المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : .|[ سُفْرة السيدة زينب . عليها السلام . ]|.



عبير الجنان
05-01-2007, 06:18 PM
http://i17.photobucket.com/albums/b95/claaya/Lines%20Welcome/dfc2c842.gif
؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛°`°؛¤ سُفْرة السيدة زينب - عليها السلام - ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛
أمُّ المصائب وأخت الحسن والحسين السيدة العقيلة زينب الكبرى - عليها السلام -, صاحبة الكرامات العظيمة والمشهورة بين الناس في سوريا ولبنان والعراق وإيران وبلدان كثيرة وقد رأيت بأم عيني أكثر من كرامة لها.
هذه السيدة العظيمة )( شريكة الإمام الحسين بثورته )( سُفْرتها مشهورة ومعروفة في سوريا ولها هناك مضيف كبير يعرف بمضيف السيدة زينب - عليها السلام -.
تعمل سُفرتها لأجل شفاء المرضى وبالأخص المصاب بالشلل أو الأخرس الذي لاينطق, وقد رأيت ذلك في سوريا وكذلك لقضاء الحوائج.
والسيدة زينب - عليها السلام - معروفة ومشهورة بكرمها, ومن الأمثلة على ذلك في حياتها قصة الأعرابي الذي جاء إلى بيت الإمام الحسين - عليها السلام - بعد مقتله بأيام قلائل وأهل البيت - عليهم السلام - مشغولون بمصيبتهم وحزنهم على الحسين - عليه السلام -, وأصحابه وأهل بيته وكان أعداء الله لم يبقِ لديهم شيء يمتلكوه فقد سلبوا كل مايملكون إلا أنها لم ترجعه خائباً فجمعت له بعض الحلي التي تركها الأعداء وقدّمتها إليه ليقضي حاجته.
فكيف الآن مع شيعة أبيها فهي وسيلة لهم ليتقرّيوا بها إلى الله وليقضي تعالى حوائجهم, ومن السبل للتقرّب بها هي عمل سُفرة باسم هذه الطاهرة المباركة بإذن الله تعالى.
أما نوعية الأكل التي توضع على هذه السفُّرة فليس هنالك أي نوعية خاصة فيمكن وضع أيّ شيء عليها, وهذا هو المتعارف بين الناس، والله العالم.
وكذلك من المشهور في سوريا والعراق وإيران ولبنان سُفرة السيدة رقية ابنة الإمام الحسين - عليه السلام - هذه السيدة العظيمة التي عانت من الظلم والقساوة من قبل أعداء الله ) لعنهم الله (، وماتت شهيدة هي طفلة على رأس أبيها في خربة الشام.
سُفرتها مشهورة بين الناس ومن المجرّبات، تعمل لشفاء المرضى وبالأخص لشفاء الأطفال من الأمراض التي يصعب علاجها بإذن الله تعالى.
؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛°`°؛¤ من هـي زينب الكبـرى ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛
بنت أمير المؤمنين وسيّد الموحّدين الإمام علي بن أبي طالب - سلام الله عليه -.
أْمّها سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين، الطهر الطاهرة فاطمة الزهراء - سلام الله عليها -، بنت فخر الأمّة وسيّدها ونبيّها محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -.
وهي الصديقة الكبرى، عقيلة بني هاشم، العالِمة غير المعَلّمة، والفَهمة غير المفهّمة، عاقلة، لبيبة، جزلة، كانت في فصاحتها وزهدها وعبادتها كأبيها المرتضى وأمّها - سلام الله عليهم -.
اتصفت - سلام الله عليها - بمحاسنها الكثيرة، وأوصافها الجليلة، وخصالها الحميدة، وشيمها السعيدة، ومفاخرها البارزة، وفضائلها الطاهرة.
ولدت - سلام الله عليها - قبل وفاة جدّها - صلى الله عليه وآله وسلم - بخمس سنين، وتزوّجت من ابن عمّها عبدالله بن جعفر, فولدت له محمداً وعلياً وعباساً وأم كثلوم وعون.
حدّثت عن أْمها فاطمة الزهراء - سلام الله عليها-، وأسماء بنت عميس، وروى عنها محمد بن عمرو، وعطاء بن السائب، وفاطمة بنت الحسين - عليه السلام-، وجابر بن عبدالله الأنصاري، وعبّاد العامري.
عُرفت - سلام الله عليها - بكثرة العباد والتهجّد، شأنها في ذلك شأن أبيها وأْمها وجدّها، وشأن أهل البيت جميعاً - عليهم السلام -. يُنقل عن الإمام زين العابدين - عليه السلام - قوله:" مارأيتُ عمّتي تصلّي الليل عن جلوس إلاّ ليلة الحادي عشر "، أي أنّه - سلام الله عليها - ما تركت تهجّدها وعبادتها المستحبة حتى في تلك الليلة الحزينة التي فَقدت فيها كلّ عزيز، ولاَقت مالاقت في ذلك اليوم من مصائب، حتى أنّ الحسين - عليه السلام - عندما ودّع عياله وداعه الأخير يوم عاشوراء قال لها:" يا أْختاه لاتنسيني في نافة الليل ".
وذكر بعض أهل السيَر أنّ العقيلة زينب - سلام الله عليها - كان لها مجلس خاص لتفسير القرآن الكريم تحضره النساء.
وليس هذا بمستكثر عليها، فقد نزل القرآن الكريم في بيتها، وأهل البيت أدرى بالذي فيه، وخليق بامرأة عاشت في ظلال أصحاب الكساء، وتأدّبت بآدابهم، وتعلّمت من علومهم أن تكون لها هذه المنزلة السامية.
ونحن إذا تأمّلنا كلمة الإمام زين العابدين - عليه السلام - لها:" أنتِ بحمدِ الله عالِمة غير معلّمة، وفَهمة غير مفخّمة " أدركنا سموّ منزلتها العلميّة.
وإن لم تكن - سلام الله عليها - في عداد المعصومين، لكنّها في درجة قريبة من العصمة؛ لانّ مَن كان جدّها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وأبوها علي بن أبي طالب - سلام الله عليه -، وأْمهّا فاطمة الزهراء - سلام الله عليها -، وأخواها الحسن والحسين - عليهما السلام -، فلا شكّ أن تغرّ العلم غرّاً، وماصدر منها في مأساة الطف أكبر شاهد على علوّ منزلتها وسموّها وقربها من العصمة.
؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛°`°؛¤ مصائبهـا - عليها السلام - ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛
تُسمّى العقيلة زينب - سلام الله عليها - أمّ المصائب، وحقّ لها أن تُسمّى بذلك؛ فقد شاهدت مصيبة جدها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، ومحنة أمهّا فاطمة الزهراء - سلام الله عليها - ثم وفاتها، وشاهدت مقتل أبيها الإمام علي بن أبي طالب - سلام الله عليه -، ثم شاهدت محنة أخيها الحسن - سلام الله عليه - ثم قتله بالسم. وشاهدت أيضاً المصيبة العظمى، وهي قتل أخيها الحسين - عليه السلام - وأهل بيته، وقتل ولديها عون ومحمد مع خالهما أمام عينها.
وحُملت أسيرة من كربلاء إلى الكوفة، وأْدخلت على ابن زياد في مجلس الرجال، وقابلها بما اقتضاه لؤم عنصره وخسّة أصله من الكلام الخشن والموجع، وإظهار الشماتة الممضّة.
وحُملت أسيرة من الكوفة إلى ابن آكلة الأكباد بالشام، ورأس أخيها ورؤوس ولديها وأهل بيتها أمامها على رؤوس الرماح طول الطريق، حتى دخلوا دمشق على هذه الحالة، وأْدخلوا على يزيد في مجلس الرجال وهم مُقيدون بالحبال.
قال المفيد: فرأى هيئة قبيحة وأظهر السخط على ابن زياد، ثمّ افرد لهنّ ولعلي بن الحسين داراً وأمر بسكوتهم، وقال لزين العابدين: كاتبني من المدينة في كلّ حاجة تكون لك. ولمّا عادوا أرسل معهم النعمان بن بشير، وأمر أن يرفق بهم في الطريق. ولمّا غزا جيشه المدينة أوصى مسرف بن عقبة بعلي بن الحسين - عليهما السلام -، وذلك لِما رأى نقمة الناس عليه، أراد أن يتلافى مافرط منه، وهيهات كما قال الشريف الرضي:
وودّ أن يَتلاقى ما جَنت يَده وكانَ ذلكَ كَسراً غير مجبور
وكان لزينب - سلام الله عليها - في وقعة الطف المكان البارز في جميع الحالات، وفي المواطن كلّها.
فهي التي كانت تمرّض العليل، وتراقب أحوالها أخيها الحسين - عليه السلام -، وتخاطبه وتسأله عند كلّ حادث. وهي التي كانت تدبّر أمر العيال والأطفال، وتقوم في ذلك مقام الرجال. وهي التي دافعت عن زين العابدين - عليه السلام - لمّا أراد ابن زياد قتله، وخاطبته بما ألقمته حجراً، حتى لجأ إلى ما لايلجأ إليه ذو نفس كريمة. وبها لاذت فاطمة بنت الحسين - عليه السلام - وأخذت بثيابها، لمّا قال الشامي ليزيد:" هب لي هذه الجارية ". فخاطبت يزيد بما فضحه، حتى لجأ إلى ما لجأ إليه ابن زياد.
والذي يُلفت النظر أنّها في ذلك الوقت كانت متزوّجة بعبدالله بن جعفر، فاختارت صُحبة أخيها على البقاء عند زوجها، وزوجها راضً بذلك مُبتهج به، وقد أمر ولديه بلزوم خالهما والجهاد بين يديه، ففعلا حتى قُتلا. وحقَّ لها ذلك، فمَنْ كان لها أخ مثل الإمام الحسين - عليه السلام -، وهي بهذا الكمال الفائق، لايستغرب منها تقديم أخيها على بعلها.
؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛°`°؛¤ مع الحسين - عليه السلام - في نهضته ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛
يُسجل التأريخ بكلّ فخر واعتزاز مواقف مشرّفة وبطولية للسيّدة زينب - سلام الله عليها - في يوم عاشوراء، حتى أنّها أصبحت شريكة الحسين - عليها السلام - في نهضته، فلا يمكن التحدّث عن واقعة الطف وتجاهل مواقف عقيلة الهاشميين، ونحن نذكر هنا بعضاً من مواقفها في ذلك اليوم الحزين؛ وفاءً لها ولصمودها في وجوه أعداء آل البيت - عليهم السلام -.
قال السيّد محسن الأمين في أعيان الشيعة: روى ابن طاووس أن الحسين - عليه السلام - لمّا نزل الخزيمة أقام بها يوماً وليلة، فلمّا أصبح أقبلت إليه أْخته زينب فقالت: يا أخي ألا أْخبرك بشيء سمعته البارحة؟، فقال الحسين - عليه السلام -:" وماذاك؟ "، فقالت: خرجتُ في بعض الليل لقضاء حاجة فسمعت هاتفاً يهتف ويقول:
ألا يا عين فاحتفلي بجهد ومَن يبكي على الشهداء بعدي
على قومٍ تسوقهم المنايا بمقدار إلى انجاز وعدِ
فقال لها الحسين - عليه السلام -:" يا أْختاه كُلّ الذي قضى فهو كائن ".
وقال المفيد: لمّا كان اليوم التاسع من المحرّم زحف عمر بن سعد إلى الحسين - عليه السلام - بعد العصر، والحسين - عليه السلام - جالس أمام بيته محتبٍ بسيفه، إذ خفق برأسه على ركبتيه، فسمعت أْخته الضّجة، فدنت من أخيها فقالت: ياأخي أما تسمع هذه الأصوات قد اقتربت؟، فرفع الحسين رأسه فقال:" إنّي رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - الساعة في المنام، فقال لي: إنّكَ تروح إلينا"، فلطمت أْخته وجهها ونادت بالويل، فقال لها الحسين - عليه السلام -:" ليس لك الويل ياأْختاه، اسكتي رحمك الله ".
والمراد بأُخته في هذه الرواية هي زينب بلا ريب؛ لأنّها هي التي كانت تراقب أحوال أخيها في كل وقت ساعة فساعة، وتتبادل معه الكلام فيما يحدث من الأمور والأحوال.
وقد روى ابن طاووس هذه الرواية مع بعض الزيادة، وصرّح بأنّ اسمها زينب، فقال: فسمعت أُخته زينب الضجّة... إلى أن قال: فلطمت زينب وجهها وصاحت ونادت بالويل، فقال لها الحسين - عليه السلام -:" ليس لكِ الويل ياأُخيّة، اسكتي رحمك الله لاتشمتي القوم بنا ".
وقال ابن الأثير في تأريخه: نهض عمر بن سعد إلى الحسين عشية الخميس لتسعٍ مضني من المحرّم بعد العصر، والحسين جالس أمام بيته مُحتبياً بسيفه، إذ خفق برأسه على ركبته، وسمعت أُخته زينب الضجّة فدنت منه فأيقظته فرفع رأسه فقال:" إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في المنام فقال: إنّك تروح إلينا "، فلطمت أُخته وحهها وقالت: ياويلتاه، قال:" ليس لكِ الويل ياأُخيّة، اسكتي رحمك الله ".
وقال الشيخ المفيد - رحمه الله -: قال علي بن الحسين - عليهما السلام-:" إنّي لجالس في صبيحتها وعندي عمّتي زينب تُمرّضني، إذ اعتزل أبي في خباء له وعنده جوين مولى أبي ذر الغفاري، وهو _ أي جوين _ يعالج سيفه ويصلحه وأبي يقول:
يادهر أُفٍ لكَ من خليلِ كَمْ لكَ بالإشراقِ الأصيلِ
مِن صاحبٍ أو طالبٍ قَتيلِ والدهرُ لايقنعُ بالبديلِ
وإنّما الأمرُ إلى الجليلِ وكلُّ حيّ سالكِ سبيلي
فأعادها مرّتين أو ثلاثة حتى فهمتها وعرفتُ ماأراد، فخنقتني العبرة فردّدتها ولزمت السكوت، وعلمتُ أنّ البلاء قد نزل، وأمّا عمّتي فإنّها لمّا سمعت ( وهي امرأة، ومن شأن النساء الرّقة والجزع ) فلم تملك نفسها أن وثبت تجرّ ثوبها وأنها لحاسرة حتى انتهت إليه فقالت:" واثكلاه، ليت الموت أعدمني الحياة، اليوم ماتت أُمي فاطمة وأبي علي وأخي الحسن، ياخليفة الماضين وثمال الباقين ".
فنظر إليها الحسين - عليه السلام - فقال لها: ياأُخية لايذهبنّ بحلمك الشيطان، وترقرقت عيناه بالدموع وقال: لوتُرك القطا يوماً لنام.
فقالت: ياوليتاه، افَتَغْتَصِب نفسكَ اغتصاباً، فذلك أقرح لقلبي وأشدّ على نفسي، ثمّ لطمت وجهها وهوت إلى جيبها فشقّته وخرّت مغشياً عليها.
فقام إليها الحسين وصبّ على وجهها الماء وقال لها: إيهاً ياأُختاه اتّقِ الله وتعزّي بعزاء الله، واعلمي أنّ أهل الأرض يموتون، وأهل السماء لايبقون، وانّ كلّ شيء هالك إلاّ وجهه، إلى أن قال: فعزّاها بهذا ونحوه، وقال لها: ياأُخيّة إني أقسمت عليك فأبري قسمي، لاتشقي عليّ جيباً، ولا تخمشي عليّ وجهاً، ولاتدعي عليّ بالويل والثبور إذا أنا هلكت، ثم جاء بها حتى أجلسها عندي ".
وروى ابن طاووس هذا الخبر بنحو مارواه المفيد، وصرّح باسم أُخته زينب بنت فاطمة - عليها السلام - ذلك فقالت: ياأخي هذا كلام مَن أيقن بالقتل، فقال:" نعم ياأختاه "، فقالت زينب:" واثكلاه... ".
وذكر هذه الأبيات ابن الأثير في الكامل في التأريخ.
وذكر ابن طاووس: أنّ الحسين - عليه السلام - خاطب النساء وفيهنّ زينب وأُم كلثوم فقال:" انظرن إذا قُتلت فلا تشققنَّ عليّ جيباً، ولاتَخمشنَّ عليّ وجهاً، ولاتقلنَّ هجرا ".
وقال المفيد - رحمه الله -: لما قُتل علي بن الحسين الأكبر، خرجت زينب أُخت الحسين مسرعة تنادي: ياحبيباه ويابن أُخياه، وجاءت حتى أكبّت عليه، فأخذ الحسين برأسها فردّها إلى الفسطاط.
وقال ابن الأثير: حملَ الناس على الحسين عن يمينه وشماله، فحملَ على الذين عن يمينه فتفرّقوا، ثم حملَ على الذين عن يساره فتفرّقوا، فمارؤى مكثور قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشاً ولاأمضى جناناً وأجراً مقدماً منه، إذ كانت الرجّالة لتنكشف عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب، فبينما هو كذلك إذ خرجت زينب وهي تقول: ليتَ السماء أطبقت على الأرض، وقد دنا عمر بن سعد، فقالت: ياعمر أيقتل أبو عبدالله وأنت تنظر، فدمعت عيناه حتى سالت دموعه على خديه ولحيته، وصرف وجهه عنها.
وقال السيّد ابن طاووس: لمّا كان اليوم الحادي عشر بعد قتل الحسين - عليه السلام - حملَ ابن سعد معه نساء الحسين وبناته وأخواته فقال النسوة: بحقّ الله إلاّ مامررتم بنا على مصرع الحسين، فمرّوا بهنّ على المصرع، فلمّا نظر النسوة إلى القتلى، فوالله لاأنسى زينب بنت علي وهي تندب الحسين وتنادي بصوت حزين وقلب كئيب:
" يامحمّداه، صلّى عليك مليك السماء، هذا حسينك مرمّل بالدماء، مقطّع الأعضاء، وبناتك سبايا. إلى الله المشتكى، وإلى محمد المصطفى، وإلى علي المرتضى، وإلى فاطمة الزهراء، وإلى حمزة سيّد الشهداء. يامحمّداه، هذا حسين بالعراء تسفي عليه ريح الصبا، قتيل أولاد البغايا، واحزناه واكرباه عليك ياأعبدالله، اليوم ماتَ جدّي رسول الله، ياأصحاب محمد هؤلاء ذريّة المصطفى يُساقون سوق السبايا ".
وفي بعض الروايات:
" وامحمّداه، بناتكَ سبايا، وذريّتك مقتّلة تسفي عليهم ريح الصبا، وهذا حسين محزوز الرأس من القفا، مسلوب العمامة والردا، بأبي مَن أضحى عسكره يوم الاثنين نهباً، بأبي مَن فسطاطه مقطع العرى، بأبي مَن لاغائب فيُرتجى، ولاجريح فيداوى، بأبي مَن نفسي له الفداء بأبي المهموم حتى قضاء، بأبي العطشان حتى مضى، بأبي من شيبته تقطر بالدماء، بأبي مَن جدّه رسول إله السما، بأبي مَن هو سبط نبي الهدى، بأبي محمد المصطفى، بأبي خديجة الكبرى، بأبي علي المرتضى، بأبي فاطمة الزهراء، بأبي مَن ردّت له الشمس حتى صلّى، فأبكت والله كلّ عدوًّ وصديق ".
ولها مع زين العابدين - سلام الله عليهما - أكثر من موقف، نراها تعزّيه تارة وتصبّره، وتارة تحافظ عليه من القتل حينما أراد ابن زياد قتله. وعندما شاهدت جزعه - عليه السلام - قالت له: مالي أراكَ تجود نفسك يابقيّة جدي وأبي وأخوتي؟
فقال - عليه السلام -:
" وكيف لاأجزع وأهلع، وقد أرى سيّدي وأُخوتي وعمومتي وولد عمّي مصرّعين بدمائهم، مرمّلين بالعراء، مسلّبين، لايكفّنون ولايوارون ولايعرج عليهم أحد، ولايقربهم بشر، كأنّهم أهل بيت من الديلم والخزر ".
فقالت - عليها السلام -:
" لايجزعنك ماترى، فوالله إنّ ذلك لعهد من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى جدك وأبيك وعمّك، ولقد أخذ الله ميثاق أُناس من هذه الأُمة لاتعرفهم فراعنة هذه الأُمة، وهم معروفون في أهل السماوات، إنّهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرّقة فيوارونها، وهذه الجسوم المضرّجة، وينصبون بهذا الطف علماً لقبر أبيك سيّد الشهداء لايدرس أثره، ولايعفو رسمه على كرور الليالي والأيام، وليجهدنّ أئمّة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه فلايزداد إلاّظهوراً، وأمره إلاّ علوا ".
وعندما استعرض ابن زياد آل محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، وسأل عن كلّ فردٍ منهم، واستغرب في وجود الإمام زين العابدين - عليه السلام - من بين آل الحسين - عليه السلام - حيّاً، وقد سبقه النبأ من ابن سعد أنّه اجتاحهم، فسأله: مَن أنت؟، فقال - عليه السلام -: أنا علي بن الحسين. فقال: أليس قد قتلَ علي بن الحسين. فقال - عليه السلام -: كان لي أخ يسمّى علياً قتله الناس، فقال ابن زياد: بل الله قتله، فقال - عليه السلام -: الله يتوفّى الأنفس حين موتها.
فغضب ابن زياد وقال: وبكَ جرأة لجوابي، وفيكَ بقيّة للردّ عليّ، اذهبوا به فاضربوا عنقه. فتعلّقت به عمّته زينب، وقالت: يا ابن زياد حسبكَ من دمائنا، واعتنقته وقالت: لا والله لا أُفارقه فإن قتلته فاقتلني معه.
فنظر ابن زياد إليها ثم قال: عَجباً للرحم، إنّي لأظنّها ودّت أنّي قتلتها معه، دعوه فإني أراه لما به.
وحينما سأل ابن زياد عن زينب - سلام الله عليها -، ولم يكن يعرفها، قيل له: هذه زينب بنت أمير المؤمنين. فقال: الحمدالله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أُحدوثتكم.
فقالت - سلام الله عليها-:" الحمدالله الذي أكرمنا بنبيه محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، وطهّرنا من الرجس تطهيراً، وإنّما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر، وهو غيرنا ".
قال: كيفَ رأيتِ فعلَ الله بأهل بيتك؟
فقالت - عليها السلام -:" مارأيتُ إلاّ جميلاً, هؤلاء قوم كَتبَ الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينكَ وبينهم فتُحاج ونخاصم، فانظر لمن الفلج يومئذٍ، ثكلتكَ أُمك يا ابن مرجانة ".
فغضب ابن زياد واستشاط من كلامها معه في ذلك المحتشد، فقال له عمرو بن حريث: إنها امرأة، فلا تؤاخذ بشيء من منطقها ولاتلام على خطل.
فالتفت إليها ابن زياد وقال: لقد شفى الله قلبي من طاغيتك والعصاة المردة من أهل بيتك. فقالت:" لعمري لقد قتلتَ كهلي, وأبدتَ أهلي, وقطعتَ فرعي, واجتثثتَ أصلي، فإن يُشفك هذا فقد اشتفيت ".
http://i17.photobucket.com/albums/b95/claaya/Lines%20Welcome/dfc2c842.gif
)[:.

عبير الجنان
05-01-2007, 06:19 PM
http://i17.photobucket.com/albums/b95/claaya/Lines%20Welcome/dfc2c842.gif
؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛°`°؛¤ خطبهـا - عليها السلام - ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛
لقضية الحسين عليه السلام جانبان:
الأول: جانب التضحية والفداء
والقتال في سبيل الله تعالى, والصبر على البلاء, وقد وقع هذا الجانب على الرجال, على الحسين - عليه السلام -, وأهل بيته, وأصحابه, فصبروا وقاتلوا مقتدين بقول سيدهم " لا أعطيكم بيدي اعطاء الذليل, ولا أقر لكم اقرار العبيد ".
الثاني: جانب التبليغ
وتعريف الأمة بحقيقة الأمر, وقد وقع الكاهل الاعظم من هذا الجانب على نساء أهل البيت - عليهم السلام -, وبالأخص زينب - سلام الله عليها -. فبالإضافة لما مر من كلامها في كربلاء والكوفه والشام, و أثناء الوقائع والأحداث, لها خطبتان مشهورتان في الكوفه والشام.
¯¨'*·~-.¸¸,.-~*' ( خطبتها - عليها السلام - في الكوفه ) ¯¨'*·~-.¸¸,.-~*'
قال حذيم الأسدي: لم ار والله خفرة قط انطلق منها, كأنها تنطق وتفرغ عن لسان علي - عليه السلام -, وقد اشارت إلى الناس بأن أنصتوا, فارتدت الأنفاس, وسكنت الأجراس, ثم قالت بعد حمد الله تعالى, والصلاة على رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -:
" أما بعد ياأهل الكوفه, يا أهل الختل والغدر و الخذل, أتبكون!! فلا رقأت العبرة, ولاهدأت الزفرة, إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا, تتخذون أيمانكم دخلا بينكم, هل فيكم إلا الصلف و العجب والشنف و الكذب وملق الإماء وغمز الأعداء, أو كمرعى على دمنة, أو كقصة على ملحودة, ألا بئس ما قدمت لكم أنفسكم, أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون.
أتبكون أخي؟! أجل والله فابكوا فإنكم أحرى بالبكاء, فابكوا كثيرا و اضحكوا قليلا, فقد ذهبتم بعارها, ومنيتم بشنارها, ولن ترحضوها أبدا, وأنى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة, ومعدن الرسالة, وسيد شباب أهل الجنة, وملاذ حربكم, ومقر سلمكم, وأسى كلمكم, ومفزع نازلتكم, والمرجع اليه عند مقاتلتكم, ومدرة حججكم, ومنار محجتكم.
ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم, وساء ماتزرون ليوم بعثكم, فتعسا تعسا, ونكسا نكسا, لقد خاب السعي, وتبت الأيدي, وخسرت الصفقة, وبؤتم بغضب من الله, وضربت عليكم الذلة والمسنكة.
أتدرون وليكم أي كبد لمحمد - صلى الله عليه و آله وسلم - فريتم؟! وأي عهد نكثتم؟! وأي كريمة له أبرزتم؟! وأي حرمة له هتكتم؟! وأي دم له سفكتم؟! لقد جئتم شيئا إدّا, تكاد السماء يتفطرن منه, وتنشق الأرض؛ وتخر الجبال هدّا. لقد جئتم بها شوهاء, صلعاء, سوداء, فقماء, فرقاء, كطلاع الأرض أو ملء السماء.
أفعجبتم أن تمطر السماء دما, ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون, فلا يسخفنكم المهل, فإنه عز وجل لا يحفزه البدار, ولايخشى عليه فوات الثار, كلا إن ربك لبالمرصاد ".
ثم أنشأت تقول :
ماذا تقولون اذ قال النبي لكم ماذا صنعتم وأنتم آخر الامم
بأهل بيتي وأولادي وتكرمتي منهم أسارى ومنه ضرجوا بدم
ماكان ذاك جزائي اذ نصحت لكم أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي
اني لأخشى عليكم أن يحل بكم مثل العذاب الذي أودى على رام
قال حذيم: فرأيت الناس حيارى قد ردوا أيديهم في أفواههم, فالتفت إلى شيخ في جانبي يبكي وقد اخضلت لحيته بالبكاء, ويده مرفوعه إلى السماء وهو يقول: بأبي أنتم وأمي, كهولهم خير كهول, ونساؤهم خير نساء, وشبابهم خير شباب, ونسلهم نسل كريم, وفضلهم فضل عظيم.
ثم أنشد:
كهولهم خير الكهول ونسلكم إذا عد نسل لايبور ولا يخزى
¯¨'*·~-.¸¸,.-~*' ( خطبتها - عليها السلام - في الشام ) ¯¨'*·~-.¸¸,.-~*'
لما سمعت زينب بنت علي - عليهما السلام - يزيد يتمثل بأبيات ابن الزبعري:
ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلوا واستهلوا فرحا ثم قالوا يا يزيد لا تشل
قد قتلنا القوم من سادتهم وعدلنا ببدر فاعتدل
لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل
لست من خندف إن لم أنتقم من بني أحمد ماكان فعل
قالت: الحمد الله رب العالمين وصلى الله على رسوله وآله أجمعين, صدق الله سبحانه حيث يقول:{ ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوأى أن كذّبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزؤون }. * سورة الروم، آية:10 *
أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء, فأصبحنا نساق كما تساق الأسارى, أن بنا على الله هوانا وبك عليه كرامة, وأن ذلك لعظم خطرك عنده, فشمخت بأنفك, ونظرت في عطفك جذلان مسرورا حين رأيت الدنيا لك مستوسقة, والأمور متسقة, وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا. مهلا, أنسيت قول الله تعالى:{ ولاتحسبنّ الذين كفورا إنّما نملي لهم خيراً لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين }. * سورة آل عمران، آية: 178 *
أمن العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك و إماءك وسوقك بنات رسول الله سبايا, قد هتكت ستورهن و أيديت وجوههن, تحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد, ويستشرفهن أهل المناهل والمعاقل, ويتصفح وجوههن القريب والبعيد, والدني والشريف, ليس معهن من حماتهن حمي, ولا من رجالهن ولي, وكيف يرتجي مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء, ونبت لحمه من دماء الشهداء, وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر إلينا بالشنف والشنآن, والإحن والأضغان, ثم تقول غير متأثم ولامستعظم:
لأهلوا واستهلوا فرحا ثم قالوا يا يزيد لا تشل
منحنيا على ثنايا أبي عبدالله سيد شباب أهل لبجنة تنكتها بمخصرتك, وكيف لا تقول ذلك وقد نكأت القرحة, واستأصلت الشأفة, باراقتك دماء ذرية محمد - صلى الله عليه وآله وسلم , ونجوم والأرض من آل عبد المطلب, وتهتف بأشياخك, وزعمت أنك تناديهم, فلتردن وشيكا موردهم, ولتودن أنك شللت وبكمت ولم تكن قلت ما قلت وفعلت ما فعلت.
الله خذ لنا بحقنا, وانتقم ممن ظلمنا, وأحلل غضبك بمن سفك دماءنا وقتل حماتنا. فولله ما فريت إلاجلدك, ولاخززت إلا لحمك, ولتردن على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بما تحملت من سفك دماء ذريته, وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته, حيث يجمع الله شملهم ويلم شعتهم ويأخذ بحقهم { ولاتحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون } * سورة آل عمران، آية: 169 *
وحسبك بالله حاكما, وبمحمد - صلى الله عليه و آله وسلم - خصيما, وبجبرائيل ظهيرا, وسيعلم من سول لك ومكنك من رقاب المسلمين, بئس للظالمين بدلاً, وأيكم شر مكانا وأضعف جندا. ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك, إني لأستصغر قدرك, واستعظم تقريعك, واستكثر توبيخك, ولكن العيون عبرى والصدور حرى.
ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء, فهذه الأيدي تنطف من دمائنا, والأفواه تتحلب من لحومنا. وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل, وتعفرها أمهات الفراعل, ولئن اتخذتنا مغنما لتجدنا وشيكا مغرما, حين لا تجد إلا ما قدمت يداك , وما ربك بظلام للعبيد, وإلى الله المشتكى وعليه المعول.
فكد كيدك, واسع سعيك, وناصب جهدك, فوالله لا تمحو ذكرنا, ولا تميت وحينا, ولا يرحض عنك عارها. وهل رأيك إلا فند, وأيامك إلاعدد, وجمعك إلا بدد, يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين, والحمد الله رب العالمين, الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة, ولآخرنا بالشهادة والرحمة, ونسأ الله أن يكمل لهم الثواب, ويوجب لهم المزيد, ويحسن علينا الخلافة إنه رحيم ودود, وحسبنا الله ونعم الوكيل ".
فقال يزيد:
يا صيحة تحمد من صوائح ما أهون النوح على النوائح
http://i17.photobucket.com/albums/b95/claaya/Lines%20Welcome/dfc2c842.gif

عبير الجنان
05-01-2007, 06:20 PM
http://i17.photobucket.com/albums/b95/claaya/Lines%20Welcome/dfc2c842.gif
؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛°`°؛¤ إستجابة دعائها - عليها السلام - ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛
قد استجاب الله عزّ وجلّ دعاء العقيلة زينب - عليها السلام - في يوم عاشوراء مرات عديدة, كيف لا وهي المظلومة المهضومة المسبية, وقد عرفنا أنّ دعوة المظلوم أنفذ من السهم, ونذكر هنا بعضاً من المواقف التي استجاب الله دعاءها - سلام الله عليها -:
1/ روى أهل المقاتل: أن شامياً تعرّض لفاطمة بنت أمير المؤمنين عليه السلام, فدعت عليه زينب - عليها السلام -, فقالت - سلام الله عليها -: الحمدُ لله الذي عجّل لك بالعقوبة في الدنيا قبل الآخرة.
2/ أن امرأة في الكوفة تسمّى " أُم حجام " أهانت رأس الحسين - عليه السلام - عند المرور به على قصرها, فدعت زينب على قصرها بالهجوم, فوقع القصر في الحال وهلك مَن فيه, وكانت هذه المرأة الخبيثة من نساء الخوارج .
3/ ودعت على رجلٍ سلبهم في كربلاء, فقالت - عليها السلام -: قطع الله يديكَ ورجليكَ وأحرقكَ الله بنار الدنيا قبل نار الآخرة. فوالله مامرّت الأيام حتى ظهر المختار وفعل به ذلك ثم أحرقه بالنار.
؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛°`°؛¤ شِعرهــا - عليها السلام - ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛
للعقيلة شأن أسمى من الشعر وارفع من الأدب, فهي العالمة غير المعلّمة, وهي التي تُفسر القرآن الكريم لجماعة النسوة, ولها مجلس لتعليم الفقه, لكن مأساة كربلاء, وماتلاها من مشاهد الحزن والأسى, جعلتها تنفّس عن آلامها برثاء أخيها الشهيد, ولعلّها كانت تستهدف بهذه المراثي غايةً أهم من الرثاء, وهي تعرية الظالكين, والنيل منهم والتحريض عليهم.
1/ لما رأت رأس الحسين - عليه السلام - قالت:
يا هلالاً لمّا استتم كمالا *** غلاه خسفه فأبدى فروبا
ماتوهّهمت ياشقيق فؤادي *** كان هذا مقدّراً مكتوبا
2/ ولها عليها السلام في رثاء الحسين - عليه السلام -:
على الطف السّلام وساكنيه *** وروح الله في تلكَ القباب
نُفوسٌُ قدّست في الأرض قدساً *** وقد خُلقت من النطف العذاب
مضاجعُ فتية عبدوا فناموا *** هجوداً في الفدافد والروابي
عَلتهم في مضاجعهم كعاب *** باردات منعّمة رطاب
وصيّرت القبور لهم قصوراً *** مناخاً ذات أفنية رحاب
3/ قالت بعد خطبتها في الكوفه:
ماذا تقولون إذ قال النبي لكم *** ماذا صنعتم وأنتم آخر الأمم
بأهل بيتي وأولادي وتكرمتي *** منهم أُسارى ومنهم ضرّجوا بدم
ما كان ذاك جزائي إذ نصحت لكم *** أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي
إني لأخشى عليكم أن يحل بكم *** مثل العذاب الذي أودى على إرم
4/ ولمّا رأت - عليها السلام - رأس أخيها بكت وأنشأت:
أتشهرونا في البرّية عنوة *** ووالدنا أوحى إليه جليل
كفرتم بربّ العرش ثم نبيّه *** كأن لم يجئكم في الزمان رسول
لحاكم إله العرش يا شرَ إمة *** لكم في لظى يوم المعاد عويل
؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛°`°؛¤ قبرهــا - عليها السلام - ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛
المشهور والمعروف لدى الناس أنّ قبرها - سلام الله عليها - في الشام, في الموضع الذي تزوره الناس الآن, لكن هنالك من نفى ذلك وقال: إنّ قبرها في مصر , مثل العبيدلي المتوفّى سنة 277هـ , والسيّد محسن الأمين في أعيان الشيعة.
روى العبيدلي عدّة روايات تؤّيد كلامه في كتاب أخبار الزينبيات:
قال: وحدّثني أبي, قال: روينا يالإسناد المرفوع إلى علي بن محمد بن عبدالله , قال: لمّا دخلتُ مصر في سنة 14 هـ سمعتُ عسامة المعافري يقول: حدّثني عبد الملك بن سعيد الأنصاري, قال : حدثي, وهب بن سعيد الأوسي, عن عبدالله بن عبد الرحمن الأنصاري قال: رأيت زينب بنت علي بمصر بعد قدومها بأيام , فو الله ما رأيتُ مثلها, ووجهه كأنّه شقة قمر.
وبالسند المرفوع إلى رقية بنت عقبة بن نافع الفهري, قال: كنتُ فيمن استقبل زينب بنت علي لمّا قدمت مصر بعد المصيبة, فتقدم إليها مسلمة بن مخلد وعبدالله بن الحارث وأبو عميرة المزني, فعزّاها مسلمة وبكى, فبكيت وبكى الحاضرون, وقالت: هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون, ثم احتملها إلى داره بالحمراء, فأقامت به أحد عشر شهراً وخمسة عشر يوماً وتوفّيت وشهدتُ جنازتها وصلَّى عليها مسلمة بن مخلد في جمعٍ بالجامع, وراجعوا بها فدفنوها بالحمراء بمخدعها من الدار بوصيّتها.
حدّثتني إسماعيل بن محمد المصري ^ عابد مصر ونزيلها ^, قال: حدّثني حمزة المكفوف, قال: أخبرني الشريف أبو عبدالله القرشي, قال: سمعتُ هند بنت أبي رافع بن عبيد الله بن رقيّة بنت عقبة بن نافع الفهري تقول: توفّيت زينب بنت عبس عشية الأحد لخمسة عشر يوماً مضت من رجب سنة 62 من الهجرة , وشهدتُ جنازتها, ودفنت بمخدعها بدار مسلمة المستجده بالحمراء القصوى حيث بساتين عبدالله بن عبد الرحمن بن عوف الزّهري.
وناقش السّيد محسن الأمين هذه المسألة في أعيانه في موضعين:
الأول: قال
يجب أن يكون قبرها في المدينة المنوّرة, فإنّه لم يثبت أنها بعد رجوعها للمدينة خرجت منها وإن كان ترايخ وفاتها ومحل قبرها بالبقيع, وكم من أهل البيت أمثالها مَن جهل محلّ قبره وتأريخ وفاته وخصوصاً النساء.
وفيما أُلحق برسالة ’’ نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين في النجف وكربلاء ’’ المطبوعة بالهند نقلاً عن رسالة ’’ تحية أهل القبور بالمأثور ’’ عند ذكر قبور أولاد الأئمة - عليهم السلام - مالفظه: ومنهم زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين - عليه السلام - وكنيتها أم كلثوم, قبرها في قرب زوجها عبدالله ابن جعفر الطيّار خارج دمشق الشام معروف, جاءت مع زوجها عبدالله بن جعفر أيام عبد الملك بن مروان إلى الشام سنة المجاعة ليقوم عبدالله بن جعفر في ما كان له من القرى والمزارع خارج الشام حتى تنقضي المجاعة, فماتت زينب هناك, ودفنت في بعض تلك القرى, هذا هو التحقيق في وجه دفنها هناك, وغيره غلط لا اصل له فاغتنم, فقد وهم في ذلك جماعة فخبطوا العشواء.
وفي هذا الكلم الخبط عشواء مواضع:
أوّلاً: إنّ زينب الكبرى لم يقل أحد المؤرخين إنها تكنّى أم كلثوم, فقد ذكرها المسعودي والمفيد وابن طلحة وغيرهم, ولم يقل أحد منهم إنّه تكنّى أم كلثوم, بل كلهم سموها زينب الكبرى, وما استظهرناه من أنها تكنّى أم كلثوم ظهر لنا أخيراً فساده, كما مرّ في ترجمة زينب الصغرى.
ثانياً: قوله قبرها في قرب زوجها عبدالله بن جعفر ليس بصواب ولم يقله أحد, فقبر عبدالله بن جعفر في الحجاز, ففي عمدة الطالب والاستيعاب وأُسد الغابه والإصابة وغيرها: أنّه مات بالمدينه ودفن بالبقيع, وزاذ في عمدة الطالب القول بأنّه مات بالأبواء ودفن بالأبواء , ولا يوجد قرب القبر المنسوب إليه برواية قبر ينسب لعبد الله بن جعفر.
ثالثاً: مجيئها مع زوجها عبدالله بن جعفر إلى الشام سنة المجاعة لم نره في كلام أحد من المؤرخين مع مزيد من التفتيش والتنقيب, وإن كان ذكر في كلام أحد من أهل الأعصار الأخيرة فهو حدس واستنباط كالحدس والاستنباط من صاحب التحيّه, فإنّ هؤلاء لمّا توهمّوا أن زينب الكبرى, وأنّ ذلك أمر مفروغ منه مع عدم ذكر أحد من المؤرخين لذلك, استنبطوا لتصحيحه وجوهاً بالحدس والتخمين لا تستند إلى مستندهُ.
فبعض قال: إنّ يزيد عليه اللعنه طلبها من المدينة, فعظم ذلك عليها فقال لها ابن أخيها زين العابدين - عليه السلام -: ’’ إنكِ لا تصلين دمشق ’’ فماتت قبل دخولها, وكأنه هو الذي عدّه صاحب التحيّةغلطاً لا أصل له ووقع في مثله, وعدّه غنيمة وهو ليس بها, وعدّ غيره خبط العشواء وهو منه, فاغتنم فقد وهم كل منَ زعم أنّ القبر الذي في قرية زاوية منسوب إلى زينب الكبرى, ينسب إلى السيّدة زينب سبق إلى ذهنه زينب الكبرى؛ لتبادر الذهن إلى الفرد الأكمل, فلمّا أثراً يدل على ذلك لجأ إلى استنباط العلل العليلة.
ونظير هذا أنّ في مصر قبراً ومشهداً يقال له مشهد السيّدة زينب, وهي زينب بنت يحيى, والناس يتوهمون أنّه قبر السيدة زينب - عليها السلام - بنت أمير المؤمنين - عليه السلام -, ولا سبب له إلا تبادر الذهن إلى الفرد الأكمل, وإذا كان بعض الناس اختلق سبباً لمجيء زينب الكبرى إلى الشام ووفاتها فيها, فماذا يختلقون لمجيئها مصر, ومالذي أتى بها إليها, لكن بعض المؤلّفين من غيرنا رأيت له كتاباً مطبوعاً بمصر غاب عني الآن اسمه ذكر لذلك توجيهاً, بأنه يجوز أن تكون نقلت إلى مصر بوجه خفي على الناس, مع أنّ زينب التي بمصر هي زينب بنت يحيى حسينية أو حسنية, وحال زينب التي براوية حالها.
رابعاً: لم يذكر مؤرّخ أن عبدالله بن جعفر كان له قرى ومزارع خارج الشام, حتى يأتي إليها ويقوم بأمرها, وإنما كان يفد على معاوية فيجيزه, فلا يطول أمر تلك الجوائز في يده حتى ينفقها, بما عرف منه من الجود المفرط, فمن أين جاءته هذه القرى والمزارع, وفيأي كتاب ذكرت من كتب التواريخ.
خامساً: إن كان عبدالله بن جعفر له قرى ومزارع خارج الشام كما صوّرته المخيّلة, فما الذي يدعوه للإتيان بزوجته زينب معه, وهي التي أُتي بها إلى الشام أسيرة بزّي السبايا وبصورة فظيعة, واُدخلت على يزيد مع ابن أخيها زين العابدين وباقي أهل بيتها بهيئة مشجبة, فهل من المتصّور أن ترغب في دخول الشام ورؤيتها مرّة ثانية وقد جرى عليها بالشام ماجرى, وإن كان الداعي للإتيان بها معه هو المجاعة بالحجاز, فكان يمكنه أن يحوّل غلاّت مزارعه الموهومه إلى الحجاز أو يبيعها بالشام ويأتي بثمنها إلى الحجاز, فإن جعفر لم يكن معدماً إلى هذا الحد, مع أنّه يتكلّف من نفقة إحضارها وإحضار أهله أكثر من نفقة قوتها, فما كان ليحضرها وحدها إلى الشام ويترك باقي عياله بالحجاز جياعى.
سادساً: لم يتحقق أنّ صاحبة القبر الذي في راوية تسمّى زينب لو لم يتحقق عدمه, فضلاً عن أن تكون زينب الكبرى, وإنما هي مشهورة بأم كلثوم كما مرّ في ترجمة زينب الصغرى لا الكبرى, على أنّ زينب لا تكنّى بأم كلثوم, وهذه مشهورة بأمُ كلثوم.
الثاني: قال السّيد الأمين تحت عنوان ’’ قبرالست الذي في راوبة ’’
يوجد في قرية تسمّى راوية على بعد فرسخ من دمشق إلى جهة الشرق قبر ومشهد يسمى قبر الست, ووجد على هذا القبر صخرة رأيتها وقرأتها كتب عليها: هذا قبر السيّدة زينب المكنّاة بأم كلثوم بنت سيّدنا علي - رضي الله عنه-, وليس فيها تأريخ, وصورة خطّها تدل على أنها كتبت بعد الستمائة من الهجرة, ولا يثبت بمثلها شيء, ومع مزيد التتبّع والفحص لم أجد من أشار إلى هذا القبر من المؤرخين سوى ابن جبير في رحلته, وياقوت في مجعمه, وابن عساكر في تأريخ دمشق, وذلك يدلّ على وجود هذا القبر من زمان قديم واشتهاره.
قال ابن جبير في رحلته التي كانت في أوائل المائة السابعه عند الكلام على دمشق مالفظه: ومن مشاهد أهل البيت رضي الله عنهم مشهد أُم كلثوم بنت علي بن أبي طالب- رضي الله عنه -, ويقال لها زينب الصغرى, وأم كلثوم كنية أوقعها عليها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لشبهها بابنته أم كلثوم - رضي الله عنها -, والله أعلم بذلك. ومشهدها الكريم بقرية قبلي البلد تعرف براوية على مقدار فرسح, وعليه مسجد كبير وخارجه مساكن وله أوقاف, وأهل هذه الجهات يعرفونهب قبر الست أم كلثوم, مشينا إليه وبتنا به وتبرّكنا برؤيته, نفعنا الله بذلك.
وقال ياقوت المتوفى سنة 622هـ في معجم البلدان: قرية من غوطة دمشق, بها قبرأُم كلثوم.
وقال ابن عساكر [ من أهل أوئل المائة الخامسة ] عند ذكر مساجد دمشق: مسجد راوية مسجد على قبر أُم كلثوم, وهي ليست بنت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - التي كانت عند عثمان؛ لأنّ تلك ماتت في حياة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -, ودفنت بالمدينة, ولا هي أم كلثوم بنت علي من فاطمة التي تزوّجها عمر بن الخطاب؛ أنها ماتت هي وابنها زيد بن عمر بالمدينة في يوم واحد ودفنا بالبقيع, وإنما هي امرأة من أهل البيت سُميت بهذا الأسم ولا يحفظ نسبها, ومسجدها هذا بناه رجل قرقوبي من أهل حلب.
فابن جبير وإن سمّاها زينب الصغرى وكنّاها أُم كلثوم حاكياً أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - كنّاها بذلك’ إلاّ أن القبر الظاهر أنّ ذلك اجتهاد منه بدليل قوله: إنّ أهل هذه الحجة يعرفونه بقبرالست أُم كلثوم, ما دلَّ على أنها مشهورة بأُم كلثوم دون زينب, وقوله أولاً: الله أعلم بذلك, مشعر تشكيكه في ذلك.
وياقوت وابن عساكر كما سمعتَ لم يُصرحا باسم أبيها, و بأنّها تسمّى زينب بل اقتصرا على تسميتها بأُم كلثوم فقط. ومن هنا قد يقع الشك في أنّها بنت علي - عليه السلام - فضلاً عن أن أسمها زينب، أنها امرأة من أهل البيت لم يحفظ نسبها كما قاله ابن عساكر, وإن كان مااعتمد عليه في ذلك غير صواب لتعدّد من تُسمّى بأُم كلثوم من بنات علي وعدم انحصارهن في زوجة عمر بن الخطاب.
وكيف كان فلو صح بأنّها زينب الصغرى فهي التي كانت تحت محمد بن عقيل, فما الذي جاء بها إلى راوية دمشق, ولكن ذلك لم يصح كما عرفت.
وإن كانت أُم كلثوم كما هو الظاهر لدلالة كلام ابن جبير وياقوت وابن عساكر على اشتهارها بذلك, فليست أم كلثوم الكبرى, لِما مرّ عن ابن عساكر, فيتعيّن كونها أمّا أُم كلثوم الوسطى زوجة مسلم بن عقيل التي تزّوجها عبدالله بن جعفر بعد قتل زوجها ووفاة أختها زينب الكبرى, وإما أم كلثوم الصغرى التي كانت متزوجة ببعض ولد عقيل, وحينئذٍ فمجيء إحداهما إلى الشام ووفاتها في تلك القرية وإن كانَ ممكناً عقلاً لكنه مستبعد عادةً.
هذا على تقدير صحة انتساب القبر الذي في راوية إلى أم كلثوم بنت علي, لكن قد عرفت أنّه ليس بيدنا مايصحح ذلك لو لم يوجد ماينفيه, ثم أنّه ليس في كلام مَن تقدّم نقل كلامهم ما يدّل على أن مَن تسمَى بزينب تكّنى بأم كلثوم سوى كلام المفيد.
http://i17.photobucket.com/albums/b95/claaya/Lines%20Welcome/dfc2c842.gif

.:]( المصدر ^ سُفرة أم البنين والسيدة زينب وأبو الفضل العباس عليهم السلام ^ لـ ماجد ناصر الزبيدي )[:.