المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لم يجدن سوى الفراغ العاطفي الكبير : «زهور » تعيش حياتها محطمة تحت أقدام الأمهات



عفاف الهدى
10-20-2010, 08:04 AM
لم يجدن سوى الفراغ العاطفي الكبير :
«زهور » تعيش حياتها محطمة تحت أقدام الأمهات
جوري محمد – الدمام
http://www.alnassrah.images/13/13641/792503_1.gif فتيات يتعرضن للظلم من امهاتهن
وجود الأسرة هو امتداد للحياة البشرية وسر من أسرار البقاء الإنساني .. فكل إنسان يميل بفطرته إلى أن يظفر ببيت وزوجة وذرية، ولما كانت الأسرة اللبنة الأولى في بناء المجتمع كونها رابطة رفيعة المستوى محددة الغاية .. فقد رعتها الأديان عموما لاسيما ديننا الحنيف الذي تميز بالرعاية الكبرى والتأكيد على أهمية دور الأسرة في رعاية الأولاد، فكانت رعاية الأبناء والتربية من الأمور التي يجب أن تتضافر فيها جهود الآباء والأمهات وأهل العلم والدعاة والتربويين والإعلاميين، وذلك للمحافظة عليهم وبناء الأسرة الصالحة في المجتمع، فضلا عن كون الأبناء أمانة في الأعناق يجب مراعاتهم والاهتمام بهم وتلبية احتياجاتهم حتى يعتمدوا على أنفسهم فإذا ما كبروا فهم بحاجة للاهتمام والملاحظة، ومع كل تلك الأهمية إلا أن بعض الأمهات لا يراعين بناتهن تحديدا ولا يهتممن بهن لأسباب فيها العذر أقبح من الذنب، فإما ينشغلن عن بناتهن بأعمال أخرى تافهة تأخذ حيزا أكبر من اهتماماتهن أو انصرافهن إلى عالم التليفزيون والإنترنت والزيارات المتكررة لمجالس الصديقات، « اليوم « استطلعت آراء بعض السيدات اللائي استعرضن بعض مشاهداتهن حول هذا المحور، كما رصدت بعض التجارب الخاصة بمعاناتها من بنات أهملتهن أمهاتهن، بالإضافة إلى استئناسها برأي ذوي الاختصاص .. التفاصيل في هذا التقرير :
دهشة
في البداية تعجبت ـ منال محمد ـ معلمة للمرحلة الابتدائية من بعض الأمهات اللاتي لا يتابعن أبناءهن فقالت : « فوجئت في إحدى المرات من طالبة تدرس عندي في الصف الأول الابتدائي عندما فتحت حقيبتها فوجدت الفطيرة قد تعفنت في داخلها ورائحتها لا تطاق والنمل يأكل منها، فأدركت أن أم الطالبة لا تفتح حقيبتها ولا تعلم محتواها وأشفقت كثيرا عليها، بينما كنت أوبِّخها لأنها لا تحل واجباتها ،وذلك لأن والدتها لا تهتم بها، وعندما سألتها في إحدى المرات : لماذا لم تحلي الواجب ؟ قالت : كانت ماما تتكلم بالتليفون مع صديقتها، فأدركت مدى انشغالها عن ابنتها وأنها بعيدة كل البعد عنها «
نظافة
وتقول أنوار الغامدي ـ معلمة ـ : « إن بعض الأمهات يهملن في النظافة بشكل واضح، ونحن المعلمات نعاني هذا الشيء وخاصة من ناحية النظافة الشخصية والاستحمام اليومي، ولاحظت وجود العلك ملتصقا في شعر طالبة تدرس في المرحلة الابتدائية، وأخرى لا تقلِّم أظافرها والأوساخ متجمعة فيها، وثالثة تأتي لتطلب منا مصروف الفسحة المدرسية، والرابعة تقف في كل يوم لأنها لم تحفظ الدرس فإلى متى هذا التقصير والتهاون؟».
انترنت
وأشارت جواهر فاضل في سياق حديثها حول موضوعنا إلى بعض الأمهات اللاتي لا يهتممن بأبنائهن في مرحلة المراهقة ظنا منهن أنهم كبروا ويستطيعون الاعتماد على أنفسهم، وأضافت مستطردة :» .. فيما هم في أمس الحاجة إلى الأم في هذه المرحلة الخطرة وخاصة بعد دخول الانترنت إلى كل بيت وما يحويه «الشات والماسنجر» وغيرها من دمار وتخريب. «
حرج
أما حنان العتيبي ـ معلمة ـ فتقول:» تعجبت من إحدى الأمهات التي حضرت إلى المدرسة في اجتماع الأمهات لتسأل المعلمات عن مستوى ابنتها الدراسي في الصف الثاني الابتدائي فيما أن ابنتها تدرس فعلا في الصف الثالث الابتدائي، وشعرت الأم بالإحراج الشديد عندما أخبرناها بذلك، وهذا يدل على شدة إهمالها لدرجة أنها لا تعلم في أي صف تدرس ابنتها. «!
بكاء
وتذكر أسماء علي ـ معلمة ـ موقفا آخر بقولها: «حضرت إحدى الطالبات وهي تبكي بشدة وعندما سألتها المرشدة الطلابية عن سبب بكائها أجابتها بأنها لم تستذكر دروسها ولم تؤدِ الواجبات المنزلية وتخشى أن توبخها المعلمة على ذلك، وأخبرت الطفلة المرشدة بأن والدتها لا تساعدها في حل الواجبات وتهتم بأخيها الأصغر أكثر منها، وعندما استدعينا والدتها لحل الموضوع أجابت بأنها تريد منها الاعتماد على نفسها ،فكيف يكون ذلك والطالبة في الصف الأول الابتدائي وأن طفلها الرضيع هو أولى بعنايتها واهتمامها، فأشفقنا كثيرا على الطالبة لأنها مجتهدة وتحب الدراسة ولكن الأم انشغلت عنها بأشياء أخرى فأصبحنا نساعدها ونشجعها على التفوق والنجاح «.
تقصير
وتؤكد ـ عبير الشمري ـ اجتهاد الكثير من الطالبات ولكن تقصير الأهل يؤثر على مستوى تحصيلهن في الدراسة خاصة في المواد التي تحتاج إلى التأسيس الصحيح والمتابعة والاهتمام كالقراءة والكتابة والإملاء والرياضيات، كما أنها تلاحظ حضور بعض الطالبات بدون أقلام وألوان بالإضافة إلى نسيان بعض الكتب والدفاتر وعدم الاهتمام بالجدول المدرسي وهذا يؤثر بالسلب على المستوى والتحصيل الدراسي .
حنان
وتقول نورة الخالدي : « إن احتياجي لأمي يزداد كلما كبرت رغم أني مقتنعة تماما بأني أصبحت كبيرة ولا أحتاجها ،ولكني افتقد حنانها كثيرا، وكم كنت أتمنى لو أنها مثل بقية الأمهات تدللني وتخاف علي تضمني وتشعرني بدفء حنانها وعطفها، تمرّ علي أيام صعبة أحتاجها وأتمنى قربها ونصحها ومشورتها فلا أجدها بجانبي، وتعاملني بجفاء وقسوة وتحطمني بانشغالها عني واهتمامها بمجتمعها الخاص « أهلها وجيرانها « وأنا ليس لي مكان في حياتها، وقد حاولت جذب اهتمامها أكثر من مرة وعبرت لها عن مدى حبي واحتياجي لها ولكنها دائما تتهكم وتسخر مني، وفي إحدى المرات حاولت الانتحار حتى ألفت انتباهها وحتى تشعر بحجم معاناتي ومأساتي، ولكن كانت النتيجة عكسية فاتهمتني بالكفر والجنون، وكلما حاولت الاقتراب منها خطوة تبتعد عني آلاف الأميال، أشعر بفراغ كبير في حياتي بسبب حرماني من حنان الأم !!» .
قسوة
وتسطر ريم الناصر معاناتها ولسان حالها يبكي فتقول : « تجرعت الظلم والألم والمرارة من أمي التي لا تناديني إلا بقولها « يا غلطة عمري «، وكأني الشيء الوحيد الخطأ في حياتها، حاولت أن أستدر عطفها أكثر من مرة وفي كل مرة تزداد قسوة وعنادا ونفورا، بالإضافة إلى أن الكل لاحظ قسوتها علي، وتحدثت معها خالتي في الموضوع أكثر من مرة ولكن دون جدوى، ومنذ صغري وهي تكرهني فلم أسمع منها كلمة يا حبيبتي أو يا بنتي، كانت تعاملني في منتهى القسوة وكانت تحرقني بالملعقة إذا ارتكبت أي خطأ حتى ولو كان بسيطا وتضربني بقسوة حتى أتبول على نفسي لا إراديا، ومازالت آثار الحروق والتعذيب في جسدي، ورغم أنها لطيفة مع إخوتي فأنا الوحيدة التي تقسو عليها إلى درجة أنه لن يصدقني أحد لو قلت بأنها تغار على والدي مني، وتثور غضبا إذا رأتني أجلس معه وأتحدث إليه، ودائما تتهمني بأني عديمة الفائدة، وإذا دخلت إلى المطبخ لأطهو الطعام تضربني بشدة وتخرجني من المطبخ وترمي الأكل في سلة القمامة، وكنت إذا أحضرت لها الهدية ترميها في وجهي، وتحذر أخواتي من الاقتراب مني والحديث معي إلى درجة أني بدأت أشك في أنها أمي الحقيقية، وأصبحت أسأل والدي : هل هي فعلا أمي التي حملتني في جوفها وولدتني؟ فيضحك ويوصيني بالصبر وكثرة الاستغفار، لقد أصبحت أمي هي العقدة الوحيدة في حياتي، ومهما حاولت إرضاءها فلن أجد منها ابتسامة الرضا ولا حول ولا قوة إلا بالله «.
صدمة
أما غدير السالم فتعبّر عن استيائها الشديد من معاملة والدتها لها فتقول : « الأم هي الحب والحنان والدفء والوطن، وأنا لم أشعر يوما بهذه المعاني الجميلة، فلا أسمع إلا أقسى الكلام ولم أحس يوما بقربها، زوجتني وأنا صغيرة ولم أتعلم منها أي شيء سواء في المطبخ أو في الحياة على وجه العموم، حملتني المسئولية وأنا صغيرة، وأصبحت أهتم بشؤون البيت وإخوتي، كانت دائمة الشكوى مني وأسمعها تتحدث عني بالسوء دائما مع صديقاتها، والصدمة الكبرى كانت بعد طلاقي من زوجي وعودتي إلى منزل أبي حزينة مكسورة الجناح، فقد توقعت منها أن تحتضني وتغمرني بحنانها وتخفف من وقع هذه المصيبة علي، فصدمت بعكس ذلك عندما قالت لي : « أنا عندي قصر أسكنه، وزوج يحبني ويحسسني بقيمتي، وأولادي من حولي، ولدي مجتمعي وصديقاتي وحريتي، أما أنت فمفلسة ليس لديك بيت ولا زوج وحتى أولادك أخذهم زوجك منك، وليس لديك مجتمع ولا حرية، أنت مجرد مطلقة حقيرة لعب فيك الزمان فعدت لاجئة إلى منزل والديك، وأنت الآن في عداد الموتى تعيشين تحت رحمتنا ولا تخرجين إلا لقبرك مهمشة لا قيمة لك، الكل يهينك ويدوسك بالأقدام، فكانت كلماتها كطعنات الخنجر المسموم، وبقيت أياما طويلة أبكي بحرقة كلما تذكرت كلماتها القاسية ونبرتها الحادة وأنا أستعجب كيف تتشمت بي أمي في الوقت الذي من المفترض أن تكون فيه البلسم الشافي والصدر الحنون، بل عكس ذلك كانت تسخر مني ومن مصيبتي وهذا آخر ما كنت أتوقعه من أمي الحبيبة !!» .
انشغال
وتشتكي منيرة الغامدي من انشغال والدتها عنها طوال الوقت فتقول عنها : « لا أشعر بحرصها واهتمامها، ولا أراها إلا في الليل وقت النوم، أمرض فلا أجدها بجانبي، أمر بظروف صعبة وأيام قاسية ولا تسأل عني، أحبس نفسي في حجرتي أياما طويلة فلا تفتقدني، أخرج من المنزل وأنام عند أختي ولا تلاحظ اختفائي إلى درجة أني أخشى أن أموت في حجرتي ولا تدخل علي !، كل همها آخر صيحات الموضة ومنافسة صديقاتها في اقتناء الجديد من الأثاث والتحف والذهب والجلابيات والسفر، لقد أشغلتها الدنيا عني وعن الاهتمام ببيتها، أشعر بالأسى عندما أنظر لحياتي، وأصبحت أكره البيت لأنه يذكرني بها وأتمنى أن أتزوج حتى أخرج من هذا الصمت والفراغ العاطفي لأجد من يحبني ويرعاني ويهتم بي» .
رأي
وتؤكد الأخصائية الاجتماعية جميلة الغامدي ضرورة إشباع الفتاة عاطفيا من قبل الأم حتى تنشأ في بيئة صحية سليمة وأن الأم بحنانها وعاطفتها تستطيع احتواء ابنتها بأن تكون صديقتها ومستودع أسرارها حتى تثق بها وتخبرها بكل خطوة تخطوها وتستشيرها في كل أمورها حتى في التفاصيل الخاصة والحساسة، فإذا شعرت الفتاة برعاية والدتها واهتمامها ستشعر حتما بالاكتفاء الذاتي والإشباع العاطفي، وكثير من الفتيات سلكن طريق الانحراف بسبب الفراغ العاطفي والكبت فأصبحت الفتاة تبحث عن الحب والحنان في الاتجاه الخاطئ فتقع في المحظور، ويجب أن تحتوي كل أم ابنتها وتشبعها عطفا وحنانا حتى لا تخسر ابنتها وتفيق من غفلتها في الوقت الضائع.