المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأمام الصادق عليه السلام في سطور الجزء الثاني



الفاقدات
09-18-2006, 04:44 AM
من أخلاقه


الزهد شيمة الأولياء


دخل على أبي عبد الله الصادق بعض أصحابه فرأى عليه قميصاً فيه قب قد رقعه، فجعل ينظر إليه، فقال له أبو عبد الله : «ما لك تنظر؟».


فقال: قب ملقى في قميصك.


قال: فقال لي: «اضرب يدك إلى هذا الكتاب، فاقرأ ما فيه».


وكان بين يديه كتاب أو قريب منه، فنظر الرجل فيه، فإذا فيه: (لا إيمان لمن لا حياء له، ولا مال لمن لا تقدير له، ولا جديد لمن لا خلق له)(16).




العفو أقرب للتقوى


أتى رجل أبا عبد الله فقال: إن فلاناً ذكرك، فما ترك شيئاً من الوقيعة والشتيمة إلاّ قاله فيك.


فقال أبو عبد الله للجارية: «ائتيني بوضوء».


فتوضأ ودخل.


فقلت في نفسي: يدعو عليه.


فصلى ركعتين، فقال: «يا رب، هو حقي قد وهبته، وأنت أجود مني وأكرم فهبه لي، ولا تؤاخذه بي، ولا تقايسه».


ثم رق فلم يزل يدعو، فجعلت أتعجب(17).




هكذا الحلم


بعث أبو عبد الله الصادق غلاماً له في حاجة فأبطأ، فخرج الصادق في أثره، فوجده نائماً!.


فجلس عند رأسه يروّحه حتى انتبه.


فلما انتبه قال : «يا فلان، والله ما ذاك لك، تنام الليل والنهار، لك الليل ولنا منك النهار» (1.




أنتِ حرة لوجه الله


روي أن سفيان الثوري دخل على الإمام الصادق فرآه متغير اللون، فسأله عن ذلك؟


فقال: «كنت نهيت أن يصعدوا فوق البيت، فدخلت فإذا جارية من جواريّ ممن تربي بعض ولدي قد صعدت في سلم والصبي معها، فلما بصرت بي ارتعدت وتحيرت وسقط الصبي إلى الأرض فمات، فما تغير لوني لموت الصبي وإنما تغير لوني لما أدخلت عليها من الرعب».


وقال لها الإمام : «أنتِ حرة لوجه الله مرتين لا بأس عليك» مرتين(19).





مع قاطع الرحم


عن سالمة مولاة أبي عبد الله قالت: كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمد حين حضرته الوفاة وأغمي عليه، فلما أفاق قال: «أعطوا فلاناً سبعين ديناراً وأعطوا فلاناً كذا وفلاناً كذا».


فقلت: أتعطي رجلاً حمل عليك بالشفرة يريد أن يقتلك؟!


قال: «تريدين أن لا أكون من الذين قال الله عزوجل: (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب)(20).


نعم يا سالمة، إن الله تعالى خلق الجنة فطيبها وإن ريحها ليوجد من مسيرة ألفي عام ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم»(21).




صدقة السر


عن معلّى بن خنيس قال: خرج أبو عبد الله في ليلة قد رشّت السماء وهو يريد ظلّة بني ساعدة(22)، فاتبعته فإذا هو قد سقط منه شيء، فقال: «بسم الله اللهم ردّ علينا».


قال: فأتيته فسلّمت عليه.


فقال: «أنت معلّى؟».


قلت: نعم جعلت فداك.


فقال لي: «التمس بيدك فما وجدته من شيء فادفعه إليّ».


قال: فإذا بخبز منتشر فجعلت أدفع إليه ما وجدت، فإذا أنا بجراب من خبز، فقلت: جعلت فداك أحمله عنك؟


فقال: «لا، أنا أولى به منك، ولكن امض معي».


قال: فأتينا ظلة بني ساعدة فإذا نحن بقوم نيام، فجعل يدسّ الرغيف والرغيفين تحت ثوب كل واحد منهم حتى أتى على آخره، ثم انصرفنا.


فقلت: جعلت فداك يعرف هؤلاء الحق؟


فقال: «لو عرفوا لواسيناهم بالدقة، والدقة هي الملح، إن الله لم يخلق شيئا إلا وله خازن يخزنه إلا الصدقة، فإن الرب تبارك وتعالى يليهما بنفسه، وكان أبي إذا تصدق بشيء وضعه في يد السائل ثم ارتده منه وقبله وشمه ثم رده في يد السائل؛ وذلك أنها تقع في يد الله قبل أن تقع في يد السائل، فأحببت أن أناول ما ولاها الله تعالى، إن صدقة الليل تطفئ غضب الرب وتمحق الذنب العظيم وتهون الحساب، وصدقة النهار تثمر المال وتزيد في العمر، إن عيسى ابن مريم لما مر على البحر ألقى بقرص من قوته في الماء، فقال له بعض الحواريين: يا روح الله وكلمته، لم فعلت هذا هو من قوتك؟ قال: فعلت هذا لتأكله دابة من دواب الماء وثوابه عند الله العظيم»(23).




طلب المعيشة


عن أبي عمرو الشيباني قال: رأيت أبا عبد الله وبيده مسحاة وعليه إزار غليظ يعمل في حائط له والعرق يتصاب عن ظهره، فقلت: جعلت فداك أعطني أكفك.


فقال لي: «إني أحب أن يتأذى الرجل بحرّ الشمس في طلب
المعيشة»(24).




إنه وفى بعهده


كان رجل من ملوك أهل الجبل يأتي الإمام الصادق في حجه كل سنة، فينزله أبو عبد الله في دار من دوره في المدينة، وطال حجه ونزوله في بيت الإمام فأعطى الرجل أبا عبد الله عشرة آلاف درهم ليشتري له داراً في المدينة حتى لا يزاحم الإمام بكثرة مجيئه والبقاء عنده، وخرج إلى الحج.


فلما انصرف من الحج أتى إلى الإمام فقال: جعلت فداك اشتريت لي الدار؟


قال: «نعم».


وأتى بصكّ فيه: «بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اشترى جعفر بن محمد لفلان بن فلان الجبلي، له دار في الفردوس حدّها الأول رسول الله والحدّ الثاني أمير المؤمنين والحدّ الثالث الحسن بن علي والحدّ الرابع الحسين بن علي ».


فلما قرأ الرجل ذلك قال: قد رضيت جعلني الله فداك.


قال: فقال أبو عبد الله : «إني أخذت ذلك المال ففرقته في ولد الحسن والحسين وأرجو أن يتقبل الله ذلك ويثيبك به الجنة».


قال: فانصرف الرجل إلى منزله، وكان الصك معه.


ثم اعتل علّة الموت، فلما حضرته الوفاة جمع أهله وحلّفهم أن يجعلوا الصك معه، ففعلوا ذلك.


فلما أصبح القوم غدوا إلى قبره فوجدوا الصك على ظهر القبر مكتوب عليه: «وفى ولي الله جعفر بن محمد»(25).