد اتجهوا إلى أوثانهم يعبدونها و يقدّمون لها القرابين . . و لكن دون جدوى .


حل الموسم الآخر . . و تجمعت الغيوم . . أهل عاد فرحوا و استبشروا كانت الغيوم سوداء . . قال بعضهم أنها مثقلة بالمطر الغزير و لكن تلك الغيوم سرعان ما تفرّقت .


ضاعفوا عدد القرابين . . و لكن الغيوم كانت تظهر و تختفي و كانت الرياح التي تهب تحمل لهم الرمال فقط . .


الايمان يعني الخصب :


جاء سيّدنا هود و وعظ قومه . قال لهم انا احبكم . . أريد لكم الخير قال لهم : { .. يَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ }[1].


لم يستمع أهل عاد إلى موعظة رسول الله اليهم ، أعرضوا عنه و هدَّدوه و توعَّدوه ، و انصرفوا إلى ذبح القرابين و تقديمها إلى الآلهة . .


و مضى موسم المطر ، و لكن لم تنزل قطرة واحدة و اجتاح الجفاف مناطقهم .


تحوّلت أرضهم الخضراء إلى صحراء . . نفقت ماشيتهم و ذبلت اشجارهم . .


و حلَّ العام الثالث . . كان عاماً عصيباً جداً أصبحت المياه نادرة جداً الا مايكفي لسقي الماشية فقط اما الحقول فقد ظلّت دون ماء .


في كل يوم كانوا يخرجون إلى معابدهم يعبدون الاصنام و يتضرعون اليها و كان سيّدنا هود ينصح قومه يدعوهم إلى الايمان بالله عز و جل لأنه هو وحده القادر على كل شيء . . أما الأصنام فلا قيمة لها لأنها مجرّد حجارة . .


إرم المدينة العجيبة :


كان أهل عاد قد بنوا في تلك الفترة أعظم مدينة في العالم هي مدينة إرم " التي لم يخلق مثلها في البلاد " .


كانت مليئة بالقصور و الحدائق و البساتين . . و كان " شدّاد " الرجل الجبّار الوثني هو الذي أمر ببنائها لتكون جنّة يعيش فيها . .


كان يتصوّر أنه سيبقى خالداً و أنه لن يموت . . لقد كان قويّاً جداً تصوّر أنه سيبقى حيّاً إلى الأبد .


عاصفة الدمار :


حل الموسم الثالث لهطول المطر . . و لكن لا شيء سوى الجفاف ، و ساد القحط . . و كانت الرياح تهبّ فتدفع أمواج الرمال باتجاه الوديان التي كانت ذات يوم خضراء .


ضربت المجاعة أرض الاحقاف . . و ما زال سيّدنا هود يدعوهم إلى الايمان و نبذ الأصنام . .


الله سبحانه هو القادر هو الذي يرسل المطر فيحيي الأرض بعد موتها . . الله عز و جل هو الذي يبعث الخصب في الوديان و السهول . .


الأصنام و الأوثان حجارة صمّاء لا تضرّ و لا تنفع . .


و لكن قبائل عاد لم تؤمن برسالة هود . . الناس كانوا يطيعون الجبابرة .


امّا هود فلم يؤمن به أحد الاّ بعض الناس الطيبين . . في الموسم الثالث خرج سكان الاحقاف ينظرون إلى السماء . . كانوا ينتظرون الغيوم و المطر . .


السماء كانت صافية زرقاء و لا أثر للغيوم . . الوثنيون فكروا بتقديم المزيد من القرابين . . فقد ينقذهم إله الخصب من القحط و الجفاف . . و لكن لا شيء .


جاء سيّدنا هود و وعظهم للمرّة الأخيرة . . نصحهم بالتوبة و العودة إلى الله . . الله وحده الذي يرسل المطر و يبعث الخصب .


و لكن قوم عاد نهروا سيّدنا هوداً و قالوا له : اذهب ايها المجنون انت رجل كذّاب . . ليرسل ربّك علينا العذاب اذا كنت صادقاً . . اننا لن نترك آلهتنا . . الهتنا هي التي ترزقنا و ترسل لنا المطر و تبعث الخصب في أرضنا و تبارك في ماشيتنا ان الآلهة لن تنسى ذلك .


كان سيّدنا هود حزيناً من أجل قومه كان يريد لهم أن يؤمنوا حتّى يعيشوا حياة كريمة هانئة . .


مرّت ساعات . . ظهرت في الأُفق غيوم سوداء رهيبة . . كانت الغيوم تزحف شيئاً فشيئاً حتى غطّت سماء الأحقاف كلّها . .


فرح أهل عاد بالغيوم . . قالوا :


لقد استجابت الآلهة دعاءنا . . فارسلت لنا غيوماً مثقلة بالمطر . . سوف تخصب الوديان و تعود الخضرة إلى البساتين .


قال سيّدنا هود و هو يرى نذر العذاب . .


كلاّ بل هو ما استعجلتم ريح فيها عذاب أليم تدمّر كل شيء ، أوى سيّدنا هود إلى الجبل و لجأ المؤمنون . . و أصبح العذاب قاب قوسين أو ادنى . . كان الوقت يمرّ و كان الوثنيون يحدّقون في الغيوم السوداء المتراكمة كانوا ينتظرون المطر . . و لكن دون جدوى .


بدأ هبوب الرياح البادرة سوف تنقض العاصفة المدمّرة . . في السماء اشتعلت البروق و انقضّت الصواعق الرهيبة و دوّت الرعود . . كان صوت الرعد هائلاً مخيفاً انخلعت له قلوب الكافرين .


أصيب الوثنيون بالهلع و فرّوا إلى منازلهم كانوا ينظرون بياس إلى الغيوم .


لم يفكّروا بكلمات سيّدنا هود لم يفكّروا بمواعظه و نصائحه كانوا ينظرون إلى تلك التماثيل الحجرية فقط . . كانوا يعتقدون ان تلك الحجارة الصمّاء هي التي ترزقهم و تمنحهم الخير و البركة و النماء .


بدأت عاصفة الغضب السماوي . . كانت الرياح عنيفة و جافة و كانت قارسة البرد . .


لم تكن رياحاً تحمل السحب و لا المطر كانت طوفاناً من البرد الشديد و الرمال الكثيفة .


مرّت الساعات مخيفة و العاصفة لم تهدأ أبداً و كانت أمواج الرمال تزحف باتجاه الوادي .


كان قوم عاد مغرورين بقوّتهم . . كانوا يتصوّرون أنهم سيتغلبون على القحط و الجفاف و العاصفة .


تصوّروا ان العاصفة ستهدأ في الليل أو في صباح اليوم التالي .


بدأت الرياح المدمّرة هبوبها صباح الاربعاء و ظلّت تعصف بعنف مدّة سبع ليال و ثمانية أيام .


لم تهدأ و لم تتوقف إلاّ في صباح الأربعاء . . لم تهدأ الاّ بعد أن طمرت الوادي الخصيب بالرمال و اندثرت مدينة إرم العجيبة . . تحطمت المنازل و تهاوت الأعمدة المرمرية الهائلة امّا أُولئك الرجال الذين كفروا برسالة هود ( عليه السلام ) فقد سقطوا فوق الرمال . . كانوا طوال القامة لهذا بَدَو مثل جذوع النخل اليابسة . .


أمّا التماثيل فسقطت على وجوهها و تحطمت و تحولت تلك المعابد الوثنية إلى أنقاض . .


لقد حلّت اللعنة عليهم . . كانوا طغاة جبارين ليست في قلوبهم ذرة من الرحمة . . كانت حياتهم كلها عبث في عبث . . حتى عندما كانوا يبنون قصورهم كانوا يفعلون ذلك لمجرّد العبث .


لم يكونوا يستفيدون منها أبداً ، لهذا غضب الله عليهم بسبب كفرهم و اضطهادهم للمؤمنين .


من أجل هذا أهلكهم و أنقذ سيّدنا هوداً و الذين آمنوا معه حتى يعود الناس إلى فطرتهم و يبدأون حياة إنسانية جديدة مليئة يالخير و الخصب و النماء .



بسم الله الرحمن الرحيم


{ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ * يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ * وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ * قَالُواْ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ * وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ * وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَاتَّبَعُواْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * وَأُتْبِعُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ }[2] .



---------------------------------------------------------------------------
[1] سورة هود ( 11 ) ، الآية : 55


[2] سورة هود ( 11 ) ، الآيات : 50 ـ 60 .

الأمل البعيد
08-10-2007, 01:41 PM
نبي الله أدريس عليه السلام

إسمه وصفاته:
{واذكر في الكتاب إدريس إنّه كان صدِّيقاً نبيّا} سورة مريم: الآية56.
توفي نبي الله آدم(ع) أبو البشر، فأوصى لولده شيث الذي قام بأعباء النبوة من بعده حتى وافاه الأجل فأوصى لإبنه أنوش بسياسة المملكة.. وولد لأنوش كثير من الأبناء، من بينهم إبنه قينان الذي خلف أباه.
ولد لقينان إبنه مهلائيل الذي صار إليه الملك بعد قينان، ولمهلائيل هذا إبن إسمه يارد حكم بعد أبيه ورزقه الله بإدريس النبي(ع).
في بابل من أرض العراق ولد إدريس بن يارد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم أبي البشر(ع)، وفي بابل نشأ وترعرع، في أسرةٍ كريمة الحسب والنسب، فتعلّم علم جدِّ جدِّ أبيه، شيث بن آدم (ع)، وأقام في السَّهلة.
ومن أرض العراق إنطلق إدريس يجوب البلاد مبشّراً برسالة آدم وشيث، فوصل إلى مصر، وبقي فيها، حيث كان اليونانيون أهل علم وفلسفة، فعرفوه، وقدّروا علمه وتعرفوا إلى رسالته فسموه هرمس الهرامسة، أي حكيم الحكماء.
ويذكر بعض المؤرخين، أنّ إدريس هو إلياس الذي ورد ذكره في القرآن الكريم، ويذكر آخرون أنّ إدريس(ع) مذكورٌ في التوراة العبرية وإسمه أخنوخ، وفي التوراة العربية وإسمه خنوخ.
ويُروي أنّ إدريس(ع) كان رجلاً مديد القامة، حسن الوجه، براق العينين أكحلهما، كثّ اللحية، عريض الصدر والمنكبين، ضخم البطن، متقارب الخطو، يمشي ونظره إلى الأرض، كثير الصمت قليل الكلام بطيئهُ إذا تكلم، كثير التفكير، عبوساً يحتدّ إذا ما غضب، ولكنه كان محتسباً صبوراً: {وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كلُ من الصابرين} سورة الانبياء: الآية 85.
ويُذكر أنّه (ع) كان يسبّح النهار ويصومه، ويبيت حيثما جنّه الليل، وأنّه كان يصعد له من العمل الصالح إلى السماء، مثلما يصعد لأهل الأرض كلهم. وقد سمي إدريس بهذا الإسم، لكثرة مدارسته الكتب السماوية وما فيها من الحكم والأحكام.
علم إدريس وعمله:
يذكر المؤرخون أنّ إدريس(ع) كان أوّل من خطّ بالقلم، وأنّ الله سبحانه علّمه الكثير من العلوم، ذلك أنّ الناس كانوا في زمانه يتحدثون باثنتين وسبعين لغة، علّمه الله إياها، ليعلِّم كلّ أناس بلغتهم.
وكان(ع) عالماً بالنجوم والحساب وعلم الهيئة، وكانت هذه معجزته(ع) وقد بالغ بعضهم، فذكر أنّ جميع العلوم التي كانت قبل طوفان نوح(ع) كانت من تعليم إدريس(ع).
ويحكى أنّ إدريس(ع) كان يعمل خياطاً، ويذكر إنّه أول من خاط الثياب بالإبرة ودرزها، وقد كان الناس قبله يلبسون جلود الحيوانات التي يصطادونها أو يقتلونها.
وقد ولد له(ع) على مايذكر المؤرخون إبنه متوشالح أبو لامك، ولامك هذا هو أبو نبي الله نوح(ع). فيكون إدريس جداً لأبي نوحٍ(ع).
نبوة إدريس(ع):
يحكى أنه كان في زمن إدريس(ع) ملك ظالم جبار، وكانت له زوجة من الأزارقة. وذات يوم خرج ذلك الملك للتنزه في الحقول والبراري، فمرَّ بأرضٍ خضرة نضرة، فأعجبته خضرتها ونضرتها، فسأل عن صاحبها فقيل له: إنها لفلانٍ من الناس.
وأرسل الملك الجبار إلى صاحب الأرض، فجاءهُ، وهو على خير دينه. قال له الملك الجبار: أترك لي أرضك أتمتع بها؛ قال صاحب الأرض: إنّ عيالي أحوج إليها منك. فقال له: بعني إياها. فأبى الرجل ورفض أن يبيع أرضه.
وعاد الملك الجبار إلى قصره غاضباً مقهوراً، وراح يفكر كيف يأخذ الأرض من صاحبها، فأصابه همٌّ وغمٌّ كبيران. فلما رأته زوجته على تلك الحال، سألته عن السبب، فحكى لها قصته مع الرجل صاحب الأرض، وما كان من أمره.
قالت زوجة الملك الجبار: لماذا لاتقتله وتأخذ أرضه؟ فإن كنت تكره أن تقتله بغير سبب، فاترك الأمر إليّ وأنا أتدبره، وأصيِّر أرضه لك..
وبعثت زوجة الملك إلى جماعة من الأزارقة فجاؤوها، فأمرتهم أن يشهدوا على صاحب الأرض أنّه على غير دين الملك، فشهدوا عليه بذلك، فقتله الملك وأخذ أرضه.
وغضب الله سبحانه لذلك الرجل، فأوحى إلى إدريس، فكان بدء نبوته(ع): أن إذا لقيت عبدي ذلك الملك الجبار، فقل له: أما رضيت أن قتلت عبدي المؤمن، حتى أخذت أرضه وأحوجت عياله من بعده.. أما وعزتي وجلالي لأنتقمنَّ له منك في الآجل، ولأسلبنّك ملكك في الحياة الدنيا، ولأخربنَّ مدينتك، ولأطعمنّ الكلام لحم امرأتك، فقد غرّك حلمي عنك وأناتي.
ذهب إدريس (ع) إلى ذلك الملك، بأمر ربه، وأبلغه رسالته إليه، فما كان من الملك الجبار إلاّ أن طرد إدريس، وهدّده بالقتل، بعد ما زينت له امرأته ذلك، وهوَّنت عليه أمر إدريس ورسالته قائله له: لايهولنّك رسالة إله إدريس... أنا أرسل إليه من يقتله فتبطل رسالة إلهه.
وكان لإدريس(ع) أصحاب مؤمنون يأنس بهم، فأخبرهم بخبر رسالة الله إلى الملك الجبار، وبردّه عليها. فأشفقوا على إدريس، وخافوا عليه القتل، وحذروه من الملك وزوجته.
وفعلاً، بعثت امرأة الملك الجبار جماعة من قومها الأزارقة، ليقتلوا إدريس(ع)، فتفرقوا يبحثون عنه فلم يجدوه، وعرف أصحاب إدريس(ع) بالأمر، فقالوا له: خذ حذرك يا إدريس، واخرج من هذه المدينة، فإن الملك قاتلك إن لم تفعل.
جمع إدريس(ع) في المدينة رهطاً من أصحابه، ولما كان السحر ناجي ربه قائلاً: يارب، إنّ الملك الجبار توعدني بالقتل، فماذا أفعل؟ فأوحى الله إليه: أن أخرج من مدينته، وخلني وإياه، فوعزتي لأنفذنَّ فيه أمري.
فقال إدريس(ع): إنّ لي إليك ياربّ حاجة؟ فقال الله جل وعلا: سلها، تُعطها يا إدريس. قال إدريس(ع): أسألك ياربّ أن تمسك السماء على أهل هذه المدينة وماحولها، فلا تمطرهم حتى أسألك ذلك. قال الله سبحانه وتعالى: إذن تخرب المدينة ويجوعَ أهلها. فقال إدريس(ع): وإن خربت، وإن جاعوا.. قال تعالى: إني أعطيتك ياإدريس ماسألت..
وأخبر إدريس إصحابه بحبس المطر عن المدينة، وخرج وخرجوا معه وهم عشرون رجلاً، ثم تفرقوا في القرى، وآوى إدريس(ع) إلى كهفٍ في الجبل، وقد وكّل الله به ملكاً يأتيه بطعامه وشرابه عند كل مساء.
وخربت المدينة، وأنهار مُلكُ الملك الجبار، إذ سلّط الله عليه جباراً آخر، سلبه مُلكه وقتل زوجته وأطعم الكلاب لحمها.
وظلّت السماء محبوسة القطر عشرين سنة لاتمطر، حتى صار أهل تلك المدينة يجمعون الطعام من القرى المجاورة، ويتمنون أن يرجع إدريس إليهم، ليدعو ربه أن يبعث المطر. ثم إنهم أجمعوا أمرهم على أن يتوبوا إلى الله، ويسألوه أن يُرسل السماء عليهم مدرارا...
وهكذا كان، فقاموا على الرماد، ولبسوا المسوح، وحثوا التراب على رؤوسهم... فتاب الله عليهم، وهو التواب الرحيم.
وأوحى الله إلى إدريس(ع)، أن قد تاب قومك، وقبلت أنا توبتهم، وكنت أنت قد سألتني أن أمنع المطر عنهم، وألا أرسله إلاّ إذا سألتني ذلك، فسلني ياإدريس... فقال إدريس(ع): أللهم إني لاأسألك. فأوحى الله عزوجل إلى الملك الذي كان يأتيه بطعامه وشرابه، أن يمتنع عن ذلك. فلما أمسى إدريس لم يؤت بطعام ولاشراب، فجاع وحزن.. وكذلك في اليوم التالي، فلما اشتد جوعه ناجى ربّه قائلاً: يارب، حبست عني رزقي من قبل أن تقبض روحي... فأوحى الله إليه: ياإدريس، جزعت أن حبست عنك طعامك ثلاثة أيام ولياليها، ولم تجزع ولم تنكر جوع أهل مدينتك وجهدهم عشرين عاماً، وقد سألتك لجهدهم ورحمتي إياهم، أن تسألني أن أمر السماء عليهم، فلم تسألني وبخلت عليهم بمسألتك إياي، فأذقتك الجوع فقلَّ اصطبارك، وظهر جزعك، فاهبط من موضعك، واطلب لنفسك المعاش، فإني قد وكلتك في طلبه إلى حيلك.
وهبط إدريس(ع) من كهفه، وراح يطلب أكلة من جوع، فرآى الدخان يتصاعد من احد منازل المدينة، فقصده فإذا فيه امرأة عجوز تقلي قرصين على مقلاة. فقال لها: أطعميني أيتها العجوز، فإنني جائع مجهود. قالت العجوز: ياعبد الله، ماتركت لنا دعوة إدريس فضلاً نطعمه أحدا... وحلفت له أنها لاتملك شيئاً غير القرصين، ثم قالت له: إذهب واطلب المعاش من غير أهل هذه المدينة.
وكان إدريس(ع) لايقوى على المشي من شدة الجوع، فقال لها: ياأمة الله.. أطعميني ماأُمسك به روحي، وتحملني به رجلاي حتى أطلب... قالت: إنما هما قرصان: واحد لي والآخر لابني، فإن أطعمتك قرصي مِتُّ من الجوع، وإن أعطيتك قوت ابني مات هو الآخر. فقال لها: إنّ ابنك صغير يكفيه نصف قرص فيحيا به، وأنا يكفيني النصف الآخر فأحيا به.. فأكلت العجوز قرصها، وقسمت الآخر نصفين، فأعطت إدريس نصفاً وابنها النصف الآخر.
وما أن رأى ابن العجوز إدريس يأكل من قرصه، حتى اضطرب ومات.. فقامت أمه: ياعبد الله، قتلت ولدي جزعاً على قوته... قال إدريس(ع): فأنا أحييه لك بإذن الله، فلاتجزعي.
وأخذ إدريس بعضدي الصبي ثم قال: أيتها الروح الخارجة من جسم هذا الغلام، بإذن الله تعالى، إرجعي إلى بدنه بإذن الله.. أنا إدريس النبي. فرجعت الروح إلى بدن الصبي بإذن الله..
سمعت المرأة كلام إدريس، ورأت ابنها وقد عادت إليه الحياة بعد موته، فقالت: أشهد إنك لأنت إدريس... وخرجت من بيتها تصرخ بأعلى صوتها: أبشروا بالفرج، فقد عاد إدريس إلى مدينتكم.
ومضى إدريس(ع) حتى وصل إلى موضع مدينة الملك الجبار الأول، فتهافت الناس عليه، من أطراف المدينة، تهافت الفراش على النور، وراحوا يرجونه أن يرحمهم، ويدعو الله لهم، حتى يأتيه الملك الجبار الثاني، الذي سلب ملك الجبار الأوّل، ماشياً حافياً مع أهل مدينته، ليتأكد أنهم تابوا إلى الله، ولن يؤذوه من جديد.
وعرف الجبار بأمر إدريس(ع)، فبعث أربعين رجلاً ليأتوه به، فلما وصلوا إليه، أخبروه أنهم بمعوقون ليأخذوه إلى الملك، فدعا إدريس عليهم، فماتوا جميعهم.
وأرسل الملك الجبار بعدهم خمسمئة رجل، عسى أن يأتوه بإدريس(ع). فلما وصلوا إليه، وعلم أنهم جاؤوا ليأخذوه إلى الملك، قال لهم: أما ترون مصارع أصحابكم، فإياكم أن تفعلوا ما أمركم به الملك الجبار، فيكون مصيركم كمصيرهم.
فقالوا: ياإدريس، أما عندك من رحمة... أهلكتنا بالجوع والعطش عشرين عاماً، وتريد أن تدعو علينا بالموت؟ أفلا تدعو الله أن يمطر السماء؟ قال إدريس(ع): لن أفعل حتى يأتيني ملككم، وأهل مدينتكم مشاة حفاة.
ورجع الرجال إلى الملك الجبار، وراحوا يرجونه أن يمشي معهم حافياً إلى إدريس(ع)، وإلا هلكوا جميعاً، فسار الملك الجبار ومن خلفه أهل المدينة إلى إدريس، حتى ركعوا بين يديه، فقال إدريس(ع): أمّا الآن، فسأدعو ربي أن يرسل السماء عليكم مدرارا.
دعا إدريس(ع) ربه أن تمطر السماء عليهم وعلى نواحيهم، فما هي إلا لحظة حتى ظللتهم غمامة من السماء، فأبرقت وأرعدت، ثم هطلت عليهم حتى ظنوا أنه الغرق.
وأقام إدريس(ع) يدعو إلى عبادة الله الواحد الأحد، كما في شريعة آدم وشيث(عليهما السلام) فكان الناسُ يجيبونه واحداً تلو الآخر، حتى صاروا ألف رجل.
ولم تكن لإدريس(ع) طريقة خاصة في العبادة، فاختار سبعة من أصحابه وقال لهم: تعالوا يدعو بعضنا ويؤمن البعض الآخر. ورفعوا أيديهم إلى السماء بالدعاء، فنبّأ الله سبحانه إدريس، ودلّه على طريقة عبادته، وكانت مكة هي القبلة التي يتوجه إليها في صلاته وعبادته.
وأخذ إدريس(ع) يعلِّم أصحابه وأتباعه كيف يعبدون ربهم سبحانه، فكانوا يطيعونه، ويطبقون تعاليمه، حتى أ، الملائكة كانوا في زمانه (ع) يصافحون الناس، ويسلمون عليهم، ويكلمونهم ويجلسون إليهم، لصلاح ذلك الزمان وأهله.
صحف إدريس(ع):
علّم إدريس(ع) قومه كيف يبنون المدن، فبنوا مئة وثماني وثمانين مدينة. ثم جعل لكل مدينة علماء ومرشدين يعلّمون الناس، ويهدونهم إلى طاعة الله وعبادته، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ثم إنه(ع) وقد أتباعه بأنبياء يأتون من بعده، ووصفهم لهم، وعرّفهم أن النبي يكون معصوماً من الخطأ، خالياً من العيوب الأخلاقية، والأفعال السيئة، كامل الفضائل، لايعجز عن الإجابة على أي سؤال يتعلق بأمر الدنيا والآخرة، وأنّه مستجاب الدعوة في كل مايطلبه من الله.
وعن النبي محمد(ص): أن الله أنزل على إدريس ثلاثين صحيفة. وقد أُثرت عنه(ع) العلوم والحكم والنصائح والأدعية الكثيرة، ويذكر المؤرخون أنه كانت له(ع) مواعظ وآداب تجري مجرى الأمثال. وقد مرّ معنا أن كلّ العلوم التي عرفت قبل طوفان نوحٍ(ع) كانت من تعليم إدريس(ع).
وقد نسبت إلى إدريس أمور وأحداث وأعمال، أقلُّ مايُقال فيها: إنها خرافية، ولايمكن أن تصدر عن نبي من أنبياء الله، ولا يقرّها عقل بشري سويّ.
ومّما جاء في الصحف التي أنزلها الله تعالى على إدريس(ع) قوله: "كأنك بالموت وقد نزل بك، فاشتدّ أنينك، وعرق جبينك، وتقلّصت شفتاك، وانكسر لسانك، ويبس ريقك، وعلا سواد عينيك بياض، وأزبد فوك، واهتزّ جميع بدنك، وعالجت غصص الموت وسكرته ومرارته وزعقته، ونوديت فلم تسمع، ثم خرجت نفسك وصرت جيفة بين أهلك؛ إنّ فيك لعبرة لغيرك، فاعتبر في معاني الموت. إنّ الذي نزل بغيرك نازل بك لامحالة"...
تابع >>>

الأمل البعيد
08-10-2007, 01:43 PM
ومن مواعظه وأدبه (ع) قوله: لن يستطيع أحد أن يشكر الله على نعمه، بمثل الإنعام على خلقه.. وقوله(ع): من أراد بلوغ العلم وصالح العمل، فليترك من يده أداة الجهل وسيّئ العمل... فحبّ الدنيا وحبّ الآخرة لايجتمعان في قلبٍ أبداً.
ومن الأدعية المأثورة عن النبي إدريس(ع)، دعاء السحر المشهور، الذي يقرأ في أسحار شهر الله تعالى، شهر الصيام المبارك، وهو يحتوي أربعين إسماً من أسماء الله الحسنى، وأوله: سبحانك لا إله إلاّ أنت يارب كل شئٍ ووارثه.
كما أثر عنه الدعاء المعروف بدعاء التوسل، وفيه توسل إلى الخالق جلّ ذكره، بذكر أربعين إسماً من أسمائه جلّ وعلا، وابتهالٌ إليه، وطلب الأمان من بلاء الدنيا وعقوبات الآخرة.
{ورفعناه مكاناً عليّاً} سورة مريم: الآية57:
يروى أنّ ملكاً من الملائكة غضب الله عليه وطرده من السماء الى الأرض، فجاء إلى إدريس(ع) وطلب منه أن يشفع له عند ربه، فصلّى إدريس(ع) ثلاث ليالٍ، لايفتر، وصام أيامها لايفطر، ثم طلب إلى الله في السحر أن يرضى عن ذلك الملك، فرضي الله عنه وسمح له بالعودة إلى السماء.
قال الملك: يانبيّ الله، إنني أريد أن أشكرك فاطلب إليَّ حاجة.. فقال إدريس(ع): أريد أن تريني ملك الموت، لعلني لا أستوحش، بعد ذلك من ذكره. فإنني ما ذكرته إلا فارقني الهناء.
بسط الملك جناحيه وقال لإدريس(ع): إركب، فركب إدريس وصعد به الملك إلى سماء الدنيا، فلم يجدا ملك الموت، فظلَّ يصعد به حتى وجدا ملك الموت بين السماءين: الرابعة والخامسة.
كان ملك الموت متجهما عابساً، فساله الملك الذي يحمل إدريس(ع): مالي أراك مقطباً؟ فردّ ملك الموت قائلاً: إنني كنت تحت ظِل العرش، فأمرت أن أقبض روح نبي الله إدريس، بين السماءين الرابعة والخامسة، فتعجبت لذلك.
وسمع إدريس(ع) كلام ملك الموت، فانتقض من جناح الملك، ولكن ملك الموت قبض روحه حيث هو، وكان عمره(ع) على مايذكر الرواة والمؤرخون مايقارب الثلاثمئة سنة.
ويُروي أن ملك الموت طلب إلى الله سبحانه أن يأذن له بزيارة إدريس(ع) حتى يسلّم عليه ويصحبه، فأذن الله له، فنزل ملك الموت إلى إدريس. وإدريس لايعرفه، فقال له: إني أريد أن أصحبك؛ فوافق إدريس(ع)، فكانا يسيحان النهار ويصومانه، فإذا حلّ الظلام جاء إدريس طعامه فأفطر ودعا ملك الموت للإفطار فيقول: لاحاجة لي فيه، ثم يقومان فيصليان.
واستمرا على هذه الحال أياماً، إلى أن مرّا بكرم عنب قد أينع ثمره، وقطيع غنم قد سمنت خرافه، فقال ملك الموت إدريس(ع): خذ من هذا القطيع حملاً، ومن هذا العنب وافطر عليه. فقال إدريس(ع) سبحان الله! أدعوك إلى مالي فتأبى، ثم تدعوني إلى مالِ غيرك وتريدني أن أقبل به؟.
ثم قال إدريس(ع): ياهذا قد صحبتني وأنا لاأعرفك، فمن أنت؟. قال: أنا ملك الموت. فقال إدريس(ع): لي إليك حاجة. قال ملك الموت: وما حاجتك؟. قال إدريس(ع): تصعد بي إلى السماء.
واستأذن ملك الموت ربّه في ذلك، فأذن له، فحمل إدريس على جناحه وصعد به إلى السماء. فقال إدريس(ع): إنّ لي إليك حاجة أخرى. قال ملك الموت: وماهي؟ قال: بلغني أنّ الموت شديدٌ على الإنسان، فأحبّ أن أجرّبه فأعرف كيف هو.
وعاد ملك الموت إلى استئذان الله في ذلك، فأذن له، فأخذ روح إدريس وأماته ساعةً ثم ردَّ روحه إليه وقال له: كيف رأيت الموت؟ قال إدريس(ع): لهو أشدُّ مما كنت أعتقد... ولكن لي إليك حاجة ثالثة: أريدك أن تريني النار والجنة.
إستأذن ملك الموت ربه للمرة الثالثة، فأذن له، وأمر زبانية جهنم ففتحوها، فلما رآها إدريس أغمي عليه. ولما أفاق حمله ملك الموت إلى الجنة، وقد فتحها خزنتها لأمر الله لهم، فدخل إدريس إليها، ونظر إلى جمالها وبهائها ثم قال: ياملك الموت: إنَّ الله تعالى يقول: {كل نفس ذائقة الموت}سورة آل عمران/آية185 وقد ذقته، ويقول في جهنم: {وإن منكم إلاّ واردها}سورة مريم/آية 71، وقد وردتها، ويقول في الجنة: {وما هم منها بمخرجين}سورة الحجر/آية 48، فما كنت لأخرج منها.
فقال الله لملك الموت: إنّ إدريس إنما حاجّك فحجّك بوحي، وأنا الذي هيأت له تعجيل دخول الجنة، فإنه كان يتعب نفسه وجسده في طاعتي، فكان حقاً عليّ أن أعوِّضه، من تعبه، الراحة والطمأنينة، وأن أجعل له، بتواضعه لي وصالح عمله، مكاناً علياً في جنتي.
{أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم}سورة مريم/آية 58.
يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع): إنّ الله رفع إدريس مكاناً علياً، وأطعمه من تحف الجنة بعد وفاته؛ ويقول الله عزّ من قائل: {وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين} سورة الأنبياء/آية 86.. فسلام على إدريس، والحمد لله رب العالمين.

الأمل البعيد
08-20-2007, 11:03 PM
قصة نبي الله اليسع ( ع)

نبذة:



من العبدة الأخيار ورد ذكره في التوراة كما ذكر في القرآن مرتين ، ويذكر أنه أقام من الموت إنسانا كمعجزة.


سيرته:



من أنبياء الله تعالى، الذين يذكر الحق أسمائهم ويثني عليهم، ولا يحكي قصصهم.. نبي الله تعالى اليسع. قال تعالى في سورة (ص): وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنْ الْأَخْيَارِ



وقال جل جلاله في سورة (الأنعام) : وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ


جاء في تاريخ الطبري حول ذكر نسبة أنه اليسع بن أخطوب ويقال أنه ابن عم إلياس (http://www.alnoor.info/prophets/elias.asp) النبي عليهما السلام ، وذكر الحافظ ابن عساكر نسبة على الوجه الآتي: اسمه أسباط بن عدي بن شوتلم بن أفرائيم بن يوسف (http://www.alnoor.info/prophets/yousuf1.asp) الصديق عليه السلام وهو من أنبياء بني إسرائيل، وقد أوجز القرآن الكريم عن حياته فلم يذكر عنها شيئاً وإنما اكتفى بعده في مجموعة الرسل الكرام الذي يجب الإيمان بهم تفصيلاً.


قام بتبليغ الدعوة بعد انتقال إلياس (http://www.alnoor.info/prophets/elias.asp) إلى جوار الله فقام يدعو إلى الله مستمسكاً بمنهاج نبي الله إلياس (http://www.alnoor.info/prophets/elias.asp) وشريعته وقد كثرت في زمانه الأحداث والخطايا وكثر الملوك الجبابرة فقتلوا الأنبياء وشردوا المؤمنين فوعظهم اليسع وخوفهم من عذاب الله ولكنهم لم يأبهوا بدعوته ثم توفاه الله وسلط على بني إسرائيل من يسومهم سوء العذاب كما قص علينا القرآن الكريم. ويذكر بعض المؤرخين أن دعوته في مدينة تسعى بانياس إحدى مدن الشام، ولا تزال حتى الآن موجودة وهي قريبة من بلدة اللاذقية والله أعلم.


وأرجح الأقوال أن اليسع هو اليشع الذي تتحدث عنه التوراة.. ويذكر القديس برنابا أنه أقام من الموت إنسانا كمعجزة.


اليسع وذو الكفل:


ويروي بعض العلماء قصة حدثت في زمن اليسع عليه السلام. فيروى أنه لما كبر اليسع قال لو أني استخلفت رجلاً على الناس يعمل عليهم في حياتي حتى أنظر كيف يعمل؟ فجمع الناس فقال: من يتقبل لي بثلاث استخلفه: يصوم النهار، ويقوم الليل، ولا يغضب. فقام رجل تزدريه العين، فقال: أنا، فقال: أنت تصوم النهار، وتقوم الليل، ولا تغضب؟ قال: نعم. لكن اليسع -عليه السلام- ردّ الناس ذلك اليوم دون أن يستخلف أحدا. وفي اليوم التالي خرج اليسع -عليه السلام- على قومه وقال مثل ما قال اليوم الأول، فسكت الناس وقام ذلك الرجل فقال أنا. فاستخلف اليسع ذلك الرجل.


فجعل إبليس يقول للشياطين: عليكم بفلان، فأعياهم ذلك. فقال دعوني وإياه فأتاه في صورة شيخ كبير فقير، وأتاه حين أخذ مضجعه للقائلة، وكان لا ينام الليل والنهار، إلا تلك النّومة فدقّ الباب. فقال ذو الكفل (http://www.alnoor.info/prophets/thoelkefel.asp): من هذا؟ قال: شيخ كبير مظلوم. فقام ذو الكفل ففتح الباب. فبدأ الشيخ يحدّثه عن خصومة بينه وبين قومه، وما فعلوه به، وكيف ظلموه، وأخذ يطوّل في الحديث حتى حضر موعد مجلس ذو الكفل (http://www.alnoor.info/prophets/thoelkefel.asp) بين الناس، وذهبت القائلة. فقال ذو الكفل (http://www.alnoor.info/prophets/thoelkefel.asp): إذا رحت للمجلس فإنني آخذ لك بحقّك.


فخرج الشيخ وخرج ذو الكفل لمجلسه دون أن ينام. لكن الشيخ لم يحضر للمجلس. وانفض المجلس دون أن يحضر الشيخ. وعقد المجلس في اليوم التالي، لكن الشيخ لم يحضر أيضا. ولما رجع ذو الكفل لمنزله عند القائلة ليضطجع أتاه الشيخ فدق الباب، فقال: من هذا؟ فقال الشيخ الكبير المظلوم. ففتح له فقال: ألم أقل لك إذا قعدت فاتني؟ فقال الشيخ: إنهم اخبث قوم إذا عرفوا أنك قاعد قالوا لي نحن نعطيك حقك، وإذا قمت جحدوني. فقال ذو الكفل (http://www.alnoor.info/prophets/thoelkefel.asp): انطلق الآن فإذا رحت مجلسي فأتني.


ففاتته القائلة، فراح مجلسه وانتظر الشيخ فلا يراه وشق عليه النعاس، فقال لبعض أهله: لا تدعنَّ أحداً يقرب هذا الباب حتى أنام، فإني قد شق عليّ النوم. فقدم الشيخ، فمنعوه من الدخول، فقال: قد أتيته أمس، فذكرت لذي الكفل (http://www.alnoor.info/prophets/thoelkefel.asp) أمري، فقالوا: لا والله لقد أمرنا أن لا ندع أحداً يقربه. فقام الشيخ وتسوّر الحائط ودخل البيت ودق الباب من الداخل، فاستيقظ ذو الكفل (http://www.alnoor.info/prophets/thoelkefel.asp)، وقال لأهله: ألم آمركم ألا يدخل علي أحد؟ فقالوا: لم ندع أحدا يقترب، فانظر من أين دخل. فقام ذو الكفل (http://www.alnoor.info/prophets/thoelkefel.asp) إلى الباب فإذا هو مغلق كما أغلقه؟ وإذا الرجل معه في البيت، فعرفه فقال: أَعَدُوَّ اللهِ؟ قال: نعم أعييتني في كل شيء ففعلت كل ما ترى لأغضبك.


فسماه الله ذا الكفل (http://www.alnoor.info/prophets/thoelkefel.asp) لأنه تكفل بأمر فوفى به!

الأمل البعيد
08-20-2007, 11:05 PM
قصة نبي الله الياس
نبذة:


أرسل إلى أهل بعلبك غربي دمشق فدعاهم إلى عبادة الله وأن يتركوا عبادة صنم كانوا يسمونه بعلا فآذوه، وقال ابن عباس هو عم اليسع.


سيرته:




قال تعالى:
وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (127) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (128) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (129) سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (131) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (131)(الصافات)





هذه الآيات القصار هي كل ما يذكره الله تعالى من قصة إلياس.. لذلك اختلف المؤرخون في نسبه وفي القوم الذين أرسل إليهم.. فقال الطبري أنه إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون.. أما ابن كثير فيقول أن إلياس والياسين اسمين لرجل واحد فالعرب تلحق النون في أسماء كثيرة وتبدلها من غيرها.


الروايات المختلفة حول دعوته:


جاء في تاريخ الطبري عن ابن اسحق ما ملخصه:


إن الياس عليه السلام لما دعا بني إسرائيل الى نبذ عبادة الأصنام، والاستمساك بعبادة الله وحده رفضوه ولم يستجيبوا له، فدعا ربه فقال: اللهم إن بني إسرائيل قد أبو إلا الكفر بك والعبادة لغيرك، فغير ما بهم من نعمتك فأوحي الله إليه إنا جعلنا أمر أرزاقهم بيدك فأنت الذي تأمر في ذلك، فقال إلياس: اللهم فأمسك عليهم المطر فحبس عنهم ثلاث سنين، حتى هلكت الماشية والشجر، وجهد الناس جهداً شديداً، وما دعا عليهم استخفي عن أعينهم وكان يأتيه رزقه حيث كان فكان بنو إسرائيل كلما وجدوا ربح الخبز في دار قالوا هنا إلياس فيطلبونه، وينال أهل المنزل منهم شر وقد أوي ذات مرة إلى بيت امرأة من بنى إسرائيل لها ابن يقال له اليسع بن خطوب به ضر فآوته واخفت أمره. فدعا ربه لابنها فعافاه من الضر الذي كان به واتبع إلياس وآمن به وصدقه ولزمة فكان يذهب معه حيثما ذهب وكان إلياس قد أسن وكبر، وكان اليسع غلاماً شاباً ثم إن إلياس قال لبني إسرائيل إذا تركتم عبادة الأصنام دعوات الله أن يفرج عنكم فأخرجوا أصنامهم ومحدثاتهم فدعا الله لهم ففرج عنهم وأغاثهم، فحييت بلادهم ولكنهم لم يرجعوا عما كانوا عليه ولم يستقيموا فلما رأي إلياس منهم دعا ربه أن يقبضه إليه فقبضة ورفعه.


ويذكر ابن كثير أن رسالته كانت لأهل بعلبك غربي دمشق وأنه كان لهم صنم يعبدونه يسمي (بعلا) وقد ذكره القرآن الكريم على لسان إلياس حين قال لقومه ( أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) وَاللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ).


ويذكر بعض المؤرخين أنه عقب انتهاء ملك سليمان (http://www.alnoor.info/prophets/soliman.asp) بن داود (http://www.alnoor.info/prophets/dawod.asp) عليه السلام وذلك في سنة 933 قبل الميلاد انقسمت مملكة بن إسرائيل إلى قسمين، الأول ، يخضع لملك سلالة سليمان (http://www.alnoor.info/prophets/soliman.asp) وأول ملوكهم رحبعام بن سليمان (http://www.alnoor.info/prophets/soliman.asp) والثاني يخضع لاحد أسباط افرايم بن يوسف (http://www.alnoor.info/prophets/yousuf1.asp) الصديق واسم ملكهم جر بعام. وقد تشتت دولة بنى إسرائيل بعد سليمان (http://www.alnoor.info/prophets/soliman.asp) عليه السلام بسبب اختلاف ملوكهم وعظمائهم على السلطة، وبسبب الكفر والضلال الذي انتشر بين صفوفهم وقد سمح أحد ملوكهم وهو أخاب لزوجته بنشر عبادة قومها في بني إسرائيل، وكان قومها عباداً للأوثان فشاعت العبادة الوثنية، وعبدوا الصنم الذي ذكره القرآن الكريم واسمه (بعل) فأرسل إليهم إلياس عليه السلام الذي تحدثنا عن دعوته فما توفي إلياس عليه السلام أوحي الله تعالى إلى أحد الأنبياء واسمه اليسع (http://www.alnoor.info/prophets/aleasa.asp)عليه السلام ليقوم في نبي إسرائيل، فيدعوهم إلى عبادة الله الواحد القهار.


وأرجح الآراء إن إلياس هو النبي المسمى إيليا في التوراة.

الأمل البعيد
08-20-2007, 11:09 PM
زكريا عليه السلام



نبذة:





عبد صالح تقي أخذ يدعو للدين الحنيف، كفل مريم العذراء، دعا الله أن يرزقه ذرية صالحة فوهب له يحيى الذي خلفه في الدعوة لعبادة الله الواحد القهار.





سيرته:





امرأة عمران:





في ذلك العصر القديم.. كان هناك نبي.. وعالم عظيم يصلي بالناس.. كان اسم النبي زكريا عليه السلام.. أما العالم العظيم الذي اختاره الله للصلاة بالناس، فكان اسمه عمران عليه السلام.






وكان لعمران زوجته لا تلد.. وذات يوم رأت طائرا يطعم ابنه الطفل في فمه ويسقيه.. ويأخذه تحت جناحه خوفا عليه من البرد.. وذكرها هذا المشهد بنفسها فتمنت على الله أن تلد.. ورفعت يديها وراحت تدعو خالقها أن يرزقها بطفل.. واستجابت لها رحمة الله فأحست ذات يوم أنها حامل.. وملأها الفرح والشكر لله فنذرت ما في بطنها محررا لله.. كان معنى هذا أنها نذرت لله أن يكون ابنها خادما للمسجد طوال حياته.. يتفرغ لعبادة الله وخدمة بيته.





ولادة مريم:





وجاء يوم الوضع ووضعت زوجة عمران بنتا، وفوجئت الأم! كانت تريد ولدا ليكون في خدمة المسجد والعبادة، فلما جاء المولود أنثى قررت الأم أن تفي بنذرها لله برغم أن الذكر ليس كالأنثى.





سمع الله سبحانه وتعالى دعاء زوجة عمران، والله يسمع ما نقوله، وما نهمس به لأنفسنا، وما نتمنى أن نقوله ولا نفعله.. يسمع الله هذا كله ويعرفه.. سمع الله زوجة عمران وهي تخبره أنها قد وضعت بنتا، والله أعلم بما وضعت، الله.. هو وحده الذي يختار نوع المولود فيخلقه ذكرا أو يخلقه أنثى.. سمع الله زوجة عمران تسأله أن يحفظ هذه الفتاة التي سمتها مريم، وأن يحفظ ذريتها من الشيطان الرجيم.





ويروي الإمام مسلم في صحيحه: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلاَّ نَخَسَهُ الشَّيْطَانُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخاً مِنْ نَخْسَةِ الشَّيْطَانِ إِلاَّ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ ». ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (وَإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ).





كفالة زكريا لمريم:





أثار ميلاد مريم بنت عمران مشكلة صغيرة في بداية الأمر.. كان عمران قد مات قبل ولادة مريم.. وأراد علماء ذلك الزمان وشيوخه أن يربوا مريم.. كل واحد يتسابق لنيل هذا الشرف.. أن يربي ابنة شيخهم الجليل العالم وصاحب صلاتهم وإمامهم فيها.





قال زكريا: أكفلها أنا.. هي قريبتي.. زوجتي هي خالتها.. وأنا نبي هذه الأمة وأولاكم بها.





وقال العلماء والشيوخ: ولماذا لا يكفلها أحدنا..؟ لا نستطيع أن نتركك تحصل على هذا الفضل بغير اشتراكنا فيه.





ثم اتفقوا على إجراء قرعة. أي واحد يكسب القرعة هو الذي يكفل مريم، ويربيها، ويكون له شرف خدمتها، حتى تكبر هي وهي تخدم المسجد وتتفرغ لعبادة الله، وأجريت القرعة.. وضعت مريم وهي مولودة على الأرض، ووضعت إلى جوارها أقلام الذين يرغبون في كفالتها، وأحضروا طفلا صغيرا، فأخرج قلم زكريا..





قال زكريا: حكم الله لي بأن أكفلها.





قال العلماء والشيوخ: لا.. القرعة ثلاث مرات.





وراحوا يفكرون في القرعة الثانية.. حفر كل واحد اسمه على قلم خشبي، وقالوا: نلقي بأقلامنا في النهر.. من سار قلمه ضد التيار وحده فهو الغالب.





وألقوا أقلامهم في النهر، فسارت أقلامهم جميعا مع التيار ما عدا قلم زكريا.. سار وحده ضد التيار.. وظن زكريا أنهم سيقتنعون، لكنهم أصروا على أن تكون القرعة ثلاث مرات. قالوا: نلقي أقلامنا في النهر.. القلم الذي يسير مع التيار وحده يأخذ مريم. وألقوا أقلامهم فسارت جميعا ضد التيار ما عدا قلم زكريا. وسلموا لزكريا، وأعطوه مريم ليكفلها.. وبدأ زكريا يخدم مريم، ويربيها ويكرمها حتى كبرت..





كان لها مكان خاص تعيش فيه في المسجد.. كان لها محراب تتعبد فيه.. وكانت لا تغادر مكانها إلا قليلا.. يذهب وقتها كله في الصلاة والعبادة.. والذكر والشكر والحب لله..





وكان زكريا يزورها أحيانا في المحراب.. وكان يفاجأه كلما دخل عليها أنه أمام شيء مدهش.. يكون الوقت صيفا فيجد عندها فاكهة الشتاء.. ويكون الوقت شتاء فيجد عندها فاكهة الصيف.





ويسألها زكريا من أين جاءها هذا الرزق..؟





فتجيب مريم: إنه من عند الله..





وتكرر هذا المشهد أكثر من مرة.





دعاء زكريا ربه:





كان زكريا شيخا عجوزا ضعف عظمه، واشتعل رأسه بالشعر الأبيض، وأحس أنه لن يعيش طويلا.. وكانت زوجته وهي خالة مريم عجوزا مثله ولم تلد من قبل في حياتها لأنها عاقر.. وكان زكريا يتمنى أن يكون له ولد يرث علمه ويصير نبيا ويستطيع أن يهدي قومه ويدعوهم إلى كتاب الله ومغفرته.. وكان زكريا لا يقول أفكاره هذه لأحد.. حتى لزوجته.. ولكن الله تعالى كان يعرفها قبل أن تقال.. ودخل زكريا ذلك الصباح على مريم في المحراب.. فوجد عندها فاكهة ليس هذا أوانها.





سألها زكريا: (قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا)؟!





مريم: (قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ).





قال زكريا في نفسه: سبحان الله.. قادر على كل شيء.. وغرس الحنين أعلامه في قلبه وتمنى الذرية.. فدعا ربه.





سأل زكريا خالقه بغير أن يرفع صوته أن يرزقه طفلا يرث النبوة والحكمة والفضل والعلم.. وكان زكريا خائفا أن يضل القوم من بعده ولم يبعث فيهم نبي.. فرحم الله تعالى زكريا واستجاب له. فلم يكد زكريا يهمس في قلبه بدعائه لله حتى نادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب: (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا).





فوجئ زكريا بهذه البشرى.. أن يكون له ولد لا شبيه له أو مثيل من قبل.. أحس زكريا من فرط الفرح باضطراب.. تسائل من موضع الدهشة: (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) أدهشه أن ينجب وهو عجوز وامرأته لا تلد..





(قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا) أفهمته الملائكة أن هذه مشيئة الله وليس أمام مشيئة الله إلا النفاذ.. وليس هناك شيء يصعب على الله سبحانه وتعالى.. كل شيء يريده يأمره بالوجود فيوجد.. وقد خلق الله زكريا نفسه من قبل ولم يكن له وجود.. وكل شيء يخلقه الله تعالى بمجرد المشيئة (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).





امتلأ قلب زكريا بالشكر لله وحمده وتمجيده.. وسأل ربه أن يجعل له آية أو علامة. فأخبره الله أنه ستجيء عليه ثلاثة أيام لا يستطيع فيها النطق.. سيجد نفسه غير قادر على الكلام.. سيكون صحيح المزاج غير معتل.. إذا حدث له هذا أيقن أن امرأته حامل، وأن معجزة الله قد تحققت.. وعليه ساعتها أن يتحدث إلى الناس عن طريق الإشارة.. وأن يسبح الله كثيرا في الصباح والمساء..





وخرج زكريا يوما على الناس وقلبه مليء بالشكر.. وأراد أن يكلمهم فاكتشف أن لسانه لا ينطق.. وعرف أن معجزة الله قد تحققت.. فأومأ إلى قومه أن يسبحوا الله في الفجر والعشاء.. وراح هو يسبح الله في قلبه.. صلى لله شكرا على استجابته لدعوته ومنحه يحيي (http://www.alnoor.info/prophets/ya7ya.asp)..





ظل زكريا عليه السلام يدعوا إلى ربه حتى جاءت وفاته.





ولم ترد روايات صحيحة عن وفاته عليه السلام. لكن ورايات كثير -ضعيفة- أوردت قتله على يد جنود الملك الذي قتل يحيى (http://www.alnoor.info/prophets/ya7ya.asp) من قبل.

الأمل البعيد
08-29-2007, 08:23 AM
نبذة:


أرسله الله إلى قوم ثمود وكانوا قوما جاحدين آتاهم الله رزقا كثيرا ولكنهم عصوا ربهم وعبدوا الأصنام وتفاخروا بينهم بقوتهم فبعث الله إليهم صالحا مبشرا ومنذرا ولكنهم كذبوه وعصوه وطالبوه بأن يأتي بآية ليصدقوه فأتاهم بالناقة وأمرهم أن لا يؤذوها ولكنهم أصروا على كبرهم فعقروا الناقة وعاقبهم الله بالصاعقة فصعقوا جزاء لفعلتهم ونجى الله صالحا والمؤمنين.


سيرته:


إرسال صالح عليه السلام لثمود:


جاء قوم ثمود بعد قوم عاد، وتكررت قصة العذاب بشكل مختلف مع ثمود. كانت ثمود قبيلة تعبد الأصنام هي الأخرى، فأرسل الله سيدنا "صالحا" إليهم.. وقال صالح لقومه: (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ) نفس الكلمة التي يقولها كل نبي.. لا تتبدل ولا تتغير، كما أن الحق لا يتبدل ولا يتغير.


فوجئ الكبار من قوم صالح بما يقوله.. إنه يتهم آلهتهم بأنها بلا قيمة، وهو ينهاهم عن عبادتها ويأمرهم بعبادة الله وحده. وأحدثت دعوته هزة كبيرة في المجتمع.. وكان صالح معروفا بالحكمة والنقاء والخير. كان قومه يحترمونه قبل أن يوحي الله إليه ويرسله بالدعوة إليهم.. وقال قوم صالح له:



قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (62) (هود)


تأمل وجهة نظر الكافرين من قوم صالح. إنهم يدلفون إليه من باب شخصي بحت. لقد كان لنا رجاء فيك. كنت مرجوا فينا لعلمك وعقلك وصدقك وحسن تدبيرك، ثم خاب رجاؤنا فيك.. أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟! يا للكارثة.. كل شيء يا صالح إلا هذا. ما كنا نتوقع منك أن تعيب آلهتنا التي وجدنا آبائنا عاكفين عليها.. وهكذا يعجب القوم مما يدعوهم إليه. ويستنكرون ما هو واجب وحق، ويدهشون أن يدعوهم أخوهم صالح إلى عبادة الله وحده. لماذا؟ ما كان ذلك كله إلا لأن آبائهم كانوا يعبدون هذه الآلهة.معجزة صالح عليه السلام:


ورغم نصاعة دعوة صالح عليه الصلاة والسلام، فقد بدا واضحا أن قومه لن يصدقونه. كانوا يشكون في دعوته، واعتقدوا أنه مسحور، وطالبوه بمعجزة تثبت أنه رسول من الله إليهم. وشاءت إرادة الله أن تستجيب لطلبهم. وكان قوم ثمود ينحتون من الجبال بيوتا عظيمة. كانوا يستخدمون الصخر في البناء، وكانوا أقوياء قد فتح الله عليهم رزقهم من كل شيء. جاءوا بعد قوم عاد فسكنوا الأرض التي استعمروها.


قال صالح لقومه حين طالبوه بمعجزة ليصدقوه:



وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ (64) (هود) والآية هي المعجزة، ويقال إن الناقة كانت معجزة لأن صخرة بالجبل انشقت يوما وخرجت منها الناقة.. ولدت من غير الطريق المعروف للولادة. ويقال إنها كانت معجزة لأنها كانت تشرب المياه الموجودة في الآبار في يوم فلا تقترب بقية الحيوانات من المياه في هذا اليوم، وقيل إنها كانت معجزة لأنها كانت تدر لبنا يكفي لشرب الناس جميعا في هذا اليوم الذي تشرب فيه الماء فلا يبقى شيء للناس. كانت هذه الناقة معجزة، وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله: (نَاقَةُ اللّهِ) أضافها لنفسه سبحانه بمعنى أنها ليست ناقة عادية وإنما هي معجزة من الله. وأصدر الله أمره إلى صالح أن يأمر قومه بعدم المساس بالناقة أو إيذائها أو قتلها، أمرهم أن يتركوها تأكل في أرض الله، وألا يمسوها بسوء، وحذرهم أنهم إذا مدوا أيديهم بالأذى للناقة فسوف يأخذهم عذاب قريب.


في البداية تعاظمت دهشة ثمود حين ولدت الناقة من صخور الجبل.. كانت ناقة مباركة. كان لبنها يكفي آلاف الرجال والنساء والأطفال. كان واضحا إنها ليست مجرد ناقة عادية، وإنما هي آية من الله. وعاشت الناقة بين قوم صالح، آمن منهم من آمن وبقي أغلبهم على العناد والكفر. وذلك لأن الكفار عندما يطلبون من نبيهم آية، ليس لأنهم يريدون التأكد من صدقه والإيمان به، وإنما لتحديه وإظهار عجزه أمام البشر. لكن الله كان يخذلهم بتأييد أنبياءه بمعجزات من عنده.



كان صالح عليه الصلاة والسلام يحدث قومه برفق وحب، وهو يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وينبههم إلى أن الله قد أخرج لهم معجزة هي الناقة، دليلا على صدقه وبينة على دعوته. وهو يرجو منهم أن يتركوا الناقة تأكل في أرض الله، وكل الأرض أرض الله. وهو يحذرهم أن يمسوها بسوء خشية وقوع عذاب الله عليهم. كما ذكرهم بإنعام الله عليهم: بأنه جعلهم خلفاء من بعد قوم عاد.. وأنعم عليهم بالقصور والجبال المنحوتة والنعيم والرزق والقوة.لكن قومه تجاوزوا كلماته وتركوه، واتجهوا إلى الذين آمنوا بصالح.
يسألونهم سؤال استخفاف وزراية: أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ ؟!





قالت الفئة الضعيفة التي آمنت بصالح: إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ



فأخذت الذين كفروا العزة بالإثم.. قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ . هكذا باحتقار واستعلاء وغضب.



تآمر الملأ على الناقة:


وتحولت الكراهية عن سيدنا صالح إلى الناقة المباركة. تركزت عليها الكراهية، وبدأت المؤامرة تنسج خيوطها ضد الناقة. كره الكافرون هذه الآية العظيمة، ودبروا في أنفسهم أمرا.


وفي إحدى الليالي، انعقدت جلسة لكبار القوم، وقد أصبح من المألوف أن نرى أن في قصص الأنبياء هذه التدابير للقضاء على النبي أو معجزاته أو دعوته تأتي من رؤساء القوم، فهم من يخافون على مصالحهم إن تحول الناس للتوحيد، ومن خشيتهم إلى خشية الله وحده. أخذ رؤساء القوم يتشاورون فيما يجب القيام به لإنهاء دعوة صالح. فأشار عليهم واحد منهم بقتل الناقة ومن ثم قتل صالح نفسه.


</STRONG>وهذا هو سلاح الظلمة والكفرة في كل زمان ومكان، يعمدون إلى القوة والسلاح بدل الحوار والنقاش بالحجج والبراهين. لأنهم يعلمون أن الحق يعلوا ولا يعلى عليه، ومهما امتد بهم الزمان سيظهر الحق ويبطل كل حججهم. وهم لا يريدون أن يصلوا لهذه المرحلة، وقرروا القضاء على الحق قبل أن تقوى شوكته.


لكن أحدهم قال: حذرنا صالح من المساس بالناقة، وهددنا بالعذاب القريب. فقال أحدهم سريعا قبل أن يؤثر كلام من سبقه على عقول القوم: أعرف من يجرأ على قتل الناقة. ووقع الاختيار على تسعة من جبابرة القوم. وكانوا رجالا يعيثون الفساد في الأرض، الويل لمن يعترضهم.


هؤلاء هم أداة الجريمة. اتفق على موعد الجريمة ومكان التنفيذ. وفي الليلة المحددة. وبينما كانت الناقة المباركة تنام في سلام. انتهى المجرمون التسعة من إعداد أسلحتهم وسيوفهم وسهامهم، لارتكاب الجريمة.هجم الرجال على الناقة فنهضت الناقة مفزوعة. امتدت الأيدي الآثمة القاتلة إليها. وسالت دمائها.


هلاك ثمود:


علم النبي صالح بما حدث فخرج غاضبا على قومه. قال لهم: ألم أحذركم من أن تمسوا الناقة؟


قالوا: قتلناها فأتنا بالعذاب واستعجله.. ألم تقل أنك من المرسلين؟


قال صالح لقومه: تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ



بعدها غادر صالح قومه. تركهم ومضى. انتهى الأمر ووعده الله بهلاكهم بعد ثلاثة أيام.ومرت ثلاثة أيام على الكافرين من قوم صالح وهم يهزءون من العذاب وينتظرون، وفي فجر اليوم الرابع: انشقت السماء عن صيحة جبارة واحدة. انقضت الصيحة على الجبال فهلك فيها كل شيء حي. هي صرخة واحدة.. لم يكد أولها يبدأ وآخرها يجيء حتى كان كفار قوم صالح قد صعقوا جميعا صعقة واحدة.


هلكوا جميعا قبل أن يدركوا ما حدث. أما الذين آمنوا بسيدنا صالح، فكانوا قد غادروا المكان مع نبيهم ونجوا.

الأمل البعيد
08-29-2007, 08:28 AM
إبراهيم عليه السلام


نبذة:
هو خليل الله، اصطفاه الله برسالته وفضله على كثير من خلقه، كان إبراهيم يعيش في قوم يعبدون الكواكب، فلم يكن يرضيه ذلك، وأحس بفطرته أن هناك إلها أعظم حتى هداه الله واصطفاه برسالته، وأخذ إبراهيم يدعو قومه لوحدانية الله وعبادته ولكنهم كذبوه وحاولوا إحراقه فأنجاه الله من بين أيديهم، جعل الله الأنبياء من نسل إبراهيم فولد له إسماعيل وإسحاق، قام إبراهيم ببناء الكعبة مع إسماعيل.


سيرته:
منزلة إبراهيم عليه السلام:
هو أحد أولي العزم الخمسة الكبار الذين اخذ الله منهم ميثاقا غليظا، وهم: نوح (http://www.alnoor.info/prophets/noo7.asp) وإبراهيم وموسى (http://www.alnoor.info/prophets/moosa.asp) وعيسى (http://www.alnoor.info/prophets/Eisa.asp) ومحمد (http://www.alnoor.info/prophets/mohamed.asp).. بترتيب بعثهم. وهو النبي الذي ابتلاه الله ببلاء مبين. بلاء فوق قدرة البشر وطاقة الأعصاب. ورغم حدة الشدة، وعنت البلاء.. كان إبراهيم هو العبد الذي وفى. وزاد على الوفاء بالإحسان.

وقد كرم الله تبارك وتعالى إبراهيم تكريما خاصا، فجعل ملته هي التوحيد الخالص النقي من الشوائب. وجعل العقل في جانب الذين يتبعون دينه.
وكان من فضل الله على إبراهيم أن جعله الله إماما للناس. وجعل في ذريته النبوة والكتاب. فكل الأنبياء من بعد إبراهيم هم من نسله فهم أولاده وأحفاده. حتى إذا جاء آخر الأنبياء محمد (http://www.alnoor.info/prophets/mohamed.asp) صلى الله عليه وسلم، جاء تحقيقا واستجابة لدعوة إبراهيم التي دعا الله فيها أن يبعث في الأميين رسولا منهم. ولو مضينا نبحث في فضل إبراهيم وتكريم الله له فسوف نمتلئ بالدهشة. نحن أمام بشر جاء ربه بقلب سليم. إنسان لم يكد الله يقول له أسلم حتى قال أسلمت لرب العالمين. نبي هو أول من سمانا المسلمين. نبي كان جدا وأبا لكل أنبياء الله الذين جاءوا بعده. نبي هادئ متسامح حليم أواه منيب.

يذكر لنا ربنا ذو الجلال والإكرام أمرا آخر أفضل من كل ما سبق. فيقول الله عز وجل في محكم آياته: (وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً) لم يرد في كتاب الله ذكر لنبي، اتخذه الله خليلا غير إبراهيم. قال العلماء: الخُلَّة هي شدة المحبة. وبذلك تعني الآية: واتخذ الله إبراهيم حبيبا. فوق هذه القمة الشامخة يجلس إبراهيم عليه الصلاة والسلام. إن منتهى أمل السالكين، وغاية هدف المحققين والعارفين بالله.. أن يحبوا الله عز وجل. أما أن يحلم أحدهم أن يحبه الله، أن يفرده بالحب، أن يختصه بالخُلَّة وهي شدة المحبة.. فذلك شيء وراء آفاق التصور. كان إبراهيم هو هذا العبد الرباني الذي استحق أن يتخذه الله خليلا. حال المشركين قبل بعثة إبراهيم:
لا يتحدث القرآن عن ميلاده أو طفولته، ولا يتوقف عند عصره صراحة، ولكنه يرسم صورة لجو الحياة في أيامه، فتدب الحياة في عصره، وترى الناس قد انقسموا ثلاث فئات:

فئة تعبد الأصنام والتماثيل الخشبية والحجرية.
وفئة تعبد الكواكب والنجوم والشمس والقمر.
وفئة تعبد الملوك والحكام.
نشأة إبراهيم عليه السلام:
وفي هذا الجو ولد إبراهيم. ولد في أسرة من أسر ذلك الزمان البعيد. لم يكن رب الأسرة كافرا عاديا من عبدة الأصنام، كان كافرا متميزا يصنع بيديه تماثيل الآلهة. وقيل أن أباه مات قبل ولادته فرباه عمه، وكان له بمثابة الأب، وكان إبراهيم يدعوه بلفظ الأبوة، وقيل أن أباه لم يمت وكان آزر هو والده حقا، وقيل أن آزر اسم صنم اشتهر أبوه بصناعته.. ومهما يكن من أمر فقد ولد إبراهيم في هذه الأسرة.
رب الأسرة أعظم نحات يصنع تماثيل الآلهة. ومهنة الأب تضفي عليه قداسة خاصة في قومه، وتجعل لأسرته كلها مكانا ممتازا في المجتمع. هي أسرة مرموقة، أسرة من الصفوة الحاكمة.
من هذه الأسرة المقدسة، ولد طفل قدر له أن يقف ضد أسرته وضد نظام مجتمعه وضد أوهام قومه وضد ظنون الكهنة وضد العروش القائمة وضد عبدة النجوم والكواكب وضد كل أنواع الشرك باختصار.

مرت الأيام.. وكبر إبراهيم.. كان قلبه يمتلأ من طفولته بكراهية صادقة لهذه التماثيل التي يصنعها والده. لم يكن يفهم كيف يمكن لإنسان عاقل أن يصنع بيديه تمثالا، ثم يسجد بعد ذلك لما صنع بيديه. لاحظ إبراهيم إن هذه التماثيل لا تشرب ولا تأكل ولا تتكلم ولا تستطيع أن تعتدل لو قلبها أحد على جنبها. كيف يتصور الناس أن هذه التماثيل تضر وتنفع؟! مواجهة عبدة الكواكب والنجوم:
قرر إبراهيم عليه السلام مواجهة عبدة النجوم من قومه، فأعلن عندما رأى أحد الكواكب في الليل، أن هذا الكوكب ربه. ويبدو أن قومه اطمأنوا له، وحسبوا أنه يرفض عبادة التماثيل ويهوى عبادة الكواكب. وكانت الملاحة حرة بين الوثنيات الثلاث: عبادة التماثيل والنجوم والملوك. غير أن إبراهيم كان يدخر لقومه مفاجأة مذهلة في الصباح. لقد أفل الكوكب الذي التحق بديانته بالأمس. وإبراهيم لا يحب الآفلين. فعاد إبراهيم في الليلة الثانية يعلن لقومه أن القمر ربه. لم يكن قومه على درجة كافية من الذكاء ليدركوا أنه يسخر منهم برفق ولطف وحب. كيف يعبدون ربا يختفي ثم يظهر. يأفل ثم يشرق. لم يفهم قومه هذا في المرة الأولى فكرره مع القمر. لكن القمر كالزهرة كأي كوكب آخر.. يظهر ويختفي. فقال إبراهيم عدما أفل القمر (لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) نلاحظ هنا أنه عندما يحدث قومه عن رفضه لألوهية القمر.. فإنه يمزق العقيدة القمرية بهدوء ولطف. كيف يعبد الناس ربا يختفي ويأفل. (لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي) يفهمهم أن له ربا غير كل ما يعبدون. غير أن اللفتة لا تصل إليهم. ويعاود إبراهيم محاولته في إقامة الحجة على الفئة الأولى من قومه.. عبدة الكواكب والنجوم. فيعلن أن الشمس ربه، لأنها أكبر من القمر. وما أن غابت الشمس، حتى أعلن براءته من عبادة النجوم والكواكب. فكلها مغلوقات تأفل. وأنهى جولته الأولى بتوجيهه وجهه للذي فطر السماوات والأرض حنيفا.. ليس مشركا مثلهم.
استطاعت حجة إبراهيم أن تظهر الحق. وبدأ صراع قومه معه. لم يسكت عنه عبدة النجوم والكواكب. بدءوا جدالهم وتخويفهم له وتهديده. ورد إبراهيم عليهم قال:

أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاء رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (81) (الأنعام)
لا نعرف رهبة الهجوم عليه. ولا حدة الصراع ضده، ولا أسلوب قومه الذي اتبعه معه لتخويفه. تجاوز القرآن هذا كله إلى رده هو. كان جدالهم باطلا فأسقطه القرآن من القصة، وذكر رد إبراهيم المنطقي العاقل. كيف يخوفونه ولا يخافون هم؟ أي الفريقين أحق بالأمن؟
بعد أن بين إبراهيم عليه السلام حجته لفئة عبدة النجوم والكواكب، استعد لتبيين حجته لعبدة الأصنام. آتاه الله الحجة في المرة الأولى كما سيؤتيه الحجة في كل مرة. سبحانه.. كان يؤيد إبراهيم ويريه ملكوت السماوات والأرض. لم يكن معه غير إسلامه حين بدأ صراعه مع عبدة الأصنام. هذه المرة يأخذ الصراع شكلا أعظم حدة. أبوه في الموضوع.. هذه مهنة الأب وسر مكانته وموضع تصديق القوم.. وهي العبادة التي تتبعها الأغلبية.

يتبع

الملكــــه
02-21-2008, 07:59 PM
مشكوووره خيتووا
الامل البعييد

الأمل البعيد
02-22-2008, 11:52 AM
.. يسلموو الملكة لتشرفيكِ صفحتي ..
مع تحياتي
الأمل البعيد

غيث السماء
04-03-2008, 05:12 PM
باركـ الله فيكـِ
وجزاكـِ الجنــة ،،

قصص رائعـة ..
اتمنى أن تكملي لنا باقي السلسلة

الأمل البعيد
04-03-2008, 06:45 PM
أنبياء أهل القرية


نبذة:
أرسل الله رسولين لإحدى القرى لكن أهلا كذبوهما، فأرسل الله تعالى رسولا ثالثا يصدقهما. ولا يذكر ويذكر لنا القرآن الكريم قصة رجل آمن بهم ودعى قومه للإيمان بما جاؤوا بهن لكنهم قتلوه، فأدخله الله الجنة.


سيرتهم:

يحكي الحق تبارك وتعالى قصة أنبياء ثلاثة بغير أن يذكر أسمائهم. كل ما يذكره السياق أن القوم كذبوا رسولين فأرسل الله ثالثا يعزرهما. ولم يذكر القرآن من هم أصحاب القرية ولا ما هي القرية. وقد اختلفت فيها الروايات. وعدم إفصاح القرآن عنها دليل على أن تحديد اسمها أو موضعها لا يزيد شيئاً في دلالة القصة وإيحائها. لكن الناس ظلوا على إنكارهم للرسل وتكذيبهم، وقالوا (قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ).
وهذا الاعتراض المتكرر على بشرية الرسل تبدو فيه سذاجة التصور والإدراك, كما يبدو فيه الجهل بوظيفة الرسول. قد كانوا يتوقعون دائماً أن يكون هناك سر غامض في شخصية الرسول وحياته تكمن وراءه الأوهام والأساطير.. أليس رسول السماء إلى الأرض فكيف يكون شخصية مكشوفة بسيطة لا أسرار فيها ولا ألغاز حولها ?! شخصية بشرية عادية من الشخصيات التي تمتلىء بها الأسواق والبيوت ?!
وهذه هي سذاجة التصور والتفكير. فالأسرار والألغاز ليست صفة ملازمة للنبوة والرسالة. فالرسالة منهج إلهي تعيشه البشرية. وحياة الرسول هي النموذج الواقعي للحياة وفق ذلك المنهج الإلهي. النموذج الذي يدعو قومه إلى الاقتداء به. وهم بشر. فلا بد أن يكون رسولهم من البشر ليحقق نموذجاً من الحياة يملكون هم أن يقلدوه.
وفي ثقة المطمئن إلى صدقه, العارف بحدود وظيفته أجابهم الرسل: إن الله يعلم، وهذا يكفي. وإن وظيفة الرسل البلاغ. وقد أدوه. والناس بعد ذلك أحرار فيما يتخذون لأنفسهم من تصرف. وفيما يحملون في تصرفهم من أوزار. والأمر بين الرسل وبين الناس هو أمر ذلك التبليغ عن الله; فمتى تحقق ذلك فالأمر كله بعد ذلك إلى الله.
ولكن المكذبين الضالين لا يأخذون الأمور هذا المأخذ الواضح السهل اليسير; ولا يطيقون وجود الدعاة إلى الهدى ويعمدون إلى الأسلوب الغليظ العنيف في مقاومة الحجة لأن الباطل ضيق الصدر. قالوا: إننا نتشاءم منكم; ونتوقع الشر في دعوتكم; فإن لم تنتهوا عنها فإننا لن نسكت عليكم, ولن ندعكم في دعوتكم: (لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ). هكذا أسفر الباطل عن غشمه; وأطلق على الهداة تهديده; وبغى في وجه كلمة الحق الهادئة!
ولكن الواجب الملقى على عاتق الرسل يقضي عليهم بالمضي في الطريق: (قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ). فالقول بالتشاؤم من دعوة أو من وجه هو خرافة من خرافات الجاهلية. والرسل يبينون لقومهم أنها خرافة; وأن حظهم ونصيبهم من خير ومن شر لا يأتيهم من خارج نفوسهم. إنما هو معهم. مرتبط بنواياهم وأعمالهم, متوقف على كسبهم وعملهم. وفي وسعهم أن يجعلوا حظهم ونصيبهم خيراً أو أن يجعلوه شراً. فإن إرادة الله بالعبد تنفذ من خلال نفسه, ومن خلال اتجاهه, ومن خلال عمله. وهو يحمل طائره معه. هذه هي الحقيقة الثابتة القائمة على أساس صحيح. أما التشاؤم بالأمكنة أو التشاؤم بالوجوه أو التشاؤم بالكلمات، فهو خرافة لا تستقيم على أصل!
وقالوا لهم: (أَئِن ذُكِّرْتُم) أترجموننا وتعذبوننا لأننا نذكركم! أفهذا جزاء التذكير? (بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ) تتجاوزون الحدود في التفكير والتقدير; وتجازون على الموعظة بالتهديد والوعيد; وتردون على الدعوة بالرجم والتعذيب!
ما كان من الرجل المؤمن:
لا يقول لنا السياق ماذا كان من أمر هؤلاء الأنبياء، إنما يذكر ما كان من أمر إنسان آمن بهم. آمن بهم وحده.. ووقف بإيمانه أقلية ضعيفة ضد أغلبية كافرة. إنسان جاء من أقصى المدينة يسعى. جاء وقد تفتح قلبه لدعوة الحق.. فهذا رجل سمع الدعوة فاستجاب لها بعد ما رأى فيها من دلائل الحق والمنطق. وحينما استشعر قلبه حقيقة الإيمان تحركت هذه الحقيقة في ضميره فلم يطق عليها سكوتاً; ولم يقبع في داره بعقيدته وهو يرى الضلال من حوله والجحود والفجور; ولكنه سعى بالحق الذي آمن به. سعى به إلى قومه وهم يكذبون ويجحدون ويتوعدون ويهددون. وجاء من أقصى المدينة يسعى ليقوم بواجبه في دعوة قومه إلى الحق, وفي كفهم عن البغي, وفي مقاومة اعتدائهم الأثيم الذي يوشكون أن يصبوه على المرسلين.
ويبدو أن الرجل لم يكن ذا جاه ولا سلطان. ولم تكن له عشيرة تدافع عنه إن وقع له أذى. ولكنها العقيدة الحية في ضميره تدفعه وتجيء به من أقصى المدينة إلى أقصاها.
فقال لهم: اتبعوا هؤلاء الرسل، فإن الذي يدعو مثل هذه الدعوة, وهو لا يطلب أجراً, ولا يبتغي مغنماً. إنه لصادق. وإلا فما الذي يحمله على هذا العناء إن لم يكن يلبي تكليفاً من الله? ما الذي يدفعه إلى حمل هم الدعوة? ومجابهة الناس بغير ما ألفوا من العقيدة? والتعرض لأذاهم وشرهم واستهزائهم وتنكيلهم, وهو لا يجني من ذلك كسباً, ولا يطلب منهم أجراً? وهداهم واضح في طبيعة دعوتهم. فهم يدعون إلى إله واحد. ويدعون إلى نهج واضح. ويدعون إلى عقيدة لا خرافة فيها ولا غموض. فهم مهتدون إلى نهج سليم, وإلى طريق مستقيم.
ثم عاد يتحدث إليهم عن نفسه هو وعن أسباب إيمانه, ويناشد فيهم الفطرة التي استيقظت فيه فاقتنعت بالبرهان الفطري السليم. فلقد تسائل مع نفسه قبل إئمانه، لماذا لا أعبد الذي فطرني؟ والذي إليه المرجع والمصير? وما الذي يحيد بي عن هذا النهج الطبيعي الذي يخطر على النفس أول ما يخطر? إن الفطر مجذوبة إلى الذي فطرها, تتجه إليه أول ما تتجه, فلا تنحرف عنه إلا بدافع آخر خارج على فطرتها. والتوجه إلى الخالق هو الأولى.
ثم يبين ضلال المنهج المعاكس. مهج من يعبد آلهة غير الرحمن لا تضر ولا تنفع. وهل أضل ممن يدع منطق الفطرة الذي يدعو المخلوق إلى عبادة خالقه, وينحرف إلى عبادة غير الخالق بدون ضرورة ولا دافع? وهل أضل ممن ينحرف عن الخالق إلى آلهة ضعاف لا يحمونه ولا يدفعون عنه الضر حين يريد به خالقه الضر بسبب انحرافه وضلاله?
والآن وقد تحدث الرجل بلسان الفطرة الصادقة العارفة الواضحة يقرر قراره الأخير في وجه قومه المكذبين المهددين المتوعدين. لأن صوت الفطرة في قلبه أقوى من كل تهديد ومن كل تكذيب: (إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ) هكذا ألقى بكلمة الإيمان الواثقة المطمئنة. وأشهدهم عليها. وهو يوحي إليهم أن يقولوها كما قالها. أو أنه لا يبالي بهم ماذا يقولون!
استشهاد الرجل ودخوله الجنة:
ويوحي سياق القصة بعد ذلك القوم الكافرين قتلوا الرجل المؤمن. وإن كان لا يذكر شيئاً من هذا صراحة. إنما يسدل الستار على الدنيا وما فيها, وعلى القوم وما هم فيه; ويرفعه لنرى هذا الشهيد الذي جهر بكلمة الحق, متبعاً صوت الفطرة, وقذف بها في وجوه من يملكون التهديد والتنكيل. نراه في العالم الآخر. ونطلع على ما ادخر الله له من كرامة. تليق بمقام المؤمن الشجاع المخلص الشهيد: (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ..بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ).
وتتصل الحياة الدنيا بالحياة الآخرة. ونرى الموت نقلة من عالم الفناء إلى عالم البقاء. وخطوة يخلص بها المؤمن من ضيق الأرض إلى سعة الجنة. ومن تطاول الباطل إلى طمأنينة الحق. ومن تهديد البغي إلى سلام النعيم. ومن ظلمات الجاهلية إلى نور اليقين.
ونرى الرجل المؤمن. وقد اطلع على ما آتاه الله في الجنة من المغفرة والكرامة, يذكر قومه طيب القلب رضي النفس, يتمنى لو يراه قومه ويرون ما آتاه ربه من الرضى والكرامة, ليعرفوا الحق, معرفة اليقين.
إهلاك أصحاب القرية بالصيحة:
هذا كان جزاء الإيمان. فأما الطغيان فكان أهون على الله من أن يرسل عليه الملائكة لتدمره. فهو ضعيف ضعيف: (وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ .. إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ). لا يطيل هنا في وصف مصرع القوم, تهويناً لشأنهم, وتصغيراً لقدرهم. فما كانت إلا صيحة واحدة أخمدت أنفاسهم. ويسدل الستار على مشهدهم البائس المهين الذليل! تجاوز السياق أسماء الأنبياء وقصصهم ليبرز قصة رجل آمن.. لم يذكر لنا السياق اسمه. اسمه لا يهم.. المهم ما وقع له.. لقد آمن بأنبياء الله.. قيل له ادخل الجنة. ليكن ما كان من أمر تعذيبه وقتله. ليس هذا في الحساب النهائي شيئا له قيمته. تكمن القيمة في دخوله فور إعلانه أنه آمن. فور قتله.

الأمل البعيد
04-03-2008, 06:51 PM
نبذة:
أرسله الله إلى قوم نينوى فدعاهم إلى عبادة الله وحده ولكنهم أبوا واستكبروا فتركهم وتوعدهم بالعذاب بعد ثلاث ليال فخشوا على أنفسهم فآمنوا فرفع الله عنهم العذاب، أما يونس فخرج في سفينة وكانوا على وشك الغرق فاقترعوا لكي يحددوا من سيلقى من الرجال فوقع ثلاثا على يونس فرمى نفسه في البحر فالتقمه الحوت وأوحى الله إليه أن لا يأكله فدعا يونس ربه أن يخرجه من الظلمات فاستجاب الله له وبعثه إلى مائة ألف أو يزيدون



سيرته:

كان يونس بن متى نبيا كريما أرسله الله إلى قومه فراح يعظهم، وينصحهم، ويرشدهم إلى الخير، ويذكرهم بيوم القيامة، ويخوفهم من النار، ويحببهم إلى الجنة، ويأمرهم بالمعروف، ويدعوهم إلى عبادة الله وحده. وظل ذو النون -يونس عليه السلام- ينصح قومه فلم يؤمن منهم أحد. وجاء يوم عليه فأحس باليأس من قومه.. وامتلأ قلبه بالغضب عليهم لأنهم لا يؤمنون، وخرج غاضبا وقرر هجرهم ووعدهم بحلول العذاب بهم بعد ثلاثة أيام. ولا يذكر القرآن أين كان قوم يونس. ولكن المفهوم أنهم كانوا في بقعة قريبة من البحر. وقال أهل التفسير: بعث الله يونس عليه السلام إلى أهل (نينوى) من أرض الموصل. فقاده الغضب إلى شاطىء البحر حيث ركب سفينة مشحونة. ولم يكن الأمر الإلهي قد صدر له بأن يترك قومه أو ييأس منهم. فلما خرج من قريته، وتأكد أهل القرية من نزول العذاب بهم قذف الله في قلوبهم التوبة والإنابة وندموا على ما كان منهم إلى نبيهم وصرخوا وتضرعوا إلى الله عز وجل، وبكى الرجال والنساء والبنون والبنات والأمهات. وكانوا مائة ألف يزيدون ولا ينقصون. وقد آمنوا أجمعين. فكشف الله العظيم بحوله وقوته ورأفته ورحمته عنهم العذاب الذي استحقوه بتكذيبهم.
أمر السفينة:
أما السفينة التي ركبها يونس، فقد هاج بها البحر، وارتفع من حولها الموج. وكان هذا علامة عند القوم بأن من بين الركاب راكباً مغضوباً عليه لأنه ارتكب خطيئة. وأنه لا بد أن يلقى في الماء لتنجو السفينة من الغرق. فاقترعوا على من يلقونه من السفينة . فخرج سهم يونس -وكان معروفاً عندهم بالصلاح- فأعادوا القرعة، فخرج سهمه ثانية، فأعادواها ثالثة، ولكن سهمه خرج بشكل أكيد فألقوه في البحر -أو ألقى هو نفسه. فالتقمه الحوت لأنه تخلى عن المهمة التي أرسله الله بها, وترك قومه مغاضباً قبل أن يأذن الله له. وأحى الله للحوت أن لا يخدش ليونس لحما ولا يكسر له عظما. واختلف المفسرون في مدة بقاء يونس في بطن الحوت، فمنهم من قال أن الحوت التقمه عند الضحى، وأخرجه عند العشاء. ومنهم من قال انه لبث في بطنه ثلاثة أيام، ومنهم من قال سبعة.
يونس في بطن الحوت:
عندما أحس بالضيق في بطن الحوت، في الظلمات -ظلمة الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل- سبح الله واستغفره وذكر أنه كان من الظالمين. وقال: (لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ). فسمع الله دعاءه واستجاب له. فلفظه الحوت. (فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون). وقد خرج من بطن الحوت سقيماً عارياً على الشاطىء. وأنبت الله عليه شجرة القرع. قال بعض العلماء في إنبات القرع عليه حِكَم جمة. منها أن ورقه في غاية النعومة وكثير وظليل ولا يقربه ذباب، ويؤكل ثمره من أول طلوعه إلى آخره نياً ومطبوخاً، وبقشره وببزره أيضاً. وكان هذا من تدبير الله ولطفه. وفيه نفع كثير وتقوية للدماغ وغير ذلك. فلما استكمل عافيته رده الله إلى قومه الذين تركهم مغاضباً.
‏فضل يونس عليه السلام:
لقد وردت أحاديث كثيرة عن فضل يونس عليه السلام، منها قول النبي‏ ‏صلى الله عليه وسلم: "‏لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من ‏‏ يونس بن متى" وقوله عليه الصلاة والسلام: "من قال أنا خير من ‏‏ يونس بن متى ‏ ‏فقد كذب".

ذنب يونس عليه السلام:
نريد الآن أن ننظر فيما يسميه العلماء ذنب يونس. هل ارتكب يونس ذنبا بالمعنى الحقيقي للذنب؟ وهل يذنب الأنبياء. الجواب أن الأنبياء معصومون.. غير أن هذه العصمة لا تعني أنهم لا يرتكبون أشياء هي عند الله أمور تستوجب العتاب. المسألة نسبية إذن. يقول العارفون بالله: إن حسنات الأبرار سيئات المقربين.. وهذا صحيح. فلننظر إلى فرار يونس من قريته الجاحدة المعاندة. لو صدر هذا التصرف من أي إنسان صالح غير يونس.. لكان ذلك منه حسنة يثاب عليها. فهو قد فر بدينه من قوم مجرمين.
ولكن يونس نبي أرسله الله إليهم.. والمفروض أن يبلغ عن الله ولا يعبأ بنهاية التبليغ أو ينتظر نتائج الدعوة.. ليس عليه إلا البلاغ.
خروجه من القرية إذن.. في ميزان الأنبياء.. أمر يستوجب تعليم الله تعالى له وعقابه.
إن الله يلقن يونس درسا في الدعوة إليه، ليدعو النبي إلى الله فقط. هذه حدود مهمته وليس عليه أن يتجاوزها ببصره أو قلبه ثم يحزن لأن قومه لا يؤمنون.
ولقد خرج يونس بغير إذن فانظر ماذا وقع لقومه. لقد آمنوا به بعد خروجه.. ولو أنه مكث فيهم لأدرك ذلك وعرفه واطمأن قلبه وذهب غضبه.. غير أنه كان متسرعا.. وليس تسرعه هذا سوى فيض في رغبته أن يؤمن الناس، وإنما اندفع إلى الخروج كراهية لهم لعدم إيمانهم.. فعاقبه الله وعلمه أن على النبي أن يدعو لله فحسب. والله يهدي من يشاء.

الأمل البعيد
04-03-2008, 06:52 PM
نبذة:
هو ابن إبراهيم البكر وولد السيدة هاجر، سار إبراهيم بهاجر - بأمر من الله - حتى وضعها وابنها في موضع مكة وتركهما ومعهما قليل من الماء والتمر ولما نفد الزاد جعلت السيدة هاجر تطوف هنا وهناك حتى هداها الله إلى ماء زمزم ووفد عليها كثير من الناس حتى جاء أمر الله لسيدنا إبراهيم ببناء الكعبة ورفع قواعد البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجر وإبراهيم يبني حتى أتما البناء ثم جاء أمر الله بذبح إسماعيل حيث رأى إبراهيم في منامه أنه يذبح ابنه فعرض عليه ذلك فقال "يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين" ففداه الله بذبح عظيم، كان إسماعيل فارسا فهو أول من استأنس الخيل وكان صبورا حليما، يقال إنه أول من تحدث بالعربية البينة وكان صادق الوعد، وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة، وكان ينادي بعبادة الله ووحدانيته.



سيرته:

الاختبار الأول:
ذكر الله في كتابه الكريم، ثلاث مشاهد من حياة إسماعيل عليه السلام. كل مشهد عبارة عن محنة واختبار لكل من إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) وإسماعيل عليهما السلام. أول هذه المشاهد هو أمر الله سبحانه وتعالى لإبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) بترك إسماعيل وأمه في واد مقفر، لا ماء فيه ولا طعام. فما كان من إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) عليه السلام إلا الاستجابة لهذا الأمر الرباني. وهذا بخلاف ما ورد في الإسرائيليات من أن إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) حمل ابنه وزوجته لوادي مكة لأن سارة -زوجة إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) الأولى- اضطرته لذلك من شدة غيرتها من هاجر. فالمتأمل لسيرة إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) عليه السلام، سيجد أنه لم يكن ليتلقّى أوامره من أحد غير الله. أنزل زوجته وابنه وتركهما هناك، ترك معهما جرابا فيه بعض الطعام، وقليلا من الماء. ثم استدار وتركهما وسار.
أسرعت خلفه زوجته وهي تقول له: يا إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه شيء؟
لم يرد عليها سيدنا إبراهيم وظل يسير.. عادت تقول له ما قالته وهو صامت.. أخيرا فهمت أنه لا يتصرف هكذا من نفسه.. أدركت أن الله أمره بذلك فسألته: هل الله أمرك بهذا؟
فقال إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) عليه السلام: نعم.
قالت زوجته المؤمنة العظيمة: لن نضيع ما دام الله معنا وهو الذي أمرك بهذا.
وسار إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) حتى إذا أخفاه جبل عنهما وقف ورفع يديه الكريمتين إلى السماء وراح يدعو الله:

رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) (إبراهيم)
لم يكن بيت الله قد أعيد بناؤه بعد، لم تكن الكعبة قد بنيت، وكانت هناك حكمة عليا في أمر الله سبحانه لإبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp)، فقد كان إسماعيل -الطفل الذي تُرِكَ مع أمه في هذا المكان- ووالده من سيكونان المسؤولان بناء الكعبة فيما بعد.. وكانت حكمة الله تقضي أن يسكن أحد في هذا الوادي، لميتد إليه العمران.
بعد أن ترك إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) زوجته وابنه الرضيع في الصحراء بأيام نفد الماء وانتهى الطعام، وجف لبن الأم.. وأحست هاجر وإسماعيل بالعطش.
بدأ إسماعيل يبكي من العطش.. فتركته أمه وانطلقت تبحث عن ماء.. راحت تمشي مسرعة حتى وصلت إلى جبل اسمه "الصفا".. فصعدت إليه وراحت تبحث به عن بئر أو إنسان أو قافلة.. لم يكن هناك شيء. ونزلت مسرعة من الصفا حتى إذا وصلت إلى الوادي راحت تسعى سعي الإنسان المجهد حتى جاوزت الوادي ووصلت إلى جبل "المروة"، فصعدت إليه ونظرت لترى أحدا لكنها لم تر أحدا. وعادت الأم إلى طفلها فوجدته يبكي وقد اشتد عطشه.. وأسرعت إلى الصفا فوقفت عليه، وهرولت إلى المروة فنظرت من فوقه.. وراحت تذهب وتجيء سبع مرات بين الجبلين الصغيرين.. سبع مرات وهي تذهب وتعود - ولهذا يذهب الحجاج سبع مرات ويعودون بين الصفا والمروة إحياء لذكريات أمهم الأولى ونبيهم العظيم إسماعيل. عادت هاجر بعد المرة السابعة وهي مجهدة متعبة تلهث.. وجلست بجوار ابنها الذي كان صوته قد بح من البكاء والعطش.
وفي هذه اللحظة اليائسة أدركتها رحمة الله، وضرب إسماعيل بقدمه الأرض وهو يبكي فانفجرت تحت قدمه بئر زمزم.. وفار الماء من البئر.. أنقذت حياتا الطفل والأم.. راحت الأم تغرف بيدها وهي تشكر الله.. وشربت وسقت طفلها وبدأت الحياة تدب في المنطقة.. صدق ظنها حين قالت: لن نضيع ما دام الله معنا.
وبدأت بعض القوافل تستقر في المنطقة.. وجذب الماء الذي انفجر من بئر زمزم عديدا من الناس.. وبدأ العمران يبسط أجنحته على المكان.
كانت هذه هي المحنة الاولى.. أما المحنة الثانية فهي الذبح.
الاختبار الثاني:

كبر إسماعيل.. وتعلق به قلب إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp).. جاءه العقب على كبر فأحبه.. وابتلى الله تعالى إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) بلاء عظيما بسبب هذا الحب. فقد رأى إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) عليه السلام في المنام أنه يذبح ابنه الوحيد إسماعيل. وإبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) يعمل أن رؤيا الأنبياء وحي.
انظر كيف يختبر الله عباده. تأمل أي نوع من أنواع الاختبار. نحن أمام نبي قلبه أرحم قلب في الأرض. اتسع قلبه لحب الله وحب من خلق. جاءه ابن على كبر.. وقد طعن هو في السن ولا أمل هناك في أن ينجب. ثم ها هو ذا يستسلم للنوم فيرى في المنام أنه يذبح ابنه وبكره ووحيده الذي ليس له غيره. أي نوع من الصراع نشب في نفسه. يخطئ من يظن أن صراعا لم ينشأ قط. لا يكون بلاء مبينا هذا الموقف الذي يخلو من الصراع. نشب الصراع في نفس إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp).. صراع أثارته عاطفة الأبوة الحانية. لكن إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) لم يسأل عن السبب وراء ذبح ابنه. فليس إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) من يسأل ربه عن أوامره.
فكر إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) في ولده.. ماذا يقول عنه إذا أرقده على الأرض ليذبحه.. الأفضل أن يقول لولده ليكون ذلك أطيب لقلبه وأهون عليه من أن يأخذه قهرا ويذبحه قهرا. هذا أفضل.. انتهى الأمر وذهب إلى ولده (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى). انظر إلى تلطفه في إبلاغ ولده، وترك الأمر لينظر فيه الابن بالطاعة.. إن الأمر مقضي في نظر إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) لأنه وحي من ربه.. فماذا يرى الابن الكريم في ذلك؟ أجاب إسماعيل: هذا أمر يا أبي فبادر بتنفيذه (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ). تأمل رد الابن.. إنسان يعرف أنه سيذبح فيمتثل للأمر الإلهي ويقدم المشيئة ويطمئن والده أنه سيجده (إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ). هو الصبر على أي حال وعلى كل حال.. وربما استعذب الابن أن يموت ذبحا بأمر من الله.. ها هو ذا إبراهيم يكتشف أن ابنه ينافسه في حب الله. لا نعرف أي مشاعر جاشت في نفس إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) بعد استسلام ابنه الصابر.
ينقلنا الحق نقلة خاطفة فإذا إسماعيل راقد على الأرض، وجهه في الأرض رحمة به كيلا يرى نفسه وهو يذبح. وإذا إبراهيم يرفع يده بالسكين.. وإذا أمر الله مطاع. (فَلَمَّا أَسْلَمَا) استخدم القرآن هذا التعبير.. (فَلَمَّا أَسْلَمَا) هذا هو الإسلام الحقيقي.. تعطي كل شيء، فلا يتبقى منك شيء.
عندئذ فقط.. وفي اللحظة التي كان السكين فيها يتهيأ لإمضاء أمره.. نادى الله إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp).. انتهى اختباره، وفدى الله إسماعيل بذبح عظيم - وصار اليوم عيدا لقوم لم يولدوا بعد، هم المسلمون. صارت هذه اللحظات عيدا للمسلمين. عيدا يذكرهم بمعنى الإسلام الحقيقي الذي كان عليه إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) وإسماعيل.

خبر زوجة إسماعيل:
عاش إسماعيل في شبه الجزيرة العربية ما شاء الله له أن يعيش.. روض الخيل واستأنسها واستخدمها، وساعدت مياه زمزم على سكنى المنطقة وتعميرها. استقرت بها بعض القوافل.. وسكنتها القبائل.. وكبر إسماعيل وتزوج، وزاره إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) فلم يجده في بيته ووجد امرأته.. سألها عن عيشهم وحالهم، فشكت إليه من الضيق والشدة. قال لها إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp): إذا جاء زوجك مريه أن يغير عتبة بابه.. فلما جاء إسماعيل، ووصفت له زوجته الرجل.. قال: هذا أبي وهو يأمرني بفراقك.. الحقي بأهلك.
وتزوج إسماعيل امرأة ثانية.. زارها إبراهيم، يسألها عن حالها، فحدثته أنهم في نعمة وخير.. وطاب صدر إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) بهذه الزوجة لابنه.
الاختبار الثالث:
وها نحن الآن أمام الاختبار الثالث.. اختبار لا يمس إبراهيم وإسماعيل فقط. بل يمس ملايين البشر من بعدهم إلى يوم القيامة.. إنها مهمة أوكلها الله تعالى لهذين النبيين الكريمين.. مهمة بناء بيت الله تعالى في الأرض.
كبر إسماعيل.. وبلغ أشده.. وجاءه إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) وقال له: يا إسماعيل.. إن الله أمرني بأمر. قال إسماعيل: فاصنع ما أمرك به ربك.. قال إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp): وتعينني؟ قال: وأعينك. فقال إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp): فإن الله أمرني أن ابني هنا بيتا. أشار بيده لصحن منخفض هناك.
صدر الأمر ببناء بيت الله الحرام.. هو أول بيت وضع للناس في الأرض.. وهو أول بيت عبد فيه الإنسان ربه.. ولما كان آدم (http://www.alnoor.info/prophets/adam.asp) هو أول إنسان هبط إلى الأرض.. فإليه يرجع فضل بنائه أول مرة.. قال العلماء: إن آدم (http://www.alnoor.info/prophets/adam.asp) بناه وراح يطوف حوله مثلما يطوف الملائكة حول عرش الله تعالى.
بنى آدم (http://www.alnoor.info/prophets/adam.asp) خيمة يعبد فيها الله.. شيء طبيعي أن يبني آدم (http://www.alnoor.info/prophets/adam.asp) -بوصفه نبيا- بيتا لعبادة ربه.. وحفت الرحمة بهذا المكان.. ثم مات آدم (http://www.alnoor.info/prophets/adam.asp) ومرت القرون، وطال عليه العهد فضاع أثر البيت وخفي مكانه.. وها هو ذا إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) يتلقى الأمر ببنائه مرة ثانية.. ليظل في المرة الثانية قائما إلى يوم القيامة إن شاء الله. وبدأ بناء الكعبة..
هدمت الكعبة في التاريخ أكثر من مرة، وكان بناؤها يعاد في كل مرة.. فهي باقية منذ عهد إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) إلى اليوم.. وحين بعث رسول الله (http://www.alnoor.info/prophets/mohamed.asp)، صلى الله عليه وسلم، تحقيقا لدعوة إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp).. وجد الرسول (http://www.alnoor.info/prophets/mohamed.asp) الكعبة حيث بنيت آخر مرة، وقد قصر الجهد بمن بناها فلم يحفر أساسها كما حفره إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp).
نفهم من هذا إن إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) وإسماعيل بذلا فيها وحدهما جهدا استحالت -بعد ذلك- محاكاته على عدد كبير من الرجال.. ولقد صرح الرسول (http://www.alnoor.info/prophets/mohamed.asp) بأنه يحب هدمها وإعادتها إلى أساس إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp)، لولا قرب عهد القوم بالجاهلية، وخشيته أن يفتن الناس هدمها وبناؤها من جديد.. بناؤها بحيث تصل إلى قواعد إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) وإسماعيل.
أي جهد شاق بذله النبيان الكريمان وحدهما؟ كان عليهما حفر الأساس لعمق غائر في الأرض، وكان عليهما قطع الحجارة من الجبال البعيدة والقريبة، ونقلها بعد ذلك، وتسويتها، وبناؤها وتعليتها.. وكان الأمر يستوجب جهد جيل من الرجال، ولكنهما بنياها معا.

لا نعرف كم هو الوقت الذي استغرقه بناء الكعبة، كما نجهل الوقت الذي استغرقه بناء سفينة نوح (http://www.alnoor.info/prophets/noo7.asp)، المهم أن سفينة نوح (http://www.alnoor.info/prophets/noo7.asp) والكعبة كانتا معا ملاذا للناس ومثوبة وأمنا.. والكعبة هي سفينة نوح (http://www.alnoor.info/prophets/noo7.asp) الثابتة على الأرض أبدا.. وهي تنتظر الراغبين في النجاة من هول الطوفان دائما. لم يحدثنا الله عن زمن بناء الكعبة.. حدثنا عن أمر أخطر وأجدى.. حدثنا عن تجرد نفسية من كان يبنيها.. ودعائه وهو يبنيها:

وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ (129) (البقرة)

إن أعظم مسلمين على وجه الأرض يومها يدعوان الله أن يتقبل عملهما، وأن يجعلهما مسلمين له.. يعرفان أن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن. وتبلغ الرحمة بهما أن يسألا الله أن يخرج من ذريتهما أمة مسلمة له سبحانه.. يريدان أن يزيد عدد العابدين الموجودين والطائفين والركع السجود. إن دعوة إبراهيم وإسماعيل تكشف عن اهتمامات القلب المؤمن.. إنه يبني لله بيته، ومع هذا يشغله أمر العقيدة.. ذلك إيحاء بأن البيت رمز العقيدة. ثم يدعوان الله أن يريهم أسلوب العبادة الذي يرضاه، وأن يتوب عليهم فهو التواب الرحيم. بعدها يتجاوز اهتمامها هذا الزمن الذي يعيشان فيه.. يجاوزانه ويدعوان الله أن يبث رسولا لهؤلاء البشر. وتحققت هذه الدعوة الأخيرة.. حين بعث محمد بن عبد الله (http://www.alnoor.info/prophets/mohamed.asp)، صلى الله عليه وسلم.. تحققت بعد أزمنة وأزمنة. انتهى بناء البيت، وأراد إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) حجرا مميزا، يكون علامة خاصة يبدأ منها الطواف حول الكعبة.. أمر إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) إسماعيل أن يأتيه بحجر مميز يختلف عن لون حجارة الكعبة.
سار إسماعيل ملبيا أمر والده.. حين عاد، كان إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) قد وضع الحجر الأسود في مكانه.. فسأله إسماعيل: من الذي أحضره إليك يا أبت؟ فأجاب إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp): أحضره جبريل عليه السلام.
انتهى بناء الكعبة.. وبدأ طواف الموحدين والمسلمين حولها.. ووقف إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) يدعو ربه نفس دعائه من قبل.. أن يجعل أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إلى المكان.. انظر إلى التعبير.. إن الهوى يصور انحدارا لا يقاوم نحو شيء.. وقمة ذلك هوى الكعبة. من هذه الدعوة ولد الهوى العميق في نفوس المسلمين، رغبة في زيارة البيت الحرام.
وصار كل من يزور المسجد الحرام ويعود إلى بلده.. يحس أنه يزداد عطشا كلما ازداد ريا منه، ويعمق حنينه إليه كلما بعد منه، وتجيء أوقات الحج في كل عام.. فينشب الهوى الغامض أظافره في القلب نزوعا إلى رؤية البيت، وعطشا إلى بئر زمزم.
قال تعالى حين جادل المجادلون في إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) وإسماعيل.

مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) (آل عمران) عليه الصلاة والسلام.. استجاب الله دعاءه.. وكان إبراهيم (http://www.alnoor.info/prophets/ibrahim1.asp) أول من سمانا المسلمين.

الأمل البعيد
04-03-2008, 06:53 PM
نبذة:
من سلالة سيدنا إبراهيم كان من النبيين الموحى إليهم، كان أيوب ذا مال وأولاد كثيرين ولكن الله ابتلاه في هذا كله فزال عنه، وابتلي في جسده بأنواع البلاء واستمر مرضه 13 أو 18 عاما اعتزله فيها الناس إلا امرأته صبرت وعملت لكي توفر قوت يومهما حتى عافاه الله من مرضه وأخلفه في كل ما ابتلي فيه، ولذلك يضرب المثل بأيوب في صبره وفي بلائه، روي أن الله يحتج يوم القيامة بأيوب عليه السلام على أهل البلاء.


سيرته:

ضربت الأمثال في صبر هذا النبي العظيم. فكلما ابتلي إنسانا ابتلاء عظيما أوصوه بأن يصبر كصبر أيوب عليه السلام.. وقد أثنى الله تبارك وتعالى على عبده أيوب في محكم كتابه (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) والأوبة هي العودة إلى الله تعالى.. وقد كان أيوب دائم العودة إلى الله بالذكر والشكر والصبر. وكان صبره سبب نجاته وسر ثناء الله عليه. والقرآن يسكت عن نوع مرضه فلا يحدده.. وقد نسجت الأساطير عديدا من الحكايات حول مرضه.. مرض أيوب
كثرت الروايات والأساطير التي نسجت حول مرض أيوب، ودخلت الإسرائيليات في كثير من هذه الروايات. ونذكر هنا أشهرها:
أن أيوب عليه السلام كان ذا مال وولد كثير، ففقد ماله وولده، وابتلي في جسده، فلبث في بلائه ثلاث عشرة سنة, فرفضه القريب والبعيد إلا زوجته ورجلين من إخوانه. وكانت زوجته تخدم الناس بالأجر، لتحضر لأيوب الطعام. ثم إن الناس توقفوا عن استخدامها، لعلمهم أنها امرأة أيوب، خوفاً أن ينالهم من بلائه، أو تعديهم بمخالطته. فلما لم تجد أحداً يستخدمها باعت لبعض بنات الأشراف إحدى ضفيرتيها بطعام طيب كثير، فأتت به أيوب، فقال: من أين لك هذا؟ وأنكره، فقالت: خدمت به أناساً، فلما كان الغد لم تجد أحداً، فباعت الضفيرة الأخرى بطعام فأتته به فأنكره أيضاً، وحلف لا يأكله حتى تخبره من أين لها هذا الطعام؟ فكشفت عن رأسها خمارها، فلما رأى رأسها محلوقاً، قال في دعائه: (رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين). وحلف أن يضربها مئة سوط إذا شفى.
وقيل أن امرأة أيوب أخبرته أنها لقيت طبيبا في الطريق عرض أن يداوي أيوب إذا رضي أن يقول أنت شفيتي بعد علاجه، فعرف أيوب أن هذا الطبيب هو إبليس، فغضب وحلف أن يضربها مئة ضربة.
أما ما كان من أمر صاحبي أيوب، فقد كانا يغدوان إليه ويروحان, فقال أحدهما للآخر: لقد أذنب أيوب ذنبا عظيما وإلا لكشف عنه هذا البلاء, فذكره الآخر لأيوب, فحزن ودعا الله. ثم خرج لحاجته وأمسكت امرأته بيده فلما فرغ أبطأت عليه, فأوحى الله إليه أن اركض برجلك, فضرب برجله الأرض فنبعت عين فاغتسل منها فرجع صحيحا, فجاءت امرأته فلم تعرفه, فسألته عن أيوب فقال: إني أنا هو, وكان له أندران: أحدهما: للقمح والآخر: للشعير, فبعث الله له سحابة فأفرغت في أندر القمح الذهب حتى فاض, وفي أندر الشعير الفضة حتى فاض.
وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله لعيه وسلم قال: "بينما ‏‏أيوب يغتسل عريانا خر عليه رجل جراد من ذهب فجعل يحثي في ثوبه فناداه ربه يا ‏‏ أيوب ‏ ‏ألم أكن أغنيتك عما ترى قال بلى يا رب ولكن لا غنى لي عن بركتك" (رجل جراد ‏أي جماعة جراد).
فلما عوفي أمره الله أن يأخذ عرجونا فيه مائة شمراخ (عود دقيق) فيضربها ضربة واحدة لكي لا يحنث في قسمه وبذلك يكون قد بر في قسمه. ثم جزى الله -عز وجل- أيوب -عليه السلام- على صبره بأن آتاه أهله (فقيل: أحيى الله أبناءه. وقيل: آجره فيمن سلف وعوضه عنهم في الدنيا بدلهم، وجمع له شمله بكلهم في الدار الآخرة) وذكر بعض العلماء أن الله رد على امرأته شبابها حتى ولدت له ستة وعشرين ولدا ذكرا.
هذه أشهر رواية عن فتنة أيوب وصبره.. ولم يذكر فيها أي شيء عن تساقط لحمه، وأنه لم يبقى منه إلا العظم والعصب. فإننا نستبعد أن يكون مرضه منفرا أو مشوها كما تقول أساطير القدماء.. نستبعد ذلك لتنافيه مع منصب النبوة..
ويجدر التنبيه بأن دعاء أيوب ربه (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ). قد يكون القصد منه شكوى أيوب -عليه السلام- لربه جرأة الشيطان عليه وتصوره أنه يستطيع أن يغويه. ولا يعتقد أيوب أن ما به من مرض قد جاء بسبب الشيطان. هذا هو الفهم الذي يليق بعصمة الأنبياء وكمالهم.
وروى الطبري أن مدة عمره كانت ثلاثا وتسعين سنة فعلى هذا فيكون عاش بعد أن عوفي عشر سنين , والله أعلم.</SPAN> وأنه أوصى إلى ولده حومل، وقام بالأمر بعده ولده بشر بن أيوب، وهو الذي يزعم كثير من الناس أنه ذو الكفل (http://www.alnoor.info/prophets/thoelkefel.asp) فالله أعلم.