حمد حسن
03-24-2007, 01:59 PM
يهدف المنهج الإسلامي إلي حفظ العقل و النسل و النفس و الدين و المال ، و هذه هي الأمور الأساسية لصلاح الفرد و المجتمع . و لما كان النسل هو احد أهم هذه الضروريات ، حرص الإسلام علي تدبير الإجراءات و القوانين التى تكفل تماماً نقاء النسل و سلالته .
من أجل ذلك شرع الله تعالي الزواج كمنهج مقدس يقوم بتنظيم العلاقة بين الذكر و الأنثى ، و حصر العلاقة الجنسية في إطار شرعي قائم علي الزواج و حذر من الخروج عن هذا الإطار ، و اعتبر كل نوع من أنواع الممارسات الخارجة عنه بمثابة لوثة أخلاقية و جريمة خطيرة .
و تدخلت التشريعات و القوانين الوضعية و تمشياً مع منهج الله تعالي لتبسط سيطرتها من خلال وضع ضوابط و معايير للحفاظ علي الزواج ، و كفل حقوق الزوجين و الأولاد باعتباره النواة الحقيقة لبناء المجتمع . فالزواج نظام اجتماعي و قانوني ينشأ عنه حقوق و التزامات متبادلة بين الزوجين ، و من أهم هذه الحقوق أن يكون كلا من الزوجين وفياً مخلصاً للطرف الآخر و أن تكون العلاقة الجنسية مقصورة عليه وحده دون غيره .
و بناء عليه ، فإن جريمة الزنا تعد من أخطر الجرائم التي ترتكب في حق الزوجية بصفة خاصة لما لها من تبعات و آثار بالغة التأثير بين الزوجين و علي المجتمع ككل . و قد أضحي و أمس المشرع لوضع قانون يجرم هذا الفعل حيث حدد لها أركان و شروط مقيدة نظراً لما ينتج عن هذه الجريمة من آثار اجتماعية .
و إن كان القانون قد حدد شروط معينة لإقامة جريمة الزنا ، و عزل كل الممارسات الأخرى و التي تخدش الحياء عن هذه الجريمة ، إلا أن ظهور ممارسات متطرفة و شاذة تحقق الإشباع الجنسي التصور الخيالي ، يرمي بثقله علي العلاقة بين الزوجين ، و هو ما يعرف (( بالجنس الإلكتروني )) و سوف نوجز مفهومه و مسبباته و موقف القانون من جريمة الزنا ثم رأينا في هذه الظاهرة .
أولاً – مفهوم " الجنس الإلكتروني " :
في رأينا ، أن الجنس الالكتروني هو إشباع لرغبة جنسية عن طريق التخيل و المشاهدة و الثرثرة الداعرة بواسطة الانترنت ، و هو يختلف بمفهومة هذا عن باقي الأنواع المختلفة للحصول علي المتعة الجنسية كالمكلمات الهاتفية ، و مشاهدة الأفلام المخلة بالآداب لأكون الجنس الالكتروني يتحقق فيه وجود طرف أو شريك آخر في الفعل يقوم بنفس الفعل في وقت واحد .
ثانياً – إشكالية ظاهرة " الجنس الإلكتروني " :
- انتشرت هذه الظاهرة و بدأت تتفاقم و تتوغل داخل المجتمعات العربية بين أوساط الشباب الغير قادرين علي الزواج . . أما المشكلة الحقيقة هي قيام المتزوجون باقتراف هذه الفعلة مما أنتج كم من المشاكل الاجتماعية و النفسية و التي نضحت بآثارها علي العلاقة بين الزوجين .
- فهناك أعداد لا حصر لها من النساء و الرجال يمارسون الجنس علي الشبكة بالمحادثات الداعرة الصريحة و المشاهدات عن طريق الكاميرات مما يحقق لهم النشوة الجنسية الخيالية العارمة .
المشكلة الحقيقة في رأينا ، هي إفراز نوع جديد من الممارسة الجنسية المقروءة و المسموعة و المرئية و التى أصبحت في متناول الجميع ، مما تولد معه مشاكل تبلورت في عمليات زنا حقيقي ، و زواج عرفي ، و عمليات إجهاض و هذه هي الخطورة الحقيقة في هذه الممارسة أو بمعني آخر أن تتعدي الممارسة خارج الأجهزة لتكون فعل علي أرض الواقع و يصبح المقترف مسئولاً أمام القانون و المجتمع . .
ثالثاً – مسببات ظاهرة " الجنس الإلكتروني "
أري أن هناك أسباب متباينة أوجدت هذه الظاهرة و سوف أسردها بإيجاز
1- المناهج التعليمية :
لازالت المناهج التعليمية في المنطقة العربية تتعامل بالمنطق النظري البحت و إقصاء التطبيق العملي للمواد العلمية عن الحياة العملية مما أوجد فجوة حقيقة بين الطالب و الحياة العملية فقد معها التميز بين الأشياء و كسرت بداخله روح الطموح و الإبداع و من ثم أصبح فريسة سهلة لمثل هذه الممارسات لفقدانه الهوية و الحس الديني و مبدأ الانتماء إلي الجماعة .
2- قصور الخطاب الديني :
لما كان الدين هو أهم عنصر من محركات الحياة ، فإني أري ، أن الفرد يستمد سلوكه من عقيدته و الفرد في حاجة دائمة لتثبيت هذه العقيدة و ترسيخها مما يتبع ذلك تقويم لسلوكه و ضبطه . و لما كان الخطاب الديني المتمثل في الوعظ و الإرشاد هو المنهج الذي يقوم به رجل الدين لتقويم سلوك الفرد و تثبيته علي العقيدة ، فإن تجاهل الوعظ و الإرشاد هذه الظاهرة و الاكتفاء بتجريم هذا الفعل شرعاً و إدخاله في نطاق المحظورات قام بتوسيع الفجوة . . و يتبين ذلك في اكتفاء رجال الدين بالتحريم فقط دون بيان الأسباب المنطقية و التي يقبلها العقل . فكان من الأحرى أن يقوم رجال الوعظ و الإرشاد ببيان الفائدة من استعمال منجزات الثورة الرقمية ، و التي أصبحت واقع لا مفر منه ، و النصيحة بالسعي إليها و التزود بها مع بيان خطورة الوقوع في المحظور شرعاً .
3- سوء و تعقيد فكرة الاستمتاع بالعلاقة الحميمة بين الزوجين :
نظراً لحالة الجهل بالثقافة الجنسية التي تعتري المجتمعات العربية و الخوف من الاقتراب من هذه النقطة الحساسة و اعتبارها من الخوارج عن نطاق الثقافات التي ألفها العقل العربي بدأت تثور مشاكل عدم انتظام العلاقة الحميمة للزوجين وقصور فكرة الاستمتاع المتبادل ، فأمست هذه العلاقة روتينية يصحبها الملل مما يدفع إلي التجديد عن طريق ممارسة " الجنس الإلكتروني " . . فالمتهم هنا يتخيل و يمارس و يستمع مع ألوان مختلفة من البشر مما يكبح عنده القصور الناتج عن سوء فهم الاستماع مع الطرف الأخر في نطاقه الشرعي .
4- تفشي المادية داخل المجتمعات العربية :
أخذت قيم جديدة موقع الصدارة في مجتمعاتنا العربية و هي قيم فريدة تطمع للمصالح الشخصية و تحقيق العائد المادي و المنفعة المالية حتى و لو خالف ذلك مبادئ الشرع و العادات و التقاليد السائدة في المجتمع .
5- غياب المشرع عن تجريم هذه الظاهرة " الجنس الالكتروني " .
لكل نضمن سريان القانون يجب أن يوضع الجزاء لمن يخالفه مع وضع منظومة منهجية عليمة لمعالجة المشكلة التى وضع القانون لها قاعدة لحلها . . فلا زالت هذه الظاهرة غريبة و جديدة و لم تتفاقم أثارها بصورة توجب تتدخل المشرع لسن قانون يجرمها خوفاً من الاعتداء علي الحريات الفردية أو نشوء تخمة من التشريعات القانونية بالإضافة إلي استناد القانون لوسائل الإثبات التقليدية و عدم تضمينه للوسائل و التقنيات الحديثة كوسيلة معترف بها قانوناً في الإثبات .
5- البطالة و غلاء المعيشة :
لاشك أن العدو الأول لقهر الشاب في رأينا هو البطالة أو عدم وجود فرص العمل المناسبة مع مؤهلاته . . و ارتفاع تكاليف المعيشة مما يدفعه لليأس و الإحباط و إفراز همومه في هذه الممارسة و قضاء وقت ينسي فيه مشاكله
رابعاً - الوضع القانوني لجريمة الزنا
و قبل أن نكون الرأي النهائي عن تجريم هذه الظاهرة يجب ان نتكلم بإيجاز شديد عن الوضع القانوني لجريمة الزنا
التعريف القانوني لجريمة الزنا :
هو اتصال شخص متزوج – رجلاً أو امرأة – اتصالاً جنسياً خارج نطاق الزوجية ، فالفاعل في هذه الجريمة هو الشخص المتزوج ، أما الآخر فشريك فيها . فجوهر الجريمة ليس الاتصال الجنسي في ذاته ، و لكن ما ينطوي عليه هذا الاتصال من إخلال بالإخلاص الزوجي.
و يدخل الزنا في نطاق (( جرائم ذو الصفة الخاصة )) و صفته الجاني هنا هي كزوج .
علة التجريم :
يحمي الشارع بتجريم الزنا أهم الحقوق الزوجية و يضع به جزاء جنائياً لأهم الالتزامات التى يتضمنها الزواج كنظام اجتماعي و قانوني ، و مؤدي ذلك أن تجريم الزنا هو حماية لكيان الزواج و بدونها يفقد فحواه وكيانه
و بنا ءعليه فإن الزنا ليس فقط اعتداء علي حق الزواج المجني عليه وحده و إنما اعتداء علي المجتمع .
زنا الزوج و زنا الزوجة :
يفرق القانون بين جريمة الزنا الواقعة من الزوج و الواقعة من الزوجة من عدة وجوه أولهما أن جريمة الزوج تقتضي أن يكون الفعل قد وقع في منزل الزوجية أما زنا الزوجة فإنه يعد جريمة و لو حصل في غير منزل الزوجية.
تحديد مدلول منزل الزوجية :
عرفت محكمة النقض المصرية بأن منزل الزوجية هو المسكن الذي يتخذه للإقامة فيه و الذي يحق للزوجة أن تدخله لتعيش مع زوجها و أن الزنا في هذا المسكن يعتبر زنا في منزل الزوجية مستوجباً العقاب .
و ليس من الضروري أن تقييم الزوجة بالفعل في المسكن الذي ارتكبت فيه جريمة الزنا ، بل يكفي أن يكون الزوج مقيماً فيه و أن يكون للزوجة حق دخوله و يعتبر من منزل الزوجية استئجار غرفة في فندق أو شقة مفروشة علي وجه الثبات و الدوام لفترة طويلة .
جريمة زنا الزوجة
أركان الجريمة :
تنص المادة 274 عقوبات علي أن : " المرأة المتزوجة التى ثبت زناها يحكم عليها بالحبس مدة لا
تزيد علي سنتين " .
1- وقوع فعل مادي هو الوطء غير المشروع .
2- أن يكون ذلك حال قيام الزوجية فعلاً أو حكماً .
3- توافر القصد الجنائي .
1- فعل الوطء :
لا توجد جريمة الزنا إلا بحصول الوطء الطبيعي بإرادة المرأة مع غير زوجها . فالصلات الأخرى غير المشروعة و أفعال الفحش أو الخادشة للحياء فيما دون الوطْء لا تكفي لتكوين الجريمة .
و إذا رضيت بالصلة الجنسية لم تبلغ من عمرها الثامنة عشرة سئلت عن زنا و سئل عشيقها كفاعل لهتك عرض.
2- أن يكون ذلك حال قيام الزوجية فعلاً أو حكماً .
الركن الثاني أن يكون هناك علاقة زوجية قائمة أو ما في حكمها ، فغذا تخلف هذا الشرط انتفت الجريمة في حق المتهم
3- القصد الجنائي
زنا الزوجة جريمة عمدية و من ثم يتخذ ركنها المعنوي صورة القصد الجنائي و يقوم القصد في هذه الجريمة علي العلم و الإرادة .
الوضع القانوني لشريك الزوجة الزانية :
المادة 275 عقوبات : " و يعاقب أيضاً الزاني بتلك المرأة بنفس العقوبة "
الحكام الإجرائية الخاصة بزنا الزوجة :
أهم هذه الحكام إخضاع تحريك الدعوى الجنائية الناشئة عن هذه الجريمة لشكوى الزوج و يتفرغ عن ذلك تخويله سلطة إيقاف سير هذه الدعوى في أية حالة كانت عليها بل و إيقاف تنفيذ حكم الإدانة الصادر ضد الزوجة اذا رضا بمعاشرتها ! .
أدلة الاثبات ضد شريك الزوجة الزانية :
1- التلبس بالجريمة
2- الاعتراف
3- وجود مكاتيب او أوراق صادرة من الشريك
4- وجود الشريك في المحل المخصص للحريم
زنا الزوج :
تقضي المادة 277 من قانون العقوبات بأن : " كل زوج زنا في منزل الزوجية و ثبت عليه هذا الأمر بدعوي الزوجة يجازي بالحبس مدة لا تزيد علي ستة شهور "
بعد هذا الاستعراض الموجز لهذه الظاهرة و بيان الوضع القانوني لجريمة الزنا . . فإنني و الحالة أري . . أننا بصدد جريمة زنا تفتقر إلي ركن الوطء غير الشرعي و لذلك فإني أذهب لتسميتها [ بجريمة الزنا السلبي ]
مفهومنا لجريمة الزنا السلبي :
هو اتصال شخص متزوج – رجلاً أو امرأة – اتصالاً جنسياً غير مباشر خارج نطاق الزوجية . و هي جريمة لا توجب الجزاء الجنائي و إنما توجب الجزاء المدني المتمثل في إسقاط حق مدني مخول بواسطة القانون
الإجراءات القانونية المترتبة علي وقوع جريمة الزنا السلبي
إن ثبت بالدليل القطعي و أدلة الإثبات الأخرى التى بيديها المتضرر أمام القضاء أن الزوج اقترف جريمة الزنا السلبي في حق الزوجة كان للأخيرة الحق في طلب التطليق من قاضي الأمور المستعجلة للضرر الواقع عليها جراء هذه الجريمة مع الاحتفاظ الكامل بحقها في النفقة و الحضانة و مؤخر الصداق . أما إذا ثبتت الجريمة في حق الزوجة ، و طلقها الزوج بالإرادة المنفردة يسقط حقها في النفقة و الحضانة و مؤخر الصداق . مع الحق في التعويض عن الأضرار المادية و المعنوية للطرف المتضرر .
و الله و رسوله أعلم .
من أجل ذلك شرع الله تعالي الزواج كمنهج مقدس يقوم بتنظيم العلاقة بين الذكر و الأنثى ، و حصر العلاقة الجنسية في إطار شرعي قائم علي الزواج و حذر من الخروج عن هذا الإطار ، و اعتبر كل نوع من أنواع الممارسات الخارجة عنه بمثابة لوثة أخلاقية و جريمة خطيرة .
و تدخلت التشريعات و القوانين الوضعية و تمشياً مع منهج الله تعالي لتبسط سيطرتها من خلال وضع ضوابط و معايير للحفاظ علي الزواج ، و كفل حقوق الزوجين و الأولاد باعتباره النواة الحقيقة لبناء المجتمع . فالزواج نظام اجتماعي و قانوني ينشأ عنه حقوق و التزامات متبادلة بين الزوجين ، و من أهم هذه الحقوق أن يكون كلا من الزوجين وفياً مخلصاً للطرف الآخر و أن تكون العلاقة الجنسية مقصورة عليه وحده دون غيره .
و بناء عليه ، فإن جريمة الزنا تعد من أخطر الجرائم التي ترتكب في حق الزوجية بصفة خاصة لما لها من تبعات و آثار بالغة التأثير بين الزوجين و علي المجتمع ككل . و قد أضحي و أمس المشرع لوضع قانون يجرم هذا الفعل حيث حدد لها أركان و شروط مقيدة نظراً لما ينتج عن هذه الجريمة من آثار اجتماعية .
و إن كان القانون قد حدد شروط معينة لإقامة جريمة الزنا ، و عزل كل الممارسات الأخرى و التي تخدش الحياء عن هذه الجريمة ، إلا أن ظهور ممارسات متطرفة و شاذة تحقق الإشباع الجنسي التصور الخيالي ، يرمي بثقله علي العلاقة بين الزوجين ، و هو ما يعرف (( بالجنس الإلكتروني )) و سوف نوجز مفهومه و مسبباته و موقف القانون من جريمة الزنا ثم رأينا في هذه الظاهرة .
أولاً – مفهوم " الجنس الإلكتروني " :
في رأينا ، أن الجنس الالكتروني هو إشباع لرغبة جنسية عن طريق التخيل و المشاهدة و الثرثرة الداعرة بواسطة الانترنت ، و هو يختلف بمفهومة هذا عن باقي الأنواع المختلفة للحصول علي المتعة الجنسية كالمكلمات الهاتفية ، و مشاهدة الأفلام المخلة بالآداب لأكون الجنس الالكتروني يتحقق فيه وجود طرف أو شريك آخر في الفعل يقوم بنفس الفعل في وقت واحد .
ثانياً – إشكالية ظاهرة " الجنس الإلكتروني " :
- انتشرت هذه الظاهرة و بدأت تتفاقم و تتوغل داخل المجتمعات العربية بين أوساط الشباب الغير قادرين علي الزواج . . أما المشكلة الحقيقة هي قيام المتزوجون باقتراف هذه الفعلة مما أنتج كم من المشاكل الاجتماعية و النفسية و التي نضحت بآثارها علي العلاقة بين الزوجين .
- فهناك أعداد لا حصر لها من النساء و الرجال يمارسون الجنس علي الشبكة بالمحادثات الداعرة الصريحة و المشاهدات عن طريق الكاميرات مما يحقق لهم النشوة الجنسية الخيالية العارمة .
المشكلة الحقيقة في رأينا ، هي إفراز نوع جديد من الممارسة الجنسية المقروءة و المسموعة و المرئية و التى أصبحت في متناول الجميع ، مما تولد معه مشاكل تبلورت في عمليات زنا حقيقي ، و زواج عرفي ، و عمليات إجهاض و هذه هي الخطورة الحقيقة في هذه الممارسة أو بمعني آخر أن تتعدي الممارسة خارج الأجهزة لتكون فعل علي أرض الواقع و يصبح المقترف مسئولاً أمام القانون و المجتمع . .
ثالثاً – مسببات ظاهرة " الجنس الإلكتروني "
أري أن هناك أسباب متباينة أوجدت هذه الظاهرة و سوف أسردها بإيجاز
1- المناهج التعليمية :
لازالت المناهج التعليمية في المنطقة العربية تتعامل بالمنطق النظري البحت و إقصاء التطبيق العملي للمواد العلمية عن الحياة العملية مما أوجد فجوة حقيقة بين الطالب و الحياة العملية فقد معها التميز بين الأشياء و كسرت بداخله روح الطموح و الإبداع و من ثم أصبح فريسة سهلة لمثل هذه الممارسات لفقدانه الهوية و الحس الديني و مبدأ الانتماء إلي الجماعة .
2- قصور الخطاب الديني :
لما كان الدين هو أهم عنصر من محركات الحياة ، فإني أري ، أن الفرد يستمد سلوكه من عقيدته و الفرد في حاجة دائمة لتثبيت هذه العقيدة و ترسيخها مما يتبع ذلك تقويم لسلوكه و ضبطه . و لما كان الخطاب الديني المتمثل في الوعظ و الإرشاد هو المنهج الذي يقوم به رجل الدين لتقويم سلوك الفرد و تثبيته علي العقيدة ، فإن تجاهل الوعظ و الإرشاد هذه الظاهرة و الاكتفاء بتجريم هذا الفعل شرعاً و إدخاله في نطاق المحظورات قام بتوسيع الفجوة . . و يتبين ذلك في اكتفاء رجال الدين بالتحريم فقط دون بيان الأسباب المنطقية و التي يقبلها العقل . فكان من الأحرى أن يقوم رجال الوعظ و الإرشاد ببيان الفائدة من استعمال منجزات الثورة الرقمية ، و التي أصبحت واقع لا مفر منه ، و النصيحة بالسعي إليها و التزود بها مع بيان خطورة الوقوع في المحظور شرعاً .
3- سوء و تعقيد فكرة الاستمتاع بالعلاقة الحميمة بين الزوجين :
نظراً لحالة الجهل بالثقافة الجنسية التي تعتري المجتمعات العربية و الخوف من الاقتراب من هذه النقطة الحساسة و اعتبارها من الخوارج عن نطاق الثقافات التي ألفها العقل العربي بدأت تثور مشاكل عدم انتظام العلاقة الحميمة للزوجين وقصور فكرة الاستمتاع المتبادل ، فأمست هذه العلاقة روتينية يصحبها الملل مما يدفع إلي التجديد عن طريق ممارسة " الجنس الإلكتروني " . . فالمتهم هنا يتخيل و يمارس و يستمع مع ألوان مختلفة من البشر مما يكبح عنده القصور الناتج عن سوء فهم الاستماع مع الطرف الأخر في نطاقه الشرعي .
4- تفشي المادية داخل المجتمعات العربية :
أخذت قيم جديدة موقع الصدارة في مجتمعاتنا العربية و هي قيم فريدة تطمع للمصالح الشخصية و تحقيق العائد المادي و المنفعة المالية حتى و لو خالف ذلك مبادئ الشرع و العادات و التقاليد السائدة في المجتمع .
5- غياب المشرع عن تجريم هذه الظاهرة " الجنس الالكتروني " .
لكل نضمن سريان القانون يجب أن يوضع الجزاء لمن يخالفه مع وضع منظومة منهجية عليمة لمعالجة المشكلة التى وضع القانون لها قاعدة لحلها . . فلا زالت هذه الظاهرة غريبة و جديدة و لم تتفاقم أثارها بصورة توجب تتدخل المشرع لسن قانون يجرمها خوفاً من الاعتداء علي الحريات الفردية أو نشوء تخمة من التشريعات القانونية بالإضافة إلي استناد القانون لوسائل الإثبات التقليدية و عدم تضمينه للوسائل و التقنيات الحديثة كوسيلة معترف بها قانوناً في الإثبات .
5- البطالة و غلاء المعيشة :
لاشك أن العدو الأول لقهر الشاب في رأينا هو البطالة أو عدم وجود فرص العمل المناسبة مع مؤهلاته . . و ارتفاع تكاليف المعيشة مما يدفعه لليأس و الإحباط و إفراز همومه في هذه الممارسة و قضاء وقت ينسي فيه مشاكله
رابعاً - الوضع القانوني لجريمة الزنا
و قبل أن نكون الرأي النهائي عن تجريم هذه الظاهرة يجب ان نتكلم بإيجاز شديد عن الوضع القانوني لجريمة الزنا
التعريف القانوني لجريمة الزنا :
هو اتصال شخص متزوج – رجلاً أو امرأة – اتصالاً جنسياً خارج نطاق الزوجية ، فالفاعل في هذه الجريمة هو الشخص المتزوج ، أما الآخر فشريك فيها . فجوهر الجريمة ليس الاتصال الجنسي في ذاته ، و لكن ما ينطوي عليه هذا الاتصال من إخلال بالإخلاص الزوجي.
و يدخل الزنا في نطاق (( جرائم ذو الصفة الخاصة )) و صفته الجاني هنا هي كزوج .
علة التجريم :
يحمي الشارع بتجريم الزنا أهم الحقوق الزوجية و يضع به جزاء جنائياً لأهم الالتزامات التى يتضمنها الزواج كنظام اجتماعي و قانوني ، و مؤدي ذلك أن تجريم الزنا هو حماية لكيان الزواج و بدونها يفقد فحواه وكيانه
و بنا ءعليه فإن الزنا ليس فقط اعتداء علي حق الزواج المجني عليه وحده و إنما اعتداء علي المجتمع .
زنا الزوج و زنا الزوجة :
يفرق القانون بين جريمة الزنا الواقعة من الزوج و الواقعة من الزوجة من عدة وجوه أولهما أن جريمة الزوج تقتضي أن يكون الفعل قد وقع في منزل الزوجية أما زنا الزوجة فإنه يعد جريمة و لو حصل في غير منزل الزوجية.
تحديد مدلول منزل الزوجية :
عرفت محكمة النقض المصرية بأن منزل الزوجية هو المسكن الذي يتخذه للإقامة فيه و الذي يحق للزوجة أن تدخله لتعيش مع زوجها و أن الزنا في هذا المسكن يعتبر زنا في منزل الزوجية مستوجباً العقاب .
و ليس من الضروري أن تقييم الزوجة بالفعل في المسكن الذي ارتكبت فيه جريمة الزنا ، بل يكفي أن يكون الزوج مقيماً فيه و أن يكون للزوجة حق دخوله و يعتبر من منزل الزوجية استئجار غرفة في فندق أو شقة مفروشة علي وجه الثبات و الدوام لفترة طويلة .
جريمة زنا الزوجة
أركان الجريمة :
تنص المادة 274 عقوبات علي أن : " المرأة المتزوجة التى ثبت زناها يحكم عليها بالحبس مدة لا
تزيد علي سنتين " .
1- وقوع فعل مادي هو الوطء غير المشروع .
2- أن يكون ذلك حال قيام الزوجية فعلاً أو حكماً .
3- توافر القصد الجنائي .
1- فعل الوطء :
لا توجد جريمة الزنا إلا بحصول الوطء الطبيعي بإرادة المرأة مع غير زوجها . فالصلات الأخرى غير المشروعة و أفعال الفحش أو الخادشة للحياء فيما دون الوطْء لا تكفي لتكوين الجريمة .
و إذا رضيت بالصلة الجنسية لم تبلغ من عمرها الثامنة عشرة سئلت عن زنا و سئل عشيقها كفاعل لهتك عرض.
2- أن يكون ذلك حال قيام الزوجية فعلاً أو حكماً .
الركن الثاني أن يكون هناك علاقة زوجية قائمة أو ما في حكمها ، فغذا تخلف هذا الشرط انتفت الجريمة في حق المتهم
3- القصد الجنائي
زنا الزوجة جريمة عمدية و من ثم يتخذ ركنها المعنوي صورة القصد الجنائي و يقوم القصد في هذه الجريمة علي العلم و الإرادة .
الوضع القانوني لشريك الزوجة الزانية :
المادة 275 عقوبات : " و يعاقب أيضاً الزاني بتلك المرأة بنفس العقوبة "
الحكام الإجرائية الخاصة بزنا الزوجة :
أهم هذه الحكام إخضاع تحريك الدعوى الجنائية الناشئة عن هذه الجريمة لشكوى الزوج و يتفرغ عن ذلك تخويله سلطة إيقاف سير هذه الدعوى في أية حالة كانت عليها بل و إيقاف تنفيذ حكم الإدانة الصادر ضد الزوجة اذا رضا بمعاشرتها ! .
أدلة الاثبات ضد شريك الزوجة الزانية :
1- التلبس بالجريمة
2- الاعتراف
3- وجود مكاتيب او أوراق صادرة من الشريك
4- وجود الشريك في المحل المخصص للحريم
زنا الزوج :
تقضي المادة 277 من قانون العقوبات بأن : " كل زوج زنا في منزل الزوجية و ثبت عليه هذا الأمر بدعوي الزوجة يجازي بالحبس مدة لا تزيد علي ستة شهور "
بعد هذا الاستعراض الموجز لهذه الظاهرة و بيان الوضع القانوني لجريمة الزنا . . فإنني و الحالة أري . . أننا بصدد جريمة زنا تفتقر إلي ركن الوطء غير الشرعي و لذلك فإني أذهب لتسميتها [ بجريمة الزنا السلبي ]
مفهومنا لجريمة الزنا السلبي :
هو اتصال شخص متزوج – رجلاً أو امرأة – اتصالاً جنسياً غير مباشر خارج نطاق الزوجية . و هي جريمة لا توجب الجزاء الجنائي و إنما توجب الجزاء المدني المتمثل في إسقاط حق مدني مخول بواسطة القانون
الإجراءات القانونية المترتبة علي وقوع جريمة الزنا السلبي
إن ثبت بالدليل القطعي و أدلة الإثبات الأخرى التى بيديها المتضرر أمام القضاء أن الزوج اقترف جريمة الزنا السلبي في حق الزوجة كان للأخيرة الحق في طلب التطليق من قاضي الأمور المستعجلة للضرر الواقع عليها جراء هذه الجريمة مع الاحتفاظ الكامل بحقها في النفقة و الحضانة و مؤخر الصداق . أما إذا ثبتت الجريمة في حق الزوجة ، و طلقها الزوج بالإرادة المنفردة يسقط حقها في النفقة و الحضانة و مؤخر الصداق . مع الحق في التعويض عن الأضرار المادية و المعنوية للطرف المتضرر .
و الله و رسوله أعلم .