علي عبد الباري
02-12-2007, 05:43 PM
الشيخ عبد الحسين الأعسم
نسبه (رحمه الله) ونشأته:
هو الشيخ عبد الحسين بن الشيخ علي بن حسين بن محمد الزبيدي النجفي الشهير بالأعسم.
ولد في النجف الأشرف ونشأ بها على أبيه وكان من أكبر أولاده فدرس عليه المقدمات وحضر أخيراً مع والده عند أساتذته كالسيد مهدي بحر العلوم. وبرع في كافة الميادين التي جرى فيها والده وشاركه في مختلف الحلبات الأدبية، فكان عالماً كبيراً وشاعراً شهيراً، وصار في وسطه كعلم يشار إليه بالأكف.
الشيخ في كلمات الأعلام:
صاحب الحصون (1) تحدث عنه قائلاً: كان عالماً فاضلاً حاوياً لجملة من العلوم، وأديباً شاعراً، تخرج وتتلمذ على السيد محسن الكاظمي الأعرجي، وصنف في الفقه، وله روضة كبيرة في مراثي آل البيت (عليهم السلام) عدا ما نظمه في المدح والرثاء في قوافي مختلفة.
وذكره أيضاً (2) فقال: كان شاعراً ماهراً، أديباً بليغاً لبيباً من شعراء أوائل القرن الثالث عشر، وكان في الطبقة التي هي حلف النحويين وآل الفحام، وله روضة كاملة في رثاء الحسين (عليه السلام).
ذكره الشيخ عبد الحسين الحلي بعد ذكر والده (3) فقال: وخلفه ولده الشارح فقد تخرج على اساتذة أبيه وعلى المقدس الكاظمي، وأجاد صفة القريض غاية الأجادة... إلى ان يقول: وكفاه في مزية النظم قصيدته الشهيرة التي مطلعها:
نرى يدك ابتلت بقائمة العضب فحتى م حتى م انتظارك بالضرب
رأيت له من الآثار العلمية الخالدة عند بعض آل الأعسم كتاب (ذرائع الأفهام في شرح شرائع الإسلام) استوفى فيه كتاب الطهارة فقط في ثلاث أجزاء تدل على سعة احاطته ودقة نظره، وهذا الشرح الوجيز لتلك الأراجيز شاهد صدق على ذلك لمن اعطاه حق النظر، انه قد شرح الاراجيز المذكورة امتثالاً لأمر أبيه لعلمه بكفائته لذلك بكل معنى فجاء شرحه هذا مع شدة اختصاره ومتانة تعبيره ووضوح تحريره حاوياً لدقائق مكنونه خلت عنها الكتب المبسوطة والشروح المطولة، ويظهر ان عقب الشيخ محمد علي من الشيخ حسين والشيخ محمد.
اما الشيخ عبد الحسين فالظاهر لا عقب له فيما أعلم سوى بنت واحدة هي والدة السيد مهدي الحكيم الطباطبائي.
ذكره صاحب الطليعة فقال: كان فاضلاً كأبيه، وأمتن شعراً منه له في الحسين (عليه السلام) روضة تشتمل على الحروف مشهورة وشرح ارجوزة لأبيه في المواريث ومدائح ومراثٍ كثيرةٍ.
ذكره الشيخ درويش علي البغدادي في كتابه (كنز الأديب) فقال: عالم فاضل جليل، وأديب شاعر نبيل، له منظومة في آداب الأكل والشرب، وله منظومات كثيرة في الفقه والعربية، ولم أقف على تاريخ ولادته غير انه كان في عصر الفقيه علي بن الشيخ جعفر كاشف الغطاء النجفي.
وذكره آخرون بهذه الأوصاف أيضاً مثل النقدي وصاحب التكملة.
وفاته (رحمه الله):
عاش (رحمه الله) مع الأمة وعمل لهداية الأمة وانتقل كذلك مع الكثيرين الذين انتقلوا من هذه الدنيا جماعة وذلك لما أصاب الناس وباء الطاعون. فارتحل (رحمه الله) مع من ارتحل منهم وكان ذلك عام 1247هـ ودفن مع أبيه في مقبرة آل الأعسم الخاصة مناهزاً للتسعين على قول المعظم ويرى بعضهم انه تصحيف من الناقل فالأقرب أنه توفي مناهزاً للسبعين كما ذكره النقدي.
نموذج من شعره:
لقد كان شاعراً تفوق في عصره واشتهر بين اخدانه واحترمه المجتمع لعلمه وأدبه وفي شعره ما يعرب عن سمو في الديباجة ورصانة في التركيب وضخامة في اللفظ ودقة في المعنى وإليك بعض من قصائده (4) في مدح سيد الشهداء (عليه السلام):
قـد أوهنـت جلـدي الديار الخالية من أهلهـا ما للـديار وما ليه
ومتـى سـألت الـدار عن أربابها بعد الصـدى منها سؤالي ثانيه
كانـت غياثاً للمنـوب فأصـبحت لجميـع أنـواع النوائب حاويه
ومعـالم أضـحت مآتـم لا تـرى فيها سـوى ناع يجاوب ناعيـه
ورد الحسـين إلـى العراق وظنهم تركوا النفاق إذا العراق كما هيه
ولقـد دعـوه للعنـا فأجـابهـم ودعـاهم لهـدى فـردوا داعيه
قسـت القلـوب فلم تمـل لهدايةٍ تبـاً لهاتيـك القلـوب القاسـيه
ما ذاق طعم فراتـهم حتى قضـى عطشـاً فغسـل بالدمـاء القانيه
يا بـن النبـي المصطفى ووصيه وأخا الزكـي ابـن البتول الزاكيه
تبكـيك عينـي لا لأجـل مثـوبة لكنـما عينـي لأجـلك بـاكيـه
تبتـل منـكم كربـلا بــدم ولا تبتــل مني بالدموع الجاريـه
أنسـت رزيتـكم رزايـانا التـي سـلفت وهـونت الرزايا الآتـيه
وفجـائع الأيـام تبـقى مــدة وتـزول وهـي إلى القيامة باقيه
لهفي لركب صرعوا في كربـلاء كـانت بهـا آجـالهم متـدانيه
تعدو على الأعداء ظامية الحشـا وسـيوفهم لـدم الأعادي ظاميه
نصروا ابن بنت نبيهم طـوبى لهم نالوا بنصرتهم مـراتب سـاميه
قـد جـاوروه هـا هنا بقبورهم وقصـورهم يـوم الجزا متحاذيه
ولقـد يعـزُّ على رسـول الله أن تسـبى نساه إلى يزيد الطـاغيه
ويرى حسـيناً وهـو قـرّة عينه ورجـاله لـم تبـق منـهم باقيه
وجسومهم تحت السـنابك بالـعرا ورؤوسـهم فـوق الرماح العاليه
ويـرى ديـار أُميـة معمــورة وديـار أهـل البيت منهم خاليـه
ويـزيد يقـرع ثغـره بقضــيبه مترنمـاً منـه الشـماتة بـاليـه
أبنـي أُميـة هـل دريـت بقبح ما دبـرت أم تـدرين غيـر مبـاليه
أو مـا كفـاك قتـال أحمـد سابقاً حتـى عـدوت على بنيـه ثانيه
أيـن المفـر ولا مفـرَّ لكـم غداً فالخصم أحمد والمصـير الهاويه
تـالله إنـك يا يـزيد قتــــلته سـرّاً بقتـلك للحسـين علانيـه
تـرقى منـابر قـومت أعـوادها بظبـى أبيـه لا أبيـك معاويـه
وإذا أنـت بنـت النبـي لربــها تشـكو ولا تخفـى عليـه خافيه
ربِّ انتـقم مـن أبـادوا عتـرتي وسـبوا على عجف النياق بناتيه
والله يغضـب للبتـول بـدون أن تشـكو فكيف إذا أتتـه شـاكيه
فهنـاك الجبـار يـأمر هــهباً أن لا تبقـي مـن عداها بـاقيه
يا بـن النبـي ومـن بنوه تسعة لا عشـرة تدعـى ولا بثمانيـه
أنا عبـدك الراجي شفاعتكم غداً والعبـد يتبع في الرجـا مواليـه
فاشـفع له ولوالديـه وسامعي إنشـاده فيكـم وأسـعد قـاريـه
وكذلك نموذجاً آخر في خطابه لكربلاء (5):
هي كربـلا فقف على عرصـاتها ودع الجفـون تجـود في عبـراتها
سـلها بأي قرى تعـاجلت إلأُلـى نزولوا ضـيوفاً عنـد فقـر فلاتها
مـا بـالها لـم تروهم من مائها حتـى تروَّت مـن دمـا رقبــاتها
إيه مصـارع كربـلا كـم غصـة جـزعت آل محمـــد كــرباتها
وافتك راية ســــبطه منشورة فطــويتها وحطمـت صـدر قناتها
وكسـرت عسـكره فتلك رحالهم أمسـت نهـابا صـيح فـي حجراتها
أيـن الخيـام تـذب عنـها فتية ركـــزوا رمـاحهم إلـى جنبـاتها
لمن الرؤوس على الأسنة أشرقت ســيماء غرَّتـها علـى جبهـاتها
لمن السبايا المعجلات ضجرن من ادلاج عجـف تشـــتكي عثراتـها
الله أكبــر يا لهـا مـن وقعـة ذابت لها الأحشـــاء في حرقـاتها
بأبـي وغيـر أبـي أميـراً ظامئاً منعته حـرب مـن ورود فــراتها
حتى قضـى عطشـاً قتيـل أراذل تســتحقر الشــفتان ذمَّ صـفاتها
تبكي الســماء دمـا عليه وليتها أروته قبـل القتـــل مـن قطراتها
يا ليت شعري ما اعتذارهم إلى الـ ـزهــراء فـي أبنـائها وبنـاتها
علقتمـوها بالنبـي خصـــومة ســترون فـي عقبــاكم تبعـاتها
يا ليتنـي كنـت الفـداء لأنفــس فـدت ابـن بنـت نبيـَّها بحيـاتها
ولكـم مـررت بكربـلا متـمثـلا شـهداءها صــرعى على ربواتها
فوقفـت واسـتوقفت فيها عصـبة وقفـوا نواظــرهم علـى عبراتها
يا بن النبـي كـم احتملـت فجايعا مـن أُمـة ضـلت سـبيل نجـاتها
وسـقت اخـاك السـم سلماً بعدما خذلتـه عنـد الحـرب في وقفاتها
لكـن يومـك دونـه الأيـام كـم فاقـت فجـائعه علـى فجعــاتها
لله جاشــك مـا أشــد ثبـاته في الحرب إذ أفردت في عرصـاتها
لله صـحبك إذا وقـوك بأنفــس بذلوا لنصــرك في الوغى مهجاتها
خلعـت قلـوبهم الحيـاة وأقبلوا يتهافتـون علـى ورود ممـــاتها
يا سـادتي يـا مـن بحبهم النفو س تقال يوم الحشــر مـن عثراتها
مـاذا أقـول بمدحكـم وبمدحكم وافى الجميــل الذكـر من آيـاتها
__________________________
1 ـ صاحب الحصون: ج 9 ص 321 .
2 ـ صاحب الحصون: ج 2 ص 466 .
3 ـ الشيخ عبد الحسين في مقدمته لشرح منظومة والده في الأرث ص 3.
4 ـ شعراء الغري والنجفيات: ج 5 ص 81 حرف الياء.
5 ـ شعراء الغري والنجفيات: ج 5 ص 55 حرف التاء.
نسبه (رحمه الله) ونشأته:
هو الشيخ عبد الحسين بن الشيخ علي بن حسين بن محمد الزبيدي النجفي الشهير بالأعسم.
ولد في النجف الأشرف ونشأ بها على أبيه وكان من أكبر أولاده فدرس عليه المقدمات وحضر أخيراً مع والده عند أساتذته كالسيد مهدي بحر العلوم. وبرع في كافة الميادين التي جرى فيها والده وشاركه في مختلف الحلبات الأدبية، فكان عالماً كبيراً وشاعراً شهيراً، وصار في وسطه كعلم يشار إليه بالأكف.
الشيخ في كلمات الأعلام:
صاحب الحصون (1) تحدث عنه قائلاً: كان عالماً فاضلاً حاوياً لجملة من العلوم، وأديباً شاعراً، تخرج وتتلمذ على السيد محسن الكاظمي الأعرجي، وصنف في الفقه، وله روضة كبيرة في مراثي آل البيت (عليهم السلام) عدا ما نظمه في المدح والرثاء في قوافي مختلفة.
وذكره أيضاً (2) فقال: كان شاعراً ماهراً، أديباً بليغاً لبيباً من شعراء أوائل القرن الثالث عشر، وكان في الطبقة التي هي حلف النحويين وآل الفحام، وله روضة كاملة في رثاء الحسين (عليه السلام).
ذكره الشيخ عبد الحسين الحلي بعد ذكر والده (3) فقال: وخلفه ولده الشارح فقد تخرج على اساتذة أبيه وعلى المقدس الكاظمي، وأجاد صفة القريض غاية الأجادة... إلى ان يقول: وكفاه في مزية النظم قصيدته الشهيرة التي مطلعها:
نرى يدك ابتلت بقائمة العضب فحتى م حتى م انتظارك بالضرب
رأيت له من الآثار العلمية الخالدة عند بعض آل الأعسم كتاب (ذرائع الأفهام في شرح شرائع الإسلام) استوفى فيه كتاب الطهارة فقط في ثلاث أجزاء تدل على سعة احاطته ودقة نظره، وهذا الشرح الوجيز لتلك الأراجيز شاهد صدق على ذلك لمن اعطاه حق النظر، انه قد شرح الاراجيز المذكورة امتثالاً لأمر أبيه لعلمه بكفائته لذلك بكل معنى فجاء شرحه هذا مع شدة اختصاره ومتانة تعبيره ووضوح تحريره حاوياً لدقائق مكنونه خلت عنها الكتب المبسوطة والشروح المطولة، ويظهر ان عقب الشيخ محمد علي من الشيخ حسين والشيخ محمد.
اما الشيخ عبد الحسين فالظاهر لا عقب له فيما أعلم سوى بنت واحدة هي والدة السيد مهدي الحكيم الطباطبائي.
ذكره صاحب الطليعة فقال: كان فاضلاً كأبيه، وأمتن شعراً منه له في الحسين (عليه السلام) روضة تشتمل على الحروف مشهورة وشرح ارجوزة لأبيه في المواريث ومدائح ومراثٍ كثيرةٍ.
ذكره الشيخ درويش علي البغدادي في كتابه (كنز الأديب) فقال: عالم فاضل جليل، وأديب شاعر نبيل، له منظومة في آداب الأكل والشرب، وله منظومات كثيرة في الفقه والعربية، ولم أقف على تاريخ ولادته غير انه كان في عصر الفقيه علي بن الشيخ جعفر كاشف الغطاء النجفي.
وذكره آخرون بهذه الأوصاف أيضاً مثل النقدي وصاحب التكملة.
وفاته (رحمه الله):
عاش (رحمه الله) مع الأمة وعمل لهداية الأمة وانتقل كذلك مع الكثيرين الذين انتقلوا من هذه الدنيا جماعة وذلك لما أصاب الناس وباء الطاعون. فارتحل (رحمه الله) مع من ارتحل منهم وكان ذلك عام 1247هـ ودفن مع أبيه في مقبرة آل الأعسم الخاصة مناهزاً للتسعين على قول المعظم ويرى بعضهم انه تصحيف من الناقل فالأقرب أنه توفي مناهزاً للسبعين كما ذكره النقدي.
نموذج من شعره:
لقد كان شاعراً تفوق في عصره واشتهر بين اخدانه واحترمه المجتمع لعلمه وأدبه وفي شعره ما يعرب عن سمو في الديباجة ورصانة في التركيب وضخامة في اللفظ ودقة في المعنى وإليك بعض من قصائده (4) في مدح سيد الشهداء (عليه السلام):
قـد أوهنـت جلـدي الديار الخالية من أهلهـا ما للـديار وما ليه
ومتـى سـألت الـدار عن أربابها بعد الصـدى منها سؤالي ثانيه
كانـت غياثاً للمنـوب فأصـبحت لجميـع أنـواع النوائب حاويه
ومعـالم أضـحت مآتـم لا تـرى فيها سـوى ناع يجاوب ناعيـه
ورد الحسـين إلـى العراق وظنهم تركوا النفاق إذا العراق كما هيه
ولقـد دعـوه للعنـا فأجـابهـم ودعـاهم لهـدى فـردوا داعيه
قسـت القلـوب فلم تمـل لهدايةٍ تبـاً لهاتيـك القلـوب القاسـيه
ما ذاق طعم فراتـهم حتى قضـى عطشـاً فغسـل بالدمـاء القانيه
يا بـن النبـي المصطفى ووصيه وأخا الزكـي ابـن البتول الزاكيه
تبكـيك عينـي لا لأجـل مثـوبة لكنـما عينـي لأجـلك بـاكيـه
تبتـل منـكم كربـلا بــدم ولا تبتــل مني بالدموع الجاريـه
أنسـت رزيتـكم رزايـانا التـي سـلفت وهـونت الرزايا الآتـيه
وفجـائع الأيـام تبـقى مــدة وتـزول وهـي إلى القيامة باقيه
لهفي لركب صرعوا في كربـلاء كـانت بهـا آجـالهم متـدانيه
تعدو على الأعداء ظامية الحشـا وسـيوفهم لـدم الأعادي ظاميه
نصروا ابن بنت نبيهم طـوبى لهم نالوا بنصرتهم مـراتب سـاميه
قـد جـاوروه هـا هنا بقبورهم وقصـورهم يـوم الجزا متحاذيه
ولقـد يعـزُّ على رسـول الله أن تسـبى نساه إلى يزيد الطـاغيه
ويرى حسـيناً وهـو قـرّة عينه ورجـاله لـم تبـق منـهم باقيه
وجسومهم تحت السـنابك بالـعرا ورؤوسـهم فـوق الرماح العاليه
ويـرى ديـار أُميـة معمــورة وديـار أهـل البيت منهم خاليـه
ويـزيد يقـرع ثغـره بقضــيبه مترنمـاً منـه الشـماتة بـاليـه
أبنـي أُميـة هـل دريـت بقبح ما دبـرت أم تـدرين غيـر مبـاليه
أو مـا كفـاك قتـال أحمـد سابقاً حتـى عـدوت على بنيـه ثانيه
أيـن المفـر ولا مفـرَّ لكـم غداً فالخصم أحمد والمصـير الهاويه
تـالله إنـك يا يـزيد قتــــلته سـرّاً بقتـلك للحسـين علانيـه
تـرقى منـابر قـومت أعـوادها بظبـى أبيـه لا أبيـك معاويـه
وإذا أنـت بنـت النبـي لربــها تشـكو ولا تخفـى عليـه خافيه
ربِّ انتـقم مـن أبـادوا عتـرتي وسـبوا على عجف النياق بناتيه
والله يغضـب للبتـول بـدون أن تشـكو فكيف إذا أتتـه شـاكيه
فهنـاك الجبـار يـأمر هــهباً أن لا تبقـي مـن عداها بـاقيه
يا بـن النبـي ومـن بنوه تسعة لا عشـرة تدعـى ولا بثمانيـه
أنا عبـدك الراجي شفاعتكم غداً والعبـد يتبع في الرجـا مواليـه
فاشـفع له ولوالديـه وسامعي إنشـاده فيكـم وأسـعد قـاريـه
وكذلك نموذجاً آخر في خطابه لكربلاء (5):
هي كربـلا فقف على عرصـاتها ودع الجفـون تجـود في عبـراتها
سـلها بأي قرى تعـاجلت إلأُلـى نزولوا ضـيوفاً عنـد فقـر فلاتها
مـا بـالها لـم تروهم من مائها حتـى تروَّت مـن دمـا رقبــاتها
إيه مصـارع كربـلا كـم غصـة جـزعت آل محمـــد كــرباتها
وافتك راية ســــبطه منشورة فطــويتها وحطمـت صـدر قناتها
وكسـرت عسـكره فتلك رحالهم أمسـت نهـابا صـيح فـي حجراتها
أيـن الخيـام تـذب عنـها فتية ركـــزوا رمـاحهم إلـى جنبـاتها
لمن الرؤوس على الأسنة أشرقت ســيماء غرَّتـها علـى جبهـاتها
لمن السبايا المعجلات ضجرن من ادلاج عجـف تشـــتكي عثراتـها
الله أكبــر يا لهـا مـن وقعـة ذابت لها الأحشـــاء في حرقـاتها
بأبـي وغيـر أبـي أميـراً ظامئاً منعته حـرب مـن ورود فــراتها
حتى قضـى عطشـاً قتيـل أراذل تســتحقر الشــفتان ذمَّ صـفاتها
تبكي الســماء دمـا عليه وليتها أروته قبـل القتـــل مـن قطراتها
يا ليت شعري ما اعتذارهم إلى الـ ـزهــراء فـي أبنـائها وبنـاتها
علقتمـوها بالنبـي خصـــومة ســترون فـي عقبــاكم تبعـاتها
يا ليتنـي كنـت الفـداء لأنفــس فـدت ابـن بنـت نبيـَّها بحيـاتها
ولكـم مـررت بكربـلا متـمثـلا شـهداءها صــرعى على ربواتها
فوقفـت واسـتوقفت فيها عصـبة وقفـوا نواظــرهم علـى عبراتها
يا بن النبـي كـم احتملـت فجايعا مـن أُمـة ضـلت سـبيل نجـاتها
وسـقت اخـاك السـم سلماً بعدما خذلتـه عنـد الحـرب في وقفاتها
لكـن يومـك دونـه الأيـام كـم فاقـت فجـائعه علـى فجعــاتها
لله جاشــك مـا أشــد ثبـاته في الحرب إذ أفردت في عرصـاتها
لله صـحبك إذا وقـوك بأنفــس بذلوا لنصــرك في الوغى مهجاتها
خلعـت قلـوبهم الحيـاة وأقبلوا يتهافتـون علـى ورود ممـــاتها
يا سـادتي يـا مـن بحبهم النفو س تقال يوم الحشــر مـن عثراتها
مـاذا أقـول بمدحكـم وبمدحكم وافى الجميــل الذكـر من آيـاتها
__________________________
1 ـ صاحب الحصون: ج 9 ص 321 .
2 ـ صاحب الحصون: ج 2 ص 466 .
3 ـ الشيخ عبد الحسين في مقدمته لشرح منظومة والده في الأرث ص 3.
4 ـ شعراء الغري والنجفيات: ج 5 ص 81 حرف الياء.
5 ـ شعراء الغري والنجفيات: ج 5 ص 55 حرف التاء.