hiclas
11-18-2006, 08:17 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد الخلق رسول الله محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين والنعلة الدائمة على اعدائهم الى قيام يوم الدين
من القيم الأخلاقية العالية التي يربي الإسلام المسلمين عليها قيمة ( العفو عمن ظلم) و قيمة ( الإحسان إلى من أساء)، وقد وردت نصوص شرعية تأمر بالعفو يقول الله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} و ترغب في العفو عمن ظلم يقول الله تعالى :{ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} ، وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : " قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : عليكم بالعفو ، فان العفو لا يزيد العبد إلا عزا ، فتعافوا يعزكم الله " كما أن هناك نصوص تحث على قيمة الإحسان إلى من أساء أساء يقول الله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ} ويقول الإمام أبي عبد الله( عليه السلام) في الحديث الصحيح :" قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله) في خطبته: ألا أخبركم بخير خلائق الدنيا والآخرة ؟ : العفو عمن ظلمك ، وتصل من قطعك ، والإحسان إلى من أساء إليك ، وإعطاء من حرمك".
و في مقابل هذه القيم الأخلاقية والإنسانية التي يحث الإسلام على التخلق بها هناك أخلاقيات ينهى القرآن الكريم المسلمين التخلق بها فيربيهم على نبذها والإبتعاد عنها، ومن أهم هذه الأخلاقيات ( التخلق بالمن) يقول الله تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }، فالمن في القرآن الكريم من العوامل المسببة لإبطال الثواب يقول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى } (264) سورة البقرة
والعفو كما نقل الميزان (ج 2 ص 196 )عن الراغب هو" قصد الشئ لتناوله ثم أوجب لحوق العنايات المختلفة الكلامية به مجيئه لمعاني مختلفة ، كالعفو بمعنى المغفرة والعفو بمعنى إمحاء الاثر والعفو بمعنى التوسط في الانفاق"
فالعفو بمعنى غفران زلات الآخرين والتجاوز عن ظلمهم من الأمور التي ينفقها الإنسان على غيره، وبما أن الإسلام يدعوا الإنسان المسلم على عدم المن في صدقة المال فكذلك يربيه على عدم المن عند العفو عمن ظلم وأساء باعتبار أنهما أمران ينفقهما الإنسان على غيره.
وفي موضوعنا هذا نريد أن نتكلم عن إشكالية عدم الموازنة بين التحلي بالقيم المثلى من العفو والإحسان وعدم المن وبين محاولة إلغاء بعض المثقفين و السياسيين لذاكرة التاريخية التي تحفل بها أمتنا.
فمن الإشكاليات الواقعية التي نعاني منها على المستوى الإسلامي ، والمستوى العربي، والمستوى المذهبي، والمستوى الشخصي أننا نفتقد عملية الموازنة بين هذه القيم التي يدعو لها الإسلام في نصوصه و بين ما تحمله ذاكرتنا من مظلومية وإعتداء في مستوياتها المختلفة.
فمسألة العفو عمن ظلم والتجاوز عمن أساء وعدم المن التي يربي الإسلام الإنسان عليها في المجتمع لا تعني بالضرورة نسيان المظلوم الظلم أو الإساءة التي يقترفها المسيء و الظالم في حقه.
فلا يخفى أن الشيعة مثلا على المستوى المذهبي في كل الدول الإسلامية تعرضوا للقتل والسجن والإضطهاد وسلب الحقوق وغير ذلك من المآسي التي واجهتهم بسبب هوية إتباع أهل البيت عليهم الصلاة والسلام الذي أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بإتباعهم، إلا أن سلوكهم العملي في حالة قدرتهم تجاه الظالم في الغالب إن لم يكن دائما يتسم بالعفو والإحسان وعدم المن كما أمر وحث الإسلام، و يتسم فكيرهم على المستوى النظري بمحاولة إلغاء أو نسيان تاريخ الظلم والتجاوز الذي مورس تجاههم، بإعتبار أن تاريخ الظلم صفحة مظلمة ينبغي تجاوزها ونسيانها لئلا تشكل عقبة وعثرة في طريق التعايش والوحدة في الأمة الإسلامية، فيعمل كثير من الساسة أو المثقفين بسوء نية أو بنية سليمة في طمس الذاكرة التاريخية التي تحمل المآسي والآلام التي عاشها الشيعة في الدول الإسلامية والعربية.
بيد أن العفو والتجاوز لا يعني أن نلغي الذاكرة التاريخية التي حفلت بكل الأحداث المأساوية التي واجهها الشيعة في العالم الاسلامي والعربي فنصور الظالم المسيء تجاه الشيعة بالعادل النزيه، أو نصور تاريخه تجاه الشيعة بالمنصف .
فلو لحظنا الأمم كالصين على سبيل المثال لا الحصر لرأينا أن الصينيين في الوقت الذي فتحوا فيه صفحة جديدة مع اليابانيين بعد عدوانهم وغزوهم على الصين فإنهم في الوقت نفسه يحتفلون في كل سنة بتاريخ العدوان والتدمير الذي مورس تجاه بلدهم وذلك ليبقى تاريخ الإساءة والعدوان والظلم الذي قام به اليابانيون تجاه الصين في ذاكرة الأجيال الصينية الاحقة لئلا يلغى أو ينسى من تاريخهم، فالعفو أو التجاوز لا يعني بالنسب لهم نسيان الذاكرة التاريخية التي واجهت أحداثها الصين.
وهذا الأمر ـ عدم إلغاء أو نسيان الذاكرة عند العفو أو الإحسان في مستواه المذهبي ـ أيضا ينطبق على المستويات الأخرى، فالمسيئ والظالم في المجتمع يمكن أن يُتجاوز عن ظلمه بالإحسان إليه أو العفو عنه وعدم المن عليه إلا أن ذلك لا يعني أن المطلوب من مجتمعنا أن ينسى إساءة وظلم المسيء للمجتمع، فبين عفونا وصفحنا عن الظالم وبين إلغاء تاريخ الظالم والمتجاوز عند المجتمع بون شاسع، تتحدد أهميته في منع تكرار الإعتداء والظلم على المجتمع ، فالنسيان أو الإلغاء سبب من أسباب التعدي، ولا يمكن أن يعالج أفراد المجتمع الظلم والتجاوز بخلق دواعيه في المستقبل بيد نفس الظالم فيعيد الظلم والمتجاوز الإساءة أو يعيد غير الظالم تكرار ما فعله الظالم.
للأمانة الموضع اعجبني كثيرا فنقلته من منتدى مجاور عزيز علي قلبي
لكم خالص تحياتي وتمنياتي لكم بالنجاح الدائم والحوار المفيد
والصلاة والسلام على سيد الخلق رسول الله محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين والنعلة الدائمة على اعدائهم الى قيام يوم الدين
من القيم الأخلاقية العالية التي يربي الإسلام المسلمين عليها قيمة ( العفو عمن ظلم) و قيمة ( الإحسان إلى من أساء)، وقد وردت نصوص شرعية تأمر بالعفو يقول الله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} و ترغب في العفو عمن ظلم يقول الله تعالى :{ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} ، وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : " قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : عليكم بالعفو ، فان العفو لا يزيد العبد إلا عزا ، فتعافوا يعزكم الله " كما أن هناك نصوص تحث على قيمة الإحسان إلى من أساء أساء يقول الله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ} ويقول الإمام أبي عبد الله( عليه السلام) في الحديث الصحيح :" قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله) في خطبته: ألا أخبركم بخير خلائق الدنيا والآخرة ؟ : العفو عمن ظلمك ، وتصل من قطعك ، والإحسان إلى من أساء إليك ، وإعطاء من حرمك".
و في مقابل هذه القيم الأخلاقية والإنسانية التي يحث الإسلام على التخلق بها هناك أخلاقيات ينهى القرآن الكريم المسلمين التخلق بها فيربيهم على نبذها والإبتعاد عنها، ومن أهم هذه الأخلاقيات ( التخلق بالمن) يقول الله تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }، فالمن في القرآن الكريم من العوامل المسببة لإبطال الثواب يقول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى } (264) سورة البقرة
والعفو كما نقل الميزان (ج 2 ص 196 )عن الراغب هو" قصد الشئ لتناوله ثم أوجب لحوق العنايات المختلفة الكلامية به مجيئه لمعاني مختلفة ، كالعفو بمعنى المغفرة والعفو بمعنى إمحاء الاثر والعفو بمعنى التوسط في الانفاق"
فالعفو بمعنى غفران زلات الآخرين والتجاوز عن ظلمهم من الأمور التي ينفقها الإنسان على غيره، وبما أن الإسلام يدعوا الإنسان المسلم على عدم المن في صدقة المال فكذلك يربيه على عدم المن عند العفو عمن ظلم وأساء باعتبار أنهما أمران ينفقهما الإنسان على غيره.
وفي موضوعنا هذا نريد أن نتكلم عن إشكالية عدم الموازنة بين التحلي بالقيم المثلى من العفو والإحسان وعدم المن وبين محاولة إلغاء بعض المثقفين و السياسيين لذاكرة التاريخية التي تحفل بها أمتنا.
فمن الإشكاليات الواقعية التي نعاني منها على المستوى الإسلامي ، والمستوى العربي، والمستوى المذهبي، والمستوى الشخصي أننا نفتقد عملية الموازنة بين هذه القيم التي يدعو لها الإسلام في نصوصه و بين ما تحمله ذاكرتنا من مظلومية وإعتداء في مستوياتها المختلفة.
فمسألة العفو عمن ظلم والتجاوز عمن أساء وعدم المن التي يربي الإسلام الإنسان عليها في المجتمع لا تعني بالضرورة نسيان المظلوم الظلم أو الإساءة التي يقترفها المسيء و الظالم في حقه.
فلا يخفى أن الشيعة مثلا على المستوى المذهبي في كل الدول الإسلامية تعرضوا للقتل والسجن والإضطهاد وسلب الحقوق وغير ذلك من المآسي التي واجهتهم بسبب هوية إتباع أهل البيت عليهم الصلاة والسلام الذي أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بإتباعهم، إلا أن سلوكهم العملي في حالة قدرتهم تجاه الظالم في الغالب إن لم يكن دائما يتسم بالعفو والإحسان وعدم المن كما أمر وحث الإسلام، و يتسم فكيرهم على المستوى النظري بمحاولة إلغاء أو نسيان تاريخ الظلم والتجاوز الذي مورس تجاههم، بإعتبار أن تاريخ الظلم صفحة مظلمة ينبغي تجاوزها ونسيانها لئلا تشكل عقبة وعثرة في طريق التعايش والوحدة في الأمة الإسلامية، فيعمل كثير من الساسة أو المثقفين بسوء نية أو بنية سليمة في طمس الذاكرة التاريخية التي تحمل المآسي والآلام التي عاشها الشيعة في الدول الإسلامية والعربية.
بيد أن العفو والتجاوز لا يعني أن نلغي الذاكرة التاريخية التي حفلت بكل الأحداث المأساوية التي واجهها الشيعة في العالم الاسلامي والعربي فنصور الظالم المسيء تجاه الشيعة بالعادل النزيه، أو نصور تاريخه تجاه الشيعة بالمنصف .
فلو لحظنا الأمم كالصين على سبيل المثال لا الحصر لرأينا أن الصينيين في الوقت الذي فتحوا فيه صفحة جديدة مع اليابانيين بعد عدوانهم وغزوهم على الصين فإنهم في الوقت نفسه يحتفلون في كل سنة بتاريخ العدوان والتدمير الذي مورس تجاه بلدهم وذلك ليبقى تاريخ الإساءة والعدوان والظلم الذي قام به اليابانيون تجاه الصين في ذاكرة الأجيال الصينية الاحقة لئلا يلغى أو ينسى من تاريخهم، فالعفو أو التجاوز لا يعني بالنسب لهم نسيان الذاكرة التاريخية التي واجهت أحداثها الصين.
وهذا الأمر ـ عدم إلغاء أو نسيان الذاكرة عند العفو أو الإحسان في مستواه المذهبي ـ أيضا ينطبق على المستويات الأخرى، فالمسيئ والظالم في المجتمع يمكن أن يُتجاوز عن ظلمه بالإحسان إليه أو العفو عنه وعدم المن عليه إلا أن ذلك لا يعني أن المطلوب من مجتمعنا أن ينسى إساءة وظلم المسيء للمجتمع، فبين عفونا وصفحنا عن الظالم وبين إلغاء تاريخ الظالم والمتجاوز عند المجتمع بون شاسع، تتحدد أهميته في منع تكرار الإعتداء والظلم على المجتمع ، فالنسيان أو الإلغاء سبب من أسباب التعدي، ولا يمكن أن يعالج أفراد المجتمع الظلم والتجاوز بخلق دواعيه في المستقبل بيد نفس الظالم فيعيد الظلم والمتجاوز الإساءة أو يعيد غير الظالم تكرار ما فعله الظالم.
للأمانة الموضع اعجبني كثيرا فنقلته من منتدى مجاور عزيز علي قلبي
لكم خالص تحياتي وتمنياتي لكم بالنجاح الدائم والحوار المفيد