حمد حسن
03-03-2007, 12:20 PM
نرفع أحر آيات التعازي الى مقام صاحب العصر والزمان أرواحنا له الفداء والى مراجعنا العظام سيما آية الله العظمى السيد السيستاني دام ظله الشريف واليكم أيها الأخوة والى كافة المؤمنين والمؤمنات بمناسبة ذكرى وفاة آية الله العظمى السيد أبوالقاسم الخوئي قدس سره الشريف المتوفى في الثامن من صفر سنة 1413هـ .
اليكم أعزائي ومضات من حياته الشريفة :
كثير أولئك العلماء الذين انتظمتهم مسيرة العلم والفكر والقيادة ولكن قليلون منهم الذين تركوا بصماتهم على صفحاتها تغييراً وتطويراً ومن هؤلاء القلة
كان المغفور له آية الله السيد أبوالقاسم الخوئي (قده) .
لقد عاش الامام الخوئي (قده) قرابة قرن من عمره الشريف مرجعاً معطاءً بمدرسته العلمية , حيث تخرج من تحت منبره الدراسي ثلاثة أجيالٍ من الفقهاء المجتهدين . وبمؤلفاته المتنوعة في مختلف العلوم , فكانت رافداًللفكر وللانسانية والحضارة وبمؤسساته الخيرية التي شملت اليتيم تمسح دموع الحزن والاسى عن عينيه , وتمنحه دفئاً وحناناً , ووصلت المحتاج فسد حاجته , وتعهدت الطفل -غرسةً يانعةً - ترعاه ليستقيم عوده وينموعلى الهدى والصلاح . ان حياة هذا القائد العظيم متعددة الجوانب لكننا نركز بمناسبة ذكرى وفاته هنا بصورة موجزة - على أبرز الخطوط والنقاط في حياة زعيم الحوزة العلمية :
النقطة الاولى / حول مولده و نشأته : ولد الامام الخوئي (قده) في 15 من شهر رجب عام 1317هـ, وبمدينة ( خوي ) احدى قرى أذربيجان الواقعة الى الشمال الغربي من ايران نشأ وترعرع , وتوجه للدراسة الدينية في ظل والده السيد علي أكبر الخوئي , والتي بعدها هاجر عام 1330هـ الى النجف الاشرف
بالعراق برفقة أخيه الاكبر المرحوم السيد عبدالله الخوئي وبقية أفراد عائلته الكريمة .
النقطة الثانية / بناؤه العلمي :
اجتاز الامام الخوئي (قده) المراحل الدراسية الحوزوية في سنين قليلة , فلقد انتهى من دراسة المرحلة الاولى , والمرحلة الثانية المعروفة في أوساط الحوزات العلمية بمرحلتي ( المقدمات والسطوح ) بست سنوات فيمايتم الانتهاء من مرحلتي المقدمات والسطوح لدى الكثيرين في مدةٍ لاتقل عن عشر سنوات .
المرحلة الثالثة من مراحل الدراسة في الحوزة العلمية في النجف - كما في غيرها من الحوزات - يطلق عليها مرحلة ( البحث الخارج ) وقد حضرها الامام الخوئي (قده) وعمره لم يتجاوز العشرين سنة وقد كان ذلك في عام 1338هـ ولم تمض ِ فترة طويلة على حضوره حتى صار يشار اليه بالبنان وحتى شهد له بجتهاده وبمقامه جمع غفير من أساطين الحوزة العلمية وفقهائها ومراجعها أمثال : الشيخ النائيني (قده) , والشيخ الكمباني (قده) , والشيخ محمد جواد البلاغي (قده) , والشيخ ضياء الدين العراقي (قده) ويمكن تأريخ ذلك في عام 1352هـ .
وبعد أن شهد كبار فقهاء النجف الاشرف باجتهاد الامام الخوئي توجه(قده)
الى التدريس ضمن مايعرف ( بالبحث الخارج ) فتمز بحثه من بين بحوث الخارج في الحوزة العلمية في النجف بل صار مجلس بحثه هو الاول من نوعه .
النقطة الثالثة / خصائص مرجعيته الرشيدة :
لقد آل للامام الخوئي في عام 1389هـ زمام المرجعية الدينية العليا بعد وفاة آية الله السيد محسن الحكيم (قده) وقد تميزت مرجعيته الرشيدة بخصائص قلما نشهدها في غيره من مراجع الدين واليك بعض الشواهد : 1- لقد كان الامام الخوئي - رضوان الله عليه - أول مرجع يخرج العدد الكبير من الفقهاء والمجتهدين , وهم موزعون في كل بقاع الارض رافعين مشاعل العلم والهداية
2- وتبحر الامام الراحل في علم الرجال فألف موسوعته القيمة ( معجم رجال الحديث ) التي انفرد فيها بتحديد مركز الراوي في السلسلة السندية عمن يروي هو عنهم وعمن هم يروون عنه فحل مشكلة معقدة , ويسر أمام الباحثين مؤونة المراجعة والبحث , وأعاد به لعلم الرجال قيمته العلمية وأهميته تعلماً وتعليماً .
3- كان الامام الخوئي (قده) يرعى كل الحوزات العلمية في العالم بالرواتب والمساعدات حتى يتفرغ الاساتذة وطلاب العلوم الدينية لعملهم الفقهي وخدماتهم الدينية الجليلة .
4- لقد كان الامام الخوئي - قدس سره - أول مرجع اهتم بالعمل المؤسساتي تأسيساً ودعماً ففي جانب التأسيس أمر بتأسيس مؤسسة الامام الخوئي الخيرية وهي مؤسسة عالمية قامت في غضون عمرها القصير بمشاريع دينية وثقافية واجتماعية ضخمة وممتازة في شتى بقاع المعمورة .
هذا كله وغيره من الخصائص الاخر لمرجعيته الى قيامه لاكثر من عشرين عاماً بأعباء المرجعية من الافتاء وادارة شؤون الحوزات العلمية في النجف وخارجها . في ظروف سياسية عصيبة أثقلته بالهموم والمتاعب حتى الرمق الاخير من حياته الشريفة .
لقد مرت على الامة الاسلامية في غضون مرجعية الامام الخوئي أحداث جسام , وظرف شائكة معقدة , وفي كل ذلك كان الامام الخوئي (قده) الامل الكبير للامة ,
والقائد الروحي الذي يتطلع الجميع لسماع كلمته وصوته .
لقد انتهج الامام الخوئي في عملية مواجهته للظروف السياسية القائمة في هذا البلد أو ذاك نهج المواجهة السياسية غير المباشرة ... وفي هذا مامكن الامام الخوئي من التوجه نحو اثراء الجانب العلمي وخاصة في مجالي الفقه وأصول الفقه والحديث الشريف ... وبهذا فقد استطاع بفضل هذا النهج أن يحافظ على كيان الحوزة العلمية في النجف قائماً , كما استطاع حماية المئات من طلبة العلوم الدينية ضمن الحوزة .
وفي هذا السياق أشير الى مايرتكبه بعض العامة من الناس حينما يتناول في أحاديثهم وفي مجالسهم بعض تصرفات المرجع الاعلى - أي مرجع أعلى - أو تنتقد بعض مواقفه ... ومثل ذلك تجاوز غير مقبول على مقام المرجعية الدينية , فان المرجع الديني الاعلى يرى ازاء مايواجهه من قضايا وأحداث غير مايرى المقلد , والمرجع الديني ينظر الى مدى هو أبعد بكثير مماينظر اليه غيره , من هنا نتمنى أن يظل مقام المرجعية مقدساً في النفوس دون أن تعني دعوتنا تلك التعامل السلبي مع المرجع ومع مقام المرجعية , اذ من الضروري أن يتفاعل المقلد مع المرجع ويناقشه ويقترح عليه , لا أن يكون المرجع منتقداً
في المجالس الخاصة .
وفي نهاية المطاف أسأل الله أن يتغمد هذا المرجع العظيم ومن مضى من المراجع العظام بواسع رضوانه وأن يحشرهم مع النبي الكريم محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
( ملحوظة : اعتمد في ترجمة حياة الامام الخوئي على كتاب : ومضات من حياة الامام الخوئي لعلي البهادلي ) .
اليكم أعزائي ومضات من حياته الشريفة :
كثير أولئك العلماء الذين انتظمتهم مسيرة العلم والفكر والقيادة ولكن قليلون منهم الذين تركوا بصماتهم على صفحاتها تغييراً وتطويراً ومن هؤلاء القلة
كان المغفور له آية الله السيد أبوالقاسم الخوئي (قده) .
لقد عاش الامام الخوئي (قده) قرابة قرن من عمره الشريف مرجعاً معطاءً بمدرسته العلمية , حيث تخرج من تحت منبره الدراسي ثلاثة أجيالٍ من الفقهاء المجتهدين . وبمؤلفاته المتنوعة في مختلف العلوم , فكانت رافداًللفكر وللانسانية والحضارة وبمؤسساته الخيرية التي شملت اليتيم تمسح دموع الحزن والاسى عن عينيه , وتمنحه دفئاً وحناناً , ووصلت المحتاج فسد حاجته , وتعهدت الطفل -غرسةً يانعةً - ترعاه ليستقيم عوده وينموعلى الهدى والصلاح . ان حياة هذا القائد العظيم متعددة الجوانب لكننا نركز بمناسبة ذكرى وفاته هنا بصورة موجزة - على أبرز الخطوط والنقاط في حياة زعيم الحوزة العلمية :
النقطة الاولى / حول مولده و نشأته : ولد الامام الخوئي (قده) في 15 من شهر رجب عام 1317هـ, وبمدينة ( خوي ) احدى قرى أذربيجان الواقعة الى الشمال الغربي من ايران نشأ وترعرع , وتوجه للدراسة الدينية في ظل والده السيد علي أكبر الخوئي , والتي بعدها هاجر عام 1330هـ الى النجف الاشرف
بالعراق برفقة أخيه الاكبر المرحوم السيد عبدالله الخوئي وبقية أفراد عائلته الكريمة .
النقطة الثانية / بناؤه العلمي :
اجتاز الامام الخوئي (قده) المراحل الدراسية الحوزوية في سنين قليلة , فلقد انتهى من دراسة المرحلة الاولى , والمرحلة الثانية المعروفة في أوساط الحوزات العلمية بمرحلتي ( المقدمات والسطوح ) بست سنوات فيمايتم الانتهاء من مرحلتي المقدمات والسطوح لدى الكثيرين في مدةٍ لاتقل عن عشر سنوات .
المرحلة الثالثة من مراحل الدراسة في الحوزة العلمية في النجف - كما في غيرها من الحوزات - يطلق عليها مرحلة ( البحث الخارج ) وقد حضرها الامام الخوئي (قده) وعمره لم يتجاوز العشرين سنة وقد كان ذلك في عام 1338هـ ولم تمض ِ فترة طويلة على حضوره حتى صار يشار اليه بالبنان وحتى شهد له بجتهاده وبمقامه جمع غفير من أساطين الحوزة العلمية وفقهائها ومراجعها أمثال : الشيخ النائيني (قده) , والشيخ الكمباني (قده) , والشيخ محمد جواد البلاغي (قده) , والشيخ ضياء الدين العراقي (قده) ويمكن تأريخ ذلك في عام 1352هـ .
وبعد أن شهد كبار فقهاء النجف الاشرف باجتهاد الامام الخوئي توجه(قده)
الى التدريس ضمن مايعرف ( بالبحث الخارج ) فتمز بحثه من بين بحوث الخارج في الحوزة العلمية في النجف بل صار مجلس بحثه هو الاول من نوعه .
النقطة الثالثة / خصائص مرجعيته الرشيدة :
لقد آل للامام الخوئي في عام 1389هـ زمام المرجعية الدينية العليا بعد وفاة آية الله السيد محسن الحكيم (قده) وقد تميزت مرجعيته الرشيدة بخصائص قلما نشهدها في غيره من مراجع الدين واليك بعض الشواهد : 1- لقد كان الامام الخوئي - رضوان الله عليه - أول مرجع يخرج العدد الكبير من الفقهاء والمجتهدين , وهم موزعون في كل بقاع الارض رافعين مشاعل العلم والهداية
2- وتبحر الامام الراحل في علم الرجال فألف موسوعته القيمة ( معجم رجال الحديث ) التي انفرد فيها بتحديد مركز الراوي في السلسلة السندية عمن يروي هو عنهم وعمن هم يروون عنه فحل مشكلة معقدة , ويسر أمام الباحثين مؤونة المراجعة والبحث , وأعاد به لعلم الرجال قيمته العلمية وأهميته تعلماً وتعليماً .
3- كان الامام الخوئي (قده) يرعى كل الحوزات العلمية في العالم بالرواتب والمساعدات حتى يتفرغ الاساتذة وطلاب العلوم الدينية لعملهم الفقهي وخدماتهم الدينية الجليلة .
4- لقد كان الامام الخوئي - قدس سره - أول مرجع اهتم بالعمل المؤسساتي تأسيساً ودعماً ففي جانب التأسيس أمر بتأسيس مؤسسة الامام الخوئي الخيرية وهي مؤسسة عالمية قامت في غضون عمرها القصير بمشاريع دينية وثقافية واجتماعية ضخمة وممتازة في شتى بقاع المعمورة .
هذا كله وغيره من الخصائص الاخر لمرجعيته الى قيامه لاكثر من عشرين عاماً بأعباء المرجعية من الافتاء وادارة شؤون الحوزات العلمية في النجف وخارجها . في ظروف سياسية عصيبة أثقلته بالهموم والمتاعب حتى الرمق الاخير من حياته الشريفة .
لقد مرت على الامة الاسلامية في غضون مرجعية الامام الخوئي أحداث جسام , وظرف شائكة معقدة , وفي كل ذلك كان الامام الخوئي (قده) الامل الكبير للامة ,
والقائد الروحي الذي يتطلع الجميع لسماع كلمته وصوته .
لقد انتهج الامام الخوئي في عملية مواجهته للظروف السياسية القائمة في هذا البلد أو ذاك نهج المواجهة السياسية غير المباشرة ... وفي هذا مامكن الامام الخوئي من التوجه نحو اثراء الجانب العلمي وخاصة في مجالي الفقه وأصول الفقه والحديث الشريف ... وبهذا فقد استطاع بفضل هذا النهج أن يحافظ على كيان الحوزة العلمية في النجف قائماً , كما استطاع حماية المئات من طلبة العلوم الدينية ضمن الحوزة .
وفي هذا السياق أشير الى مايرتكبه بعض العامة من الناس حينما يتناول في أحاديثهم وفي مجالسهم بعض تصرفات المرجع الاعلى - أي مرجع أعلى - أو تنتقد بعض مواقفه ... ومثل ذلك تجاوز غير مقبول على مقام المرجعية الدينية , فان المرجع الديني الاعلى يرى ازاء مايواجهه من قضايا وأحداث غير مايرى المقلد , والمرجع الديني ينظر الى مدى هو أبعد بكثير مماينظر اليه غيره , من هنا نتمنى أن يظل مقام المرجعية مقدساً في النفوس دون أن تعني دعوتنا تلك التعامل السلبي مع المرجع ومع مقام المرجعية , اذ من الضروري أن يتفاعل المقلد مع المرجع ويناقشه ويقترح عليه , لا أن يكون المرجع منتقداً
في المجالس الخاصة .
وفي نهاية المطاف أسأل الله أن يتغمد هذا المرجع العظيم ومن مضى من المراجع العظام بواسع رضوانه وأن يحشرهم مع النبي الكريم محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
( ملحوظة : اعتمد في ترجمة حياة الامام الخوئي على كتاب : ومضات من حياة الامام الخوئي لعلي البهادلي ) .