تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ~[,, بين ظلال الدهاليز .. قصة قصيرة من‘‘ نسج قلمي



DaNtilEe
12-31-2010, 07:14 PM
;[ الســـلام عليكم ..

:



بورود الربيع أحييكم فيــ فصلالشتاء,,لعلها

ترسم على ~ وجوهكم طيف أبتسامة يجعل يومكم

هذا أكثر جملا و دفئاً .. أملهً أن تكونوا

جميعاً في صحة وعافية



قصة قصيرة هي هذة نسجت من فكرة واحدة

ولقد { أخترتها لكم اليوم متمنيةً أن تنال إعجابكم



(( شاركت بهذة القصة من قبل في منتدى أخر ))



تفضلــــــو :




بين ظلال الدهاليز


بينما يبتعد سائق الأجرة و يفسح المجال لناظرّي

استطعت أن أرى تقاطع الشارع الضيق الذي أقف في وسطه

على يميني طريقٌ صغير يؤدي إلى قريتي المسقفة بالدهاليز من كل جانب

و ذكريات طفولتي التي لا تخلو من نسمات البحر الرطبة

وعلى الجهة الأخرى طريقٌ رصف حديثاً لتسهيل الوصول إلى مسجد القريةِ الجديد.

اتجهت بخطاي إلى الطريق المؤدي إلى قريتي

الحبيبة , مازلت أذكر كيف كنت أعتلي ظهر أخي الأكبر محمد

بينما نمشي بين الدهاليز المؤدية إلى المدرسة

و التي طالما تخيلتها فم حوتٍ كبير يلتهم كل من يدخل فيه

فكنت أبقى مغمضتاً عينّي خوفا ً إلى أن نصل .

لطالما كرهت المدرسة و اعتقدت أن ما تعلمني أمي إياه كافٍ ,

فأنا أفضل العب و قضاء الوقت مع إخوتي على الدراسة و تحضير الواجبات .

دائماً ما كانت ألعابي المفضلة بالقرب من شاطئ البحر ,

فكم أحببت أن أغمر قدمي الصغيرتين بمياهه الدافئة ورماله الرطبة .

كم من القصور والجسور بنيناها على تلك الرمال الناعمة

غير محتاجين لاستخدام شيءٍ غير أيدينا العارية .

في المدرسة كنت دائماً ما أوبخ على عدم إتمامي لواجباتي

أو حفظي للسور المطلوبة عليّ , فتعاقبني المعلمة بجعلي أقف و وجهي إلى الحائط

و إحدى قدمي مرفوعة ولا ينتهي العقاب إلا إذا بدأت

بالبكاء وغُمرت عيني بالدموع النادمة .

ومع ذالك كنت أكرر نفس القصة كل يومٍ تقريباً فلا تخلو حياتي من

المغامرات والمجازفات المشوقة أبداً .

و كم ضحكت كلما أتذكر أوقات وجبات الطعام مع أسرتي ,

فأبي صياد ولهذا فمعظم وجباتنا تتألف من السمك بكل أنواعه

مع طبق جانبي مثل الأرز أو الحساء . ولكني كنت أفضل الانضمام

إلى أسرت خالتي فاطمة التي تسكن خلف بيتنا مباشرتاً ,

فوجباتهم دائماً ما تتألف من الحم الشهي والخضر و الحلويات في نهايتها .

الصيف في بلدتنا الصغيرة كان حاراً رطباً بشكل

يجعلك تشعر بأنك تستحم في ملابسك عندما تكون خارجاً ,

مع ذالك نحن الأطفال لم نكن نبالي أو نشعر بأي ضيق حيال ذالك

بل أن ذالك كان يعطينا فرصة لا تعوض للسباحة في البحر

لساعاتٍ وساعاتٍ طِوال . و تلك الرياح المشبعة بالرطوبة

تجعلنا نتجنب العبور و العب في الدهاليز خاصةً الضيقة منها

فالهواء الرطب فيها يجعل من الصعب التنفس فتشعر كما لو كنت سمكة

تتنفس خارج الماء , فكنا إذا عبرنا فيها نلتقط أنفاسنا

ونجري بأسرع ما يمكننا للعبور إلى وجهتنا .

و أتذكر اليوم الذي هو سبب وجودي هنا الآن بينما أقف بجانب سور المقبرة ,

اليوم الذي انتظرت فيه أبي كما أفعل عادتاً بالقرب من الميناء الصغير

الخاص بسفن الصيد الشراعية ( وكنت حينها في السابعة من عمري )

والذي كان يوما عاصفاً كنت أقف وحيدة بينما أرسم صورة لأبي

على الرمال بغصن شجرة صغير , رسمته حاملاً في يده اليمنى الكثير من السمك

بينما يده اليسرى تلوح لي و ابتسامة مشرقة رسمت على وجهه الطيب الحنون .

لكني انتظرت ذاك اليوم ساعة أطول من كل مرة وبدأت أشعر بالحزن

وبينما بدأت تلوح على وجهي علامات الاستياء و الرياح تداعب شعري

وضعت أمي يدها على كتفي " تعالي إلى الداخل يا صغيرتي فالجو عاصف في الخارج "

, " لكن أبي لم يعد بعد وقد وعدته أن أنتظره كما أفعل دائماً "

ولكنها مسكتني من يدي و شعرت بالانصياع رغماً عني فتبعتها إلى الداخل

بينما وجهي ما يزال ينظر نحو البحر الهائج .

مرت ساعات و لم يعد أبي بعد " زينب يا حلوتي جاء وقت النوم

وعليكِ أن تنامي الآن حتى تستطيعِي العب غداً مع إخوتكِ "

, " لكن أبي لم يعد بعد " , " لا تخافي سوف يعود ولا كنه لن يكون سعيداً

إذا رائكِ مستيقظة .. أن سأعلمه أنك انتظرته طويلاً " , وأنا أصعد على الدرج

" و أعلميه أني عاتبة عليه لتأخره " .

صعدت إلى غرفتي غيرت ملابسي و جلست على فراشي أفكر في سبب تأخر أبي و ما هي إلا دقائق خطفني النوم بعيداً عن هذا العالم .

في اليوم التالي استيقظت و أنا مفزوعةٌ من حلمٍ مخيف راودني

ولاكني أبعدت تفكيري عنه سريعا و نزلت مشتاقةً لرؤية أبي العزيز

عندما وصلت إلى الأسفل وجدت عمي أحمد مع أمي في المطبخ يتحادثان في سريه

و توقفا حالما أدركا وجودي معهما , ترددت للحظة ثم وجهت السؤال لأمي " أين أبي ؟ "

و رأيت كيف تحول وجه أمي المورد إلى الاصفرار

," تعالي إلى حضني يا حبيبتي " وعندما جلست في حضنها,

" أنا آسفة يا صغيرتي لكن أبوكِ لم يعد .. لقد فقد هو ومن معه من البحارة

الأمس في العاصفة و لم يجدوا سوى ركام السفينة التي أبحروب ها "

وبدأت الدموع بالانهمار على خدي والدتي , أما أنا فلم يسعني سوى التحديق

في الفراغ لدقائق ثم أسرعت راكضةً نحو الخارج .

اتجهت تلقائياً إلى البحر .. البحر الذي لطالما أحببته و لعبت بمياهه طوال عمري ,

البحر الذي غدر بي و خطف مني أبي و صديقي الأقرب .

وقفت عند شاطئه أحدق في الأفق البعيد أملت بكل برائه

أن يحمل على موجه أبي الحبيب و يعيده إلي .. ليضمني إلى صدره

و يخبرني أن كل شيءٍ بخير , لكن هيهات فذالك اليوم أنتها بتشييع البحارة

الإثناء عشر الذين فقدوا و منهم أبي .

الآن بينما أقف بجانب ضريح قبره و أضع زهور السوسن التي أَحَبها عليه

أستطيع أن أقرأ على الضريح .. " الصياد الشاب ‘ حسن .. وعبارة ( أينما يكون كنزك يكون قلبك ) التي اختارتها أمي " أستطيع الآن أن أشعر بالفخر بينما

أفكر أنه كان لي أب فقد حياته في سبيل أن يطعمنا و يحضر لنا السمك

الذي هو الآن طعامي المفضل الملي بالذكريات .

..