عماد علي
11-24-2006, 05:28 PM
دَخَلَ ضِرَارُ بْنُ ضَمْرَةَ عَلَى مُعَاوِيَة، فَقَالَ لَهُ - معاوية - : صِفْ لِي عَلِيّاً ؟
فَقَالَ لَهُ : أوَ تُعْفِينِي مِنْ ذَلِكَ ؟
فَقَالَ : لا أُعْفِيكَ .
فَقَالَ : كَانَ واللَّهِ بَعِيدَ الْمُدَى، شَدِيدَ الْقُوَى، يَقُولُ فَصْلا، ويَحْكُمُ عَدْلا، يَتَفَجَّرُ الْعِلْمُ مِنْ جَوَانِبِهِ، وتَنْطِفُ الْحِكْمَةُ مِنْ نَوَاحِيهِ، يَسْتَوْحِشُ مِنَ الدُّنْيَا وَزَهْرَتِهَا، وَيَسْتَأْنِسُ بِاللَّيْلِ وَوَحْشَتِهِ. كَانَ وَاللَّهِ غَزِيرَ الْعَبْرَةِ، طَوِيلَ الْفِكْرَةِ، يُقَلِّبُ كَفَّهُ، وَيُخَاطِبُ نَفْسَهُ، وَيُنَاجِي رَبَّهُ، يُعْجِبُهُ مِنَ اللِّبَاسِ مَا خَشُنَ، وَمِنَ الطَّعَامِ مَا جَشَبَ.
كَانَ وَاللَّهِ فِينَا كَأَحَدِنَا، يُدْنِينَا إِذَا أَتَيْنَاهُ، وَيُجِيبُنَا إِذَا سَأَلْنَاهُ، وَكُنَّا مَعَ دُنُوِّهِ مِنَّا وَقُرْبِنَا مِنْهُ لا نُكَلِّمُهُ لِهَيْبَتِهِ، وَلا نَرْفَعُ أَعْيُنَنَا إِلَيْهِ لِعَظَمَتِهِ، فَإِنْ تَبَسَّمَ فَعَنْ مِثْلِ اللُّؤْلُؤِ الْمَنْظُومِ، يُعَظِّمُ أَهْلَ الدِّينِ، وَيُحِبُّ الْمَسَاكِينَ، لا يَطْمَعُ الْقَوِيُّ فِي بَاطِلِهِ، وَلا يَيْأَسُ الضَّعِيفَ مِنْ عَدْلِهِ، وَأَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ مَوَاقِفِهِ، وَقَدْ أَرْخَى اللَّيْلُ سُدُولَهُ، وَغَارَتْ نُجُومُهُ، وَهُوَ قَائِمٌ فِي مِحْرَابِهِ، قَابِضٌ عَلَى لِحْيَتِهِ، يَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِيمِ، وَيَبْكِي بُكَاءَ الْحَزِينِ.
فَكَأَنِّي الآنَ أَسْمَعُهُوَهُوَ يَقُولُ : يَا دُنْيَا، يَا دُنْيَا، أَ بِي تَعَرَّضْتِ ؟! أَمْ إِلَيَّ تَشَوَّقْتِ ؟! هَيْهَاتَ، هَيْهَاتَ، غُرِّي غَيْرِي، لا حَاجَةَ لِي فِيكِ، قَدْ أَبَنْتُكِ ثَلَاثاً لا رَجْعَةَ لِي فِيهَا، فَعُمُرُكِ قَصِيرٌ، وَخَطَرُكِ يَسِيرٌ، وَأَمَلُكِ حَقِيرٌ، آهِ آهِ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ، وَبُعْدِ السَّفَرِ، وَوَحْشَةِ الطَّرِيقِ، وَعِظَمِ ْمَوْرِدِ.
فَوَكَفَتْ دُمُوعُ مُعَاوِيَةَعَلَى لِحْيَتِهِ فَنَشَفَهَا بِكُمِّهِ، وَاخْتَنَقَ الْقَوْمُ بِالْبُكَاءِ ...ثُمَّ قَالَ - معاوية - : كَانَ وَاللَّهِ أَبُو الْحَسَنِ كَذَلِكَ، فَكَيْفَ كَانَ حُبُّكَ إِيَّاهُ ؟
قَالَ : كَحُبِّ أُمِّ مُوسَى لِمُوسَى، وَأَعْتَذِرُ إِلَى اللَّهِ مِنَ التَّقْصِيرِ.
قَالَ : فَكَيْفَ صَبْرُكَ عَنْهُ يَا ضِرَارُ ؟
قَالَ : صَبْرَ مَنْ ذُبِحَ وَاحِدُهَا عَلَى صَدْرِهَا، فَهِيَ لا تَرْقَى عَبْرَتُهَا، وَلا تَسْكُنُ حَرَارَتُهَا. ثُمَّ قَامَ وَخَرَجَ وَهُو بَاكٍ.
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : أَمَا إِنَّكُمْ لَوْ فَقَدْتُمُونِي لَمَا كَانَ فِيكُمْ مَنْ يُثْنِي عَلَيَّ مِثْلَ هَذَا الثَّنَاءِ !!
فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ كَانَ حَاضِراً : الصَّاحِبُ عَلَى قَدْرِ صَاحِبِهِ.
فَقَالَ لَهُ : أوَ تُعْفِينِي مِنْ ذَلِكَ ؟
فَقَالَ : لا أُعْفِيكَ .
فَقَالَ : كَانَ واللَّهِ بَعِيدَ الْمُدَى، شَدِيدَ الْقُوَى، يَقُولُ فَصْلا، ويَحْكُمُ عَدْلا، يَتَفَجَّرُ الْعِلْمُ مِنْ جَوَانِبِهِ، وتَنْطِفُ الْحِكْمَةُ مِنْ نَوَاحِيهِ، يَسْتَوْحِشُ مِنَ الدُّنْيَا وَزَهْرَتِهَا، وَيَسْتَأْنِسُ بِاللَّيْلِ وَوَحْشَتِهِ. كَانَ وَاللَّهِ غَزِيرَ الْعَبْرَةِ، طَوِيلَ الْفِكْرَةِ، يُقَلِّبُ كَفَّهُ، وَيُخَاطِبُ نَفْسَهُ، وَيُنَاجِي رَبَّهُ، يُعْجِبُهُ مِنَ اللِّبَاسِ مَا خَشُنَ، وَمِنَ الطَّعَامِ مَا جَشَبَ.
كَانَ وَاللَّهِ فِينَا كَأَحَدِنَا، يُدْنِينَا إِذَا أَتَيْنَاهُ، وَيُجِيبُنَا إِذَا سَأَلْنَاهُ، وَكُنَّا مَعَ دُنُوِّهِ مِنَّا وَقُرْبِنَا مِنْهُ لا نُكَلِّمُهُ لِهَيْبَتِهِ، وَلا نَرْفَعُ أَعْيُنَنَا إِلَيْهِ لِعَظَمَتِهِ، فَإِنْ تَبَسَّمَ فَعَنْ مِثْلِ اللُّؤْلُؤِ الْمَنْظُومِ، يُعَظِّمُ أَهْلَ الدِّينِ، وَيُحِبُّ الْمَسَاكِينَ، لا يَطْمَعُ الْقَوِيُّ فِي بَاطِلِهِ، وَلا يَيْأَسُ الضَّعِيفَ مِنْ عَدْلِهِ، وَأَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ مَوَاقِفِهِ، وَقَدْ أَرْخَى اللَّيْلُ سُدُولَهُ، وَغَارَتْ نُجُومُهُ، وَهُوَ قَائِمٌ فِي مِحْرَابِهِ، قَابِضٌ عَلَى لِحْيَتِهِ، يَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِيمِ، وَيَبْكِي بُكَاءَ الْحَزِينِ.
فَكَأَنِّي الآنَ أَسْمَعُهُوَهُوَ يَقُولُ : يَا دُنْيَا، يَا دُنْيَا، أَ بِي تَعَرَّضْتِ ؟! أَمْ إِلَيَّ تَشَوَّقْتِ ؟! هَيْهَاتَ، هَيْهَاتَ، غُرِّي غَيْرِي، لا حَاجَةَ لِي فِيكِ، قَدْ أَبَنْتُكِ ثَلَاثاً لا رَجْعَةَ لِي فِيهَا، فَعُمُرُكِ قَصِيرٌ، وَخَطَرُكِ يَسِيرٌ، وَأَمَلُكِ حَقِيرٌ، آهِ آهِ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ، وَبُعْدِ السَّفَرِ، وَوَحْشَةِ الطَّرِيقِ، وَعِظَمِ ْمَوْرِدِ.
فَوَكَفَتْ دُمُوعُ مُعَاوِيَةَعَلَى لِحْيَتِهِ فَنَشَفَهَا بِكُمِّهِ، وَاخْتَنَقَ الْقَوْمُ بِالْبُكَاءِ ...ثُمَّ قَالَ - معاوية - : كَانَ وَاللَّهِ أَبُو الْحَسَنِ كَذَلِكَ، فَكَيْفَ كَانَ حُبُّكَ إِيَّاهُ ؟
قَالَ : كَحُبِّ أُمِّ مُوسَى لِمُوسَى، وَأَعْتَذِرُ إِلَى اللَّهِ مِنَ التَّقْصِيرِ.
قَالَ : فَكَيْفَ صَبْرُكَ عَنْهُ يَا ضِرَارُ ؟
قَالَ : صَبْرَ مَنْ ذُبِحَ وَاحِدُهَا عَلَى صَدْرِهَا، فَهِيَ لا تَرْقَى عَبْرَتُهَا، وَلا تَسْكُنُ حَرَارَتُهَا. ثُمَّ قَامَ وَخَرَجَ وَهُو بَاكٍ.
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : أَمَا إِنَّكُمْ لَوْ فَقَدْتُمُونِي لَمَا كَانَ فِيكُمْ مَنْ يُثْنِي عَلَيَّ مِثْلَ هَذَا الثَّنَاءِ !!
فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ كَانَ حَاضِراً : الصَّاحِبُ عَلَى قَدْرِ صَاحِبِهِ.