كميل الفضلي
02-08-2011, 08:04 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
فرحة الزهراء (عليها السلام) اعتاد بعض الشيعة (أيدهم الله بلطفه) أن يحتفلوا يوم التاسع من ربيع الأول من كل عام بما يسمّونه (فرحة الزهراء (ع) ) أو عيد الزهراء (ع) ويصفونه بأنه ((عيد عظيم)) وأنه ((يوم زوال الغموم والأحزان و...هو يوم شريف جداً)) من دون أن يعرفوا منشأً واضحاً لهذه المناسبة، وقد تصدّى البعض لإثبات أصل لها لكن محاولاتهم غير مقنعة ولا يساعد عليها الدليل، فذكروا لأصل هذه المناسبة عدة وجوه، منها وجهان ذكرهما صاحب كتاب مفاتيح الجنان (الأول) إن التاسع من ربيع الأول يمثل أول يوم من إمامة الإمام المهدي الموعود (عليه السلام) باعتبار وفاة أبيه العسكري (عليه السلام) في الثامن من ربيع الأول و لما كان الإمام المنتظر (عليه السلام) هو الذي على يديه يسود العدل وينتصف المظلوم من الظالم فيكون يوماً مفرحاً للزهراء (عليها السلام) حيث يعود إليها حقها وحق آلها و هذا الوجه غير صالح لتفسير المناسبة لأن الإمام اللاحق تبدأ إمامته الفعلية و يقوم بالأمر بمجرد وفاة السابق لأن الأرض لا تخلو من حجة ولا يُنتظر بهذا المنصب الإلهي خالياً حتى تتم مراسيم (التنصيب) ثم إن قيام المهدي (عليه السلام) بالأمر هو فرحة لكل مظلوم ومستضعف ولكل محب للخير والعدل والسلام ولكل من يرنو لإعلاء كلمة الحق وسيادة التوحيد الخالص ولا تختص الفرحة بالزهراء (عليها السلام)، مع مخالفته لظاهر العنوان من كون الفرحة حالة عاشتها الزهراء (عليها السلام) فعلاً. (الثاني) إنه يوم طُعن فيه أحد الذين ظلموا الزهراء (عليها السلام) واعتدوا عليها وماتت وهي غاضبة عليه، ففي مثل هذا اليوم بُقرت بطنه لذا سمّاه البعض([4]) (عيد البَقْر) وهذا الوجه وإن كان هو الظاهر من أفعال المحتفلين إلا أنه أيضاً غير صحيح لعدة أمور:- 1- إن هذه الحادثة وقعت في أواخر ذي الحجة كما تشهد به التواريخ وليس في ربيع الأول. 2- إنها وقعت بعد وفاة الزهراء (عليها السلام) والمفروض أنها فرحة عاشتها الزهراء (عليها السلام) في حياتها وليست تخيلية. 3- إن هذا الفهم غير لائق بأدب أهل البيت (عليهم السلام) البعيدين عن الشماتة والتشفي والأنانية لمجرد التشفي والانتقام فإنهم لم يفرحوا ولم يحزنوا لأنفسهم وإنما كانت كل أعمالهم ومشاعرهم وأحاسيسهم لله وحده لا شريك له وإذا فرحوا لموت أو مقتل أحد –كعبيد الله بن زياد قاتل الحسين (عليه السلام)- فلأن فيه إجراءً لسنة الله تعالى في الظالمين وموعظة للناس، ويبدو أن هذا الوجه من صنع أهل التعصب والعاطفة المذهبية. (الثالث) إن في هذا اليوم وصل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في هجرته إلى مسجد قبا في ضواحي المدينة وبذلك فرحت الزهراء (عليها السلام) بسلامة أبيها من طلب مشركي قريش. أقول: صحيح إن أرباب السير ذكروا أن دخول النبي (صلى الله عليه وآله) المدينة كان في هذا التاريخ([6]) إلا أن هذا الوجه لا يرتضيه المحتفلون بعيد الزهراء لأن مرادهم معنى آخر، ثم إن هذا الحدث لو كان عيداً يُحتفل به لاحتفلت به الزهراء (عليها السلام) نفسها في حياتها وقد تكررت ذكراه إحدى عشرة مرة إلى حين وفاتها (عليها السلام). ولو سرنا مع العنوان لنستنبط وجهاً مقبولاً للمناسبة بغضّ النظر عن وجهة نظرنا فإننا نقول: إن الظاهر من العنوان أنها فرحة فعلية عاشتها الصديقة الطاهرة (عليها السلام) في حياتها ويظهر أيضاً أنها حصلت مرة واحدة ولم تتكرر لأن عنوانها (فرحة) وهو مصدر مرّة ولأنها لو تكررت لذكرها التاريخ كذكرى تستعاد في حياتها (عليها السلام) فإذن هي حصلت في السنة الأخيرة من حياتها حيث توفيت في السنة الحادية عشرة بعد أبيها (صلى الله عليه وآله وسلم) بأشهر وقد سجّل التاريخ فرحة للزهراء (عليها السلام) تنطبق عليها هذه الأوصاف فقد روي عن إحدى زوجات الرسول أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) حين دنت منه الوفاة وأثقلته المرض همس في أذن ابنته الزهراء (عليها السلام) فبكت ثم همس أخرى فاستبشرت([7])، فهذه فرحة للزهراء (عليها السلام) سجلها التاريخ في آخر سنة من حياتها الشريفة لكن المشهور أن وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم) في الثامن والعشرين من صفر فتكون هذه الحادثة قبلها لا بعدها في التاسع من ربيع الأول! لكن هذا الإشكال يمكن ردّه على القول الآخر في تحديد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد التزم جماعة من العلماء منهم الكليني في الكافي([8]) بأن وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم) في الثاني عشر من ربيع الأول وعليه جرى أبناء العامة ويصادف يوم الاثنين بعد التاريخ المشهور في 28/صفر بأسبوعين بالضبط، فمن هذه الناحية –أي كون الوفاة يوم الاثنين- لا يأتي إشكال على هذا القول فيكون يوم التاسع من شهر الوفاة هو الجمعة فنصل غلى نتيجة مقبولة جداً لأن حزن الزهراء (عليها السلام) وفرحها سيكون منطقياً لأن الخسارة برحيل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليست بغياب شخصه فقط وإنما لوجود المؤامرة على آله وحملة رسالته بعد التي حصلت يوم الخميس والتي سمّاها عبد الله بن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن: (رزية يوم الخميس) فيكون هذا التطمين من أبيها (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الجمعة ضرورياً بعد أن أحست بالقلق مما حصل يوم الخميس. وإننا هنا لا نريد أن نغير التاريخ المشهور لوفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا ندعم القول الآخر وإنما نقول من المستحسن أن نكثر المناسبات الخاصة برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فنحتفل في التاريخين (الثامن والعشرين من صفر والثاني عشر من ربيع الأول) خصوصاً وأن ذكرياته (صلى الله عليه وآله وسلم) قليلة في السنة لا تناسب عظيم أثره وعميم بركاته التي ننعم جميعاً بخيراته في الدنيا والآخرة كما أننا نحتفل بوفاة الصديقة الطاهرة الزهراء (عليها السلام) في ثلاثة تواريخ محتملة لوفاتها (صلوات الله عليها)، وتكثير هذه المناسبات أمر مستحسن شرعاً لما فيه من نتائج إيجابية على صعيد الدين والفرد والمجتمع. أقول: هذا بحسب التسلسل الفكري الذي يقتضيه العنوان، والذي أعتقده أن هذا العيد وهذه الفرحة لا أصل لها والاحتفال به بدعة خصوصاً مع ما يصاحبه أحياناً من مخالفات لآداب أهل البيت (عليهم السلام) وتعاليمهم، ووجه تأسيسه أن الشيعة يعيشون موسماً حزيناً طيلة شهري محرم وصفر كما هو معروف ولذلك فقد حلا للبعض أن يصطنع عيداً وفرحة يعوّضون به عن فترة الحزن، ولم يكن ذلك مستساغاً مع إطلالة ربيع الأول لقرب ذكرى وفاة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في الثامن منه، فدفعوها إلى التاسع وليلبسوا عليها ثوب المشروعية بافتراض أنه يوم تنصيب الإمام الحجة المنتظر (عجل الله فرجه)، وربما انضمّ إليه منشأ آخر في سنةٍ ما حيث صادف يوم النوروز بالتأريخ الميلادي (وهو 21/آذار) لأن السنين تدور وقد يتطابق اليومان ثم لما انفصلا استمر الاحتفال به كعيد مستقل للمعنى الذي ذكرناه، والذي يؤيد هذا المعنى تشابه بعض فعاليات الاحتفال بالعيدين. مضافاً إلى ظهور أول إشارة إليها في التاريخ في العصر البويهي حيث نقلت عن كتاب (مسارّ الشيعة) للشيخ المفيد (قدس سره)([9]). ونتيجة البحث: أن هذه الفرحة وهذا العيد لا أصل له وليس له وجود في عصر الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وعلمائنا الأقدمين وأول ظهور للمناسبة هو في العصر البويهي إذا صحّت النسبة إلى كتاب (مسار الشيعة) للشيخ المفيد (قدس سره) ومن غير المقبول جعل فرحة للزهراء (عليها السلام) في مثل هذه الأيام التي شهدت الهجوم على دارها الشريف وجريان المظالم عليها وعلى أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد وفاة أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وفي مثل هذه الأيام كان وصول سبايا آل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة المنورة بعد زيارة الأجساد الطاهرة في كربلاء يوم الأربعين. وهذا الموقف لا ينافي إقامة بعض المناسبات المفرحة بعد انتهاء شهر صفر كالتزويج وذكرى تنصيب الإمام الحجة (عجل الله فرجه) فإنها من سنن الله الحسنة. سماحة اية الله الشيخ محمد اليعقوبي ويضا حذر المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في مدينة قم المقدسة من اتساع نطاق الخرافات المنتشرة بين العوام في نهاية شهر صفر وبداية شهر ربيع الهجريين ومنها ما يعرف بـ" بعيد الزهراء". وقال المرجع الشيرازي ان من هذه الخرافات المتداولة بين العوام هو تقبيل ابواب المساجد في نهاية شهر صفر حيث لا يوجد نص ديني يشير إلى ذلك . واشار الشيرازي إلى عدم مشروعية تقديم التهاني إلى السيدة فاطمة الزهراء في إشارة على ما يبدو إلى ما يقوم به بعض عوام الشيعة من الاحتفال وتقديم التهاني في التاسع من ربيع الاول والمتعارف عليه بـ"عيد الزهراء" أو " فرحة الزهراء". واضاف ان امثال هذه الخرافات المستحدثة هي من أختراع بعض العوام وليس لها أي صلة بالدين. واكد الشيرازي على لزوم التوسل بالقرآن والأئمة الاثني عشر بدل اللجوء الى هذه الخرافات على حد وصفه. ووفقا لوکالة رسا للأنباء الايرانية أشار الشيرازي الى بعض الأعمال التي يمارسها العوام من قبيل تقبيل أبواب المساجد، وقال: هذه إحدى الخرافات المستحدثة من قبل بعض عوام الناس؛ فلا نص ديني يحث على تقبيل الأبواب في نهاية شهر صفر، ولا مشروعية لتقديم التهاني الى السيدة فاطمة الزهراء. مضيفا : نحن دائماً نستذکر أئمتنا المعصومين ومنهم السيدة الزهراء ونحترم المساجد على الدوام؛ لکن هذه الأعمال من اختراع بعض العوام، ولا صلة لها بالدين. وحذر المرجع الشيرازي من استمرار هذه الأعمال، وأن حجمها سوف يتمدد بمرور الزمن فيسىء ذلك الى أصل المذهب ويلقى بظلاله على الدين الحنيف، الأمر الذي يمثل خطراً داهماً، ويستوجب المسارعة الى الوقوف بوجهها وبين بطلانها. وحول ما يمکن الإستعاضة به عن هذه الأعمال، قال: من أفضل ما يمکن أن يستعاض به عن مثل هذه الأعمال، تلاوة القرآن في المساجد، التوسل بالأئمة الأطهار، ذکر الله تعالى، وإطعام الفقراء والمساکين. وتابع ان على الناس أن يعلموا بأن أداء ما ورد في الشرع المقدس يترك آثاراً جمةً وبرکات کبيرة على حياة الفرد. وفي تحليله لدوافع هذه الممارسات قال الشيرازي "بعض الناس يلجأون الى هکذا أعمال حينما يواجهون مشاکل في حياتهم". واضاف "هناك حلولاً مناسبة جداً؛ فمثلاً من شأن صلاة رکعتين في جوف الليل بتوجه قلبي خالص والتوسل بهما الى الباري عز وجل أن تسهم في حل کثير من المشاکل والتحديات التي يواجهها البشر". ومضى قائلاً: ثمة آيات قرآنية کثيرة يمکن للناس أن يلتمسوا الحل منها، بالإضافة الى الأحکام الإلهية الواردة في الشريعة؛ منها مساعدة الأيتام والمحرومين. وأضاف: من دواعي الأسف أن الناس بعض الأحيان يتركون الثوابت الدينية ويلجأون الى الخرافات لحل مشاکلهم، والحال أن تلك الأعمال لا تسمن ولا تغني من جوع.
فرحة الزهراء (عليها السلام) اعتاد بعض الشيعة (أيدهم الله بلطفه) أن يحتفلوا يوم التاسع من ربيع الأول من كل عام بما يسمّونه (فرحة الزهراء (ع) ) أو عيد الزهراء (ع) ويصفونه بأنه ((عيد عظيم)) وأنه ((يوم زوال الغموم والأحزان و...هو يوم شريف جداً)) من دون أن يعرفوا منشأً واضحاً لهذه المناسبة، وقد تصدّى البعض لإثبات أصل لها لكن محاولاتهم غير مقنعة ولا يساعد عليها الدليل، فذكروا لأصل هذه المناسبة عدة وجوه، منها وجهان ذكرهما صاحب كتاب مفاتيح الجنان (الأول) إن التاسع من ربيع الأول يمثل أول يوم من إمامة الإمام المهدي الموعود (عليه السلام) باعتبار وفاة أبيه العسكري (عليه السلام) في الثامن من ربيع الأول و لما كان الإمام المنتظر (عليه السلام) هو الذي على يديه يسود العدل وينتصف المظلوم من الظالم فيكون يوماً مفرحاً للزهراء (عليها السلام) حيث يعود إليها حقها وحق آلها و هذا الوجه غير صالح لتفسير المناسبة لأن الإمام اللاحق تبدأ إمامته الفعلية و يقوم بالأمر بمجرد وفاة السابق لأن الأرض لا تخلو من حجة ولا يُنتظر بهذا المنصب الإلهي خالياً حتى تتم مراسيم (التنصيب) ثم إن قيام المهدي (عليه السلام) بالأمر هو فرحة لكل مظلوم ومستضعف ولكل محب للخير والعدل والسلام ولكل من يرنو لإعلاء كلمة الحق وسيادة التوحيد الخالص ولا تختص الفرحة بالزهراء (عليها السلام)، مع مخالفته لظاهر العنوان من كون الفرحة حالة عاشتها الزهراء (عليها السلام) فعلاً. (الثاني) إنه يوم طُعن فيه أحد الذين ظلموا الزهراء (عليها السلام) واعتدوا عليها وماتت وهي غاضبة عليه، ففي مثل هذا اليوم بُقرت بطنه لذا سمّاه البعض([4]) (عيد البَقْر) وهذا الوجه وإن كان هو الظاهر من أفعال المحتفلين إلا أنه أيضاً غير صحيح لعدة أمور:- 1- إن هذه الحادثة وقعت في أواخر ذي الحجة كما تشهد به التواريخ وليس في ربيع الأول. 2- إنها وقعت بعد وفاة الزهراء (عليها السلام) والمفروض أنها فرحة عاشتها الزهراء (عليها السلام) في حياتها وليست تخيلية. 3- إن هذا الفهم غير لائق بأدب أهل البيت (عليهم السلام) البعيدين عن الشماتة والتشفي والأنانية لمجرد التشفي والانتقام فإنهم لم يفرحوا ولم يحزنوا لأنفسهم وإنما كانت كل أعمالهم ومشاعرهم وأحاسيسهم لله وحده لا شريك له وإذا فرحوا لموت أو مقتل أحد –كعبيد الله بن زياد قاتل الحسين (عليه السلام)- فلأن فيه إجراءً لسنة الله تعالى في الظالمين وموعظة للناس، ويبدو أن هذا الوجه من صنع أهل التعصب والعاطفة المذهبية. (الثالث) إن في هذا اليوم وصل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في هجرته إلى مسجد قبا في ضواحي المدينة وبذلك فرحت الزهراء (عليها السلام) بسلامة أبيها من طلب مشركي قريش. أقول: صحيح إن أرباب السير ذكروا أن دخول النبي (صلى الله عليه وآله) المدينة كان في هذا التاريخ([6]) إلا أن هذا الوجه لا يرتضيه المحتفلون بعيد الزهراء لأن مرادهم معنى آخر، ثم إن هذا الحدث لو كان عيداً يُحتفل به لاحتفلت به الزهراء (عليها السلام) نفسها في حياتها وقد تكررت ذكراه إحدى عشرة مرة إلى حين وفاتها (عليها السلام). ولو سرنا مع العنوان لنستنبط وجهاً مقبولاً للمناسبة بغضّ النظر عن وجهة نظرنا فإننا نقول: إن الظاهر من العنوان أنها فرحة فعلية عاشتها الصديقة الطاهرة (عليها السلام) في حياتها ويظهر أيضاً أنها حصلت مرة واحدة ولم تتكرر لأن عنوانها (فرحة) وهو مصدر مرّة ولأنها لو تكررت لذكرها التاريخ كذكرى تستعاد في حياتها (عليها السلام) فإذن هي حصلت في السنة الأخيرة من حياتها حيث توفيت في السنة الحادية عشرة بعد أبيها (صلى الله عليه وآله وسلم) بأشهر وقد سجّل التاريخ فرحة للزهراء (عليها السلام) تنطبق عليها هذه الأوصاف فقد روي عن إحدى زوجات الرسول أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) حين دنت منه الوفاة وأثقلته المرض همس في أذن ابنته الزهراء (عليها السلام) فبكت ثم همس أخرى فاستبشرت([7])، فهذه فرحة للزهراء (عليها السلام) سجلها التاريخ في آخر سنة من حياتها الشريفة لكن المشهور أن وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم) في الثامن والعشرين من صفر فتكون هذه الحادثة قبلها لا بعدها في التاسع من ربيع الأول! لكن هذا الإشكال يمكن ردّه على القول الآخر في تحديد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد التزم جماعة من العلماء منهم الكليني في الكافي([8]) بأن وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم) في الثاني عشر من ربيع الأول وعليه جرى أبناء العامة ويصادف يوم الاثنين بعد التاريخ المشهور في 28/صفر بأسبوعين بالضبط، فمن هذه الناحية –أي كون الوفاة يوم الاثنين- لا يأتي إشكال على هذا القول فيكون يوم التاسع من شهر الوفاة هو الجمعة فنصل غلى نتيجة مقبولة جداً لأن حزن الزهراء (عليها السلام) وفرحها سيكون منطقياً لأن الخسارة برحيل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليست بغياب شخصه فقط وإنما لوجود المؤامرة على آله وحملة رسالته بعد التي حصلت يوم الخميس والتي سمّاها عبد الله بن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن: (رزية يوم الخميس) فيكون هذا التطمين من أبيها (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الجمعة ضرورياً بعد أن أحست بالقلق مما حصل يوم الخميس. وإننا هنا لا نريد أن نغير التاريخ المشهور لوفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا ندعم القول الآخر وإنما نقول من المستحسن أن نكثر المناسبات الخاصة برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فنحتفل في التاريخين (الثامن والعشرين من صفر والثاني عشر من ربيع الأول) خصوصاً وأن ذكرياته (صلى الله عليه وآله وسلم) قليلة في السنة لا تناسب عظيم أثره وعميم بركاته التي ننعم جميعاً بخيراته في الدنيا والآخرة كما أننا نحتفل بوفاة الصديقة الطاهرة الزهراء (عليها السلام) في ثلاثة تواريخ محتملة لوفاتها (صلوات الله عليها)، وتكثير هذه المناسبات أمر مستحسن شرعاً لما فيه من نتائج إيجابية على صعيد الدين والفرد والمجتمع. أقول: هذا بحسب التسلسل الفكري الذي يقتضيه العنوان، والذي أعتقده أن هذا العيد وهذه الفرحة لا أصل لها والاحتفال به بدعة خصوصاً مع ما يصاحبه أحياناً من مخالفات لآداب أهل البيت (عليهم السلام) وتعاليمهم، ووجه تأسيسه أن الشيعة يعيشون موسماً حزيناً طيلة شهري محرم وصفر كما هو معروف ولذلك فقد حلا للبعض أن يصطنع عيداً وفرحة يعوّضون به عن فترة الحزن، ولم يكن ذلك مستساغاً مع إطلالة ربيع الأول لقرب ذكرى وفاة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في الثامن منه، فدفعوها إلى التاسع وليلبسوا عليها ثوب المشروعية بافتراض أنه يوم تنصيب الإمام الحجة المنتظر (عجل الله فرجه)، وربما انضمّ إليه منشأ آخر في سنةٍ ما حيث صادف يوم النوروز بالتأريخ الميلادي (وهو 21/آذار) لأن السنين تدور وقد يتطابق اليومان ثم لما انفصلا استمر الاحتفال به كعيد مستقل للمعنى الذي ذكرناه، والذي يؤيد هذا المعنى تشابه بعض فعاليات الاحتفال بالعيدين. مضافاً إلى ظهور أول إشارة إليها في التاريخ في العصر البويهي حيث نقلت عن كتاب (مسارّ الشيعة) للشيخ المفيد (قدس سره)([9]). ونتيجة البحث: أن هذه الفرحة وهذا العيد لا أصل له وليس له وجود في عصر الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وعلمائنا الأقدمين وأول ظهور للمناسبة هو في العصر البويهي إذا صحّت النسبة إلى كتاب (مسار الشيعة) للشيخ المفيد (قدس سره) ومن غير المقبول جعل فرحة للزهراء (عليها السلام) في مثل هذه الأيام التي شهدت الهجوم على دارها الشريف وجريان المظالم عليها وعلى أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد وفاة أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وفي مثل هذه الأيام كان وصول سبايا آل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة المنورة بعد زيارة الأجساد الطاهرة في كربلاء يوم الأربعين. وهذا الموقف لا ينافي إقامة بعض المناسبات المفرحة بعد انتهاء شهر صفر كالتزويج وذكرى تنصيب الإمام الحجة (عجل الله فرجه) فإنها من سنن الله الحسنة. سماحة اية الله الشيخ محمد اليعقوبي ويضا حذر المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في مدينة قم المقدسة من اتساع نطاق الخرافات المنتشرة بين العوام في نهاية شهر صفر وبداية شهر ربيع الهجريين ومنها ما يعرف بـ" بعيد الزهراء". وقال المرجع الشيرازي ان من هذه الخرافات المتداولة بين العوام هو تقبيل ابواب المساجد في نهاية شهر صفر حيث لا يوجد نص ديني يشير إلى ذلك . واشار الشيرازي إلى عدم مشروعية تقديم التهاني إلى السيدة فاطمة الزهراء في إشارة على ما يبدو إلى ما يقوم به بعض عوام الشيعة من الاحتفال وتقديم التهاني في التاسع من ربيع الاول والمتعارف عليه بـ"عيد الزهراء" أو " فرحة الزهراء". واضاف ان امثال هذه الخرافات المستحدثة هي من أختراع بعض العوام وليس لها أي صلة بالدين. واكد الشيرازي على لزوم التوسل بالقرآن والأئمة الاثني عشر بدل اللجوء الى هذه الخرافات على حد وصفه. ووفقا لوکالة رسا للأنباء الايرانية أشار الشيرازي الى بعض الأعمال التي يمارسها العوام من قبيل تقبيل أبواب المساجد، وقال: هذه إحدى الخرافات المستحدثة من قبل بعض عوام الناس؛ فلا نص ديني يحث على تقبيل الأبواب في نهاية شهر صفر، ولا مشروعية لتقديم التهاني الى السيدة فاطمة الزهراء. مضيفا : نحن دائماً نستذکر أئمتنا المعصومين ومنهم السيدة الزهراء ونحترم المساجد على الدوام؛ لکن هذه الأعمال من اختراع بعض العوام، ولا صلة لها بالدين. وحذر المرجع الشيرازي من استمرار هذه الأعمال، وأن حجمها سوف يتمدد بمرور الزمن فيسىء ذلك الى أصل المذهب ويلقى بظلاله على الدين الحنيف، الأمر الذي يمثل خطراً داهماً، ويستوجب المسارعة الى الوقوف بوجهها وبين بطلانها. وحول ما يمکن الإستعاضة به عن هذه الأعمال، قال: من أفضل ما يمکن أن يستعاض به عن مثل هذه الأعمال، تلاوة القرآن في المساجد، التوسل بالأئمة الأطهار، ذکر الله تعالى، وإطعام الفقراء والمساکين. وتابع ان على الناس أن يعلموا بأن أداء ما ورد في الشرع المقدس يترك آثاراً جمةً وبرکات کبيرة على حياة الفرد. وفي تحليله لدوافع هذه الممارسات قال الشيرازي "بعض الناس يلجأون الى هکذا أعمال حينما يواجهون مشاکل في حياتهم". واضاف "هناك حلولاً مناسبة جداً؛ فمثلاً من شأن صلاة رکعتين في جوف الليل بتوجه قلبي خالص والتوسل بهما الى الباري عز وجل أن تسهم في حل کثير من المشاکل والتحديات التي يواجهها البشر". ومضى قائلاً: ثمة آيات قرآنية کثيرة يمکن للناس أن يلتمسوا الحل منها، بالإضافة الى الأحکام الإلهية الواردة في الشريعة؛ منها مساعدة الأيتام والمحرومين. وأضاف: من دواعي الأسف أن الناس بعض الأحيان يتركون الثوابت الدينية ويلجأون الى الخرافات لحل مشاکلهم، والحال أن تلك الأعمال لا تسمن ولا تغني من جوع.