المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سوف نكتب لكم اعتباراً من ،، تفضل بزيارة



متبع النور
02-18-2004, 11:53 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أيها الأحباب الأفاضل الكرام سوف نكتب لكم اعتباراً من يوم السبت 1 /1 /1425هــ حول شخصية مجاهدة إيرانية عظيمة على حلقات قصصيه من كتاب مذكرات شيخ بهلول.
وأننا لن نتطرق لمقدمة الكتاب بل نختصر على القصص التي مرت على هذا العالم الجليل.
وسوف يكون لكل قصة حلقة.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد. كما نأمل بأن نخرج بالفائدة المرجوة من إيراد مثل هذه القصص الجميلة.
كما نأمل بأن تلاقي هذه القصص استحسانكم ورضاكم.


والحمدلله رب العالمين
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

أخوكم في الله (33)

لؤلؤة البحر
02-18-2004, 04:47 PM
بنتطار ابداع قلمك اخي ..

فــرات..

متبع النور
02-20-2004, 01:41 PM
السلام عليكم ورحمة وبركاته
مشكورة أختي الفاضلة فــــــــرات الخير على هذا المرور الكريم.

أخوكم في الله

شبكة الناصرة
02-20-2004, 08:11 PM
مشكور اخي وبالانتظار

متبع النور
02-21-2004, 09:10 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بل لك الشكر يا أخي الفاضل ونأمل بأن نكون عند حسن ظنكم بنا.

أخوكم في الله

متبع النور
02-21-2004, 09:28 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الهم صلي على محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سوف نتكلم عن بعض جوانب من حياة أحد المجاهدين الإيرانيين إلا وهو سماحة العلامة الكبير الشيخ بهلول على حلقات من خلال كتاب مذكّرات الشيخ بهلول والذي نقلها على العربية ورتبها الشيخ عبدالعظيم المهتدي البحراني.

الحلقة الأولى
يقول الشيخ عبد العظيم / من مذكّرات الشيخ بهلول/ ص 58ـــ63.

سبزوار... الشرارة الأولى
كان رضا خان البهلوي وأمان الله خان الأفغاني ومصطفى كمال أتاتورك أصدقاء حميمين منذ كانوا يقيمون في بريطانيا, وفيها عاهدوا مع أسيادهم واتّفقوا بين أنفسهم أن ينقلوا الثقافة الغربية إلى إيران وأفغانستان وتركيا.
فلما عادوا إلى أوطانهم استولوا على السلطة عبر انقلاب عسكري ساعدهم فيه الاستعمار البريطاني دون شك, ثم وظفوا الثقافة الغربية في محاربة الثقافة الإسلامية بالاستفادة من التخلف السائد في الشرق. فمنعوا الحجاب وعاقبوا العلماء على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وروجوا الزنا والخمور وجميع المحرّمات الدينية, حتى ألزموا الرجال بلبس القبعة الأجنبية وحلق اللّحى والتخلّي عن الزيّ المحلّي.
وفي سياق هذه الخطط الاستعمارية والغزو الثقافي للمدارس دعا رضا خان صديقه الأفغاني الحميم أمان الله خان مع زوجته المتبرّجة لزيارة أهم مدن الإيرانية, وأمر وزيره تيمور تاش أن يدير استضافتهما مع الوفد المرافق بكامل مجالس الرقص والموسيقى والمحرمات والملاهي, كانوا يريدون من ذلك كسر الحواجز أمام ارتكاب الناس للمحرمات, وما قاموا به في مدينة سبزوار قد ذكّرني بأهل الشام الذين زيّنوا الشام بأمر من يزيد بن معاوية ابتهاجاً لسفك دماء الطيبين من آل محمد وسبي نساء أهل البيت عليهم السلام ومعهن أيتام شهداء كربلاء.
فلم أستطع كظم غيظي وكتمان غضبي على مظاهر التحدّي الصارخ والصريح للقيم الإسلامية. فقد كنتُ في درجة من الغضب لم أستطع أن آكل الطعام رغم شدة الجوع. فسألني والداي لماذا أنت مغموم هذا اليوم؟
ما أفصحت لهما عمّا في قلبي, لأني كنتُ أعرف أن أبي لا يتلاءم مع تفكير في هذه الأمور, وأنه لو علم لمنعني من التدخل فيها, وبالنسبة لأمي فلم تستطع غير البكاء شيئاً.
في ذلك اليوم ذهبتُ إلى بيوت خمس من العلماء الدين أئمة المساجد في سبزوار وبعضهم كان فقيهاً مجتهداً, طلبتُ منهم الإفتاء لمقاطعة تلك الاحتفالات معلناً استعدادي لأكون أول من يعلن المعارضة ويحطم الجُبن المخيم على الناس. ولكن لم يوافقني أحد منهم وقالوا: أن التدخل في السياسة انتحار, والانتحار حرام شرعاً وعقلاً!
وبعد ما يئست من أولئك العلماء, خرجتُ وحيداً إلى مرتفع قريب من الحديقة التي كان فيها الاحتفال, وكانت الساعة تشير إلى الرابعة بعد الظهر, فأخذتُ أنظر إلى تلك المظاهر من بعيد ودموعي تجري على خدّي أسفاً, وكان وجودي في ذلك المكان غريباً لبعض الناس الذي أقترب مني وسلم مدهوشاً وقال: من العجيب مجيئك إلى هنا يا شيخ؟! قلتُ في جوابه: ما جئتُ هنا لأتفرج على هذه المشاهد المحرمة, أنما جئتُ لأظهر الأسف, لماذا في الليلة الأولى من شهر محرم الحرام أصبحت مدينتنا مثل بلاد الشام تتزين بالمعاصي والأفراح المحرمة, أين ذهب أهل الولاء؟
كل من حضر هناك أبلغتُه هذا الكلام, حتى أجمعوا على القول: حقاً أنها أعمال سيئة, لكن لا حلّ بأيدينا, ونحن لا يمكننا الاعتراض. كانت الساعة الخامسة تقريباً إذ بلغ عدد المجتمعين حوالي ما يقارب مائة وخمسين شخصاً, كلهم كانوا يُظهرون الاشمئزاز من ذلك الاحتفال الحرام والمظاهر القبيحة لأولئك الفسقة.
هنا قلت لهم: العجيب أنكم متفقون في القول بأن ما يقوم به هؤلاء عمل سيء ولكنكم لا تبرزون الغيرة لرد العمل السيء!!
قال أحدهم: هذه مسؤولية العلماء ينبغي أن يتقدموا ونحن من ورائهم, فلو تقدم حتى عالم واحد فأننا تقدمنا للتعاون معه.
قلت: أنا لست مجتهداً فهل تتعاون معي إذا تقدمت لرد المنكر؟
قالوا: نحن نراك أفضل من مجتهدي مدينتنا.
قلت: إذن فليذهب إثنان من شجعانكم إلى رئيس بلدية المدينة في الاحتفال ليخبراه أن عدداً من المؤمنين مجتمعون في الحديقة ولديهم معك كلام.
ذهب إثنان من الحاضرين وأبلغاه الرسالة. ففهم رئيس البلدية محتوى القضية, لذلك اتصل برئيس شرطة المدينة يستعين به. فرد عليه الرئيس: أذهب إليهم بنفسك وانظر ما عندهم من كلام واطمئن أننا سنمدك بقوات الشرطة. فخرج رئيس البلدية إلينا متبختراً وقال: ماذا تقولون أنتم؟
تقدمتُ إليه وقلتُ: باسم الدين والضمير نطالبكم بإزالة هذه المظاهر, لأن هذه الليلة أول شهر محرم, والمسلم الشيعي يجب أن لا يحتفل في مثل هذه الليالي والأيام خاصة.
قال: أنه حفل تكريم ملك أفغانستان أمان الله خان ضيف الملك رضا خان البهلوي وهو الذي امرنا بذلك ولا يحق لأي أحد يتدخل في القضية, وإذا تصرّ على موقفك فسأتصل برئيس الشرطة ليقف بوجهك.
في الأثناء رأيت شرطيين يتقدمان نحونا, ولكن قبل وصولهما إلينا لحق بهما شرطي فأسر شيئاً في أُذُِنهما, وإذا بهم يرجعون ففهمتُ من ذلك أنهم خائفين من المواجهة مع الناس المجتمعين حولي, هنا قلتُ لناس: ما دام رئيس البلدية لا يوافق على إنهاء هذا الاحتفال القبيح فأنتم قوموا بإنهائه, فتقدم أخو زوجتي وإسمه عبدالوهاب وكان متديناً وشجاعاً في نفس الوقت, فحطم مصباحاً قد زُيّن به الطريق إلى الحديقة, فاضطرب رئيس البلدية وقال بصوت مرتعش: رجاءً لا تخلّوا بالنظام, نحن نزيل الزينة بهدوء ونجمع هذه المظاهر كلها!
قلتُ: أمهلكم خمس عشرة دقيقة, نذهب خلالها إلى المسجد للصلاة ونعود,فإن كانت الزينة والحفل على حالها فسنعمل بها ما تُملي علينا وظيفتنا الشرعية.
قلت هذه الكلام ومشيتُ مع الناس إلى المسجد, وكان قد وصل هذا الكلام إلى مائتي شخص, لما عدنا من المسجد أصبح ما يقارب خمسة آلاف شخص( وهذه من بركات الصلاة والمسجد) وحينما وصلنا إلى الحديقة لم نجد أي أثر للاحتفال ولتلك الزينة والمنكرات.
لمنا فيما بعد أنهم اعتذروا لضيفهم ملك أفغانستان بأن مدينة سبزوار مضطربة يُفضل الخروج منها. فخرج الملك مع الوزير تيمور تاش والحاشية بخوفٍ وحذر عبر مدينة شاهرود دون أن يتوقفوا حتى في مدينة نيشابور من شدة الخوف.
عند ذلك رجعتُ إلى البيت مسروراً وأخبرت أبي وأمي بتفاصيل القضية, ثم أكلت الطعام بشهية. أمّا والداي فكانا يخافان أن تطاردني الحكومة على فعلي هذا, لكن لم يحدث لي شيء.
هنا تبين لي أني لست قليلاً كما كنتُ أتصور, وأن الحكومة التي يستعظمها الناس ليست عظيمة كما يتصورونها, وعلمتُ أن الناس لو يمتلكوا همّةٌ عالية لتمكنوا بها الوقوف أمام أية حكومة ظالمة.


والحمدلله رب العالمين
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
أخوكم في الله (33)

غدير
02-22-2004, 07:40 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلى على محمد وال محمد
وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته



الف شكر لك اخى منبع النور
على كتابتك عن هذاء الشيخ العظيم المجاهد
الله يعطيك العافيه
ويجعلها في ميزان اعمالك الصالحه

ماجورين

متبع النور
02-23-2004, 12:02 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكِ الله الخير كله يا غدير خم على هذا المرور الكريمز
نسأل الله بأن يكرم وجهك في الدنيا وىلآخرة.

أخوكم في الله (33)

متبع النور
02-24-2004, 01:36 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الهم صلي على محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الحلقة الثانية
يقول الشيخ عبد العظيم / من مذكّرات الشيخ بهلول/ ص64ــ 69.


إلى قم المقدسة

منذ ذلك اليوم قرّرتُ الذهاب إلى حوزة قم المقدسة في اقرب فرصة ممكنة لكي أكون عوناً للعلماء الأعلام إذا ما اندلعت ثورة شعبية ضد رضا خان البهلوي, لأني كنت أسمع في مدينة سبزوار أن مصطفى كمال أتاتورك في تركيا رمى بعض علماء الدين في البحر وأغرقهم, وأن رضا خان يفكر الإقتداء به!!!
مشيت على الأقدام مسافة طويلة حتى وصلتُ إلى مدينة قم بعد شهر ونصف, وذلك لأن الحكومة فرضت قانون يقضي بحمل جواز سفر للتنقل بين المدن, وبما أنيّ كنت مطلوباً لذلك لم يكن من الصالح طلب جواز.
واللطيف أن قُطّاع الطرق بين مدينتي دامغان وسِمنان أوقفوني وأخذوا مني ثيابي وما كان معي. ولما دخلت المدينة صعدت المنبر في أحد المساجد وكان رئيس السرّاق رآني جالساً على المنبر فعرفني فجاء وأعاد كل ما سرقه مني!
وأخيراً دخلتُ مدينة قم ورأيتُ كل شيء على حاله ولا أحد يهدد العلماء والحوزة, وأن الشيخ عبدالكريم الحائري المرجع الديني مؤسس الحوزة محترماً لدى الحكومة. فعلمتُ أن ما سمعتُه في سبزوار أن الشاه يريد القضاء على العلماء لم يكن إلا شائعة, ولربما شائعة قبل واقعة!
وإما قضية استشهاد الثائر الخيّر الحاج ميرزا نورالله الاصفهاني وإبعاد الشيخ البافقي من مدينة قم فكانت منسيّة لا يتكلم عنها أحد.
هنا قرّرتُ الاستفادة من الهدوء المخيم على الحوزة بمواصلة الدراسة عملاً بوصية أبي وتأكيده على جانب العلمي!
بقيتُ عاماً ونصف عام في الحوزة, درستُ شرح اللّمعة في الفقه ورسائل الشيخ الأنصاري في الأصول رغم أني كنت قد درستها عند أبي سابقاً.
ثم درستُ كفاية الأصول وفي نفس الوقت كنتُ ليالي الجمعة وأيام العُطل أذهب إلى القرى القريبة من مدينة قم للتبليغ الديني ودفع الناس إلى مساندة العلماء فيما إذا أعلنوا ثورة ضد الشاه تكون النفوس مهيئة.
ولقد نشطتُ في 25 قرية وأصبحتُ فيها محبوباً ومعروفا ًإلى درجة بعث القرويون إليّ في قم خلال صيف تلك السنة ثمانين بغلة محمّلة بالبطيخ فوزعته على طلبة العلوم الدينية في المدارس قم كلها.
لقد كان رئيس بلدية قم واحد من أعوان الشاه رضا خان المقربين والمدربين على المكر والخيانة. ومما قام به هذا الفاسق هدمُه لمقبرة قم المجاورة للحرم وتبديلها بحديقة, وذلك ضمن خطّة مدروسة بالتنسيق مع الشاه مباشرةً, والهدف كان البدء في نشر مظاهر الفسق والمعاصي بين الناس وتحطيم قدسية المدينة.
وبعد تخريب القبور وإعداد الأرض لزراعة الأشجار والزهور, وقبل أن يأتي الشاه إلى مدينة قم لإفتتاح سكّة الحديد بينها وبين محافظة خوزستان بثلاثة اشهر أمر رئيس البلدية ببناء ملهى داخل الحديقة!
ولقد فرح لذلك الشباب المراهقون في المدينة, وحينما جاء الشاه إلى قم التقى به العلماء بما فيهم المرجع الكبير الشيخ عبدالكريم الحائري وقدّموا له اعتراضاتهم على تصرفات رئيس البلدية. فقال الشاه المنافق: أمّا المقبرة فأن دائرة الصحّة تقول بأنها كانت مصدر أمراض داخل المدينة فلزم إلغاؤها لتكون المقبرة خارج المدينة!
وأمّا الملهى فسوف أمنع هذا الأحمق من تشييده, أنا لا أرضا بما يقوم به من بناء أماكن للزنا وشرب الخمر!
وهكذا سجّل الشاه لنفسه فضلاً على العلماء, وأقام لنفسه موقعاً في قلوبهم حيث منع بناء الملهى, ولكنه حقّق الهدف الأول وهو هدم المقبرة واستبدالها بحديقة للتدرّج في نشر المعاصي والمعاكسات بين الفتيان والفتيات.
غرسوا في الليلة الأولى بعض الأشجار والزهور, فقمتُ في الساعة الثانية بعد منتصف الليل مع ثلاثة من أصدقائي القرويّين بقلعها ورميها جانبا, وذلك بالمشورة مع بعض كبار العلماء.
ولم تمض فترة طويلة حتى علم الرئيس الشرطة أنني قُدتُ المجموعة في هذه القضية, فأخذوا في البحث عني, ولكن الأصدقاء أخفوني فلم تتمكن الشرطة من العثور عليّ, وكنتُ أتنقّل من قرية إلى قرية لمدة ثلاثة أشهر وأدخل المجالس الكبيرة كالفواتح والمآتم واجتماعات الأعراس العامة بشكل مفاجىء, وأرتقي المنبر وأعرّي مفاسد الحكومة الشاهنشاهية ثم أهرب إلى مخبئي, فلم تستطع الشرطة من الوصول إليّ في ذلك الإزدحام, واستمرت المعركة بيني وبين رئيس الشرطة وأفراده على هذه الطريقة لخمسة أشهر في المجموع, ولكنه عجز عن إلقاء القبض عليّ رغم أنه كان معروفاً بالمكر والدهاء, والناس في قم كانوا يسمّونه عبيدالله بن زياد واسمه كان فضل الله وساعدته صفاته اليزيدية ليرتقي في درجته حتى أصبح فيما بعد من أهم الأعمدة العسكرية المعتمدة لدى الشاه محمد رضا خان, فكان يرسله للمهام الصعبة إلى أنحاء البلاد, وهو الذي جابه الدكتور محمد مصدق وواجه الحركة الوطنية في الخمسينات الميلادية.
ولكي يعرف قرّاء هذا الكتاب الحقيقة البهيميّة لهذا الرجل أعني رئيس شرطة قم أذكر القصة التالية:
قبل عيد النيروز بستة أشهر أعلن في قم أن من لا يلبس الزيّ الغربي ولا يضع القبعة على رأسه من بداية السنة الجديدة, فسوف يعاقب بخمسين ريالاً وخمسين سوطاً وشهرين سجن!
وجاء يوم العيد, فأخذ يتجول في الأسواق فلم ير أحداً من الناس قد غير زيه المحلي إلى زيّ الغربيين, فاغتاظ ثم قام باللعبة التالية:
ألقى القبض على أحد الفسقة المعروفين, وجاء به إلى مركز الشرطة وضربه بالسوط ثم أمر أن يشتروا له بدلة سترة وبنطلون مع القبعة الغربية وحلقوا وجهه بالموس ثم ألبسوه الزيّ الغربي وأمروه أن يتجول في الشارع!
ولما رآه الناس خافوا أن يفعل بهم رئيس الشرطة ما فعل بالرجل, فلبس الزيّ ما قارب ألف وخمسمائة شخص في ذلك اليوم, وهكذا أصبح هذا الزيّ الدخيل زيّاً لأكثر الناس في المدينة.
من خلال هذه القصة يمكنكم أن تعرفوا حقيقة فضل الله الذي كانت بينه وبيني مطاردة ومعركة الفرّ والكرّ.
ولقد انتظرتُ حتى يعلن العلماء في قم الجهاد لأكون في طليعة المجاهدين, فلم يُعلنوه, وأنا رأيت الاسمرار في الخفاء مع ذلك الصيف الحارّ في قم ليس أمراً نافعاً, ومن ناحية كان فضل الله قد ضايق الناس في التفتيش عنيّ ...لذلك تركتُ المدينة عائداً إلى مدينتي سبزوار.


والحمدلله رب العالمين
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
أخوكم في الله (33)

متبع النور
03-07-2004, 11:48 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الهم صلي على محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحلقة الثالثة
يقول الشيخ عبد العظيم / من مذكّرات الشيخ بهلول/ ص70ـــ73.


إلى كربلاء والنجف

عندما رجعتُ إلى سبزوار قالت لي أمي: أرجوك أن تأخذني إلى كربلاء والنجف لزيارة العتبات المقدسة. وبما أني كنتُ أتمنى فرصة لزيارة العراق واللقاء بالعلماء في العتبات المقدسة. أخذت والدتي وخرجت قاصداً كربلاء والمسافة غير قصيرة من ناحية, وأنا مطارد ومطلوب للاعتقال من ناحية أُخرى ولم يكن عندي جواز سفر رسمي من ناحية ثالثة, لذلك فإن سفرتي لم تكن تخلو من خطورة, فأخذتُ أتنقل من مدينة إلى مدينة وأمرُّ على قرية تلو قرية ألتقي بالناس وأرتقي المنبر وأنا خارج إلى مكان آخر, وهكذا حتى دخلتُ الأراضي العراقية عبر مدينة كرمانشاه الإيرانية, فوصلتُ إلى كربلاء في الأول من شهر رجب, وكان يأتي إليها المرجع الكبير آية الله العظمى السيد أبو الحسن الاصفهاني في كل عام في الأول من شهر شعبان إلى الخامس عشر منه, ويصلي الجماعة في صحن الإمام الحسين عليه السلام مقابل باب القبلة.
وتلبيةً لطلب السيد ارتقيتُ المنبر بعد صلاته من أول شهر شعبان إلى ليلة النصف, ليلة ميلاد الإمام الحجة بن الحسن المهدي عجل الله فرجه وكان السيد الاصفهاني يجلس تحت المنبر ويستمع لخطابي, وبعد النصف حيث يعود السيد إلى النجف الأشرف طلب مني مرافقته والتزام المنبر بعد صلاته هناك, فقبلتُ طلبه, وخرجتُ معه إلى النجف, وهناك أيضاً طلب مني آية الله العظمى الشيخ ميرزا حسين النائيني أن أرتقي المنبر عنده عشر ليالٍ, فلبيتُ دعوته كذلك. بهذه المنابر والخطابات انتشر اسمي في العديد من البلاد الإسلامية.
في ذات يوم عند لقاء خاص مع المرجع الأعلى السيد أبي الحسن الاصفهاني رحمه الله سألني السيد: جئت إلى العراق لأجل الزيارة أم الدراسة؟
قلتُ: في الوقت الحاضر جئتُ للزيارة ومعي والدتي, وسوف أعود بها إلى الوطن ثم أرجع للدراسة التي بلغتُ فيها إلى السطوح (يعني المرحلة الوسطى من الدروس الحوزوية) وسوف أدرس مرحلة الخارج هنا في حوزة النجف ( وهي المرحلة التي يُعدُ العالم لدرجة الاجتهاد) ذلك لأني أبتغي هدف الاجتهاد والمرجعية.
فقال السيد الاصفهاني: ممن تقلد؟
قلتُ: من سماحتكم.
قال: إني أفتي لك بأن اليوم حضورك في (البحث الخارج) من أجل بلوغ درجة الاجتهاد حرامٌ, وأن ارتقاءك المنبر لتحريض الناس ضد القوانين التعسفية الجائرة للعميل رضا خان البهلوي في إيران والتي سنها ضد القرآن واجب عيني عليك. نحن لدينا مجتهدون كثرة, لكن المبلغين المنبريين الذين يعون الفكرة المطلوبة ويكونون من أهل التقوى قليلين جداً, وإلى أن تصبح أنت مجتهداً فإن الشاه رضا خان قد أتى على كل شيء ولم يبقِ مسلماً في إيران ليقلدّك!
قلت: أنا مستعد لهذا العمل, بل مشغول به منذ سنوات ولكن إذا أدّت نشاطاتي ضد الشاه إلى حربٍ وسفك دماء فلستُ أنا المسؤول!
قال المرجع الاصفهاني: أنا مطلع على أنشطتك في إيران, خاصة مواجهتك للملعون فضل الله خان رئيس شرطة قم, فإنّها مواجهة جديرة بالتقدير. لأجل هذا فإني آمرك بمواصلة هذا الجهاد العظيم قبل أن ينتشر المزيد من الفساد في البلاد.
وبالنسبة للحرب وسفك الدماء, يجب أن لا تكون البادىء فيها, فإنّه لا يجوز لكم ضرب النساء السافرات لإكراههن على الحجاب, ولا يحق لكم أن تعتدوا على شارب الخمر أو تؤذوا رجلاً يحلق لحيته أو يبوّل واقفاً. عليكم أن تأمروا الناس بالصلاة والصيام والزكاة والحج والواجبات الدينية الأخرى بطريقة ليّنة, وبالتي هي أحسن تنهوهم عن الخمر والقمار والزنا واللّواط والربا والرشوة والسرقة والخيانة والكذب والغيبة وحلق اللّحية والتبوّل وقوفاً وربطة العُنق ومصادقة المنحرفين وبقية المحرّمات وسائر المكروهات. فإذا منعت حكومة البهلوي أنشطتكم التبليغية هذه وأدى منعها إلى الحرب وسفك دماء فإنها هي المسؤولة لا أنتم, والذي يُقتل في تأييدكم فهو شهيد. لكن حتى الإمكان اسعوا للغلبة على العدو بحرب باردة ومعارضةٍ سلمية, حتى لا تصل الأمور إلى حرب ساخنة, وأنا أدعو الله لك بالموفقية.
وهكذا رجعت إلى إيران مع والدتي مقرّراً تنفيذ أوامر وتعاليم مرجعي الكبير حسب وسعي ومقدوري. *

* من الجدير ذكره أن الشيخ بهلول في ذلك الوقت كان شابّاً في الخامس والعشرين من عمره تقريباً.


والحمدلله رب العالمين
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

أخوكم في الله (33) (32)

شجن
03-08-2004, 05:12 AM
مشكور اخوي على هالمجهود

متبع النور
03-11-2004, 11:19 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكورة أختي الفاضلة شجن على هذا المرور الكريم الذي نعتبره تاج على رأسنا. (70)

أخوكم في الله (33)

متبع النور
03-13-2004, 12:00 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الهم صلي على محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الحلقة الرابعة
يقول الشيخ عبد العظيم / من مذكّرات الشيخ بهلول/ ص74ـــ 75.


إلى حج بيت الله الحرام

عندما رجعتُ إلى إيران وجدتُ نفسي مستطيعاً لحج بيت الله الحرام, فقلتك يجب عليّ أن أؤدّي فريضة الحج أولاً لكيلا أُقتل في ساحة الجهاد ويبقى شوقي إلى الحج مبتوراً ومن الناحية الشرعية اكون مطلوباً.
لذلك سافرتُ مع زوجتي إلى طهران لننطلق إلى العراق وأتركها في كربلاء نزولاً إلى رغبتها ثم أذهب إلى الحج, وبعده نعود معاً إلى الوطن. ولكننا لمّا وصلنا إلى طهران وجدتُ اجتماعاً حاشداً في مسجد الشاه* فانتهزتُ الفرصة وصعدتُ المنبر عشر ليالٍ, وقلتُ كل ما أردتُ قوله عن مفاسد الشاه والموظفين في حكومته الجائرة.
فاعتقلوني وأودعوني السجن وبعد عسرة أيام أفرجوا عني بسبب الاضطرابات التي عمّت طهران تنديداً باعتقالي, ولكنهم نقلوني إلى مدينتي سبزوار وأدخلوني السجن فيها, ولمّا خافوا من حدوث اضطرابات شعبية هناك جاء ني رئيس شرطة سبزوار على والدي وطلب منه أن يضمن ويتعهد منعي من إرتقاء المنبر والكلام ضد الحكومة.
ولكني بإشارة خاصة أفهمتُ والدي أن لا يضمنني ولا يتعهد له بذلك. فقال له والدي: هذا ولدي مجنون, وأهل سبزوار يعرفونه, لهذا عُرف في إيران بالشيخ بهلول, وأنا لا أضمن هذا الولد المجنون, وأنتم أدرى به, اعملوا به ما تشاؤون فإن تقتلوه أو تسجنوه أو تُطلِقوا سراحه أو تأخذوه إلى دار المجانين لكم الخيار في كل ذلك, وأنا لا أتحمل في رقبتي أية مسؤولية تجاه!
فأعادني رئيس الشرطة إلى المخفر ثم أطلق سراحي من دون تعهد أحد, واكتفي بالقول: لا تعارض الحكومة.
ولم يكن له حلّ غير هذا, لأنه كان يخشى لو يؤخرّني في الحجز ساعات أكثر لثارت عليه الناس في المدينة.
وهكذا قفلتُ راجعاً إلى طهران فوراً, ودخلتُ مدينة قم واتصلت بزوجتي التي بقيت في طهران بعد اعتقالي, فجاءت وخرجنا من قم إلى العراق, وكنا على قرارنا الأول, حيث أبقيها في كربلاء وذهبتُ إلى الحج, ثم عدت إليها ورجعنا إلى إيران بروحٍ جديدة للجهاد.

* وهو مسجد كبير في سوق طهران المركزي سمّي بعد انتصار الثورة الإسلامية بمسجد الإمام الخميني.

والحمدلله رب العالمين
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
أخوكم في الله (33) (32)

متبع النور
03-20-2004, 01:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الهم صلي على محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحلقة الخامسةيقول الشيخ عبد العظيم / من مذكّرات الشيخ بهلول/ ص76ـــ77.


الطلاق الصّعب

لمّا قرّرتُ خوض الجهاد ضد الشاه رضا خان والتنقل بين المدن الإيرانية لتوعية الناس واستنهاضهم للثورة كنتُ أعلم ما يترتب على ذلك من أذى وسجن وهجرة وضرورة الإختفاء, لذلك أخذتُ أفكر في زوجتي المؤمنة, إذ أن مواقفي هذه تجلب لها مضايقات وربما تنتقم منها السلطات الشاهنشاهية للضغط عليّ, وهذا شيء يزعجني ويعرقل مسيرتي الجهادية وتحركي الإسلامي الثائر, من هنا بعد أن وضّحتُ لزوجتي تفاصيل قلت لها: ما رأيكِ أن نتفارق على حبُّ ورضى كما تزوجنا على حب ورضى؟
فقالت: من أجل الجهاد في سبيل الله, أنا راضية بما تقرّره أنت.
أبى ضميري أن أترك هذه المرأة الصالحة إلا أن اضمن لها زوجاً يسعدها ويهتم بحقوقها, لذلك بعد الطلاق الصعب وأخذ العِدّة الشرعية زوّجتها بسيد من أصدقائي في سبزوار يعمل في حياكة الفرش والسجّاد, وكانت زوجته قد فارقت الحياة قبل فترة. ولقد كان ذلك من أصعب الأمور على قلبي, ولكن حبّي لها وللجهاد في سبيل الله دفعني إلى إن إتخاذ هذا القرار العسير لكيلا يؤذيها الطاغوت بسببي إن بقيت زوجةً لي, وعندئذ كنتُ أضطر أن أخضع للحكومة لأدفع الأذى عنها, وهذا يعني أن أترك الجهاد, وهو كان من المستحيلات عندي.
لأني قطعتُ على نفسي مقارعة حكومة البهلوي حتى آخر لحظة من حياتي سيما بعد أمر المرجع الاصفهاني.*

* بالطبع لا يعني هذا أن يُطلق المجاهدون زوجاتهم حتى بالتوافق ما لم تكن ضرورة كالضرورة التي جعلت الشيخ بهلول يتخذ هذا القرار الصعب.( المترجم)


والحمدلله رب العالمين
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
أخوكم في الله (33)

متبع النور
03-28-2004, 11:42 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الهم صلي على محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الحلقة السادسة

يقول الشيخ عبد العظيم / من مذكّرات الشيخ بهلول/ ص78ـــ 82.


المطاردة وتصعيد الخطاب

بعد رجوعي من حج بيت الله الحرام وحصول الطلاق الصعب, طلبت مني أختي التي تكبرني بسبع سنوات أن آخذها إلى زيارة كربلاء أيضاً. وبما أن لها عليّ فضل, إذ هي التي علمتني الخطابة المنبرية وشجعتني منذ صغري لإرتقاء المنبر وإرشاد الناس, وهي كانت خطيبة النساء ومُرشدة لهن, فما كان مني إلا أن منحتُها موافقتي, فانطلقنا إلى كربلاء مع إبنتها الصغيرة, وفي الطريق إلى العراق الذي استغرق عشرة أشهر تقريباً كنتُ أرتقي المنبر في كل مدينة وقرية, ويحتشد الناس لاستماع خطابي, وكانت أختي أيضاً ترتقي المنبر للنساء, مررنا على مدينة زاهدان وبم وكرمان وسيرجان ويزد وشيراز وبوشهر ومنها عبر البحر ذهبنا إلى مدينة خرمشهر وآبادان ودخلنا مدينة البصرة تهريباً, فأولاً تشرفنا بزيارة مرقد الإمام علي عليه السلام في النجف الأشرف ثم مرقد الإمام الحسين وأبي الفضل العباس عليهما السلام في كربلاء. وعُدنا إلى إيران مروراً بالمدن التالية: البصرة آبادان أهواز بهبهان تبريز شيراز أصفهان قم طهران مشهد كناباد.
ولقد ارتقيتُ المنبر في هذه المدن كلّها وقُراها التي دخلناها متحدّثاً عن الوضع السياسي في البلاد, ما عدا مدينة شيراز واصفهان إذ قلتُ للناس فيهما أنّي لا أتدخل في السياسة!
طبعاً هيّئتُ الأرضية إليها بعد إيصال أُختي إلى بيتها في كناباد وذلك لأن هاتين المدينتين أهم المدن سياسياً, فكنتُ احسب لهما حساباً خاصاً ولا بدّ لهما من تمهيد خاص. وهكذا أوصلتُ أُختي لئلا تتضرر في الاضطرابات المحتملة بعد خطاباتي, ثم عدتُ إلى اصفهان فارتقيتُ المنبر في مسجد السيد ومسجد الحكيم ومسجد الجمعة والمسجد المسمّى بمسجد الشاه وبقية أماكن اصفهان, وكانت مواضيعي تدور في التشهير بالقوانين التي سنتها حكومة البهلوي ضد القيم الإسلامية, كقانون تبديل عطلة الجمعة إلى يوم الأحد تبعاً للنصارى, وتبديل الأسماء العربية إلى أسماء فارسية, وفتح دور السينما للأفلام المفسدة, وسماحه لبيع الخمور وممارسة الدعارة ولعب القمار والميسر, وقانون الزواج والطلاق الذي كان مخالفاً لقانون الإسلام, وقانون السفور وخلع الحجاب الإجباري من النساء المسلمات.
نددتُ بهذه الأمور في كل خطاباتي, مما جعل شرطة اصفهان تستنفر لمنع المحاضرات, ولكنها جوبهت بصمود الناس الذين دافعوا عنّي بقوة, فتراجعت الشرطة مُرغمة, واستمرت محاضراتي لأربعين يوماً آخر.
ومن بعد مدينة اصفهان ذهبت إلى شيراز وفاءً للوعد الذي قطعته سراً مع المؤمنين هناك, وهكذا تمت محاضراتي كالّتي في اصفهان بل أحسن منها.
في شيراز أيضاً أرادت الشرطة أن تمنع المجالس, ولكن الناس وقفوا في وجهها ودافع عنّي المجتهد الكبير في شيراز آنذاك سماحة الشيخ جعفر المحلاتي دفاعاً مريراً.
ولقد حاولت الشرطة في منتصف الليل القاء القبض عليّ, ولكنها خابت بالفشل لأني كنتُ أُخفي محل إقامتي من دون علم أحد! فالذي كان يدعوني لتناول العشاء في بيته كنتُ أتفق مع شخص آخر لأبيت عنده بشرط الكتمان, فبعد العشاء أصعد السطح وأتنقل من سطح الجيران حتى أصل إلى زقاقٍ تؤدي إلى منزل الشخص الذي اتفقتُ معه للمبيت في داره, فالشرطة التي علمت عبر جواسيسها بأني معزوم على العشاء في بيت فلان تقتحم البيت فلم تعثر عليّ!
هكذا كانت خطتي في كل المدن الإيرانية, وقد أرهقت بها الشرطة في البحث عنيّ والقاء القبض عليّ, فما استطاعوا الوصول إليّ أبداً, ولمّا أنهيتُ مهمتي في شيراز خرجتُ إلى مدينة يزد وكرمان وهمدان ونهاوند و تويسركان وعملتُ فيها ثورة على حكومة البهلوي. حتى وصلتُ إلى مدينتي كناباد فعلمتُ أن رئيس الشرطة فيها منذ شهرين ينتظرني لإلقاء القبض عليّ, فلم أبق سوى ليلة واحدة, فررتُ في أول الصباح ودخلتُ مدينة فردوس ولم يؤسس فيها مخفر للشرطة بعد. فارتقيتُ المنبر وبدأتُ في تنوير الناس حول الوضع السياسي للبلاد والمخطط الاستعماري الهادف إلى إماتة الإسلام في إيران. وكنتُ أبيتُ في منزل عالم فردوس المحترم سماحة الحاج نجفي وكان مسالماً مع الحكومة رغم سخطِه على تصرفاتها وسياستها.
وذات يوم جاءه رئيس الأمنية الأستخبارت وقال: إن لدينا أمراً من شرطة مشهد لإلقاء القبض على ضيفك, ولكن احتراماً لمكانتك فإني لا أقبض عليه في دارك, مجرّد أرجو منك إخبارنا عن الطريق الذي يخرج إليه الشيخ من المدينة لنعتقله هناك!
شكره الحاج نجفي على عدم اعتقالي في بيته, فخرج رئيس الأمنية على أمل أن يخبره الحاج عنيّ! هذا ما سمعه زوج خالتي الذي كان معي حيث أيقظني وقال: لقد سمعتُ كلام المأمور مع الحاج نجفي, فما الحل؟
قلتُ له: تحرّك معي, ففرنا من دون إخبار الحاج نجفي صاحب البيت, وكان الوقت منتصف الليل, فأكملنا نومنا في إحدى المزارع, ثم خرجنا مع أذان الصبح من المدينة متجهين إلى مدينة قائن وفيها ارتقيتُ المنبر سبع ليال, استنهضت فيها الهمم والغيرة الدينية وناديتُ في المسلمين بالجهاد.


والحمدلله رب العالمين
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
أخوكم في الله (32) (33)

متبع النور
04-14-2004, 11:55 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الهم صلي على محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحلقة السابعة
يقول الشيخ عبد العظيم / من مذكّرات الشيخ بهلول/ ص83 ـــ87.

مشهد...الشرارة الثانية

بعد سبع ليالٍ قضيتها في مدينة قائن زرتُ في اليوم السابع أحد المؤمنين الذين كان عائداً من زيارة مشهد المقدسة لأستخبر منه أوضاع المدينة.
فقال: أهم الأخبار تؤكد أن آية الله العظمى السيد حسين القمّي جُلب إلى طهران, ولا أحد يستطيع أن يتكلم بسبب شدة القمع وكثرة العيون.
ولما كنتُ أنتظر مثل هذه الفرصة منذ زمن قمتُ فوراً وانطلقتُ إلى مدينة مشهد, فوصلتُ إليها بعد أثنى عشرة ساعة لأني كنتُ أركب حافلة إلى مسافة من مخفر شرطة الطريق, ثم أنزل منها ماشياً من جهة الخلف, ثم أنتظر سيارة أُخرى تأخذني, وذلك تفادياً من الاعتقال والاستجواب, فمثلاً ذلت مرة دخلت طهران فجأة وصعدتُ منبراً في أحد المساجد وحرّضتُ الناس على الحكومة, ثم نزلتُ من المنبر وخرجتُ من طهران بدرّاجة أردفني صاحبها إلى مسافة, ثم واصلتُ الطريق إلى مدينة قزوين وهمدان وكرمانشاه وفي نفس الليلة خرجتُ من إيران, ونمت في الليلة الثانية في بغداد!
وبالطبع لا شك في أن العناية الإلهية لها دور غيبي في هذا التحرّك...*
نعم كانت ليلة الخميس حيث وصلتُ إلى مدينة مشهد المقدسة وأطرقتُ باب منزل آية الله القمّي للسؤال عن حاله وأخباره. فقالت لي زوجته: أن السيد باختياره ذهب إلى طهران لينصح الشاه رضا خان أن يتراجع عن قراراته المخالفة للشريعة. إلا أن الشاه لم يمنح السيد وقتاً للقاء به فأمر باحتجازه في حديقة, ومن ناحية أُخرى أصدر الشاه أوامر إلى شرطة مشهد لإلقاء القبض على مؤيديه. وقد اعتقلوا الشيخ غلام رضا الطبسي ومجموعة من العلماء, وسوف يعتقلونك إن عثروا عليك. خذ احتياطك وحذرك.
تلك الليلة ذهبتُ إلى منزل أحد الأصدقاء, وفي الصباح فكرتُ أن أبقى ليلة الجمعة في مشهد الرضا عليه السلام وأغادر المدينة إلى طهران يوم الجمعة للقاء بالسيد بأي شكل كان من أجل استعلام الموقف المطلوب.
من الجدير ذكره أن من عادتي إذا كنتُ يوم الخميس في مدينة من المدن المقدسة لا أغادرها إلا أزور ليلة الجمعة وأتبرك من ذلك المقام الشريف.
ولكي أُبعد عن نفسي خطر الاعتقال قرّرتُ في تلك الليلة ( ليلة الجمعة) أن أعتكف في الحرم ولا أخرج إلى الصحن. فلمّا دخلتُ إلى الصحن الرضوي وكانت الساعة الثانية ظهراً من يوم الخميس إذا بشخص همس في أُذني ــ وكان من شرطة الاستخبارات بزيّ مدني ــ قائلاً: إنك مطلوب لدى الشرطة تعالى معي.
لم أُحاول الهروب, بل قمتُ معه, لكن الناس الذين كانوا يعرفونه اعترضوا عليه فهتفوا بوجهه: أين تأخذ الشيخ؟
قال: تريده الشرطة.
قالوا: لا يحقُ لك اعتقال أحد من داخل الصحن الشريف, فهذا مكان مقدس وآمن.
حمى النزاع بينهم وبينه وارتفعت أصوات النقاش وصوتي لم يخرج! وبعد قليل قلتُ للشرطي: ما دام الناس هذا موقفهم واليوم يوم خميس ليس أحد في مركز الشرطة موجوداً للبث في قضيتي, فاسمح أن آتيكم يوم السبت!
رفض الشرطي وأصر على موقفه, لكن الناس أصروا في صده, فاجتمع من كلا الطرفين رجال, وكادت المعركة تحتدم في الصحن الشريف, حتى تدخل خُدام ( السدنة ) وطرحوا حلاً وسطاً وهو احتجازي في حجرة من الحرم الشريف تحت رقابة الشرطة حتى يأتي مدير الشرطة إلى الحرم ويحسم القضية.
وكان ذلك ظاهر الأمر بينما الحقيقة هي خطة لتسليمي إلى الشرطة في منتصف الليل بعد أن يتفرق من حولي الناس المدافعون وأنا رغم علمي بهذه الخدعة وافقتُ على الاقتراح كيلا ينقسم الناس إلى فريقين: فريق موافق وفريق مخالف, وبالتالي يصبح الانقسام في صالح العدو كالعادة.
احتجزوني في حجرة هناك وعيّنوا أربعة حرّاس يراقبوني, وأنا لكيلا أخسر وجود الناس وعلمهم بي كنتُ أقفُ خلف زجاجة الباب ليروني باستمرار, إذ لو تيسر للشرطة أخذي بسهولة لينقلوني إلى طهران, وإما الإعدام أو السجن المؤبد, ولقد حاولوا إبعادي عن الباب بحجج واهية, ولكنهم باؤوا بالفشل, ولم يتمكنوا من إرغامي خوفاً من هجوم الناس المتجمهرين في الصحن, ولكنهم كانوا يحاولون إبعاد الناس عن المكان, وانتشر خبر احتجازي, فجاء الناس بكثرة فقال لهم الشرطة: اذهبوا فان الشيخ سوف يأتيكم إلى المسجد ويرتقي المنبرّ
وكني فتحتُ الباب فوراً وقلتُ للناس: أنا معتقل هنا كيف آتيكم!
فزادت الهمهمة واشتد غضب الناس, وكانت امرأة من مدينتي كناباد قد رأتني فاستغاثت للإفراج, وأخذت تنادي وتحرض الناس, فأخذتها الشرطة جانباً, ثم جاءت أربع نساء شيرازيات وعملن ذات الاستغاثة لتحريض الناس, لكن الشرطة أخذوهن جانباً أيضاً قبل انفلات الأمور من أيديهم.
وبعد الظهر ذلك اليوم حيث خفت حرارة الشمس زاد تجمهر الناس في الصحن حتى على سطوح الحُجر وكان يوماً مشهوداً.


* هنا يلمّح الشيخ بموهبة ( طيّ الأرض ) كما هو على الألسن وقد سألته هل يمتلكها بالفعل أم كلام الناس؟
قال: الناس يقولون كل شيء. هذا وإن من المعروف عند الأولياء الصالحين أن الذين يمنحهم الله تعالى هذه الموهبة لا يصرحون بها وإلا سُلبت منهم.
والحمدلله رب العالمين
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
أخوكم في الله (32)(33)

دمعه حزن
05-01-2004, 11:29 AM
شكراً جزيلاً اخي متبع النور

سلمت وسلمت يداك على المجهود الرائع

جزاك الله خيراً.. وسدد خطاك

تحياتي

abu noura
10-31-2004, 06:50 PM
متبع النور

سلمت وسلمت يداك على القصة الحقيقيه وجزاك الله خيرا وبارك الله لك وفيك بحق محمد واله الكرام اللهم صلى عليهم اجمعين


احترامي

نسمة ليل
10-31-2004, 07:21 PM
مشكور اخي متبع النور

abu noura
11-17-2004, 07:52 PM
احسنت وجزاك الله خيرا على المعلومات الطيبه ولتكن في ميزان اعمالك يارب


احترامي

متبع النور
01-03-2005, 12:15 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً :ــ نعتذر لكم على تأخرنا ونتقدم بخالص الشكر لهذه الشبكة وأعضائها الكرام.|17|
ثانياً :ــ لا أستطيع أن أصف هذه الأقلام النيرة بارك الله فيها ونشكركم على تسطيركم وتنويركم لهذه الصفحة.|44||32||33|
وكلنا رجاء بأن تقبلوا عذرنا أيها الأخوان الكرام.|17||33|