سعيد درويش
05-10-2007, 11:40 AM
http://www.nokiacastle.com/up/uploads/c2e69c9539.bmp (http://www.nokiacastle.com/up/)
لن أتحدثَ عن الفوضى السائدة في مكتب الأحوال المدنية في القطيف ورداءة المبنى، أو عن غياب الحس التنظيمي، أو عن عدم توفر آلة لنسخ المستندات واضطرار المراجعين للذهاب إلى إحدى القرطاسيات داخل المدينة.
كل هذه الأمور تعود عليها المواطنون منذ زمن وأصبحت علامات بارزة في هذه الدائرة العريقة.
الأمر الذي أراه أكثر تعقيدًا وإثارةً للجدل هو منع بعض الأسماء عند التبليغ وإضافة المواليد لدفتر العائلة، فبينما كنتُ ذات مرة مصطفا في الطابور الممتد رأيتُ جدالا دار بين أحد المواطنين وموظف التسجيل الذي رفض أن يسجل المولودة باسم «جوان» بحجة أنه ممنوع باعتباره اسما أجنبيا.
وحتى لو كانت هناك أسماء أجنبية فليس من الضروري أن تحمل معانيًا ضد الذوق السائد عندنا أو ضد الشريعة، فاسم «جوان» الذي دار عليه الخلاف عندما بحثتُ عنه وجدتُهُ يحمل معنى جميلا وهو «زهرة الربيع» شأنه في ذلك شأن اسم «نسرين» الذي يطلقه العرب على بناتهم الذي هو فارسيُّ الأصل ومعناه الورد الأبيض.
مسألة تسمية الأبناء باللغات الاجنبية تحيلنا إلى مسألة أكبر منها وأعمق وهي آراء بعض العلماء المسلمين بوقوع الألفاظ المعرَّبَة في القرآن الكريم مثل أبي عبدالله القاسم بن سلام وابن النقيب والشوكاني وغيرهم ممن يرون أن في القرآن الكريم ألفاظا غير عربية الأصل جرت على منهاج الكلام العربي مثل بعض الكلمات السريانية مثل: الطور واليم، وبعض الكلمات الرومية مثل: الصراط والقسطاس والفردوس وبعض الكلمات الحبشية مثل: مشكاة، وبعض الكلمات الفارسية مثل: استبرق، سجيل.
ومن المضحك المبكي أن نرى بعض الاجتهادات الشخصية من قبل الموظفين في دائرة الأحوال المدنية فكم من اسم رُفِضَ يظنونه أجنبيا ولكنه في الأصل عربيٌّ خالص مثلما حدث لأحد الأقارب حينما ذهب إلى أحوال القطيف ليسمي ابنته «نوران» مثنى نور, ولكن الموظف رفض هذا الاسم لأعجميته فتوجه قريبي مباشرة إلى الأحوال المدنية في الدمام ليسجل اسم ابنته مثلما أراد بسهولة ودون تعقيد.
إن أسلوب الوصاية على الناس حتى في أسماء مواليدهم يكشف عن نسق الهيمنة والفكر الأحادي الذي يحطم الحريات الإنسانية ومبادئ التعددية والتثاقف, فاختيار الاسم هو أول ومضة من ومضات تكوين الهوية ولكل من اسمه نصيب كما يقال، وهو أول مراحل بناء الإنسان وتحقيق الذات، فإذا تُحِكِّمَ فيه منذ البداية سيصبح هذا البناء مشوها ومختلا.
إن رفض الأسماء ذات الطابع الروحاني «إيمان، ملاك، تقوى،... وغيرها يدل على هذه الثقافة الهشة المبنية على الخوف من الآخرالملائكي الصافي.
حتى أسماء أجدادنا طالتها إيدي التعديل فاسم «عبد النبي، عبد الحسن، عبد الحسين» فتحولت إلى «عبد رب النبي،.. بتعليل عقائدي يرى أن هذه الأسماء شركا دون أن يتوغل في لغة المجتمع الذي يرى أن كلمة «عبد» معناها الخادم دلالة على الاحترام والطاعة كعبد الضيف مثلا.
ومن الطريف جدا أن يتحول اسم الفنان الكويتي «عبد الحسين عبد الرضا» في الصحف السعودية على يد الرقابة إلى اسم طويل جدا «عبد رب الحسين عبد رب الرضا» أو «حسين رضا» كما قرأته ذات مرة.
وعموما ليست أسماء الناس هي التي يطالها التعديل والتحريف والتوجيه فحتى أسماء المحلات التجارية وقوارب الصيد التي كنت أظن بدهيا أن الصياد هو الذي يختار اسم قاربه ولكن اتضح لي أن الاسماء جاهزة ومختارة للبحارة.
تبقى هذه مشكلة التسمية مسألة ثقافية بالدرجة الأولى وتجليا من تجليات أنساق الأبوَّة المتحكمة كما ذكرنا، وأخيرا أتمنى أن تكون أسماءنا وأسماء أبنائنا أفعالا تحقق الكثير من العطاء لهذه البلاد ولاتكون مجرد حروف مصفوفة في البطاقة الشخصية.
لن أتحدثَ عن الفوضى السائدة في مكتب الأحوال المدنية في القطيف ورداءة المبنى، أو عن غياب الحس التنظيمي، أو عن عدم توفر آلة لنسخ المستندات واضطرار المراجعين للذهاب إلى إحدى القرطاسيات داخل المدينة.
كل هذه الأمور تعود عليها المواطنون منذ زمن وأصبحت علامات بارزة في هذه الدائرة العريقة.
الأمر الذي أراه أكثر تعقيدًا وإثارةً للجدل هو منع بعض الأسماء عند التبليغ وإضافة المواليد لدفتر العائلة، فبينما كنتُ ذات مرة مصطفا في الطابور الممتد رأيتُ جدالا دار بين أحد المواطنين وموظف التسجيل الذي رفض أن يسجل المولودة باسم «جوان» بحجة أنه ممنوع باعتباره اسما أجنبيا.
وحتى لو كانت هناك أسماء أجنبية فليس من الضروري أن تحمل معانيًا ضد الذوق السائد عندنا أو ضد الشريعة، فاسم «جوان» الذي دار عليه الخلاف عندما بحثتُ عنه وجدتُهُ يحمل معنى جميلا وهو «زهرة الربيع» شأنه في ذلك شأن اسم «نسرين» الذي يطلقه العرب على بناتهم الذي هو فارسيُّ الأصل ومعناه الورد الأبيض.
مسألة تسمية الأبناء باللغات الاجنبية تحيلنا إلى مسألة أكبر منها وأعمق وهي آراء بعض العلماء المسلمين بوقوع الألفاظ المعرَّبَة في القرآن الكريم مثل أبي عبدالله القاسم بن سلام وابن النقيب والشوكاني وغيرهم ممن يرون أن في القرآن الكريم ألفاظا غير عربية الأصل جرت على منهاج الكلام العربي مثل بعض الكلمات السريانية مثل: الطور واليم، وبعض الكلمات الرومية مثل: الصراط والقسطاس والفردوس وبعض الكلمات الحبشية مثل: مشكاة، وبعض الكلمات الفارسية مثل: استبرق، سجيل.
ومن المضحك المبكي أن نرى بعض الاجتهادات الشخصية من قبل الموظفين في دائرة الأحوال المدنية فكم من اسم رُفِضَ يظنونه أجنبيا ولكنه في الأصل عربيٌّ خالص مثلما حدث لأحد الأقارب حينما ذهب إلى أحوال القطيف ليسمي ابنته «نوران» مثنى نور, ولكن الموظف رفض هذا الاسم لأعجميته فتوجه قريبي مباشرة إلى الأحوال المدنية في الدمام ليسجل اسم ابنته مثلما أراد بسهولة ودون تعقيد.
إن أسلوب الوصاية على الناس حتى في أسماء مواليدهم يكشف عن نسق الهيمنة والفكر الأحادي الذي يحطم الحريات الإنسانية ومبادئ التعددية والتثاقف, فاختيار الاسم هو أول ومضة من ومضات تكوين الهوية ولكل من اسمه نصيب كما يقال، وهو أول مراحل بناء الإنسان وتحقيق الذات، فإذا تُحِكِّمَ فيه منذ البداية سيصبح هذا البناء مشوها ومختلا.
إن رفض الأسماء ذات الطابع الروحاني «إيمان، ملاك، تقوى،... وغيرها يدل على هذه الثقافة الهشة المبنية على الخوف من الآخرالملائكي الصافي.
حتى أسماء أجدادنا طالتها إيدي التعديل فاسم «عبد النبي، عبد الحسن، عبد الحسين» فتحولت إلى «عبد رب النبي،.. بتعليل عقائدي يرى أن هذه الأسماء شركا دون أن يتوغل في لغة المجتمع الذي يرى أن كلمة «عبد» معناها الخادم دلالة على الاحترام والطاعة كعبد الضيف مثلا.
ومن الطريف جدا أن يتحول اسم الفنان الكويتي «عبد الحسين عبد الرضا» في الصحف السعودية على يد الرقابة إلى اسم طويل جدا «عبد رب الحسين عبد رب الرضا» أو «حسين رضا» كما قرأته ذات مرة.
وعموما ليست أسماء الناس هي التي يطالها التعديل والتحريف والتوجيه فحتى أسماء المحلات التجارية وقوارب الصيد التي كنت أظن بدهيا أن الصياد هو الذي يختار اسم قاربه ولكن اتضح لي أن الاسماء جاهزة ومختارة للبحارة.
تبقى هذه مشكلة التسمية مسألة ثقافية بالدرجة الأولى وتجليا من تجليات أنساق الأبوَّة المتحكمة كما ذكرنا، وأخيرا أتمنى أن تكون أسماءنا وأسماء أبنائنا أفعالا تحقق الكثير من العطاء لهذه البلاد ولاتكون مجرد حروف مصفوفة في البطاقة الشخصية.