تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نحو تنشئة واعية للفرد والمجتمع



صدفة البحر
06-26-2007, 08:45 PM
ماادري بس عجبني الموضوع واجد وحبيت تقروه
اسلفته من صاحبه دقايق بس مو تتأخروا ... زين




إننا نُشاهد في مجتمعاتنا العربية والإسلامية أفراداً صالحين والبعض الآخر طالحين، والتربويون أرجعوا أسباب ذلك لأشياء مختلفة منها:
أصول الفرد:
قالوا: إذا كانت أصول الفرد مستقيمة صحيحة فإن الفرد يُعد شخصاً صالحاً في نظر المجتمع فتراه يُبادر لأعمال الخير ويسعى إليها، وإذا كانت أصول الفرد منحرفة سقيمة فإن الفرد يُعد شخصاً طالحاً في نظر المجتمع فتراه يقوم بفعل الأعمال القبيحة المنكرة التي يعاب عليها، وإننا لا ننكر إن أصول الفرد تكون لها نسبة معينة في كون الشخص صالح أم طالح ! وليس هذا السبب بصحيح 100%، فهذا التاريخ يخبرنا بأسماء أشخاص كانت سيرة آباءهم طالحة وهم نبذوا سيرة الآباء فأصبحوا صالحين أمثال: خالد بن سعيد الأموي ومحمد بن أبي بكر الصديق والسيد إسماعيل الحميري وغيرهم الكثير، والبعض الآخر كانت سيرة آباءهم صالحة وهم خالفوها فأصبحوا طالحين أمثال: أبو لهب عم رسول الله ومنقذ بن مرة العبدي وغيرهما، وذلك مصداق قوله تعالى: ﴿ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ﴾.
تأثير المجتمع:
قال أهل التربية: إن المجتمع له التأثير الكبير على الفرد وأفعاله وكونه يُعد من الجانب الصالح أم من الجانب الطالح فالفرد إذا رأى مجتمعه محافظاً على المبادئ الإسلامية القومية ويُبادر لكل خير ويحارب أنواع الفساد فإن الشخص سوف يكون صالحاً، أما إذا رأى الفرد المجتمع الذي يعيش فيه مستهتراً بالمبادئ الإسلامية فلا يؤديها بالشكل الصحيح، ولا يُقاوم الفساد والشر الحاصل في المجتمع ولا يسعى لإصلاحها ويترك الحابل على النابل حتى يقع الفأس في الرأس فإن الشخص سوف يأخذ طابع هذا المجتمع ويكتسب بصفاته فيعد طالحاً، وهذا في نظرنا صحيح ولكن ليس 100% أيضاً، فبعض الأشخاص يعيشون في مجتمعات محافظة وهم يعدون طالحين لأسباب معينة منها: مصادقة أصحاب السوء والتأثر بما يشاهده في التلفاز من مظاهر العنف والفقر وغير ذلك، والبعض يعيش في مجتمع غاصٍ بالفساد والمنكرات وتراه صالحاً وذلك أيضاً لأسباب معينة منها: صحوة الضمير والخوف من عقاب الله تعالى والإقتداء بشخصيات عظيمة مؤمنة وكذلك المرض قد يُساعد أيضاً في أن يتجه الفرد إلى الخير وغير ذلك.
تنشئة الفرد:
أما عن هذا السبب فتكلموا عن تنشئة الفرد من جانب واحد فقط ألا وهو «الجانب السلوكي» وألفوا فيه الكتب ووضعوا الأسباب وكيفية علاج أي سبب في هذا الجانب في مرحلة متقدمة من التنشئة «6 – 12» سنة، ومن هذه الكتب المؤلفة في هذا الجانب «تنشئة الأطفال، مشكلات الانضباط، تربية الأطفال... إلخ».
وأهملوا ما عداها من الجوانب في تنشئة الفرد، وحصروا كون الفرد صالح أم طالح من منظور التنشئة السلوكية، فإذا رأوا سلوك الشخص سيء جعلوه في صف الطالحين، أما إذا رأوا سلوك الشخص سليم جعلوه في صف الصالحين، وهذا صحيح ولكن لا يمكننا الجزم بأن هذا الشخص صالح أم طالح من خلال هذه التنشئة فقط دون الرجوع للجوانب الأخرى التي تعد من التربية أيضاً.
فقد أخبرنا الدين الإسلامي أن التربية الصحيحة تُنشأ الفرد الصحيح الصالح والفرد الصالح يُكون الأسرة الصالحة وهكذا يتكون المجتمع الصالح المؤمن، فلو عزمنا أن نُربي أطفالنا منذ وقت الرضاعة إلى وقت البلوغ بالتربية والتنشئة الصحيحة لخلقنا جيلاً صالحاً مؤمناً مُحباً للخير ساعياً له وهذه التربية والتنشئة تنقسم إلى:
1. التنشئة الإيمانية العقائدية:
يُشير القرآن الكريم إلى أن الصفة الخاصة للمؤمنين الحقيقيين هي التوجه الخاص إلى تنشئة أبنائهم وإيمانهم بمسؤوليتهم العظيمة إزاء هؤلاء حيث يقول تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ﴾. بديهي أن معنى هذا ليس أن يقبعوا في زاوية ويتضرعوا بالدعاء، بل أن الدعاء دليل شوقهم وعشقهم الداخلي لهذا الأمر، ورمز جدهم واجتهادهم. من المُسلَّم أن أفراداً كهؤلاء لا يقصرون في بذل ما لديهم من طاقة وقدرة في تنشئة أبنائهم، وعمل اللازم منذ ولادة أبنائهم من أذان وإقامة وعقيقه وقراءة القرآن الكريم عليهم وتعريفهم بأصول الدين وفروع الإسلام، وسبل الحق والعدالة وفيما لا تصل إليه قدرتهم وطاقتهم، فإنهم يدعون الله تعالى ويسألونه التوفيق بلطفه. وعن رسول الله أنه قال: «أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، حب أهل بيته، قراءة القرآن».
2. التنشئة الأخلاقية:
تعيش البشرية حالة انهيار أخلاقية كبرى في العصر الراهن، تنعكس آثارها السلبية على جوانب الحياة ونشاطات الإنسان المختلفة، فكلما ارتفع منحنى التقدم العلمي والتقني نجد أن منحنى المستوى والتعامل الأخلاقي في انهيار مخيف، مما جعل كبار مفكري الغرب خاصة يرفعون أصوات التحذير والإنذار من الليل الحالك المدمر الذي ينتظر الإنسان. وانتشرت حالة التخلف والابتعاد عن النهج الأخلاقي حتى في المسلمين، الذين يفترض فيهم تحمل توجيه الناس إلى طريق الخلاص، بل أخذنا نعاني من المشاكل الأخلاقية حتى في سلوكنا وتعاملنا اليوم كمسلمين ومؤمنين أيضاً. أن مشكلتنا اليوم هي مشكلة أخلاقية قبل أن تكون مشكلة فكرية ! ما أحوجنا أيها الأخوة إلى عودة واعية كبرى إلى قيم الإسلام ومفاهيم القرآن، ما أحوجنا إلى أن نعيش تلك الأخلاق العظيمة التي جسدها النبي الذي كان ينادي من أول بعثته: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» وكان يصرّح: «أُمرت بمداراة الناس كما أُمرت بتبليغ الرسالة».
ولنا هنا أن نسأل: هل أن بمقدور الإنسان أن يغير أخلاقه إلى الأفضل؟ أم أن لكل إنسان نمط أخلاقي خاص لا يقوى على مفارقته، ولا يستطيع تغييره؟
إذ يقول البعض: إن الطبع يغلب التطبّع. وإن لا فائدة من الأخلاق والتربية، إذ يرجع كل إنسان إلى خصوصية ذاتية تجعل منه صاحب أخلاق حسنة أو لا.





إذا رام التخلـق جاذبـتـه خلائقه إلى الطبع القديم









وتنقل بعض كتب الأدب، أن أعرابياً وجد جرو ذئب في طريقه، فحدث نفسه بأن يأخذ هذا الجرو ويربيه في بيته وبيئته، بعيداً عن الذئاب وطباعها، فلعله يكون أنفع من الكلب في الحراسة وغيرها، وهكذا قرر أن يأخذ جرو الذئب هذا معه، وأخذ يرضعه لبن شاة كانت عنده، فلما شبّ وقوي جسمه فبرزت أنيابه وظهرت مخالبه.. هجم على تلك الشاة فكانت أولى ضحاياه !! فوقف عليها الإعرابي متألماً، والذئب قد وضع فمه في أحشاء الشاة، فقال:





بقرت شويهتي وفجعت قلبي وأنــت لشاتـنـا ولــدٌربـيــبُ







غُذيـت بدرّهـا وربـيـتفيـنـا فمـن أنـبـاك أن أبــاكذيــبُ



إذا كان الطباع طبـاع سـوءٍ فليـس بنـافـع فيـهـاالأديــبُ







وهكذا يورد أصحاب هذا الرأي قصصاً وحكماً تصب في اتجاه أن لكل إنسان أخلاقاً لا يمكن له أن يغيرها.
ولكن الواقع، أن هذا القول ليس صحيحاً، لأن في الإنسان جوانب عدة تتأثر بالأجواء والمجتمعات التي يعيشها الإنسان، وعلى أساس قابلية الإنسان للتغير والتحول سواء نحو الأفضل أو الأسوأ، وجاءت النبوات وأنزلت الشرائع، وهب المغيرون والعلماء وأصحاب المبادئ وحملة الأفكار، ولأجل تغيير الإنسان جاءت الخطط التربوية.
3. التنشئة الاجتماعية:
إن تربية الفرد على التنشئة الاجتماعية يجعله يتحول من شخص اعتمادي إلى شخص ناضج يُعتمد عليه في بعض الأمور، حيث تصقله هذه التنشئة بالاختلاط في المجتمع، واكتساب المهارات والقيم وكيفية التعامل مع الغير وقبول الرأي الآخر.كما تضفي هذه التنشئة على الفرد كيفية التصرف بأسلوب اجتماعي.
ومن خلال هذه التنشئة يسعى الفرد إلى المشاركة في المجتمع، فيُبدي استعداده في تقديم الأفكار النيرة التي تظهر المجتمع الذي يعيش فيه بأنه مجتمع مثالي، ويسعى لفعل وتحقيق تلك الأفكار إذا رأى أن لها قبول في وسط المجتمع.
ويختلف الأشخاص في مبلغ قابليتهم للاندماج في الحياة الاجتماعية باختلاف التنشئة التي يتعرضون لها، والتي تحيط بهم أثناء بداياتهم الأولى، مما قد يفسر لنا كيف يبدو بعض الأفراد منشئين اجتماعيين، وبعضهم انطوائيين.
وتقل عجلة التنشئة الاجتماعية كلما نما الفرد ونضج، وأصبح لديه رصيد كاف من الخبرات والمهارات لأنه يكون ذا نشاط فعال ومؤثر في شبكة العلاقات الاجتماعية في المجتمع، إن علاقة الفرد بعالمه الخارجي تأخذ شكل أفعال وردود أفعال أو استجابات اجتماعية واضحة وخالية من التناقضات، فالتصرف الذي كوفئ عليه الطفل في الأمس لا يجب أن يعاقب عليه اليوم، لأن إغفال هذه القاعدة يزرع عنده فقدان الثقة في تصرفاته وسلوكه.
يجب علينا أن نشجع أبناءنا وأن نزرع الثقة في نفوسهم ونخلع الخوف منهم وندفعهم إلى الأمام وإلى رؤية المجتمع ونستمع إلى أفكارهم واقتراحاتهم، ولا نهمشهم من الصورة ونقول أنهم ما زالوا صغاراً بل علينا أن نكتشف مواهبهم ومهاراتهم وهواياتهم ونصقلها، وقد قيل في الأمثال: «التربية تطور المواهب لكنها لا تخلقها».
إن مسؤولية الإنسان تجاه تنشئة أبنائه أكد من غيرها وأشد إلزاماً، كما يتجلى ذلك بشكل واضح من الروايات الواردة من مصادر عديدة، وكذلك الآيات التي تدعو الإنسان لأن يبذل أقصى جهده لتربية أطفاله وتعليمهم، ونهيهم عن ارتكاب الذنوب وحثهم على اكتساب الخيرات، ولا ينبغي عليه أن يقنع ويكتفي بتوفير الغذاء الجسمي لهم. وقد قال أرسطو: «جذور التربية مُرَّة ولكن ثمارها حلوة».
وتبرز هذه المسؤولية أكثر وتكتسب أهمية خاصة في العصر الراهن، حيث تجتاح المجتمع موجات الفساد والضلال الخطرة، وتحتاج إلى وضع برنامج دقيق ومدروس لتنشئة الأبناء وتربية العائلة لمواجهة هذه الموجات دون التأثر بها والانجراف مع تيارها. وجاء في الحديث أن أحد الصحابة سأل النبي كيف أقي أهلي ونفسي من نار جهنم، فأجابه : «تأمرهم بما أمر الله وتنهاهم عما نهاهم الله، إن أطاعوك كنت قد وقيتهم، وإن عصوك كنت قد قضيت ما عليك».

عماد علي
06-27-2007, 09:51 AM
طرح رائع وموضوع متكامل الله يعطيك ألف عافية وتسلم الايادي...
التربية أسمى أنواع الايثار فهي تسخير حياة الآباء للابناء ومن جاد بحياته لابنه فقد رباه أفضل تربية ... التربية ليست مجرد توفير ضروريات فهذه يشاركنا الحيوان في ذلك ... وإنما السعي وراء تكامل الابن ولن يكون ذلك إلا بالسعي وراء تكامل ذات الاب والام وهذه هي الصعبة.
التربية التي أساسها يوم القيامة وأن ما في هذه الحياة الدنيا إلا متاع هي نعم التربية فكل تصرفاتنا إذا نبعت لأسباب أخروية وليست دنيوية كانت نعم التربية نحن نعيش لاجل الاخرة لأجل الاقامة هناك ... لما كنت طفلاً كنت أتسائل إذا كان هناك حساب وعقاب وثواب فلماذا لا نعيش حياتنا إستعداداً لها وأنا اليوم أباً أرى أن الحياة مخادعة تأخذنا بعيداً عن هذا المفهوم الاصيل ونكون في غفلة عن ذلك اليوم ولكن هل يغفل هو عنا لا.

نور الهدى
06-27-2007, 02:30 PM
الله يعطيك العافية

وتسلم الايادي

نوري
06-27-2007, 03:33 PM
يسلمو الموضوع مفيد
لا تحرمونا من جديدكم

نوري
06-27-2007, 03:34 PM
اللة يعطيك العافية

صدفة البحر
06-27-2007, 04:48 PM
تسلم على الرد والشرح الجميل عماد ولا حرمنا الله من ردك اختك صدفة

أم محمد العفو اختي وشكرا لك على المداخلة

نوري ... اخووووي الله يسلمك ونقرا لك مواضيع اخرى ونرد لك فيها
اختكم صدفة

القلب المرح
06-27-2007, 07:19 PM
شكرا لك ع الطرح
يعطيك الله العافيه
تحياتي للجميع بالتوفيق

وعود
06-27-2007, 09:09 PM
يعطيكِ ألف عااافية على الموضوع الرائع ..