المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شمس وشوكولاتة



يوسف فضل
05-13-2004, 09:18 AM
حياة الأسرة العربية لا تخلو من المنغصات لأن المحيط الاجتماعي العربي، لأسباب عديدة مليء بالعيوب فلا يتيح لنا في الغالب أن نطلب منه علاقات أسرية ناجحة وكاملة، وذلك بسبب سيادة مفاهيم إجتماعية مغلوطة أقوى تأثيرا من المفاهيم الإسلامية، وعدم الاحتكام لميزان عدل يفسر حالة الشد والجذب داخل الأسرة ويضعها في نصابها الصحيح. ومما يساعد على استقراء الأحداث وتفسير السلوكيات لقطبي العلاقة الأسرية، أمر على بعض الآراء التي قد نتفق معها أو نختلف حولها.
يقر محي الدين بن عربي بقوله "كل ما لا يؤنث لا يعول عليه “ بأن العنصر الأنثوي هو الذي يعتمد عليه. لا أدري إن كانت هذه المقولة تمثل إحدى شطحات الصوفية أم أنها اعتراف بحقيقة قوة المرأة التي ينكرها معظم أو بعض الرجال ، إما إستكبارا وعنادا أو .......
أما الكاتب البرازيلي باولو كويلو، مؤلف رواية "إحدى عشرة دقيقة" فإنه لا يعتبر أن الزواج أسطورة من السعادة والهناء، إلا أنه كان مخلصا لبطلة الرواية – ماريا – بأن جعل قصتها مع الرسام تنتهي بخاتمة "على خير". وهذا نادرا ما نجده في أغلب قصص الحب.
فالكاتب هنا يمزج الجنس واللذة والجسد في طقوس متناغمة من الروحانية والرمزية إلى درجة تثير فضول القاريء وتدفعه إلى التساؤل: "هل هذا التناغم بين الجسد والروح هو رؤية تبسيطية لعلاقة بالغة التعقيد مثل علاقة الرجل بالمرأة؟". إلا أن الكاتب يفند هذا الرأي بقوله "نحن الرجال نمضي حياتنا ساعين إلى إظهار ذكورتنا ورجولتنا، إلا أن الحب ليس هذا بل هو الحنان والملامسة والإصغاء والانسجام والتواطؤ".
لقد عايشنا موجة عنف دموية نسائية وانتهت، وهي ممارسة العنف النسائي التي أنتجت استخدام أكياس البلاستيك السوداء التي تساعد في لم وضم الأجزاء المقطعة للجسد الذكري بفعل ممارسة موقف أنثوي كاره تجاهه. أيضا الرجل له صولاته وجولاته العدائية تجاه المرأة والتي آمل أن تنتهي قبل انتهاء رحيل الأمريكان عن ظهورنا. فهل يعتبر هذا تجاوزاً للمعقول ؟

لكن ومتابعة للمزاج الأنثوي الذي يلاحقني حتى أثناء قيادة السيارة، فقد أخذت المذيعة بتقديم كلمات ما بين التشجيع والتشفي ولربما التعاطف الأنثوي عن قصة امرأة تطالب زوجها باسترجاع كليتها. والقصة باختصار هي أن رجل كان يعاني من تلف كليتيه. وقد قرر الأطباء أن لا شفاء له وأن عمليات غسيل الكلى لن تجدي نفعا. وتطلبت حالته نقل كلية له من أحد المتبرعين وإلا توفي الرجل. فقامت زوجته إخلاصا وحبا لزوجها بالتقدم طوعا للطبيب وطلبت أن يجري لها الفحوصات الطبية اللازمة لأنها تود التبرع بإحدى كليتيها لزوجها. أجرى الطبيب الفحوصات اللازمة، فجاءت النتائج الطبية مشجعة بتوافق أنسجتها مع أنسجة زوجها وهذا مما زاد في سعادتها. وأجريت عملية نقل الكلية للزوج. و لكن عندما تماثل الزوج للشفاء بعد فترة النقاهة وعادت صحته إليه قام بمكافأة زوجته بما تستحقه. فقد تزوج عليها مما أثار غضب الزوجة التي شعرت بالغبن خاصة أنه لم يطرح عليها موضوع زواجه الثاني ولم يستشرها. فتقدمت الزوجة للمحكمة الشرعية بطلب الطلاق واسترجاع كليتها التي تبرعت بها. والقضية لا تزال قيد نظر المحكمة الشرعية.
وبما أننا لا نزال نعيش على هامش الحياة التي تصفعنا بحقائقها الحلوة والمرة في كل يوم بل في كل دقيقة، فهل يمكن وصف ما تعرضت له السيدة رانيا الباز على أنه مغامرة خاصة ضدها، سواء بالحدث أو بنشر الحدث على نحو لا يخلو من النوايا السيئة. لأن مثل هذه القصص المحزنة موجودة كثيراً في المجمتع العربي وتحدث كل يوم. وبغض النظر عن دوافع الزوج والتي أرى أنها غير مبررة فإن الحدث يبقى في إطار العلاقة الزوجية المختلة. فالشاطر حسن العربي لا يطاله أي عيب لأن عين المجتمع أحبته فذهبت الأسئلة نحو الزوجة أكثر من النظر إلى أن الفعل كشف وحشيتنا. من الممكن الآن تلطيف العنف بعبارات يطغى عليها التسامح الصوفي وأخذ الدوافع بعين الاعتبار. هذا إذا قبلت السيدة أن تصغي ولربما تغفر.
حتى أن مجلة نيوز ويك تدلي بدلوها في هذا السياق دون أن تعرف أنني سأورد ما روته من قصة طريفة، وهي أن القرويين في شرق تركيا توقفوا عن أداء الصلاة في المسجد لأن الإمام مصطفى بلاتين أبلغ الرجال في مسجده أن عليهم أن يساعدوا نساءهم في أعمال البيت. وكان يقصد بأعمال المنزل أن يقوم الرجال بحمل الماء من البئر إلى البيت فقط.
ففي كتاب "طوق الحمامة " يقول ابن حزم عن الحب والوصال إلى درجة الذوبان بالآخر:-
- إذا كره من أحب لقائي وتجنب قربي فما أصنع ؟
- أرى أن تسعى في إدخال الروح على نفسك بلقائه وإن كره.
- أنا لا أرى ذلك بل أؤثر هواه على هواي ومراده على مرادي، وأصبر ولو كان في ذلك الحتف.
أما الكاتب الساخر برنارد شو فانه يفرق بين الحب والزواج. إذ ذات يوم وهو يتجول في المكتبة باحثا عن كتاب ما سمع سيدة تسأل صاحب المكتبه عن كتاب الحب والزواج فالتفت اليها وهو يبستم لها ساخرا وقال : " أنت تبحثين عن كتابين وليس كتاب واحد" . أي ان الحب شيء والزواج شيء ولا ينضويان تحت مجموعة واحدة . يقول مثل انجليزي " ان تحب وتخسر خير من إلا تحب ابدا ".
إذا لم يكن التسامح والتراحم هو القاسم المشترك المتبادل بين الزوجين فستكون هذه العلاقة ذات عاطفة لا عقل لها وستسودها التوترات والاهتزازات . لان الزواج هو تأصيل للمودة وحفاظ على الصفات الذكورية للرجل والصفات الأنثوية للمرأة. فإن وصلت جدلية العلاقة الزوجية بين الشمس التي يمثلها الرجل وقطعة الشوكولاتة التي تمثلها المرأة إلى عدم تحقيق السعادة واستحال التعايش بينهما، فعندها يكون "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" هو الحل . أرى أن يتزوج المرء ويخسر خير من عدم الزواج .

http://www.geocities.com/half_word/

طيب الخير لكم
يوسف فضل

شجن
06-14-2004, 02:37 AM
مشكور اخوي على الموضوع