المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مضار التدخين حتمية



سعيد درويش
05-22-2007, 11:44 PM
http://www.nokiacastle.com/up/uploads/7b69bbdd15.bmp (http://www.nokiacastle.com/up/)
يوم وفاة براين. الثالث من شهر يونيو. حيث تجلس زوجته وابنه
براين جونيور بجانب سريره. و هو يحمل معه صورة حديثة له مع ابنه.

بدأ براين كورتيس التدخين في الثالث عشرة من عمره

ولم يعتقد أبداً أنه بعد مرور عشرين عاماً على ذلك سيكون سبباً في وفاته تاركاً وراءه زوجة وطفلين.

وفي الأسابيع الأخيرة من حياته أعد براين رسالة لصغار السن.

http://www.nokiacastle.com/up/uploads/2b3ed2225c.bmp (http://www.nokiacastle.com/up/)
براين لي كورتيس في الثالثة والثلاثين مع ابنه ذو العامين

في التاسع والعشرين من شهر مارس حيث توفي بعد ذلك بشهرين.



وفي سانت بيترسبيرج كان دخان السجائر عالق في هواء الغرفة التي يرقد بها براين كورتيس

وهو يصارع السرطان الذي أصاب رئتيه.
حيث تساقط شعره من أثر العلاج الكيميائي وبرز عظم وجنتيه وكتفيه من تحت جلده.
عيناه مفتوحتان لكنه لا يستجيب لزوجته ووالدته.

ويحمل بين يديه الهزيلتين صورة فوتوغرافية أُخذت له منذ شهرين.

يُهيأ للناظر إليه فيها أنه بكامل صحته وقوته وهو يحمل ابنه براين جونيور.

كان يبلغ براين من العمر آنذاك ثلاثة وثلاثون عاماً.

وبلغ أربعة وثلاثون في العاشر من شهر مايو.

وفي غرفة معيشة الأم وُضِعت علبة من السجائر وولاَّعة على منضدة بالقرب من سرير براين

. رغم أن التبغ كان سبب السرطان الذي قضى على رئتيه وكبده إلا أن براين لم يتوقف عن التدخين

حتى أسبوع مضى عندما أصبح الأمر مستحيلاً.

في الطرف الآخر من الغرفة, يجلس ابن أخيه البالغ من العمر عشرون عاماً

وبيده سيجارة يطفئها في طفاية السجائر التي امتلأت بالكثير غيرها.
تقول زوجته بوبي سأحاول أن أقلع عن التدخين بعد الجنازة, أما الآن فهذا أمر في غاية الصعوبة.

كان ذلك أيضاً ما تردده والدته السيدة لويس.

التي تتمنى أن تنجح في محاولة الاقلاع عن التدخين بعد الجنازة.

عرف براين كم هو من الصعب أن يقلع عن التدخين.

لكن عندما علم أن هذه العادة سوف تقتله.

ظنَّ أنه قد يستطيع أن يقنع ولو القليل من الأطفال أن لا يحاولوا تجربة التدخين.

وظن كذلك أنهم لو رأوا وجنتيه الغائرتين وجسده النحيل فقد يخيفهم هذا.
لعل حياة براين لم تكن بذات الأهمية لكن الأسابيع الأخيرة من حياته حملت رسالة مهمة.

بدأ براين التدخين عندما كان في الثالثة عشرة من عمره.

واستمر حتى وصل إلى تدخين علبتين من السجائر يومياً.

فكّر في الاقلاع عن التدخين بين فالفينة والأخرى. لكنَّه لم يحاول جدياً.
كان يعتقد أن لديه متسعٌ من الوقت.

فكبار السن هم فقط الذين يصابون بالسرطان, ليس الشباب الذين هم في مثل سنه ولا الذين يعملون في البناء أو كميكانيكيين.

لم يكن براين يملك تأمين صحياً لكنه كان قلقاً بشأن والدته البالغة من العمر سبعة وخمسون عاماً التي بدأت في التدخين منذ أن كانت في الخامسة والعشرون من عمرها.

كان يقول لها" اعتن بصحتك يا أمي.

لا تقلقي بشأني. فأنا صحيح البدن".

تتذكّر السيدة لويس والدته هذه العبارة وتعلِّق قائلة: قد تعتقد أن هذا قد يحدث لك لاحقاً.

عندما تبلغ الستين أو السبعين من عمرك،و ليس عندما تكون في مثل عمره.

عرف براين بعد زيارته للمستشفى في الثاني من أبريل بسبب ألم حاد في بطنه, كم كان مخطئاً.

وقد بدأ يشعر بالخلايا السرطانية تنتشر من رئتيه إلى كبده.

لعله لم يصاب به منذ زمن طويل.

لكن هذا المرض قاتل عدواني, يُجهز على ضحاياه خلال أشهر قليلة...

بينما تبدو حالة براين بالنسبة لعائلته غير معتادة, إلاّ أن الطبيب جيفري باونيسا أخصائي الأورام المشرف على حالة براين أخبر عن رؤيته لحالات مماثلة في فئة الشباب.

وقال: لقد رأينا حالات اصابة بسرطان الرئة في مرضى أصغر سناً بسبب أنهم بدأوا التدخين في سن أصغر من ذلك.كما أن العلاج الكيميائي في بعض الأوقات يبطئ العملية.

لكنه الآن في حالة براين ذو أثر ضئيل.
أحس براين أيضاً بعد تشخيص حالته بأيام قليلة أنه يرغب بطريقة ما في انقاذ على الأقل ولو طفل واحد من الوقوع في نفس ما وقع فيه هو.

فجلس مع ابنه براين جونوير وابنته آمبر ذات التسعة أعوام والتي رآها ذات يوم تمسك بسيجارة, وأخذ يتحدث إليهما بهذا الشأن.

لكنه أراد أكثر من ذلك. وكأنه أراد أن يعرف الجميع قصته هذه.

روي والدته السيدة لويس:
عندما كان براين لا يزال يملك بعض القدرة على مغادرة المنزل, كان الأطفال يحدقون به.

لأنه كان يبدو غريب الشكل.

وكان ينظر إليهم ويقول: " هذا ما يحدث لك عندما تدخن" وكان الأطفال يقولون "يا إلهي لا أستطيع أن أصدق ذلك".


وفي الأسابيع الأخيرة من حياة براين, كانت والدته تقوم بالاتصال بوسائل الإعلام المختلفة من صحف وإذاعة ومحطات تلفزيونية بحثاً عمن تخبره بقصة ابنها تنفيذاً لرغبته الوحيدة قبل أن يموت

. لم تسنح الفرصة لبراين أبداً لأن يروي قصته للناس...

وبعد مرور تسعة أسابيع من تشخيص المرض لديه.

في الثالث من شهر يونيو في تمام الساعة التاسعة صباحاً. همس براين لوالدته
"أشعر بضعف شديد, لا أستطيع المقاومة أكثر من ذلك".
و في تمام الساعة الحادية عشرة وستة وخمسون دقيقة صباحاً من ذلك اليوم, لفظ براين أنفاسه الأخيرة.

ووُري جثمانه في أرض المقبرة التذكارية في سانت بيترسبرج في الثامن من شهر يونيو في يوم غائم ينذر بهطول المطر.
وفي الجنازة فُتح تابوت براين وشاهد خمسون من أصدقائه و أقاربه الدمار الذي أحدثه السرطان في جسده.
فالإدمان أقوى من ذلك...

وعندما انتهت مراسم الدفن.

شوهد بعض من أقاربه ينسحبون من الجنازة ويخرجون سجائر من جيوبهم , ويشعلونها...