قطرة عطاء
03-26-2011, 11:09 PM
وبعد أن يستعرض المؤلف "دور حياة الأزمة" التي يشبهها بالكائن الحي في ولادته ونموه وفتوته ثم ضعفه واضمحلاله، ينتقل بنا في الفصل الثاني إلى معالجة مصطلحين مرتبطين بالأزمات وهما:
إدارة الأزمات أم الإدارة بالأزمات؟
ثمة فرق بين هذين المصطلحين يمكن توضيحه عبر التعريف بهما، وذلك كما يلي:
فإدارة الأزمات Crisis Management بعبارة يسيرة هي: معالجة الأزمة على نحو يمكن من تحقيق أكبر قدر ممكن من الأهداف المنشودة والنتائج الجيدة.
من يدير الأزمة: مدير أم فريق الأزمة؟
والأزمة يجب ألا تدار فقط مــن خلال المدير الخــارق "السوبرمـــان"، وإنما من خلال فريق خاص Task Force يُُختار أعضاؤه بعناية فائقة، ليتم بعد ذلك تدريبهم ورفع مستوياتهم وإكسابهم المهارات اللازمة لإدارة الأزمة.
من هو مدير الأزمة الفعال؟
ومع ضرورة إدارة الأزمة من خلال فريق متكامل، إلا أن مدير الأزمة بذاته يكتسب أهمية خاصة، ويلزم اتصافه بصفات معينة من أهمها أنه ينبغي أن يكون:
- قوي الإيمان بقضية الأزمة، شديد التحمل، ماضي الإرادة.
- يمتلك القدرة على التفكير الإبداعي.
- يتسم بالمهارات القيادية في إدارة فريق الأزمة، وفي الاتصال مع كافة الأطراف ذات الصلة بالأزمة بما في ذلك الطرف الآخر "أو الخصم".
أما الإدارة بالأزمات Management by Crisis فمصطلح يشير إلى: "افتعال أزمة من أجل تحقيق هدف معين".
ومن هذين التعريفين ندرك أنه في "الأزمات المفتعلة" يستخدم مفتعل الأزمة "الإدارة بالأزمات" في حين أن الطرف الآخر يلجأ إلى "إدارة الأزمات"، وهذا لا يعني أن جميع الأزمات مفتعلة من قبل أحد أطراف الأزمة؛ بل قد تكون الأزمة حدثت من جراء عوامل خارجة عن سيطرة ونطاق طرفي الأزمة، ومن ثم يلجأ كلاهما إلى "إدارة الأزمات".
وفي الفصل الثالث يدخل بنا المؤلف إلى صلب الموضوع الهام والذي عنون به الكتاب "الإبداع يخنق الأزمات"
كيف ندير أزماتنا؟
إنه يصل بنا إلى كيفية إدارة الأزمات، والتي يقرر أنها ليست أكثر من أن تكون لوناً من ألوان التفكير الإبداعي الذي:
\ يتفهم طبيعة الأزمة وإفرازاتها، ويدرك أنواعها ودورة حياتها.
\ يتعرف على استراتيجيات التعامل معها وكيفية رسم سيناريوهاتها.
\ ويستبطن الوصايا المرعية في إدارة الأزمات.
إذاً فإدارة الأزمات - في رأي المؤلف - تفكير إبداعي واعٍ، ومن ثم يجب التعرف على هذا اللون من التفكير، ونرى الاكتفاء بتلخيص أبرز النقاط المتعلقة بهذا اللون من التفكير، وذلك كما يلي:
التفكير الإبداعي هو: "عملية ذهنية مصحوبة بتوتر وانفعال صادق ينظم بها العقل خبرات الإنسان ومعلوماته بطريقة خلاقة تمكنه من الوصول إلى جديد مفيد".
ويتميز المبدع بمزايا عقلية ونفسية كثيرة، من أبرزها:
الخصائص العقلية:
أ - الحساسية في تلمس المشكلات.
ب - الطلاقة.
ج - المرونة.
د - الأصالة.
هـ - الذكاء.
الخصائص النفسية:
أ - الثقة بالنفس.
ب - قوة العزيمة وحب المغامرة.
ج - القدرة على نقد الذات.
د - الإيمان غالباً بأنه في "الإمكان أبدع مما كان".
هـ - البذل بإخلاص وتفان.
و - دائم التغلب على "العائق الوحيد".
ز - حب الاستكشاف والاستطلاع بالقراءة والملاحظة والتأمل.
ح - الميل إلى الانفراد في أداء بعض أعماله، مع مهارات اجتماعية.
وفي الفصل الرابع يبدأ المؤلف في تناول كيفية إدارة الأزمات والتي تنتظم خمس خطوات بتفصيل معقول كما يلي:
أولاً: تشخيص الأزمة وتحديد أسبابها:
في هذه الخطوة يجب تحديد الأزمة بدقة، وهنا يجب أن نفرق بين "الأزمة الظاهرية" و "الأزمة الحقيقية"، فالأولى قد يفتعلها الخصم من أجل المناورة وكشف بعض الأوراق بل ربما من أجل استنزاف الموارد وإنهاك القوى.
ومدير الأزمة المبدع يمتلك حساسية بالغة تجاه المشاكل والأزمات، كما أنه يعايشها بصدق وحرارة؛ ليستكشف بهذه المعايشة جوهرها وأبعادها، ويستبصر اتجاهها ومراحلها، ويتلمس أسبابها ونتائجها.
ويُفضّل عند تحديد الأزمة أن تُصاغ في ظل أسوأ الاحتمالات وأفضلها، مما يساعد على الاستعداد لها ورسم كافة السيناريوهات الممكنة.
كيف نشخص الأزمة؟
يفهم من كلام المؤلف أن الأزمة في حقيقتها ليست أكثر من مرض خطير هاجم جسداً فوجده منهك القوى ضعيف المقاومة، ومن ثم كان بدهياً القول بأن التشخيص السليم للأزمة هو بداية الاهتداء للأسلوب الأمثل للتعامل معها، ويمكن تشخيص الأزمة عبر ما يسمى بـ "المنهج الشامل" الذي يقوم على المحاور الآتية:
1 - استقراء تاريخ الأزمة وتصنيفه إلى مراحل.
2 - عند وصف المراحل التاريخية للأزمة وتحليلها يمكن تفكيك الأزمة إلى الأجزاء المنطقية التي تفاعلت على نحــوٍ معين أدى إلى حدوثها، وهذا التفكيك يعرف "بمنهج النظم".
ثانياً: تحديد الأهداف "لماذا ندير الأزمة؟"
ماذا نريد؟ لماذا ندير هذه الأزمة ونتحمس لمواجهتها؟
سؤال محوري وخطير يستلزم إجابة دقيقة من خلال سلوك المنهج العلمي في تحديد الأهداف، ومثل هذه الإجابة قد تبين لنا في بعض الأزمات التي نديرها أن الأهداف التي يمكن تحقيقها متواضعة، ومن ثم فهي لا تستحق الجهد المبذول والتكلفة المتوقعة.
وعند "صناعة الأهداف" في أجواء الأزمة، يجب التأكد من أنها: واضحة ودقيقة، متناسقة، متكاملة، واقعية، قابلة للقياس، وأن تكون الأهداف من نوع واحد "استراتيجية أو تكتيكية".
ثالثاً: الحد من تفاقم الأزمة:
يقضي التفكير العلمي - بعد تحديد الأهداف - أن نحدّد البدائل الممكنة، غير أن تصاعد أحداث الأزمة يفرض على فريق الأزمة التفكير في "آلية للحد من تفاقمها" من خلال تحديد بدائل "أولية"، أو "علاجات مسكّنة" بغية السيطرة على "فيروس الأزمة" بقدر المستطاع والذي ينشر "الخلايا السرطانية" ويعمل على تضخمها.
وهذه الخطوة يجب ألا ننظر إليها على أنها مستقلة عن خطوة تحديد البدائل؛ وذلك أن الأزمة تتصاعد أحداثها بشكل سريع ومخيف، مما يحتم علينا محاولة دمج هاتين الخطوتين عبر طريقتين هما:
1 - قيام الفريق بـ "التفكير الآني" في كلا العلاجين المسكّن والأساس في وقت واحد أو في أوقات متعاقبة.
2 - تقسيم فريق الأزمة إلى قسمين: يتولى أحدهما العلاج المسكّن، ويتولى الآخر - في الوقت ذاته - العلاج الأساس.
رابعاً: تحديد البدائل الممكنة:
في هذه الخطوة سجل كل ما يعن لك من أفكار، ولا تستعجل في محاكمتها وإعدامها، فلقد أثبتت بعض الدراسات المعنية بالأزمات أن كثيراً من الأفكار والبدائل الجيدة التي نفذت في بعض الأزمات قد هوجمت في البداية ووصفت بأنها مثالية أو مجنونة!!
وعند تحديد البدائل يجب على فريق الأزمة أن يطرحوا على أنفسهم بعض الأسئلة التي تعين على توليد أكبر قدر ممكن من البدائل، ومن تلك الأسئلة مثلاً ما يلي:
\ ماذا لو فعلنا - أو لم نفعل - كذا............؟
\ هل نغير زاوية التفكير؟ هل "نفكر رأساً على عقب"؟
\ هل نستطيع تنفيذها؟ وهل الوقت مناسب لتنفيذها؟ ومن يستطيع مساعدتنا؟
ومدير الأزمة - بل فريق الأزمة - المبدع هو الذي يتخلص من أقفال الإبداع التي تحاول أن توحي لفريق الأزمة بإيحاءات سامة تنتشر في جو الأزمة، فيُخنق الإبداع ويخلفه الجمود ويعتل الجو بالبلادة.
عصف الأزمة ذهنياً:
وقد تتطلب بعض الأزمات حلولاً كثيرة، مما يؤيد استخدام ما يسمى "العاصفة الذهنية" Brain Stormin، وتتلخص في طرح أزمة أو مشكلة معينة على مجموعة من الأفراد، وتمر هذه العاصفة بالمراحل الآتية:
أ - توضيح الأزمة وتجزئتها.
ب - توليد الأفكار وعرضها.
ج - تقويم الأفكار المطروحة.
خامساً: اختيار أفضل البدائل:
بعد تحديد البدائل الممكنة يجب إخضاعها لدراسة علمية، يشترك فيها مجموعة من الخبراء والمتخصصين "فريق الأزمة + بعض المستشارين - إن لزم الأمر".
ويمكن تقييم كل بديل من خلال مجموعة من الأسئلة مثل:
- هل يمكن تطبيقه عملياً؟ وهل نملك القدرة والموارد الكافية لتطبيقه؟
- ما هي تكلفة تطبيقه؟ وكم سيستغرق من الوقت؟
- ما هي الآثار والمخاطر المتوقعة؟ وما هي ردة الفعل المتوقعة للخصم؟
وإذا تم اختيار البديل المناسب فثمة أسئلة أخرى نجيب عليها هي:
- من الذي سيشارك في تنفيذ كل خطوة؟ ومتى؟ وكيف؟ وكم ستستغرق هذه الخطوة من الوقت؟
- ما هي المشكلات التي يمكن أن تنشأ بين الأشخاص بسبب التنفيذ؟
ما هي استراتيجيات التعامل مع الأزمات؟
وبعد أن عرفنا الكيفية التي تدار بها الأزمات يجب أن نتعرف على الاستراتيجيات المتاحة للتعامل معها، وفي الفصل الخامس يناقش المؤلف هذه القضية بإسهاب، ويمكننا عرضها كما يلي:
إدارة الأزمات يجب أن تتم في ضوء استراتيجية معينة، بحيث يقتنع فريق الأزمة بضرورة إدارة الأزمة في ضوئها.
واستراتيجيات التعامل مع الأزمة كثيرة، ولذا كان من الواجب عند اختيار الاستراتيجية مراعاة الأمور الآتية:
\ تحديد الموقف من الأزمة: من هو صانع الأزمة؟ ومن هو المستهدف بها؟
\ اختيار الاستراتيجية التي تناسب طبيعة الأزمة وإفرازاتها.
\ التأكد من أن الاستراتيجية المختارة يمكن تطبيقها في ظل الإمكانات المادية والبشرية المتاحة.
\ التعرف على استراتيجية الطرف الآخر.
ثم تناول المؤلف أهم الاستراتيجيات علــى النحــو الآتـي:
1 - كبت الأزمة:
وتقضي هذه الاستراتيجية بالعنف في التعامل مع الأزمة ومع الطرف الآخر، وذلك بالتدخل السريع ومحاولة وقف أحداثها والقضاء على "مولّداتها" كالأزمة الطلابية التي حدثت في الصين في صيف 1989م.
2 - تفريع الأزمة:
وهذه الاستراتيجية تعتبر امتداداً لما قبلها، إلا أن الفارق بينهما يكمن في أن الاستراتيجية الأولى تهدف إلى القضاء نهائياً على الأزمة دفعة واحدة، بينما الثانية تروم القضاء عليها تدريجياً لقناعة مستخدمها بضرورة التدرج: إما لتماسك الطرف الآخر وقوته وكثرة أتباعه، أو للظهور إعلامياً بمظهر المتسامح، أو لغير ذلك من الأسباب
3 - إنكار الأزمة أو بخسها:
أي أنه لا يتم الاعتراف بوجود الأزمة أصلاً أو التقليل من شأنها بحيث تصور على أنها مجرد "فقاعات هواء" لا تلبث أن تتبدد، ومن ثم فإن هذه الاستراتيجية يصاحبها:
\ تعتيم إعلامي لتفويت الفرصة على الطرف الآخر لإقناع بعض من المستهدفين بالأزمة وبخطورتها.
\ تحصين الأفراد من هذه الحملات الإعلامية، وإقناعهم بعدم وجود أي أزمة أو التهوين من شأنها.
4 - عزل قوى الأزمة:
هذه الاستراتيجية تؤمن بالحكمة التي تقبع في "اللاشعور الإنساني" والتي تقضي بقطع "رأس الحية" بغية التخلص من شرها
إدارة الأزمات أم الإدارة بالأزمات؟
ثمة فرق بين هذين المصطلحين يمكن توضيحه عبر التعريف بهما، وذلك كما يلي:
فإدارة الأزمات Crisis Management بعبارة يسيرة هي: معالجة الأزمة على نحو يمكن من تحقيق أكبر قدر ممكن من الأهداف المنشودة والنتائج الجيدة.
من يدير الأزمة: مدير أم فريق الأزمة؟
والأزمة يجب ألا تدار فقط مــن خلال المدير الخــارق "السوبرمـــان"، وإنما من خلال فريق خاص Task Force يُُختار أعضاؤه بعناية فائقة، ليتم بعد ذلك تدريبهم ورفع مستوياتهم وإكسابهم المهارات اللازمة لإدارة الأزمة.
من هو مدير الأزمة الفعال؟
ومع ضرورة إدارة الأزمة من خلال فريق متكامل، إلا أن مدير الأزمة بذاته يكتسب أهمية خاصة، ويلزم اتصافه بصفات معينة من أهمها أنه ينبغي أن يكون:
- قوي الإيمان بقضية الأزمة، شديد التحمل، ماضي الإرادة.
- يمتلك القدرة على التفكير الإبداعي.
- يتسم بالمهارات القيادية في إدارة فريق الأزمة، وفي الاتصال مع كافة الأطراف ذات الصلة بالأزمة بما في ذلك الطرف الآخر "أو الخصم".
أما الإدارة بالأزمات Management by Crisis فمصطلح يشير إلى: "افتعال أزمة من أجل تحقيق هدف معين".
ومن هذين التعريفين ندرك أنه في "الأزمات المفتعلة" يستخدم مفتعل الأزمة "الإدارة بالأزمات" في حين أن الطرف الآخر يلجأ إلى "إدارة الأزمات"، وهذا لا يعني أن جميع الأزمات مفتعلة من قبل أحد أطراف الأزمة؛ بل قد تكون الأزمة حدثت من جراء عوامل خارجة عن سيطرة ونطاق طرفي الأزمة، ومن ثم يلجأ كلاهما إلى "إدارة الأزمات".
وفي الفصل الثالث يدخل بنا المؤلف إلى صلب الموضوع الهام والذي عنون به الكتاب "الإبداع يخنق الأزمات"
كيف ندير أزماتنا؟
إنه يصل بنا إلى كيفية إدارة الأزمات، والتي يقرر أنها ليست أكثر من أن تكون لوناً من ألوان التفكير الإبداعي الذي:
\ يتفهم طبيعة الأزمة وإفرازاتها، ويدرك أنواعها ودورة حياتها.
\ يتعرف على استراتيجيات التعامل معها وكيفية رسم سيناريوهاتها.
\ ويستبطن الوصايا المرعية في إدارة الأزمات.
إذاً فإدارة الأزمات - في رأي المؤلف - تفكير إبداعي واعٍ، ومن ثم يجب التعرف على هذا اللون من التفكير، ونرى الاكتفاء بتلخيص أبرز النقاط المتعلقة بهذا اللون من التفكير، وذلك كما يلي:
التفكير الإبداعي هو: "عملية ذهنية مصحوبة بتوتر وانفعال صادق ينظم بها العقل خبرات الإنسان ومعلوماته بطريقة خلاقة تمكنه من الوصول إلى جديد مفيد".
ويتميز المبدع بمزايا عقلية ونفسية كثيرة، من أبرزها:
الخصائص العقلية:
أ - الحساسية في تلمس المشكلات.
ب - الطلاقة.
ج - المرونة.
د - الأصالة.
هـ - الذكاء.
الخصائص النفسية:
أ - الثقة بالنفس.
ب - قوة العزيمة وحب المغامرة.
ج - القدرة على نقد الذات.
د - الإيمان غالباً بأنه في "الإمكان أبدع مما كان".
هـ - البذل بإخلاص وتفان.
و - دائم التغلب على "العائق الوحيد".
ز - حب الاستكشاف والاستطلاع بالقراءة والملاحظة والتأمل.
ح - الميل إلى الانفراد في أداء بعض أعماله، مع مهارات اجتماعية.
وفي الفصل الرابع يبدأ المؤلف في تناول كيفية إدارة الأزمات والتي تنتظم خمس خطوات بتفصيل معقول كما يلي:
أولاً: تشخيص الأزمة وتحديد أسبابها:
في هذه الخطوة يجب تحديد الأزمة بدقة، وهنا يجب أن نفرق بين "الأزمة الظاهرية" و "الأزمة الحقيقية"، فالأولى قد يفتعلها الخصم من أجل المناورة وكشف بعض الأوراق بل ربما من أجل استنزاف الموارد وإنهاك القوى.
ومدير الأزمة المبدع يمتلك حساسية بالغة تجاه المشاكل والأزمات، كما أنه يعايشها بصدق وحرارة؛ ليستكشف بهذه المعايشة جوهرها وأبعادها، ويستبصر اتجاهها ومراحلها، ويتلمس أسبابها ونتائجها.
ويُفضّل عند تحديد الأزمة أن تُصاغ في ظل أسوأ الاحتمالات وأفضلها، مما يساعد على الاستعداد لها ورسم كافة السيناريوهات الممكنة.
كيف نشخص الأزمة؟
يفهم من كلام المؤلف أن الأزمة في حقيقتها ليست أكثر من مرض خطير هاجم جسداً فوجده منهك القوى ضعيف المقاومة، ومن ثم كان بدهياً القول بأن التشخيص السليم للأزمة هو بداية الاهتداء للأسلوب الأمثل للتعامل معها، ويمكن تشخيص الأزمة عبر ما يسمى بـ "المنهج الشامل" الذي يقوم على المحاور الآتية:
1 - استقراء تاريخ الأزمة وتصنيفه إلى مراحل.
2 - عند وصف المراحل التاريخية للأزمة وتحليلها يمكن تفكيك الأزمة إلى الأجزاء المنطقية التي تفاعلت على نحــوٍ معين أدى إلى حدوثها، وهذا التفكيك يعرف "بمنهج النظم".
ثانياً: تحديد الأهداف "لماذا ندير الأزمة؟"
ماذا نريد؟ لماذا ندير هذه الأزمة ونتحمس لمواجهتها؟
سؤال محوري وخطير يستلزم إجابة دقيقة من خلال سلوك المنهج العلمي في تحديد الأهداف، ومثل هذه الإجابة قد تبين لنا في بعض الأزمات التي نديرها أن الأهداف التي يمكن تحقيقها متواضعة، ومن ثم فهي لا تستحق الجهد المبذول والتكلفة المتوقعة.
وعند "صناعة الأهداف" في أجواء الأزمة، يجب التأكد من أنها: واضحة ودقيقة، متناسقة، متكاملة، واقعية، قابلة للقياس، وأن تكون الأهداف من نوع واحد "استراتيجية أو تكتيكية".
ثالثاً: الحد من تفاقم الأزمة:
يقضي التفكير العلمي - بعد تحديد الأهداف - أن نحدّد البدائل الممكنة، غير أن تصاعد أحداث الأزمة يفرض على فريق الأزمة التفكير في "آلية للحد من تفاقمها" من خلال تحديد بدائل "أولية"، أو "علاجات مسكّنة" بغية السيطرة على "فيروس الأزمة" بقدر المستطاع والذي ينشر "الخلايا السرطانية" ويعمل على تضخمها.
وهذه الخطوة يجب ألا ننظر إليها على أنها مستقلة عن خطوة تحديد البدائل؛ وذلك أن الأزمة تتصاعد أحداثها بشكل سريع ومخيف، مما يحتم علينا محاولة دمج هاتين الخطوتين عبر طريقتين هما:
1 - قيام الفريق بـ "التفكير الآني" في كلا العلاجين المسكّن والأساس في وقت واحد أو في أوقات متعاقبة.
2 - تقسيم فريق الأزمة إلى قسمين: يتولى أحدهما العلاج المسكّن، ويتولى الآخر - في الوقت ذاته - العلاج الأساس.
رابعاً: تحديد البدائل الممكنة:
في هذه الخطوة سجل كل ما يعن لك من أفكار، ولا تستعجل في محاكمتها وإعدامها، فلقد أثبتت بعض الدراسات المعنية بالأزمات أن كثيراً من الأفكار والبدائل الجيدة التي نفذت في بعض الأزمات قد هوجمت في البداية ووصفت بأنها مثالية أو مجنونة!!
وعند تحديد البدائل يجب على فريق الأزمة أن يطرحوا على أنفسهم بعض الأسئلة التي تعين على توليد أكبر قدر ممكن من البدائل، ومن تلك الأسئلة مثلاً ما يلي:
\ ماذا لو فعلنا - أو لم نفعل - كذا............؟
\ هل نغير زاوية التفكير؟ هل "نفكر رأساً على عقب"؟
\ هل نستطيع تنفيذها؟ وهل الوقت مناسب لتنفيذها؟ ومن يستطيع مساعدتنا؟
ومدير الأزمة - بل فريق الأزمة - المبدع هو الذي يتخلص من أقفال الإبداع التي تحاول أن توحي لفريق الأزمة بإيحاءات سامة تنتشر في جو الأزمة، فيُخنق الإبداع ويخلفه الجمود ويعتل الجو بالبلادة.
عصف الأزمة ذهنياً:
وقد تتطلب بعض الأزمات حلولاً كثيرة، مما يؤيد استخدام ما يسمى "العاصفة الذهنية" Brain Stormin، وتتلخص في طرح أزمة أو مشكلة معينة على مجموعة من الأفراد، وتمر هذه العاصفة بالمراحل الآتية:
أ - توضيح الأزمة وتجزئتها.
ب - توليد الأفكار وعرضها.
ج - تقويم الأفكار المطروحة.
خامساً: اختيار أفضل البدائل:
بعد تحديد البدائل الممكنة يجب إخضاعها لدراسة علمية، يشترك فيها مجموعة من الخبراء والمتخصصين "فريق الأزمة + بعض المستشارين - إن لزم الأمر".
ويمكن تقييم كل بديل من خلال مجموعة من الأسئلة مثل:
- هل يمكن تطبيقه عملياً؟ وهل نملك القدرة والموارد الكافية لتطبيقه؟
- ما هي تكلفة تطبيقه؟ وكم سيستغرق من الوقت؟
- ما هي الآثار والمخاطر المتوقعة؟ وما هي ردة الفعل المتوقعة للخصم؟
وإذا تم اختيار البديل المناسب فثمة أسئلة أخرى نجيب عليها هي:
- من الذي سيشارك في تنفيذ كل خطوة؟ ومتى؟ وكيف؟ وكم ستستغرق هذه الخطوة من الوقت؟
- ما هي المشكلات التي يمكن أن تنشأ بين الأشخاص بسبب التنفيذ؟
ما هي استراتيجيات التعامل مع الأزمات؟
وبعد أن عرفنا الكيفية التي تدار بها الأزمات يجب أن نتعرف على الاستراتيجيات المتاحة للتعامل معها، وفي الفصل الخامس يناقش المؤلف هذه القضية بإسهاب، ويمكننا عرضها كما يلي:
إدارة الأزمات يجب أن تتم في ضوء استراتيجية معينة، بحيث يقتنع فريق الأزمة بضرورة إدارة الأزمة في ضوئها.
واستراتيجيات التعامل مع الأزمة كثيرة، ولذا كان من الواجب عند اختيار الاستراتيجية مراعاة الأمور الآتية:
\ تحديد الموقف من الأزمة: من هو صانع الأزمة؟ ومن هو المستهدف بها؟
\ اختيار الاستراتيجية التي تناسب طبيعة الأزمة وإفرازاتها.
\ التأكد من أن الاستراتيجية المختارة يمكن تطبيقها في ظل الإمكانات المادية والبشرية المتاحة.
\ التعرف على استراتيجية الطرف الآخر.
ثم تناول المؤلف أهم الاستراتيجيات علــى النحــو الآتـي:
1 - كبت الأزمة:
وتقضي هذه الاستراتيجية بالعنف في التعامل مع الأزمة ومع الطرف الآخر، وذلك بالتدخل السريع ومحاولة وقف أحداثها والقضاء على "مولّداتها" كالأزمة الطلابية التي حدثت في الصين في صيف 1989م.
2 - تفريع الأزمة:
وهذه الاستراتيجية تعتبر امتداداً لما قبلها، إلا أن الفارق بينهما يكمن في أن الاستراتيجية الأولى تهدف إلى القضاء نهائياً على الأزمة دفعة واحدة، بينما الثانية تروم القضاء عليها تدريجياً لقناعة مستخدمها بضرورة التدرج: إما لتماسك الطرف الآخر وقوته وكثرة أتباعه، أو للظهور إعلامياً بمظهر المتسامح، أو لغير ذلك من الأسباب
3 - إنكار الأزمة أو بخسها:
أي أنه لا يتم الاعتراف بوجود الأزمة أصلاً أو التقليل من شأنها بحيث تصور على أنها مجرد "فقاعات هواء" لا تلبث أن تتبدد، ومن ثم فإن هذه الاستراتيجية يصاحبها:
\ تعتيم إعلامي لتفويت الفرصة على الطرف الآخر لإقناع بعض من المستهدفين بالأزمة وبخطورتها.
\ تحصين الأفراد من هذه الحملات الإعلامية، وإقناعهم بعدم وجود أي أزمة أو التهوين من شأنها.
4 - عزل قوى الأزمة:
هذه الاستراتيجية تؤمن بالحكمة التي تقبع في "اللاشعور الإنساني" والتي تقضي بقطع "رأس الحية" بغية التخلص من شرها